الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة المشتركة عند تزفيتان تودوروف

رحال بن الصويرة
(Ben Souira Rahhal)

2024 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يعد تزفيتان تودوروف فيلسوف وكاتب يهتم بالشعر والنثر والفلسفة والسياسة والأنثروبولوجيا، حيث تشكل أعماله أهمية كبرى نظرا لما يقدمه من تحليل وتفكيك للواقع الاجتماعي بلغة بسيطة وسلسلة، وأفكاره المنظمة والمقدمة بطريقة تجعل التوقف عن القراءة امراً من الصعب اتخاذه. تتعدد الكتابات التي قام بها الكاتب وتختلف باختلاف مواضيعها وحقولها، حيث كتب 21 كتابا من بينها شاعرية النثر 1971، ومقدمة الشاعرية 1981 وفتح أمريكا 1981، الحديقة المنقوصة، تاريخ الفكر، مواجهة المتطرف الأمل والذاكرة 2000 وغيرها.
بيد أن يبقى كتاب الحياة المشتركة والذي ترجمه إلى العربية منذر عياشي، الصادر عن المركز الثقافي العربي 2009 من بين اهم الكتب الذي يحاول من خلالها معالجة مجموعة من المواضيع المرتبطة والمتعلقة بالعيش المشترك، فالحياة الاجتماعية تتطلب وجود "الأنا" و " أنت " بمعنى أن البشر في تفاعل دائم مهما كان هذا التفاعل جيد أو غير جيد، حسن أو سيء، مستشهدا بمجموعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفس والأنثروبولوجيا الذين يقدمون تصوراتهم المختلفة حول فكرة العيش داخل جماعات والقبول بقوانينها والرضوخ إلى عاداتها وتقاليدها.
يناقش الكاتب في الفصل الأول ثلاث محاور أساسية: المحور الأول يرتبط بالتقاليد اللا اجتماعية والذي يحاول من خلاله الإجابة عن سؤال مهم يتعلق بهل يمكن للإنسان أن يحيا خارج المجتمع؟ أم أن العيش المشترك هو الأمر الطبيعي والبديهي؟ في محاولته الإجابة عن هذه الأسئلة يستحضر مجموعة من التصورات والآراء التي تختلف وتتباين في ما يخص هذا الشأن، حيث يمكن تقسيمها إلى تصورين أساسين: التصور الأول يرى أن الإنسان لا يمكنه أن يحيا إلا داخل الجامعة، بمعنى أن ليست هناك حياة خارجها، خصوصا وان الإنسان يحتاج إلى بعضه البعض كما يقول كانط وجون جاك روسو ويرون أن الإنسان لا يعرف كيف يكفي نفسه بنفسه، وان النزعة الاجتماعية نزعة واقعية. أما التصور الثاني فإنه يرى عكس ذلك فالإنسان كائن نفعي، أناني، يبحث عن المصلحة الشخصية اكثر من أي شيء أخر، انه مصدر الألم والمعاناة التي يعرفها الأفراد، العيش داخل المجتمع يعني ضيق الشهية، وفرض التعامل وفق طرق معينة انه يحد من حريات الأفراد ويجعلهم خديعة لبعضهم البعض. يمثل هذا التصور لاروشوفوكو الذي يؤمن بالاكتفاء الذاتي والفردانية بعيدا عن كل قوانين وحتميات اجتماعية.
المحور الثاني يتعلق بالاكتشاف واختزاله، يبين من خلاله تودورف مجموعة من الآراء المتناقضة بين الاكتفاء الذاتي والحاجة إلى الأخرين، مركزا على التصور الثاني من خلال مجموعة من الحجج الذي يقدمها كل من أرسطو وجون جاك روسو من قبيل أن الوحدة المطلقة حالة حزينة ومضادة للطبيعة، و أن المجتمع يولد من ضعف الفرد، فالفرد يحتاج إلى التقدير والاعتراف وتعلق قلبه أي انه يحتاج إلى الأخر، أما بخصوص الحياة الفردية فهي خاصية تتميز بها الحيوانات والآلهة التي يمكنها أن تحيا حياة بعيدة عن بعضها البعض على الأقل. منفتحا كذلك على تصور ادم سميت الذي يتماشى وروسو في تصوره للحياة المشتركة والذي يرى أن الإنسان يبحث عن الاعتناء والاهتمام والشهرة واحتلال مكانة متميزة عند الأخرين، فما يشعر به الغني من رضى عندما يعلم انه محطة اهتمام مجموعة من الناس لا يشعر به الشخص الفقير الذي يجب عليه أن يبحث عن طرق لأثارة الجمهور.
ويوضح على لسان مونتاني أن الإنسان بحاجة إلى الأخرين من اجل معرفة قيمته وأهميته داخل المجتمع، بتعبير أدق المجتمع هو المرآة التي تنقص الأفراد من اجل رؤية انفسهم في الأخرين.
إن ما يجعل الأشخاص ينصهرون في المجتمع ليس هو الحب أو الجشع أو حب للإنسانية وإنما هي رغبة المجد والحاجة إلى التقدير وعقدة الذنب والخوف من نقص الاحترام والحاجة إلى الاعتراف والعرفان ونظرة الأخر. في هذا الصدد يميز الكاتب بين ما يسميه روسو التقدير، وما يسميه ادم سميت الانتباه وكذلك الاعتراف الذي يستعمله هيغل.
يتوقف تودوروف في هذا المحور كثيرا على مفهوم الاعتراف ويبين أهميته في الحياة الاجتماعية المشتركة، مشيرا إلى أن ما يسعى اليه البشر وما يطمح اليه الإنسان يتوقف عند حدود الاعتراف و محاولة إخضاع الأخر اليه، ففكرة الاعتراف بالنسبة اليه تتعلق دائما بالصراع والسلطة، لا يمكن كل طلب للاعتراف أن يؤدي إلى صراع لكن كل صراع يكون نتيجة البحث عن الاعتراف. لتقديم تفسير اكبر يستحضر الكاتب مثالين مختلفين من حيث السياق والمعنى؛ الأول يرتبط بجدلية العبد والسيد عند هيجل الذي يوضح من خلالها أن السيد يُعترف به من طرف العبد باعتباره الشخص المهزوم والخاسر في المعركة، لكن السيد لا يرضى بهذا الاعتراف من طرف شخص خاسر بل يحاول البحث عنه من شخص أخر – سيد أخر -. الثاني يرتبط بعلاقة الطفل بأمه والذي لا يمكن مقارنتها بجدلية العبد والسيد على اعتبار أن الأول ينتُج عن صراع في حين الثاني هو نتيجة حب؛ فالطفل يبحث عن الاعتراف من امه ويستمد قوته وقيمته ووجوده منها، أما الأم فالاعتراف المقدّم في حقها هو قدرتها على منح الاعتراف، وهو في حد ذاته اعتراف ضمني.
يتحدث الكاتب في المحور الأخير من الفصل الأول عن المخلّفات الحديثة منطلقا من تصور التحليل النفسي الكلاسيكي من خلال مساهمتين بارزتين؛ مساهمة سيغموند فرويد ومساهمة ادلر. حيث يرى فرويد أن لا يعترف بالأخر إلا من خلال معرفة الإشباع الذي يمكن تحقيقه من خلال هذا الاعتراف، ينطلق فرويد في تفسيره للحياة المشتركة من " عقدة اديب" موضحا أن رغبة الذات نفسها مرتبطة على نحو مبهم بعلاقات التنافس والصراع. أما ادلر فأطروحته تتمحور حول الإنسان المتوحّد والأناني، بمعنى أن الإنسان يسعى إلى السيطرة على العالم الخارجي والنضال من اجل النجاح، والتفوق والقدرة. والنصر الذي يغلُب الأخرين.
يستحضر الكاتب في هذا المحور تصور جديد لساد وتلامذته بلانشو وباتاي، والذي يبين فيه وجود الرفق والاستقامة والعقل والوعي والمنفعة والحضارة كما أن هناك النذالة والسأم والخيبة والحسد، وهناك الحاجة إلى التعذيب والقتل دون شفقة والهمجية وعدم الوعي والضحك والصمت والهوى واللذة والإثارة الجنسية ...الخ
من خلال هذه التناقضات يبين الكاتب على لسان بلانشو أن الارتباطات الاجتماعية ماهي إلا نتيجة الإحساس بالضعف، فأنثروبولوجيا باتاي وبلانشو تعتمد على التراث السيكولوجي اللا اجتماعي مع تلقيها بعض العناصر من المتغير الهيغيلي. فالإنسان لا يسعى إلى الاعتراف باعتباره كرما أخلاقيا أو فسقا – غرورا – وإنما باعتباره ضرورة.
يفتح تودوروف في هذا المحور نقاشا بين مجموعة من الانتربولوجيين وعلماء النفس من بينهم مارتان بوبر، ميخائيل باخوفن، امانويل لفيناس، يورغن هابرماس، سيغموند فريد، ميلاني كلاين، و ميكائيل بلانت، والذي يخلص فيه أن التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد تبقى ضرورية ومهمة، وان ما ينتجه الأفراد من أفعال وسلوكات سواءً كانت جيدة أو سيئة، خير أو شر، فضيلة ام رذيلة، تبقى مهمة وأساسية فالعنف لا يتعارض مع المفيد لأنه هو نفسه يفيد.
يخلص الكاتب في هذا المحور إلى مجموعة من الخلاصات المرتبطة بالحياة المشتركة وما ينتج عنها من عقبات وصعوبات وتناقضات بين الجيد والسيئ والخير والشر بين النزعة الأخلاقية والنزعة اللا اخلاقية، بين الإنسان الأناني والإنسان الاجتماعي، فالخبث والقبح والذنب والإيذاء والأجرام والعنف ليست سلوكات للبحث عن الاعتراف وإنما يحاول من خلالها الإنسان البحث عن الحقيقة، الحقيقة التي تشعره بأنه ليس مُدين لاحد.
يتكون الفصل الثاني من الكتاب المعَنون ب "الكائن، العيش، الوجود" من ثلاث محاور رئيسية: المحور الأول اسماه ب " في ما وراء نزوة الموت" والذي يبين فيه انه من الصعب فهم البنية النفسية للإنسان دون العودة إلى مساهمة سيغموند فرويد، خصوصا عند تمييزه بين النزوات البقائية ( المتجهة نحو "الانا) والنزوات الجنسية (المتجهة نحو "الغير")، حيث انه يميز بين غريزة البقاء وغريزة الموت، نفس الأمر الذي يعالجه كانط عند حديثه عن غريزتين أساسيتين هما: عشق الحياة وعشق الجنس، الأول من اجل حفظ الفرد والثاني من اجل حفظ النوع.
يناقش تودوروف في هذا المحور العدوانية ويعتبرها إنها تتخذ خصوصيتها من خلال تبعا للكائن المعتدى والمعتدى عليه إزاء الذات المعتدية، بمعنى إننا نحن متنافسون من اجل الحصول على الشيء. من خلال ذلك يمكن التمييز بين العدوانية كأداة موضوعية للبحث عن الاعتراف، والعدوانية الموجّهة نحو الكائنات التي يُنظر اليها بوصفها كائنات دنيا، والتي ترتبط بما يمكن تسميته العبد السعيد أو لذّة المعذب، الذي يسعى من خلالها المعذب إلى الاعتراف، والنوع الثالث هو عدوانية العاشق المطرود والطفل الذي يهاجم أبويه المهملين والطالب السيئ الذي يواجه أستاذه، وهناك عدوانية رابعة وهي العدوانية الذاتية التي يمكن اعتبارها هدم الذات من اجل الحصول على الاعتراف كما يفعل المنتحر حينما يترك رسالة إلى اولائك الذين فاته حبهم، أو حينما يجرح الطفل جسده، كلها أفعال موجّهة إلى الأخر الذي يسعى من خلالها إلى الاعتراف.
يميز تودوروف بين تصورين مختلفين للعدوانية: التصور الأول الذي يمثله فروم والذي يوافقه تودورف القائل بان العدوانية التي تتمثل في غريزة الموت تنتمي إلى علم النفس المرضي، عكس سيغموند فرويد الذي يصنفها ضمن الظواهر البيولوجية السوية.
يفصل الكاتب في هذا المحور بين ثلاث مفاهيم أساسية وهي الكائن، العيش والوجود، الكائن يتقاسمه البشر مع كل مادة، والعيش يتقاسمه مع الحيوانات، أما الوجود فهو خاصية إنسانية خالصة.
أما في المحور الثاني الذي عنونهُ ب" الدرجات الثلاث" يتحدث فيه عن الكوني والحيواني والاجتماعي، معتبرا أن الخاصية التي لا يمكن لأي كائن أخر أن يشاركها مع البشر هي خاصية الاجتماعي، الذي يمكن للإنسان أن يشارك الحيوان في صفاته وسلوكاته، ثمة لحظات يشعر فيها الإنسان بأنه حجر وشجر وأسمنت أي انه تمعدَن ولم يعد شيء يهمه، لا يشتهي الكلام، ومرافقة الأخرين أو الاجتماع معه انه يفضل العدم عن الوجود. فالحدود الفاصلة بين العيش والوجود كتلك التي تفصل الإنسان على الحيوان، تتمثل في الطبيعة والمجتمع، فالعيش يرتبط بالطبيعة أما الوجود يرتبط بالمجتمع، فالإنسان يولد مرتين كما يقول شوبنهاور في الطبيعة وفي المجتمع.
يمكن للذة أن تصبح أداة لأنشاء علاقة هي فكرة يوضحها تودوروف ويبين أبعادها المختلفة، فما يجعل الطفل الذي يتعرض إلى الضرب من طرف والديه والقبول بالوضع، فما يجعله قبول ذلك هو البحث عن الاعتراف الذي لا يمكن أن يدركه من أشخاص أخرين غرباء.
ويضيف إننا في كثير من الأحيان نفضل الوجود على العيش كما يقول شوبنهاور، فكثيرا ما نتخلى عن الملذات الحسية، الغداء والمتعة الجنسية بحثا عن ملذات رمزية وعن رضا الأخرين، والحب والاعتراف والتشجيع.
يشبه الكاتب الاعتراف بأكسجين الروح معتبرا أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش بدون أكسجين، فالاعتراف قيمة ضرورية للبشر في كل زمان وكل مكان، ولا يمكن للبشر أن يحيا على اعترافات الغد، كما لا يمكنه أن يتنفس أكسجين السنة الماضية، فالحاجة إلى الاعتراف تتجدد، أما التذكير بالنجاحات الماضية كشكل من إشكال الاعتراف فانه يوحي إلى نقص الاعتراف.
الثقة بالذات والاعتراف ضروريان بالنسبة للبشر، فالأخر كالهواء بالنسبة لي، ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، انه هو مصدر الحياة واستمرارها، أما غيابه فقد يشكل بالنسبة لي اختناقا، يعني أنني لا استطيع التقاط نظراته، وتحفيزه، ووجوده الذي يشعرني بالأمان. إن العيش خارج الجماعة يشكل بحق ألما يمكن تسميته بألم الوحدة الناتج عن العيش خارج المجتمع، هناك شكل أخر من الألم اكثر شدة وهو العيش داخل الجماعة دون تسجيل ادنى اعتراف بأعضائها كما هو الشأن بالنسبة للفقراء والسود في أمريكا كما وضّح الكاتب على لسان ويليام جيمس.
يختم الكاتب هذا المحور بقوله إننا نخاف الموت والأماكن التي يمكن أن نموت فيها والأشخاص الذين يذكروننا بالموت، الناس يخشون المستشفيات ويحاولون الابتعاد قدر الإمكان على الكهول لانهم يذكرونهم بالموت، مما يجعلهم يعيشون في عزلة مع أشخاص غرباء يجمعهم نفس القدر كما يوضح نوربرت إلياس.
بالنسبة للمحور الثالث والأخير من الفصل الثاني والذي يرتبط ب"اصل الأفراد" يوضح من خلاله الكاتب ضرورة معرفة اصل الأفراد بمعنى أن معرفة سلوك البالغين وتصرفاتهم واختياراتهم رهين بالأساس بمعرفة طفولتهم كما يبين ذلك علماء النفس ومحللي النفس الطفولة.
يمكن اعتبار تطور الإنسان من الطفولة إلى البلوغ تجسيدا للأنانية (بياجيه) أو انطواء طفولي (ماهلير) أو جهد يتجاوز به عجزه (فيربيرن) أو بغية الوصول إلى الاستقلال (وينيكوت) . يقدم الكاتب مسألة أساسية ترتبط بالتبعية البيولوجية والتبعية الاجتماعية ويقدم تفسيرا مفصلا لهذا الأمر، فالأولى تعني الحاجة إلى العيش فالمولود الجديد لا يمكنه أن يعيش وحيدا دون عناية واهتمام ومراقبة، والثانية تتجلى في الحاجة إلى الوجود.
من تحقيق فهم جيد لمراحل تطور الطفل يستعين الكاتب بنظرة شايفر ويحدد خمس محطات أساسية لتطور الطفل في علاقته مع أبويه؛ المحطة الأولى يسميها الاتصال وتمتد من الولادة إلى شهرين ترتبط بتبني الإيقاعات البيولوجية المتعلقة بالنوم واليقظة وهضم الأغدية. المحطة الثانية هي النظر وتكون من شهرين إلى خمس اشهر تتميز بالقدرة على تركيز النظر على الأقل في حدود 20 سنتمتر. المحطة الثالثة هي استخدام اليد من خمسة إلى تسع اشهر تتجلى في قدرة الطفل على استخدام يديه، واستقامة اكبر في حركاته. المحطة الرابعة هي الذاكرة من تسعة إلى ثمانية عشر شهرا تعتبر هذه المرحلة بمثابة ولادة ثانية، حيث يصبح الطفل قادرا على التحقق من هوية الأفراد حوله، ويميز بين المقرّبين والغرباء. المحطة الخامسة هي اللغة تبدأ من الشهر الثامن عشر يهيأ التمكن من الأفعال لاكتساب اللغة.
يوضح الكاتب من خلال المراحل الخمسة أن الحب ليس عملا بدائيا يرغب فيه الطفل وإنما هو تركيبي لغاية معينة، نفس الأمر عند البالغين الذي يرتبط الحب في هذه المرحلة بالحاجة إلى الاعتراف والتعاون بغاية الحصول على لذة شبقية. فالحب الذي يربط الطفل بوالديه بعد مدة معينة يشبه تصور أرسطو للصداقة حيث فرح الشخص هو فرح الأخر لا فرق بينهما، كما هو الأمر بالنسبة للطفل وألام، فالحب الذي يجمع بينها لا ينبني على غاية معينة بمعنى حب للذات في ذاتها وليس في ذات الأخر.
بيد أن هذا الموقف يتغير عندما تتغير الأدوار ويكبر الطفل ويصبح بالغا في هذه اللحظة لا يكتفي بالاعتراف فقط من طرف والديه وإنما يبحث على اعتراف من أشخاص أخرين، من الأصدقاء، الشخص المحبوب، رئيس العمل. هكذا إذاً يصبح الطفل بالغا قادرا على كسب الاعتراف من أشخاص أخرين وتقديم الاعتراف في حين أن الأبوين خسارتهم لأطفالهم لا يمكن تعويضها بسبب كونهم اصبحوا بالغين. بل اكثر من ذلك أن العلاقة التي تربط الطفل بوالديه عند ولادته هي نفسها العلاقة الرابطة بين الوالدين في الكهولة والابن البالغ، حيث يحتاج الوالدين إلى العناية والاهتمام والمواساة، والاعتراف كما هو الأمر بالنسبة للطفل، لكن الفرق بينهما يكمن أن الطفل لم يكن يعلم انه في يوم سيكون قادرا على اكتساب الاعتراف وتوزيعه، فحين أن الأبوين يعلمون انهم غير قادرين فعل شيء في ضل عجزهم.
هكذا إذن يخلص الكاتب إلى فكرة أساسية مفادها أن تطور الطفل لا يقوده إلى استقلالية تامة، ولكن يقوده إلى تبعية دون أن يختار ممثليها ولا إيقاع الغياب والحضور، فالعلاقات لا تصدر عن إيقاع القدر بل كذلك عن الاختيار، كما إننا نستطيع أن نعطيها بداية ونهاية، فلا يمكن تركيز لحظات الاعتراف في شخص واحد وإنما يجب البحث عليه عند أشخاص مختلفين حتى يكون للوحدانية طعم خاص.
عَنونَ الكاتب الفصل الثالث ب" الاعتراف ومصائره" وخصّص له ست محاور أساسية: المحور الأول هو " الصيّغ " والذي يبين فيه أن الاعتراف قيمة، ويغطي نشاطات لا تُحصى، فالاعتراف يمكن أن يكون ماديا أو غير ماديا، واعِ أو غير واعِ، يستخدم اليات عقلانية أو غير عقلانية.
يسعون الأشخاص إلى الاعتراف من الأصدقاء و العلاقات الشخصية والحب والعمل وغيرها، حيث أن كل واحد لا يمكن أن يعوّض الأخر، فضياع الحبيب لا يمكن أن يعوّضه وفاء الأصدقاء، وكثافة الحياة الخاصة لا يمكن أن تمحو الفشل في الحياة السياسية، فالنقص الذي ينتُج عن فشل في مجال ما لا يمكن تعويضه بأي طريقة.
يميز الكاتب بين نوعين من الاعتراف؛ اعتراف المطابقة واعتراف المفارقة، فالأول يعني مطابقة سلوكات الفرد مع قيم المجتمع بمعنى انه يفعل ما يريده المجتمع، يلتزم بواجباته، ويحترم الأخرين، ويؤدي مهامه بشكل عادي، أما الثاني يقوم على الاختلاف بمعنى أن الشخص يحاول أن يكون متميز على الأخرين كأن يلبس لباسا مختلفا أو يحدث ضجة كي يعترف به رفقاؤه. ويوضح كذلك إشكال الاعتراف ويبين الفرق بينها وهي الرفض يعني نقص التأكيد والنفي يعني نقص الاعتراف، فالرفض يمكن أن يكون ذلك الحقد الذي يوجهه المجتمع إلى شخص ما والذي يُشعره انه مرفوضا وغير مرغوب فيه، في حين أن النفي اخطر من ذلك وهو أن لا يملك الشخص لا صديقا ولا عدوا بمعنى الحكم عليه بالصمت والعزلة وهذا ما يجعله يرى نفسه محطّما.
وفي ذات السياق يوضح صاحب الكتاب أن الاعتراف الغير مباشر هو إحساس الشخص بأنه ضروري للأخرين من اجل منحهم الاعتراف، فان يكون المرء قويا ودعامة للأخرين ومشجعا تعني في الوقت نفسِه انه يكافئ ذاته بذاته.
يدخل الإنسان في شبكة من العلاقات الاجتماعية والتي يحاول من خلالها الظهور إلى الأخرين بمعنى البحث عن الاعتراف قد تختلف السياقات والسبل واللغات لكن تبقى الغاية واحدة وهي البحث عن الاعتراف من طرف الأخرين.
يخلص الكاتب في هذا المحور إلى أن مهما كانت إشكال الاعتراف، فثمة سمة من سماته الأولى يجب أن لا تُنسى، وهي أن الاكتفاء لا يمكن أن يكون تاما أو نهائيا، فشهوة الاعتراف محبطة كما يقول سيغموند فرويد وبالتالي فالأشخاص يبحثون على الاعتراف من جهات مختلفة.
بالنسبة للمحور الثاني الذي يدور حول " استراتيجيات الدفاع الاجتماعي " يشبه فيه الكاتب الاعتراف بالأكسجين، معتبرا أن الناس جميعا يسعون اليه. مما يستحيل تلبية طلب الجميع، ويجعل أشخاص يفشلون في الحصول على اعتراف سواءً بسبب الرفض أو اللامبالاة.
يقدّم الكاتب مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها تخفيف تجربة الألم الناتجة عن البحث عن الاعتراف، حيث يسميها ادلر بالتعويضات، في حين سيغموند فرويد يُطلق عليها المسكّنات، أما تيودور فونتان فيُطلق عليها صقالة النجد، ويسميها سارتر بالبلسم أما أنا فرويد فقد اطلقت عليها اليات الدفاع. تعمل هذه الاستراتيجيات على التخفيف من الألم في وقت محدد وليس معالجة المرض بشكل جدري، وبالتالي فالفرد يعمل كل مرة على انتاج ميكانيزمات جديدة بجرد زوال الأولى، ويبقى هكذا دواليك ليصبح لذلك أثرا سلبيا كما يبين سارتر.
في المحور الثالث يناقش فكرة " الحصول على الإقرار" ويقدم مجموعة من النماذج في هذا الصدد: النموذج الأول يرى انه يمكن بلوغ أي اعتراف من خلال فعل الأفضل وطلبه مجددا، بمعنى أن الشخص الذي يرى نفسه أن يُغري أي فتاة رفضته، والحصول على الاعتراف من شخص لم يهتم بوجوده. أما النموذج الثاني فهو الذي يبحث عن الاعتراف بطرق مختلفة كأن يظهر اسمه في مجلة دون الاهتمام بالباب الذي توجد فيه، حيث يتميز هذا النموذج بالغرور والتكبر، وبالتالي فالغرور لا يكفي لضمان الحب والمهنة اللامعة لا تخلق السعادة.
إن السعي إلى الاعتراف حسب تودوروف لا يتوقف عند حدود الشروط الاجتماعية المقبولة بل يتجاوزها إلى حدود الخروج عن قواعد المجتمع وخلق حالة من العنف والفوضى من اجل الحصول على اعتراف الأخرين كما يقول شكسبير " ما دمت لا استطيع أن أكون عاشقا، قررت أن أكون أتما" فالخبث والإثم ينتُج عنه الخوف من الخبيث والاعتراف به في الوقت نفسه.
أما المحور الرابع المرتبط ب"الاعتراف التعويضي" يبين فيه الكيفية التي يحاول من خلالها الأفراد نسج طرق جديدة من اجل الحصول على الاعتراف، في الوقت الذي يعجزون على اتباع الطريق الرسمي لبلوغ هدفهم، خصوصا عندما يكونون في وضع لا مرئي، حيث يفضلون أن يجدبوا الانتقادات بدل من التألم على عدم مبالاتهم من خلال مخالفة القوانين والقواعد.
الجريمة، والسكر، وخرق القواعد وتجاوزها، والأوسمة المقدمة إلى المشاهر، والتعصب الديني أو العرقي كلها عوامل يمكن أن تساهم في خلق اعتراف تعويضي وجذب الناس ولفت انتباههم أو ما يمكن تسميته بالرضا السري.
يختم الكاتب هذا المحور بقوله أن النجاحات التي يحققها الأفراد، والإنجازات التي يقومون بها بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي ما هي إلا إشارات إلى ارتباطهم بالأخرين وتمسكهم به، أو بتعبير أدق اعتراف تعويضي.
المحور الخامس يناقش "التخلي" والذي يبين من خلاله الكاتب أن التخلي عن الاعتراف والسعي إلى العزلة والانطواء يكون نتيجة خيبات امل أو صدمات عاطفية تجعل الأشخاص غير مبالين لآراء الأخرين ولا يهمم ما يقولون. هنا يميز بين المغرور الذي يرى أن حاجته إلى الأخرين لا جدوى له وانه يمكن أن يحيا بدونهم والمتباهي الذي يرى أن وجوده يرتبط بالأخر في تفاعل معه، وفي ذات السياق يستحضر الكاتب ادم اسميت الذي يرى أن الإنسان المغرور مُحترم اكثر ولكنه في العيش اكثر صعوبة أما المتباهي الذي يريد دائما أن يُعجب الأخرين فهور رجل دو معشر لطيف من السهل إدخال السرور اليه.
لا احد يستحقني، يجب علي أن أرافق من يُحبني، لا توجد وظيفية تحترم خصوصيتي، لا يوجد أصدقاء جيدون يمكن مصاحبتهم، البشر فاسد، لا شيء يدعوا إلى الإعجاب كلها ميكانيزمات للتخلي عن الاعتراف ومحاولة تجاوز خيبات الأمل الماضية والرفض الذي تعرض له هؤلاء الأشخاص، فالتخلي عن الاعتراف لا يكون من الفراغ وإنما نتيجة تراكم مجموعة من التجارب السابقة.
من بين أشكال التخلي يوضح الكاتب أيضا الضحية التي تمنح صاحب الدور مجموعة من الامتيازات كالتي يحصل عيلها البطل نفسه، فالضحية له امتياز المطالبة والإفلات من القصاص نتيجة ظلم القانون أو الأخرين له حسب عين المجتمع.
في المحور السادس من الفصل الثالث "دوران الدور" يتساءل تودوروف حول إمكانية عيش الاعتراف خارج اطار المسكّنات، وفي محاولة له للإجابة عن هذا الإشكال يوضح المقصود بدوران الدور والذي يعني تبادل الأدوار في الاعتراف بين الأشخاص والتناوب في تقديمه، حيث يعمل كل فرد تقديم مجموعة من الامتيازات والتخلي عن أخرى في سبيل الأخر مقابل الحصول على امتيازات أخرى بشكل تبادلي ودوراني.
يخلص الكاتب في نهاية هذا الفصل إلى أن دوران الدور ليس ترياقا، انه يوالف حاجاتنا في الاعتراف مع تعدد الكينونات التي تشكّل المجتمع، وبالتالي فالتبادل والتقسيم لَهوٌ افضل من المسكّنات المستخدمة ضد فشل الاعتراف.
يُعنون الكاتب الفصل الرابع ب" بنية الشخص " ويُقسّمه إلى ثلاث محاور أساسية: المحور الأول يُناقش فيه : "التعدد الداخلي" ويبين سيرورة الاعتراف وأبعادها بين الأنا والأخر، حيث يعارض باسكال بين الجسد والروح، وبين القلب والعقل، أما لاروشوفوكو فإنه يتحدث عن المشاهد التي تجري فوقها الكوميديا الإنسانية في داخل القلب مع شخوص مختلفة مثل حب الذات والمصلحة و الغرور، ويميز ويليام جيمس بين الذات الاجتماعية والذات المادية، كما يتحدث فرويد عن الفرق بين الأنا والهو والانا الأعلى، ويتكلم يونغ عن الذات والانا.
لا يمكن حصر التعدد الداخلي للإنسان حسب تصور الكاتب، مادام أن إمكانية الاعتراف بروح تحتاج إلى روح ثانية والاعتراف بالثانية تحتاج إلى روح ثالثة إلى أخره. أما المحور الثاني يحكي فيه الكاتب " لقاء في مونغوفان" هو مكان تواجد بيت فانتاي بعد موت أبوها فكّرت دعوة عشيقتها إلى البيت، حيث تدخل الفتاة في مجموعة من الخطابات بينها وبين ذاتها حول ما يجب أن تفعله وما ترغب فيه أي الذات الراغبة، يوضح الكاتب كيف يتعارض التخفي مع الرغبة، والمظاهر السيئة مع الطبيعة الطيبة، والطبع والتطّبع. ويبين كيف أن فانتاي تتأرجح بين الذات المشتهية التي تبحث عن اللذة والذات الواجهية التي تبحث عن الشر، لذلك تعتقد انه من اجل بلوغ اللذة يجب عليها أن تمرّ من الشّر ليس لأنها سادية بل لأنها تفكر أن اللذة هي شر وتعتقد أن الشر سيكون لذة بالضرورة، أما اللذة الجسدية بالنسبة اليها فهي ميزة خبيثة يجب عليها أن تظهر بمظهر الخبيثة كي تتذوقها.
بناء على هذه القصة خلُص الكاتب إلى مجموعة من الخلاصات التي يربطها بصفة مباشرة بالحياة المشتركة ويميز من خلالها بين العناصر الشخصية والعناصر المشتركة من اجل صوغ شخصية عتيقة، فثمة فرق بين الكائن والفعل بين الطيبة والخبث، فإن كل ما تفعله فانتاي ليس موجود فإنه وإنما هو تصنّع.
في المحور الثالث من هذا الفاصل يحدد الكاتب " الحد الأدنى للفريق" أن استقلالية الأنا عن الغير لا يمكنها أن تتحقق ولا يمكن معرف حدودها العازلة، أنا هو كائن أخر، من خلال ما يمارسه عليّ من مراقبة أو كما يحكم الأنا الأعلى الشخصية عند فرويد. هكذا إذن يمكن القول أن المسرح الداخلي تحمه ثلاث شخصيات وهي الذات وسيد الاعتراف وموضوع الرغبة، فشخص الذات عبارة عن اثر من رؤانا ورؤيتنا لذاتنا ولجسدنا وأعمالنا، ويمكن التمييز بين الذات القديمة والذات المفكّرة، مبرزا أوجه التشابه والاختلاف، والكيفية التي يمكن من خلالها تموقُع الشخص في ذات معينة والميكانزيمات التي ينهجها من اجل الحصول على الاعتراف والاحترام والتقدير والحب. أما فيما يخص شخص سيد الاعتراف أو ما يسميه ادم سميث بالسيد الإمبراطوري، الحاكم الداخلي الذي يحكم على أفعالنا سلبا أو إجابا، ويمكنه أن يكون الأب أو الأم أو الأستاذ أو شخص ثمة لقاؤه مصادفة، فسيد الاعتراف في صيغته الإيجابية يمكن أن يقابل اعتراف المطابقة والذي يعني ضمنيا الموافقة على القوانين والقواعد والعادات والتقاليد المشتركة مما يُعفي الشخص من اعتراف الأخرين مادام هو اعتراف مطابقة. أما سيد الاعتراف الإيجابي والشخصي فإنه يؤمن الشخص من خلاله انه يمكن أن يكافئ نفسه بنفسه ويمكن للمعذّب أن يكون قاسيا وان يكون سيدا سيئا للاعتراف يبخّس كل الأعمال الذي يقوم بها الأخرين ويجعلها دون قيمة انه ينظُر إلى نفسه نظرة تميز على الأخرين واستقلالية. في الشخص الثالث وهو الموضوع المستبطن للرغبة يمكن أن يتخذ شكلين مختلفين كما يرى الكاتب موضوع سيئ وموضوع جيد؛ فالجيد يتمثل في العلاقة الغرامية السعيدة وشيء من الاستقلالية الذاتية يكون الشخص في هذه الحال موضِع كرمِ وعطاء. أما الموضوع الداخلي السيء " المخرِّب" فإنه يجعل إنجاز الرغبة امرأ مستحيلا، فكيف يمكن للشخص أن يجعل من نفسه محبوبا وهو لم يكن قد احبّه شخص من قبل؟ وكيف يمكنه أن ينجح وهو يعلم انه سيفشل؟ هكذا يكون قد خلق لذاته سجنا داخليا حقيقيا، فعقدة النقص عند البالغ ليس سوى ذات مفكِّرة سلبية يمكن أن تؤدي إلى إيذاء النفس والأخرين.
ينقسم الفصل الخامس والأخير إلى محورين أساسين يناقش الكاتب في المحور الأول المُعَنون ب" إنجاز الذات " معتبرا أن ما يحققه الفرد من نجاحات وثقان للمهام التي يقوم بها والمناصب الذي يشغلها يجعله يشعر بالارتياح والرضا نحو الذات، مما ينتُج عنه مباشرة اعتراف الأخرين. فالمتعة التي يشعر بها الشخص حينما يبدع أو يقدم عملا جيدا لا تُشعره بالعزلة أو تتعارض مع النزعة الاجتماعية بل تجعله يعيش مُتعته صُحبة الأخرين ومعهم. أما المحور الثاني من هذا الفصل الذي سمّاه الكاتِب ب"الدروب الضَيِّقة" حيث تتعدد التجارب وتختلف، فالحب مثلا يقول الكاتب ينتمي في آنِ واحد إلى العيش والوجود، المادي والعقلي، الأخذ والعطاء إلى الاعتراف والاتحاد، فالاعتراف لا يتوقف عند الحدود الذي يرسمها الأخرون بل يتجاوزه إلى ابعد من ذلك إلى الإحساس بالرّفاه، كأن تقرأ كتابا وتستمتع به.
هكذا يمكن القول أن الهدف من الوجود هو تفتُّحِ الفرد وإنجاز الذات ومن جهة أخرى هو تقدُّم المجتمع، هذا التقدم يستلزم التضحية ببعض أفضليات الأفراد، وبالتالي على الأشخاص أن يختاروا بين العزلة والعيش داخل المجتمع بين الفرد والمجتمع وبين العيش والوجود. ويخلص الكاتب في هذا المحور إلى مجموعة من الأفكار الأساسية المرتبطة بأن الحياة المشتركة ليست كما يتمثلها الناس، فالنزعة الاجتماعية ليست ملعونة وإنما هي محرّرة، ويجب التخلص من الأوهام الفردية، فليس ثمة امتلاء خارج العلاقات الاجتماعية، حيث تستطيع التعزية، الاعتراف، التعاون، والمحاكاة والتنافس، فالاتحاد مع الأخرين يعني أن تعيش في سعادة. فالفردانية قيمة لا يمكن نكرانها لكن النزعة لا يوجد مقابل لها. لا توجد سعادة خارج الحب والحب فانِ، وحب الأطفال والوالدين يتبدَّل كلما اصبح الأطفال بدورهم بالغين. هكذا إذن يختِم الكاتب نصه بتقديمه مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالحياة المشتركة من قبيل: هل يجب علينا الانغلاق في فردانية حتى نتجنب الخيبات المستقبلية؟ ام علينا أن ننفصل عن المنافع الأرضية، وذلك لكي لا نحب الكائن الوحيد بلا نهاية إلا الكائن الوحيد الغير المتناهي " الله"؟ أو يجب أن نقبل وضعنا كما هو ولا نطمح إلى حياة خالدة أو روح أزلية كما يقول روسو؟ أم أن كل هذه البدائل لا يمكن أن تضمن لنا سوى سعادة هزيلة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة