الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم ( قتلني عمر ) يفضح عنصرية النظام القضائي الفرنسي

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2024 / 4 / 21
الادب والفن




في 25 يونيو 1991 ، انقلبت حياة المهاجر المغربي عمر رداد الذي يعمل بستانياً رأسا على عقب أتهامه بجريمة قتل ، وتصدر أسمه عناوين الصحف بعد اتهامه بقتل صاحبة العمل بوحشية السيدة جوسيلين مارشال التي تبلغ من العمر 65 عاما والتي طعنت في فيلتها في بلدة موجان قرب نيس الفرنسية . في مسرح الجريمة وجدت الشرطة نقش مكتوب بدم الضحية " عمر قتلني " في إشارة إلى عمر الرداد الذي كان يعمل بستانيا لديها آنذاك، وعمره لا يتجاوز السابعة والعشرين.اكتشفت جثة القتيلة بعد تحريات لرجال الشرطة الذين تلقوا تنبيها من جيران القتيلة بعد مُلاحظتهم غيابها وليتم العثور على جيزلين جثة هامدة غارقة في دمائها بقبو فيلتها . بسرعة كبيرة ودون تردد وُجهت التهمة إلى المهاجر المغربي، تصدرت قضية عمر رداد عناوين الصحف في تسعينيات القرن العشرين ، في 2 شباط/فبراير 1994 حكمت محكمة الجنايات في ألب ماريتيم على عمر رداد بالسجن لمدة ثمانية عشر عاما بتهمة قتل السيدة جيزيلين مارشال، وقضى سبع سنوات في السجن قبل أن يتدخّل العاهل المغربي الأسبق شخصياً ( الملك الحسن الثاني)، أُطلق سراح عمر الردّاد بعفو خاص من جاك شيراك رئيس الجمهوريّة الفرنسي آنذاك. (لا أريد عفو الرئيس ، أريد أن أثبت براءتي) هذا ما قاله عمر الرداد لمحاميه الشهير جاك فرجيس الذي تولّى الدفاع عن المناضلة الجزائريّة جميلة بوحيرد خلال حرب التحرير ثم تزوّجها. لكن القضاء رفض كل الطلبات التي تقدّم بها البستاني المغربي على مدى السنوات العشر الأخيرة لفتح الملف مجدّدا ومراجعة الحكم الصادر بحقه، واعادة الاعتبار إليه .
فيلم (عمر قتلني) من إخراج رشدي زام يستعيد قصة البستاني المغربي عمر الردّاد ( يقوم بدوره الممثل الفرنسي – التونسي سامي بوعجيلة) ، الذي اتهم بقتل مشغّلته العجوز الفرنسية الثرية (جوسيلين) . ولأنه مهاجر وبسبب العنصرية ضد المهاجرين العرب سوف يجد القضاة العنصريون فرصتهم للتعبير عن حقدهم الدفين على المهاجرين، وكان دليل الإدانة الوحيد جملة كُتبت بدم الضحيّة (عمر قتلني) قرب جثّتها التي وجدت في المرأب . لكن تلك الجملة تضمنت خطأ لغوياً فاضحاً من المستحيل أن ترتكبه سيّدة متعلّمة مثل جوسيلين مارشال . ومن هذه القرينة انطلق المحامي جاك فرجيس (الممثل الفرنسي موريس بينيشو)، ليحوّل المسألة إلى قضية رأي عام ويسلّط الضوء على منطق مشبوه يستريح لإلصاق التهمة ببستاني بسيط لمجرّد كونه (عربيّاً) مستغلاّ جهله بالقوانين واللغة الفرنسية ، ما يجعل الأمر غريبًا أن عمر رداد أثناء التحقيق لم يكن يفهم شيء بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ . لم يستطع عمر الرداد وقت وقوع الجريمة الدفاع عن نفسه أمام المحققين الفرنسيين، خاصة أنه كان أمياً ولا يجيد اللغة الفرنسية، ناهيك عن رفض المحققين توفير مترجم له . من ضمن الأسباب التي تجعل من عمر رداد مذنبًا بسبب أرتيادة نوادي القمار والدعارة قبل ارتكابه لجريمته ، وكما هو معروف ، هذه الأماكن لا تجعل من الشخص سويًا، في النهاية يظل مشبوهًا ومتوقع منه فعل أي شيء.

في عام 2007 نقلت القضية التي أوحت بأكثر من كتاب في فرنسا الى السينما في فيلم مقتبس عن سيرة الردّاد للمخرج الجزائري – الفرنسي رشدي زام الذي يخوض هنا ثانية تجاربه وراء الكاميرا بعدما اشتهر كممثل إذ نال جائزة أفضل ممثل في (مهرجان كان السينمائي) عام 2007 . أعتمد المخرج المغربي رشدي زام على كتاب جان ماري روار (عمر الردّاد: اصناعة متَّهم) (1994)، إضافةً إلى سيرة الرداد التي كتبها بعد خروجه من السجن. هكذا يجد المشاهد نفسه أمام قصتين. قصة اعتقال الرداد التي شابتها الكثير من اللحظات العصيبة من إضرابه عن الطعام ومحاولته الانتحار، واللحظات المشرقة التي كانت تؤكد براءته قبل أن تتحول إلى كوابيس . إضافة إلى قصة مستوحاة من الكاتب الفرنسي (جان ماري روار) الذي آمن ببراءة الرداد، فاستقر في مدينة نيس (مسرح الجريمة) ليجري تحقيقاته الخاصة في القضية، كتاب يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول تفاصيل الجريمة ويقدّم أدلّة على براءة الردّاد .

لم تكد تمر أسابيع على نزول الفيلم إلى الصالات، حتّى أعلنت لجنة مراجعة المحاكمات قبول طلب الردّاد بإجراء فحص جينيات لتحليل آثار الحامض نووي ذكوري عُثر عليها عام 2002 مختلطة بدم الضحية الذي كُتبت به جملة «عمر قتلني». وقد بيّنت الفحوص أن تلك الآثار لا تطابق الحمض النووي للردّاد... ما يعني أنه ليس الجاني الحقيقي!، وبالتالي، يُرجّح أن تمهد هذه القرائن لإعادة فتح التحقيق وإقامة محاكمة جديدة لتبرئة الردّاد الشاب المغربي الذي هاجر إلى فرنسا آنذاك بحثاً عن تحقيق ذاته والعمل في مجال البستنة الذي تشبث ببراءته نافيا في جميع مراحل التحقيق أرتكابه للجريمة والتقاضي وجود أي علاقة له بالجريمة . قال المخرج المغربي رشدي زم "لما تعمقت في البحث حول تفاصيل القضية، التمست عناصر مهمة كان من شأنها المساهمة في تبرئة عمر رداد"، مضيفا أن إيمانه ببراءة عمر هو ما جعله يصر على إنجاز الفيلم، الذي حاول أن يكون موضوعيا في تناوله . أنتج الفيلم ، الجزائري رشيد بوشارب الذي شارك أيضا في كتابة السيناريو بمشاركة الكاتب الفرنسي أوليفييه غورس، وجسد أدوار البطولة، كل من الممثل الفرنسي ذي الأصول التونسية سامي بوعجيلة في دور "عمر الرداد"، والممثل الفرنسي، دنيس بوداليداس، في دور النائب العام في المحكمة، والممثل موريس بنيشو في دور المحامي الشهير "جاك فيرجيس" والممثلة الفرنسية من أصل جزائري نزهة خوضرة، والعديد من الوجوه السينمائية الفرنسية والعربية .

الشك في الجملة الشهيرة

بعد سنوات من الاعتراف بجملة" عمر قتلني: كشاهد إثبات على جريمة الشاب المغربي ( عمر الرداد ) تمكن بعض خبراء الخطوط ضمن فريق الدفاع من إثبات كون هذا الخط ليس تابع للسيدة المقتولة، وذلك لسبب بسيط جدًا، وجود الخطأ الأملائي في الجملة ، ذلك الخطأ لم يكن متوقعاً من السيدة الثرية المثقفة، ولم يكن عمر ليكتب الجملة لأنه أصلًا لا يعرف الفرنسية قراءة وكتابة ، وهذا يعني أن شخص ثالث قد ارتكب تلك الجريمة وأراد نسبها إلى عمر من خلال كتابة الجملة . ومما زاد من حدة الانتقادات وجود أدلة تُؤكد أن اتجاه كتابة العبارتين يتناقض والوضع الذي وجدت فيه الجثة ملقاة داخلَ القبو . إضافة إلى أن وجود أدلة أخرى أثبتت أن ثلثي حروف العبارتين لا تتسقان وخط المجني عليها . كما استغرب الرافضون للحكم القضائي سلامة الحروف واستقامتها ما دفعهم للتساؤل عما إذا كانت امرأة في سكرات الموت بعد تعرضها لطعنات قاتلة ستكتب تلك العبارة بحروف كبيرة مستقيمة . وذهب أصحاب هذا التوجه إلى القول بأن المرأة إذا كانت قادرة على الوقوف والكتابة، فلماذا لم تفكر في البحث عن النجدة وإنقاذ نفسها، وليس تضييع الوقت في الكتابة على الحائط . ورغم عدم وجود قطرة دم الضحية في لباس المتهم، إلى جانب عدم إيجاد سلاح الجريمة، إلا أن الاتهامات انصبت في وجهة واحدة صوب والمغربي المهاجر عمر الرداد الذي كان أبعد من ذلك .
اضافة الى ظهور ثغرة في سير التحقيقات حيث لوحظ تضارب بين تقارير الشرطة والطبيب الشرعي حول تاريخ وقوع الجريمة. جاء في أوراق التحقيق أنها وقعت بتاريخ 24حزيران (يونيو) 1991، بينما قال الطبيب الشرعي إنّ الجريمة ارتُكبت في صباح اليوم التالي. وكان هذا التفصيل بالغ الأهمية، لأنّ 24 حزيران كان يوم أحد وقد قضاه عمر عند والديه في مارسيليا، وبالتالي لم يكن موجوداً في موجان ساعة وقوع الجريمة . تسلم المحامي جاك فرجيس القضية واستطاع سريعاً استمالة الإعلام إلى خندق موكله. ورجّحت أغلب الصحف أن يكون الجاني الحقيقي هو الذي كتب الجملة التي تتهم الردّاد بدم الضحية بعد قتلها، ما يفسر ذلك الخطأ اللغوي. أو ربما أرغم الجاني الضحية على كتابة تلك الجملة، فتعمدتْ أن تدسّ فيها ذلك الخطأ بهدف إثارة الانتباه . وكان الأدعاء عنصري حين تسرّعوا في إغلاق التحقيق حين أغفلوا شهادات وقرائن كان يمكن أن تثبت العكس . عشية مثول عمر الردّاد أمام محكمة نيس خريف 1994، كان الرأي العام الفرنسي يرجّح براءته، خصوصاً بعدما انبرى للدفاع عنه مثقفون بارزون، ئولكن قبل ذلك في عام 1994 ونتيجة عدم اقتناعه بالحكم مع متابعته لملابسات القضية يقرر الروائي الفرنسي " جان ماري روار" أن يقوم بعملية تقصي حقائق صحافية متتبعا خيوط القضية كي يُخرج عنها في النهاية كتابا ضخما يمثل المادة التي اعتمد عليها المخرج وكتاب السيناريو في تقديم هذا الفيلم .
ضجّت فرنسا بقضية شغلت الرأي العام، وجنّدت المثقفين والمجتمع المدني وانقسمت بشأنها الطبقة السياسية. لكن الاستراتيجية التي اعتمدها جاك فرجيس جاءت بمفعول عكسي. بدل التركيز على الثغرات والأخطاء التي تخللت التحقيق، فضّل تحويل المحاكمة إلى محاسبة للنظام القضائي الفرنسي. صوّر موكّله على أنه بستاني مغربي فقير يواجه عنصرية نظام قضائي ذا خلفيات كولونيالية! ، لذالك، حين صدر الحكم على الردّاد بالسجن 18 سنة استمرت حملة الدفاع عن الردّاد، لتبلغ أوجها مع صدور كتاب جان ماري روار بعنوان «عمر الردّاد: اختلاق متَّهَم). وانضم إلى حملة الدفاع عن الردّاد حقوقيون ومثقفون، على رأسهم الروائي المغربي الطاهر بن جلون الذي نقل تلك الحملة إلى الرأي العام المغربي في الضفة الأخرى للمتوسط. يومذاك، تدخّل الملك الحسن الثاني شخصياً، للضغط على السلطات الفرنسية بهدف إعادة محاكمة الردّاد. ما دفع شيراك إلى إصار عفو عن البستاني المغربي، فأُطلق عام 1998 بعد سبع سنوات في السجن . يخرج"عمر"مرة أخرى إلى الحياة لكنه يظل مدانا من وجهة نظر القانون . رّكز المخرج على ملامح الممثل سامي بوعجيلة الذي برع في أداء دوره ومن خلال إظهاره لقوة عمر وفي نفس الوقت هشاشته وحيرته أمام ما يحدث له وهو الذي صرح أكثر من مرة أن السيدة جوسلين كوالدته لا يمكن أبدا أن يمسها بسوء . من ملامح قوته أداء الممثل الفرنسي من أصول تونسية سامي بوعجيلة لدور الرداد الشبه بين الشخصين كبير جداً، كما أظهر المخرج كيف تصرف عمر في السجن وكيف أخذت قضيته أبعادا طويلة المدى، من حالة انهيار زوجته لطيفة بعد سماعها للحكم ، أما والده فيردد أن هذا ظلم ، وهو الذي كان يؤمن بعدالة فرنسا . حين يدخل عمر في الإضراب عن الطعام، مما يؤدي به إلى المستشفى، وحينما يزوره والده في السجن يبكيان معا، وبعد إضرابه عن الطعام ، يقدم على محاولة الانتحار .
الفيلم المغربي الفرنسي المشترك"عمر قتلني"من إخراج المخرج والممثل المغربي رشدي زم ، ولمن لا يعلم فإن"رشد زم"هو الممثل الذي شارك "باسم سمرة"بطولة فيلم المخرج المصري يسري نصر الله"المدينة" 1999 وهو الشاب الذي سرق باسبور"باسم" في الفيلم وعاد به إلى مصر هربا من احد العصابات الفرنسية . شارك في كتابة سيناريو الفيلم إلى جانب المخرج رشدي زم ثلاثة سينمائين هما كاتبا السيناريو الفرنسيين اوليفي كراس وأوليفي لوريل بالأضافة إلى المخرج الجزائري رشيد بو شارب-صاحب"خارجون عن القانون"- يوجه المخرج زم تحقيقه الخاص لرسم صورة رداد، وهو أب مغربي، بالكاد يتحدث الفرنسية، والذي أدين بجريمة قتل لم يرتكبها. حتى محاميه السيد فيرجيس ، يقول عنه إنه أول شخص بريء دافع عنه! . وبما أن الأحداث مأخوذة عن وقائع حقيقية فقد لجأ صناع الفيلم إلى اتخاذ شكل الفيلم الوثائقي الذي يعتمد فيه السيناريو على عناصر تسجيلية واضحة ، اهمها كتابة اسم المكان وتحديد التاريخ الذي جرت فيه الوقائع في "التحقيق" الأول ، يسرد رشدي زم جميع التناقضات وجميع مخالفات التحقيق وكل تناقضات الجريمة . لا أثر للدماء على عمر ولا آثار أقدام للبستاني في مسرح الجريمة ، وجثة تم حرقها بعد أيام قليلة من وقوعها وجداول زمنية لا تتطابق . في النهاية بعد أن يخرج عمر من السجن نتيجة عدم كفاية الأدلة وقد تحول عبر السنوات السبع التي استغرقتها القضية إلى وجه اعلامي وصحافي معروف ورغم أجتماع شمله مع اسرته إلا أنه يشعر بتلك الحالة من الخواء وفقدان الذات خاصة في ذلك المشهد الرائع الذي يرى فيه ابنه الصغير لاول مرة وقد تركه وعمره شهور قليله وعاد وقد بلغ سبع سنوات فإذا بأبنه يقول لهم "هذا السيد احضر لي هدية " مشيرا إلى اباه وفي اللقطة التالية نراه يعتصر قطعة من القماش في فمه كي لا يصرخ ألما من كلمة السيد بدلا من كلمة "بابا" التي كان ينتظرها من ابنه .
في ‏‏ فيلم "عمر قتلني‏‏ "، اتهام مباشر لنظام العدالة الفرنسي من قبل الممثل الذي تحول إلى مخرج رشدي زم . يوجه المخرج زم تحقيقه الخاص لرسم صورة رداد ، وهو أب مغربي بالكاد يتحدث الفرنسية أدين بجريمة قتل لم يرتكبها. يصور الفيلم كيف حاول عمر الردّاد أن يشرح للمحققين أنه بريء، وأنّ الضحية كانت بمثابة أم ثانية له ، وهي لم تكن لترضى بتشغيله بستانياً، وهو الشاب الأمي الآتي للتوّ من الريف المغربي، لولا أنها كانت تعرف والده منذ عام 1962، حيث كان يشتغل بستانياً عند جارتها لغاية تقاعده . وقدم المخرج قضية مهاجر مغربي طيب وعفوي لكنه أمي وجاهل باالثقافة الغربية . قضية عمر الرداد بما يعتريها من غموض كبير وتناقض في الأحداث، لكنها تفردت بالجدال اللغوي الكبير الذي أعقبها . فقد عثر في قبو الفيلا الذي قتلت فيه الفرنسية جوسيلين مارشال على جملة صارت شهيرة فيما بعد كُتبت بدم الضحية مفادها (عمر قتلني)، لكنها تضم خطأ فادحاً من النادر وقوعه من طرف امراة كانت من هواة الكلمات المتقاطعة ، اللغة والدم هما سمتا هذه القضية. وقد حاول الشريط تبيان سوء استعمالهما أو توظيفهما الذي لم يكن مستنداً إلى دلائل قوية . أعتمد السيناريو على تحريات الكاتب الذي اعتنق القضية، وبدت له تستحق البحث من أجل إنقاذ حياة إنسان. بموازاة ذلك، اعتمد من جهة ثانية على تجسيد بعض الوقائع في الوقت المناسب، كلحظة الاعتقال وجلسات المحكمة وأجواء العيش في السجن، بخاصة لحظة الإضراب على الطعام ومحاولة الانتحار ببلع شفرة حلاقة اللذين قام بهما عمر الرداد . في هذه الأثناء، يقبع عمر رداد في السجن، لذلك نراه يقاوم، من خلال الإضراب عن الطعام، ساخطا على الظلم الذي يعاني منه، ويستسلم لليأس ويحاول الانتحار. ويعاقب بالحبس الانفرادي ، ونراه رجل عار محبوس في زنزانة بلا نوافذ وفي الظلام لأنه أخطأ في محاولة الانتحار .

المخرج يغوص في حياة كل من مدام مارشال وعمر الرداد. الأولى مثقفة معتدة بنفسها، من عائلة ثرية في مدينة صغيرة بورجوازية، تعيش في فيلا واسعة، ولها جذور عائلة تاريخية معروفة في سلك القضاء والسياسة. والثاني بستاني أمي ترق لحاله وتعطف على أمثاله الطيبين، له عائلة مغربية متواضعة ولا ينشد توفير لقمة العيش لعائلته. لكن الجريمة ستجعل الكل يكتشف أن مدام مارشال سيدة يسارية الفكر و ذات أراء ليبرالية خاصة، وتحفظ أسراراً لا أحد سيكتشفها . والجريمة ذاتها ستجعل من عمر شخصاً سيعمّق قدره المأسوي لأنه لا يقرأ ولا يكتب أصلاً، فكيف بإتقان اللغة الفرنسية التي لو كان يحسن التكلم بها لساعدته في فك طلاسم ما وقع ويفهم ما يجري له ، أو حتى يدافع عن نفسه أو يوصل ما يفكر فيه، ويرد أجوبة المحققين والمحلفين والقاضي والصحافيين، يظهر المخرج لقطات التي تبين تلعثمه ونطقه بكلمات فرنسية غريبة النطق، رغم الأدلة الدامغة التي قدّمها فرجيس لاحقاً من أجل إعادة محاكمة الردّاد، رفضت لجنة مراجعة المحاكمات إعادة فتح الملف . وكان لا بدّ من فيلم سينمائي، كي يوقظ الآلة القضائيّة وضمائر معاصري الردّاد الذي ما زال يناضل من أجل إثبات براءته واستعادة سمعته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد