الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الحروب .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 4 / 22
الادب والفن


مقامة الحروب :

الست ولاء العاني المحترمة , مقالك ( حطام الحروب ) , يطرح ظاهرة مدمرة ظلت ملازمة للنشاط ألأنساني منذ بدء الوجود, وقديمة قدم الخليقة...

أذكر في شعرنا العربي القديم ما قبل الإسلام الأبيات الثلاثة التالية لأمريء القيس التي يمكن عدها قصيدة مكتملة ومتماسكة في تعبيرها عن كراهة الحرب :

((الحربُ أوَّل ما تكونُ فتيَّة ....تسعى بزينتِها لكل جَهولِ
حتَّى إذا استعرت وشبَّ ضِرامها ...عادت عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ
شمطاءَ جزت رأْسَها وتنكرت مكروهة للشمِّ والتقبيلِ)).

لو نتمعن في هذه ألأبيات لوجدناها تعبيرٌ عن خبرةٍ وعن محاولةٌ إنسانية صادقة للتحذير من ان الحرب مغرية ومثيرة للشهوات, وإنها امرأة فتيّة, تسعى بزينتها وجمالها إلى الجهلة من الناس, وهم الأكثر افتتاناً بفتاة الحرب من سواهم, لكنها ما أن تقع حتى تتكشف عن حقيقتها امرأةً شمطاء لا تغري حتى بأن تُشَمّ.
ويبدو ان عقلاء الناس كانوا يستحبُّونَ أن يتمثلوا بهذه الأَبياتِ عند الفتن, مما يدلل على نزوع واضح لدى الكثير منهم على كراهيتهم الحرب ومساوئها.
كما لايفوتنا من شعر زهير بن ابي سلمى أنه قال :
((وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ .....وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً .........وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ .....وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ..... يضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ)).
تترك الحرب جرحا عميقا في البيئة والحياة والسلوك, ولا أحد يعود من الحرب كما كان, وهو رأي يظل راسخا في أفواه المقهورين بعد كل حرب عبثية كان بالأمكان تجنبها والابتعاد عنها, إنها أسوأ ما عرفته البشرية, تدمّر الشعوب وتشوّه التاريخ والحضارة, ولاتنتج سوى دموع الأمهات وانتشار الفقر والدماء, وتغيير الملامح والهوية والوعي, ودمار المدن , وتبقي جرح الأوطان مفتوحا صعب الألتئام ,والجانب الأكثر وحشية للحرب أنها بعد ان تنتهي سيظهر على السطح مجرمون برتبة زعماء, وسيمنح الجنرالات أوسمة ونياشين لما قاموا به من أبادات ضد الأبرياء, وسيجني أثرياء الحروب وصناع البؤس الملايين من دماء الجماهير الملتاعة, وحدهم البسطاء يعانون ويموتون من أجل مبادئ ظالمة وحروب خاسرة في كل الأحوال, يزهقون أرواحهم , ويفقدون أحبابهم , ويخسرون قسم من أعضائهم , وقد تتشوه أجسامهم من أجل مستبد همّه الكرسي وإن مات الملايين من أجله, ذنبهم أنهم فقط أستجابوا عندما سمعوا أنه الدفاع عن وطن لم يقدم لهم شئيا سوى الفاقة والأمراض والجهل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي