الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيئة الاجتماعية والفكرية لولادة الصهيونية

سعيد مضيه

2024 / 4 / 22
القضية الفلسطينية


اتلفيقات برسم التضليل
. لا يمل بايدن ووزير خارجيته، بلينكين، من الترديد ان الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل. التصريحات تشيع الوهم ان الدولة الصهيونية ضحية وتفشي عجزها عن تأدية دورها قوة إرهاب لشعوب المنطقة. الدبلوماسية الأميركية توزع أنشطتها بين الإرهاب وفرض العقوبات وبين تلفيق الأكاذيب لتبرير سياساتها الخارجية؛ تتكشف على الدوام التناقضات في تصرفاتها والازدواجية في معاييرها . على سبيل المثال ترسل إسرائيل شحنات متتالية من الأسلحة الفتاكة وننهي نتنياهو عن شن عدوان على رفح بينما يقتل العشرات كل يوم بغارات الطيران؛ تتغاضى عن قتل عشرات آلاف المدنيين ، بينهم الأطفال والنساء ، وتتوعد وحدة عسكرية بعقوبات بزعم انتهاك حقوق الإنسان بالضفة الغربية؛ تتوعد المستوطنين يحرقون بيوت القرويين ويدمرون محاصيلهم، يتعلن عن فرض عقوبات (لاأحد يدري نمط العقوبات) وتعلم جيدا ان المخربين الإرهابيين يعملون تحت إمرة وتوجيه وزراء في حكومة يقودهم نتنياهو؛ تقيم ميناء بزعم تقديم الدعم ذات يوم آت للمحاصرين في القطاع، بينما تستطيع توجيه الأمر لإسرائيل كي تفتح المعابر وتفك الحصارحول أهالي غزة المحاصرين بقوة السلاح الأميركي؛ تردد تفضيلها حل الدولتين وتنفرد بتعطيل قرار مجلس الأمن بمنح فلسطين عضوية كاملة؛ تنفرد أيضا بتعطيل قرار يأمر بوقف القتال في غزة وتدعي كذبا ان قرارات مجلس الأمن غير ملزمة ، علما بانها ملزمة بموجب المادة25 من ميثاق الأمم المتحدة.
مفارقات تنظوي على سوء النوايا والعداء لشعب فلسطين ؛ فإسرايل لم تتراجع عن نوايا التطهير العرقي بفلسطين ، وهي تناور لمواصلة العدوان في القطاع واستكمال تحويله الى منطقة يستحيل العيش بها، تمهيدا لحمل المواطنين على الرحيل "طوعا".
تنحو بروباغاندا الغرب- وتصريحات الزعماء والقادة شواحن لطاقتها المحركة للسياسات – منحى التعتيم على الحقائق والتجديف بعيدا عن مجرى التيار السياسي. . المعلوم للمراقبين في كل أرجاء المعمورة ان نتنياهو أقدم على جريمة قصف القنصلبة الإيرانية في محاولة للخروج من ازمته المربكة في قطاع غزة وتوسيع الاشتباك المسلح بالمنطقة، كي يلقى بتجربة غزة الى النسيان. الطريق المباشر لأمن إسرائيل يبدأ بالإقلاع عن نهجها العدواني احترام إرادة الشعب الفلسطيني وضمان امنه فتؤمن بذلك أمنها. كفاية، لكي يُضمن امن إسرائيل ، التضحية بقدر من الغطرسة الطاووسية: وقف العدوان على غزة بدون نصر مطلق؛ التخلي عن حرب الإبادة الهمجية والتهجير القسري لسكان غزة؛ او بالأحرىوقف العمليات العسكرية وذهاب نتنياهو الى قفص المحكمة المدنية كي تبث في جرائم فساده ، شان سابقيه من السياسيين الفاسدين. الصهيونية تستمد مبررات سياستها العدوانية ونهجها التوسعي من نظرتها العنصرية الفوقية تضعها في مصاف دول امبريالية تملي رغباتها سياسات قد تتلفع بجلد الضحية والتنسك في محراب الأمن، امنها لوحدها والدوس على الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني في الأمن والحياة الطبيعية فوق أرض الآباء والجداد .
يستشرف الأكاديمي الأميركي ، لورنس دافيدسون، منبع سياسات إسرائيل ومجراها المنفتح على الإبادة الجماعية من ارتباطاتها الدولية "حددت لنفسها بأنها دولة قومية ’غربية‘ تواصل تنفيذ سياسات إمبريالية عتيقة : فقد مارست التمييز ضد السكان الفلسطينيين بكل الطرق التي يمكن تخيلها، ودفعتهم إلى مناطق مغلقة من التركيز وسعت للسيطرة على حياتهم بكل تفاصيلها "؛ وأضاف: إذا ما أراد المرء أن يعرف ماذا يعني ذلك بالنسبة لشخصية في طور التكون لمواطن إسرائيلي مقدر عليه ان يحيا دراما استعمارية كقوة إمبريالية بجدارة ذاتية فبمقدوره إلقاء نظرة على كتاب من تأليف سفين ليندكفيست عنوانه "إبادة جميع المتوحشين" (إصدار برينت بريس 1996). يُظهر هذا العمل بشكل مقنع أن السيطرة على سكان أصليين رافضين في أغلب الأحيان، الحط من قدرهم وإذلالهم، وقتلهم بانتظام أو معاقبتهم بطريقة أخرى عندما يحتجون، يفضي بالقوة الكولنيالية إلى تطوير رغبة في الإبادة الجماعية".
يخلص دافيدوف الى القول بأن "الدلائل قائمة تشير الى ان الصهاينة الذين أنشأوا دولة إسرائيل وحاليا يحافظون عليها يمرون بهذه المكابدة . لفترة طويلة حاول المسؤولون الحكوميون في إسرائيل التفكير في أمر تنفيذ الإبادة الجماعية ؛ مضوا في ذلك شوطا بتأكيد عدم وجود شعب فلسطيني، وفي حرب الإبادة الجماعية امكن بسهولة تنفيذ الطرد الجماعي"، غير ان احداث الحرب تجري تحت مراقبة مئات ملايين البشر الساخطين.

أعمدة سرابية لهيكل الأبارتهايد
أقامت الحركة الصهيونية دولتها ، إسرائيل عبر مسلسل من النجازر الجماعية وقلب الوقائع وتزييف حقائق التاريخ؛ على سبيل المثال ادعى ميناحيم بيغن ان اجداده هم الذين بنوا الأهرامات، وادعى نتنياهو ان اليهود كانوا يشيدون القدس قبل ثلاثة آلاف عام، فالقدس ليست مستوطنة" ؛ اما الرابي ييهودا ليب ميمون، وهو من مؤسسي دولة إسرائيل ، في جلسة ضمته مع بن غوريون قال : "هناك رابطة غير قابلة للانفصام بين شعب إسرائيل وتوراته، وهناك بالتماثل رابطة متينة ودائمة بين شعبنا وهذه الأرض، رابطة لن تجدوا لها مثيلا في أي مكان آخر منذ زمن يشوع وحتى يومنا هذا ". مخاتلة تلو أخرى في سيل لا ينقطع.
تصدى لمخاتلة ميمون الأكاديمي الأميركي، ستيفن ايزينمان، أستاذ تاريخ الفن ، "فالعديد من مجتمعات السكان الأصليين في العالم روابطها بالمكان أطول وأعمق بكثير من روابط اليهود بما سمي ’ إيريتز يسرائيل‘".
وفند الباحث الأميركي أتوود، زيوف نتنياهو أثناء عرض لكتاب الدكتور ساند؛ لم يقتصر على التشكيك في صلة اليهود بالقدس عبر معظم مراحل التاريخ، وكتب : "اما التنقيبات الأثرية فتبين أن القدس بناها الوثنيون الذين قدسوا إلههم شاليم واطلقوا على مدينتهم الجديدة ’مكان شاليم‘ . وفي زمن الشروع بتشييد المدينة لم يكن يوجد بشر يمارسون طقوس اليهودية، ونادرا ما حكم اليهود المدينة حقا في أوقات تالية؛ وتعاقبت العهود وخضعت القدس لحكم المصريين والبابليين والأشوريين والفرس واليونان والرومان والعرب والبيزنطيين والكاثوليك الاوروبيين والأتراك والبريطانيين.".
ينقل أتوود عن الدكتور ساند استنتاجه أن " القول بأن جميع اليهود هم من نسل الإسرائيليين القدامي كذب".
تكتسب دراسة التاريخ القديم بفلسطين اهمية استثنائية نظرا لمحاولات سرقة الماضي او اغتصابه او تشويهه على المكشوف. فقد اولى الدكتور إدوارد سعيد اهتماما بموقف مستشرقي الغرب المريب من التراث العربي – الإسلامي، فأشار إلى أن " موضوعا مثل النص الأدبي ، ورغم صفته الخامدة نسبيا،[ الفن الروائي لشكسبير مثلا] يظل خاضعا للا فتراض الشائع حول اكتسابه لبعض هويته من برهته التاريخية التي تتبادل التفاعل مع حاجات الانتباه والأحكام والبحث العلمي والأداء التي تصدر عن القراء. ولكنني اكتشفت أن هذا الامتياز لم يمنح ، إلا نادرا ، للشرق والعرب والإسلام ، حيث لجأ التيار الرئيس في الفكر الأكاديمي إلى اعتبار تلك الموضوعات محصورة في الموقع الثابت الذي جمدته نظرة الإدراك الغربي في إسار الزمان ، مرة وإلى الأبد."
و امسك بعقدة التزويرالدكتور مصطفى حجازي ، أستاذ علم النفس الاجتماعي [ التخلف الاجتماعي سيكولوجية الإنسان المقهور-ص39] مشيرا الى ان تعمد تزوير التراث في أبحاث المستشرقين الأوروبيين ناجم عن تعمد إبراز" التخلف بكل ما فيه من سلبية وجمود وخرافة وانحطاط ، شجع الأحكام التبخيسية التي كونها المستعمر والمتسلط الداخلي عن الشعوب المقهورة ، جاعلا من خصائص مرحلة واحدة طبيعة ثابتة لتلك الشعوب".
ووضع المفكررالماركسي الراحل مهدي عامل موضوع التراث في إطاره الاجتماعي التاريخي [ :أزمة الحضارة ام ازمة البرجوازية- دار الفارابي 1981، ص212 ] حيث رأى اان "معرفة التراث ليست مجرد ضرورة علمية أو ترفا فكريا بل هي ضرورة سياسية لأن هذه المعرفة في إنتاجها او طمسها أو تشويهها هي موضوع صراع طبقي حاد في حركة تحررنا الوطني " ؛ اي المواد من التراث تلهم التقدم والثقة بالمواهب الفكري الذاتية وأيها يسند الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي ويعزل الجماهير غن الحياة السياسية.
التخلف العربي المديد اغرى الدول الطامعة في السيطرة بفرض علاقة الهيمنة على شعوب المنطقة . الدراسات الموضوعية الملتزمة بالمنهجية العلمية ترصد أوضاع التخلف التي سادت مجتمعات الشرق الإسلامي كظاهرة اجتماعية تاريخية، تمد جذورها في المسيرة التاريخية والظروف البيئية المحيطة. أما الإصرار على اعتبارها خاصية عرقية وخللا بيولوجيا ازليا فدوافعه هي التحيز العنصري . فقد ورد في إحدى الدراسات :"العرب أغبياء، أنانيون، وعنيفون بيولوجياُ وكاذبون ولصوص، وذوو ميول دينية تعصبية وتطرف ديني"، هكذا وبالمطلق!!
بهذا التجني وبروح التعالي العنصري اتسمت معظم الدراسات في الغرب عن ثقافة الشرق وأوضاعه الاجتماعية. شملت النظرة العنصرية تحقيرا لكل الشعوب القاطنة في المنطقة موضع الأطماع الكولنيالية ، بمن في ذلك اليهود ؛ غير ان العرب والمسلمين اختصوا بجرعات إضافية موروثة عن الحروب الصليبية في العصر الوسيط . هذا علاوة على ان الدراسات الاستشراقية الأوروبية انحصرت في صفوف المثقفين ؛ بينما تغلغلت الاستخلاصات الاستشراقية في الثقافة الشعبية بالولايات المتحدة الأميركية . اليهود أخرجوا من دائرة التمييز العرقي خلال عقد عشرينات القرن العشرين.دونت الرؤى الاستشراقية مرة وللأبد؛ بينما الدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية تظل موضع نقاش وتعديل . وربما يشكّل هذا مثالاً مبكراً على استخدام الدين والادعاءات الدينية في تعزيز الاستشراق، وتوظيفها من أجل تعميق الهوة بين الشرق والغرب وإقامة الحواجز الفاصلة بينهما: وصف الصراع بين الشرق والغرب على أنه "حملة صليبية" تخوضها "الحضارة المسيحية البطلة" ضد "الحضارة الإسلامية القمعية والاستبدادية". ومن هذا التصور صاغ هرتسل مقولتة " الدولة اليهودية ستكون قلعة امامية للحضارة الغربية بوجه البربرية الإسلامية"
يجدر، في هذا السياق، تامل الدقة العلمية ومكابدة البحوث العانية الدؤوبة ، الى جانب التضحية بالراحة وبالمكانة العلمية لدى تحدي الطغيان الصهيوني الذي لا يقبل الرأي الآخر ولا يهادنه أو يتسامح معه. باحثون تحدوهم الحقيقة العلمية، من بينهم شلومو ساند . باحثون تصدوا لنظام الأبارتهايد الإسرائيلي، أستحضر من بينهم الكندي جون تشوكمان والأميركي باول اتوود، الهمتهما الغيرة على الحقيقة التاريخية وإنسانية البشر عدم الصمت حيال الجور الاجتماعي أو العرقي؛ فعلى منجزات سابقيه بنى الباحث الاميركي، باول آتوود، مدير مركز أبحاث الحروب ونتائجها الاجتماعية لدى قسم الأبحاث الأميركي بجامعة ماساشوسيتش –بوستون ومؤلف كتاب "الحرب والامبراطورية: أسلوب الحياة الأميركي". نقل عن بروفيسور ساند مؤلف كتاب " اختراع الشعب اليهودي" تأكيده أن "غالبية علماء الآثار وعلماء التاريخ القديم متفقون على أن الملك سليمان لم تكن له القصور الفخمة التي آوت زوجاته السبعمائة. انكر في كتابه "اختلاق الشعب اليهودي" وجود شعب يهودي ثابت عبر تقلبات التاريخ، وعزز استنتاجه يخلو كتاب التوراة من ذكر اسم البلدان المشمولة بامبراطوريته؛ الكتّاب اللاحقون هم الذين اخترعوا المملكة القوية الموحدة.
و تحتفظ بأهمية استثنائية ابحاث ساند التي أوضحت ان الديانة اليهودية لم تكن عبر التاريخ حكرا لجماعة واحدة ، فهناك يهود نتمون لمختلف الأعراق ، شان المسلمين والمسيحيين. فالحقيقة أن ما من نص ديني او غير ديني يشير إلى أن فلسطين هي الأرض الموعودة او وطن بني إسرائيل. نصوص التوراة مؤولة ومترجمة الى لغات الحديثة بما يطابق خطط الغرب في نزع فلسطين من بيئتها الشرق اوسطية وتحويلها إلى نقطة ارتكاز للهجوم على المنطقة ، او كما عبر هيرتزل لتكون القلعة الأمامية للحضارة الأوروبية بوجه البربرية الإسلامية.
كانت بداية الخروج على حكايات التوراة اكتشافات كاثلين يينون، مبعوثة الجمعية البريطانية الى فلسطين. شرعت أبحاثها في أريحا واكتشفت ما ينقض حكاية التوراة بصدد حرق أريحا وظهور يوشع بن نون على مسرح أحداثها والمذبحة التي ارتكبها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وآذنت بحضارة راقية حسب مزاعم لاهوتية. وقد اعتمد بن غوريون الرواية الملفقة لتبرير المجازر ضد الشعب الفلسطيني. تكاملت عطيات التنقيب الأثري بفلسطين خلال النصف الثاني لتنفي عن التوراة كونها كتاب تاريخ. استدعت الجمعية البريطانية الباحثة وقطعت رحلتها المعرفية ، لكن الباحثة حفرت مدخلا عبره آخرون وشككوا بالتدريج في موضوعية الحكايات التوراتية . تقاطر الباحثون الأثريون بعد ذلك ينقبون في باطن الأرض الفلسطينية.
من الباحثين في تاريخ المنطقة الملتزمين بالعلم ومعطيات الأبحاث العلمية توماس طومسون، اشتهر بكتابه "التاريخ المبكر لشعب إسرائيل من المصادر الآركيولوجية المدونة" الصادر اواخر القرن الماضي (1992)، وفيه يؤكد ان "مجموع التاريخ الغربي لإسرائيل والإسرائيليين يستند الى قصص من العهد القديم تستند الى الخيال". اضطهد بسب اكتشافه الجسور، نسف القاعدة التي تقوم عليها الخرافات الصهيونية ، سيما وأ ن ظهور كتابه كان ليفسد على إسرائيل زفة توحيد القدس لو لقي الاهتمتم الواجب من الفلسطينيون والعرب ، سياسين ومثقفين . تكشفت سرابية أعمدة هيكل الرواية الصهيونية ، ضللت الباحثين ردحا من زمن قبل ان يتأكدوا من طبيعتها المراوغة. فصل طومسون من عمله الأكاديمي، وقدر جهده العلمي نائب رئيس الجامعة "من أبرز علماء الآثار، وفي طليعة المختصين بالتاريخ القديم لمنطقة الشرق الأوسط"، مبررا فصله بكون الجامعة تتلقى المساعدات المالية من الكنيسة الكاثوليكية".
وللبحث بقية ، تتبع لطفا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة