الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال الاقتصاد الليبي والقضاء على الدولة الليبية

محمد بن زكري

2024 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الضابط العسكري (أميركي الجنسية ، فاقد الجنسية الليبية بقوة القانون) ، قائد ما يسمى بالقوات المسلحة العربية / الليبية ، برتبة ماريشال ! المدعو خليفة حفتر ؛ لا يكتفي بالتمرد وفصل شرق وجنوب ليبيا عن باقي الوطن (بمساعدة مرتزقة فاغنر ، وبدعم تام من دولة مصر السيساوية ودويلة الخمارات العربية المتحدة) وتنصيب نفسه حاكما مطلقا لدولة برقة غير المعلنة ، ولا يكتفي بتهريب النفط ، ولا برهن مصير ليبيا للمخابرات المصرية (بالتواطؤ مع برلمان عقيلة صالح) ؛ بل إنه قد تجاوز ذلك مُضيّاً - بواسطة محافظ البنك المركزي الموازي السابق - في التآمر ضد ليبيا ، إلى طباعة أوراق نقدية من فئة 50 دينار في روسيا [بالمخالفة للتشريعات الليبية النافذة ذات الصلة] ، لغرض تمويل حربه على طرابلس . ثم إنه لا يكتفي بعملية تزييف العملة الليبية في روسيا ، فيكرر تزييفها في طبعتين مجهولتيّ المصدر والكمية ، ويُغرق بهما السوق ذهابا إلى إفراغ الخزانة العامة من العملة الأجنبية (الدولار) .
فدولة حفتر البرقاوية (أو دولة برقة الحفترية) ، طبعت مليارات الدنانير في روسيا ، ثم في (جهة) مجهولة وبكمية مجهولة ، [بالمخالفة لقانون المصارف والتشريعات النافذة بالخصوص] ، لغرض تغطية نفقات الحرب - البرقاوية المدعومة مصريّاً وإماراتيّاً - على طرابلس ، وللإنفاق (الموازي) بالدولار والدينار ، بُغيةَ ترسيخ دكتاتورية حكم العائلة ، واستعدادا لشن حرب جديدة ، من أجل بسط السيطرة على كامل الجغرافيا الليبية ، باحتلال الغرب الليبي ؛ وكان السيسي - 20 يونيو 2020 - كحليف لحفتر ، قد رسم خطا أحمر (سرت – الجفرة) ، داخل إقليم الدولة الليبية ، بدعوى حماية الأمن القومي المصري من خطر الغزو الطرابلسي (!) ، بينما هو اليوم - في حرب إسرائيل على غزة - يصمت صمت الأموات عن الخطر الإسرائيلي المحدق بالأمن القومي المصري !
والنتيجة التي لا تخفى على أيّ متابع ، من العواقب الكارثية لمسلسل تخفيض قيمة العملة الوطنية أمام الدولار ، كما سيأتي بيانه ؛ هي إفقار الشعب ، وتدمير الاقتصاد الوطني ، وتفكيك الدولة الليبية ..
فأولا : دفع الشعب الليبي الثمن .. باهظا باهظا باهظا ، من جيوب المفقَرين ومِن مدخرات الطبقة الوسطي ومن شقاء عمر الليبيين ومن قوت أولادهم ، تخفيضا لقيمة العملة الوطنية الليبية أمام الدولار ، وذلك لثلاث مرات : أولاها بموجب قرار حكومة السراج ، بفرض رسم ضريبي على مبيعات النقد الأجنبي ، بنسبة 183% , والمرة الثانية بموجب قرار بنك ليبيا المركزي (يوم الأربعاء الأسود 16 ديسمبر 2020) ، بتوحيد سعر صرف العملة الليبية ، عند 4,48 دينا ليبي مقابل 1 دولار . والمرة الثالثة بموجب قرار صاحب برلمان طبرق عقيلة صالح (بالتآمر مع المحافظ الصديق الكبير) بفرض ضريبة 17% على سعر الصرف الرسمي ؛ لإطفاء الدين العام الناتج عن الانفاق الموازي ، لحكومة برقة التابعة لحفتر . وبذلك لا يكتفي حفتر - و باقي حكام ليبيا الجدد ، بكل ما سبق من تآمرهم على حاضر ليبيا ومستقبل أجيالها - فيطبع مليارات (لا أحد غيره وغير مخابرات مصر السيساوية يعلم كميتها) من العملة المزورة ، ويغرق بها السوق ، وتتمكن مخابرات السيسي من إفراغ الجهاز المصرفي الليبي من عرض عُملتيّ الدولار واليورو ، لإنعاش الاقتصاد المصري المنهار ، وللإنفاق البرقاوي الموازي ؛ بدليل إعلان حكومة برقة الحفترية عدم اعترافها بإيقاف التعامل بفئة 50 دينار (المزورة) !
والغرض ، كما سلف بيانه ، هو إطفاء الدين العام الذي رتبه حفتر (بواسطة حكومة دولة برقة) ، على الخزانة العامة الليبية ، لتغطية نفقات حرب العدوان (الحفترية البرقاوية – المصرية / بدعم روسي وإماراتي ، وبالتحالف مع فلول نظام القذافي) على العاصمة طرابلس ، لمدة 14 شهرا متواصلة (من 4 أبريل 2019 إلى 6 يونيو 2020) ، وذلك هو ما أطلق عليه البنك المركزي - بنك الصديق الكبير - المصطلح المخادع المراوغ : [الإنفاق الموازي ’’ مجهول المصدر ‘‘ !!!]
وثانيا : الخاسر الأكبر الأول ، في العمليات - التآمرية - لتخفيض سعر صرف العملة الوطنية (الدينار الليبي) ، هو الاقتصاد الوطني الليبي ، الذي بات يعاني من الركود التضخمي المزمن ، وقد انهار تماما فلم يعد قادرا حتى على تغطية رواتب موظفي الدولة ، ولا قادرا على توفير السيولة النقدية في البنوك ، حتى إنه لولا الدخل من بيع النفط لكانت ليبيا قد أعلنت إفلاسها . أما الخاسر الأكبر الثاني ، فهو الدولة الليبية ، التي تفككت فعليا إلى دولتين ، وفقدت وحدة إقليمها الجيوسياسي ، وفقدت سيادتها فغدت دولة فاشلة ، وفقدت هيبتها بين الدول ، وصارت غنيمة حرب ، تتقاسمها : عائلة حفتر في الشرق والجنوب ، وأمراء الميليشيات في الغرب ، وكبار التجار (الكومبرادور) ولصوص المال العام في عموم البلاد .
ثالثا : يقول بنك الصدّيق الكبير (ما يسمى : المصرف المركزي الليبي) ، أنه قد اكتشف طبعتين اثنتين لعملة مزورة من فئة 50 دينارا (فضلا عن عملة المحافظ الموازي علي حبري البرقاوية المزورة) ، وأن المصرف المركزي الليبي (بنك المحافظ الصدّيق الكبير) لا يعلم مصدر تلك العملة المزورة ولا كميتها ! والمصرف المركزي لا شك يعلم أنه لا يمكن لشخص أو لعصابة ، تزييف العملة بمثل تلك الدرجة العالية من الإتقان تطابقا مع العملة الرسمية ، فالتزييف لابد أنه قد تم في مطابع متخصصة لا تملكها إلا الدول . والسؤال هنا : من هي الدولة - المحتملة - التي تآمرت مع حفتر (أو تآمر معها) لطباعة العملة المزيفة ، كي تتمكن حكومة برقة من {الإنفاق الموازي} ويتمكن هو من شراء ملايين - وربما مليارات - الدولارات ، لتمويل مشترياته من السلاح ؟ وإذا استبعدنا روسيا من عملية التزوير ، فليس ثمة غير مصر السيساوية ، من قامت بطباعة العملة الليبية المزيفة ، استنساخا لفئة 50 دينار ، من الإصدار الثاني (إصدار دولة برقة الحفترية) . وبذلك تمكنت باندة حفتر ومخابرات السيسي من السطو على مبالغ غير معروفة الكمية من عائدات بيع النفط الليبي بالدولار ، قد تصل إلى عشرات المليارات .
رابعا : فضيحة العملة المزورة ، تطرح عدة تساؤلات ، منها :
1 : أين كان مصرف ليبيا المركزي ، طيلة عدة أشهر - وربما عدة سنوات - قبل أن يكتشف العملة المزورة (التي لا يَعرف مصدرها ولا كميتها) ؟!
2 : أين هو مكتب النائب العام ، من فتح تحقيق (محلي ودولي) في واقعة تزوير العملة الليبية ، والتآمر الإجرامي لاغتيال الاقتصاد الوطني الليبي وتدمير الدولة الليبية ؟!
3 : لماذا لا يعلن البنك المركزي الليبي (رسميا) عن إلغاء فئة 50 دينار البرقاوية المزورة في روسيا ، أو على الأقل الإعلان المشدد - محليا و دوليا - عن عدم الاعتراف (رسميا) بالطبعتين الإضافيتين منها ؟!
4 : لماذا لم ينص إعلان البنك المركزي بشأن سحب فئة 50 دينار من التداول ، على ألّا تتجاوز مدة الإيداع أسبوعين اثنين ، قابلين للتمديد أسبوعا واحدا فقط ؟ ولماذا لم يحدد السقف الأعلى للإيداع بما لا يتجاوز 250 ألف دينار مثلا ؟! ، خاصة وأنها - أصلا - عملة مشبوهة بغسيل الأموال ، وأن من يخزنونها في بيوتهم .. هم أعداء الوطن والشعب ، من طبقة الكومبرادور (مُشْعلي حرائق غلاء الأسعار) وتجار السوق السوداء والمضاربين في الغذاء والدواء والمهربين ولصوص الاعتمادات المستندية الفاسدة ؟!
5 : ما هو مبرر مصرف ليبيا المركزي لإعطائه مهلة أكثر من أربعة أشهر (من 21 أبريل إلى 29 أغسطس 2024) ، لسحب فئة 50 دينار من التداول ؛ إلا أن يكون ذلك تضامنا أو تسامحا مع الجناة : سواء منهم التجار المحتفظين بعشرات المليارات في بيوتهم خارج الوعاء المصرفي ، أم مرتكبي جريمة تزييف العملة . ليتم بذلك استكمال وإحكام مؤامرة استنزاف واغتيال الاقتصاد الوطني الليبي ، تحت إشراف صندوق النكد الدولي (دونما أيّ مبرر) وبرعاية وزارة الخزانة الأميركية ؟!
خامسا : في نهاية المطاف ، ها هم حكام ليبيا الجدد الفاسدون ، مَن فرضوا سلطتهم على الشعب الليبي غصبا عنه وبقوة الأمر الواقع (برلمان عقيلة ، والمؤتمر اللاوطني ، وكل حكومات فبراير) ، قد أصبحوا أصحاب ملايين ؛ بينما الشعب الليبي أصبح فقيرا معدما جائعا مستعبَدا في وطنه ، والدولة الليبية انتهت ولن تقوم لها قائمة ، ومستقبل الاجيال الليبية ضاع إلى الأبد . أما حفتر وأولاده ، زائدا بقية حكام ليبيا الجدد من حاملي الجنسيات الأجنبية ، فسيعودون إلى أوطانهم البديلة التي يحملون جنسياتها وجوازات سفرها (وخاصة أميركا وبريطانيا) ناجين بما نهبوه من أموال الشعب الليبي ، ولن تطالهم يد العدالة والمحاسبة ؛ وإلا فمَن يستطيع أن يحاسب مواطنا أميركيّا محميّا بقوانين وسطوة الولايات المتحدة الأميركية ؟!
سادسا : سؤال بسيط لمصرف ليبيا المركزي و للشعب الليبي المنكوب : مَن طبعوا عملة مزيفة مِن فئة 50 دينارا ؛ هل يصعب عليهم أن يطبعوا مليارات الدنانير المزيفة ، من فئات 20 و 10 و 5 دينار ؟!
وفي بلد (سائب) حلّ في المرتبة 171 - 170 من بين 180 دولة ، متأخرا عن السودان وتشاد وأفغانستان ، على مؤشر مدركات الفساد ، لمنظمة الشفافية الدولية ؛ لا عزاء للمغفلين الراقدين على بطونهم .

و ختاما . هذا خطاب مباشر إلى الجماهير الليبية الرثة : تستحقون كل ما فعلوه وما يفعلونه بكم ، فأنتم من أتيتم بهم إلى السلطة (بغباء القطيع) ، وأنتم من أركبتموهم على ظهوركم بلا برادع .
واستمروا في انبطاحكم المهين ؛ انتظارا ذليلا لرحمة - لن تأتيكم ابدا وبالمطلق - مِمّن أفقروكم ، وجوّعوكم حتى تحولتم إلى شعب من الشحّاذين في بلد النفط والغاز ، ونالوا بفلوسهم الحرام - وُلوغا حتى الثمالة - من شرفكم (وتعرفون ما أقصد) ، وداسوا على كراماتكم الشخصية .. فردا فردا ، وبلا رحمة !
ولقد صدق المتنبي : " مَن يَهُن يَسهلُ الهوانُ عليهِ .. ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ " .

(Abulios Zekri)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف