الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضواء على انتخابات برلمان كوردستان-القسم الاول

سربست مصطفى رشيد اميدي

2024 / 4 / 23
دراسات وابحاث قانونية


المقدمة:
في خريف سنة 1991 تيقنت الحكومة العراقية بانها لا تستطيع اعادة فرض سيطرتها على المنطقة الامنة شمال خط العرض 36، ولارباك الجبهة الكوردستانية التي بدأت بادارة المنطقة منذ حزيران 1991، اقدمت على سحب الجهاز الاداري لمؤسسات ودوائر الدولة، ومن ضمنها المدارس والجامعات في المنطقة، واقامت مراكز ادارية لها في محافظتي نينوى وكركوك. ازاء هذا الوضع ونتيجة ظهور صراع ومنافسة بين الاحزاب المؤتلفة في الجبهة، ورغبة قيادة الجبهة في مغادرة (الشرعية الثورية) الى (شرعية دستورية)، ولايجاد حلول لموضوع اقامة ادارة محلية، فقد قررت الجبهة الكوردستانية تنظيم انتخابات لتاسيس مجلس تشريعي لمنطقة كوردستان، ينبثق منه حكومة محلية لادارة المنطقة الامنة في محافظات دهوك واربيل والسليمانية واجزاء من محافظة كركوك. لذلك تم تشكيل لجنة لوضع قانون انتخابي من قبل قيادة الجبهة الكردستانية، التي وضعت مشروع قانون اصدرته قيادة الجبهة الكردستانية بعنوان قانون انتخابات المجلس الوطني لكردستان-العراق رقم 1 لسنة 1992، وقانون انتخاب قائد الحركة التحررية رقم 2 لسنة 1992. وبعد ذلك ولاجل تنظيم هذه الانتخابات فقد تم تشكيل اللجنة العليا للاشراف على انتخابات اعضاء المجلس الوطني وقائد الحركة التحررية الكوردية، متكونة من عدد من القضاة والقانونيين وممثلي الاحزاب السياسية، هذه اللجنة عملت على وضع الاجرائات التنفيذية والقيام بالاستعدادات اللوجستية لاجل تنفيذ عمليتي الانتخاب في يوم 19/5/1992. وعلى الرغم من ابداء عدد من الاحزاب المؤتلفة داخل الجبهة الكردستانية وخارجها للعديد من الملاحظات على القانون رقم 1، الا انه لم يتم اجراء اية تعديلات على القانون. وجرت الانتخابات في ظل زخم جماهيري وفرح شعبي بسبب كونها كانت أول انتخاب لهيئة كردستانية من قبل الشعب، هذه الانتخابات جرت في ظل استمرار نظام صدام حسين بالحكم في بقية مناطق العراق، بالاضافة الى ان هذه الانتخابات نظمت في ظل عدم ارتياح واضح لدى الانظمة الحاكمة في الدول التي الحقت بها اراضي كوردستان وهي تركيا وايران وسوريا والعراق، لكن نظرا لتواجد قوات التحالف الدولية في كوردستان فقد جرت الانتخابات في جو امن لم تعكرها اية حوادث امنية. تلك الانتخابات في حينها كانت قد فسحت المجال امام امال وتطلعات ابناء الشعب الكردستاني بامكانية العيش في ظل ادارة كوردستانية، مما يمكن ان تكون الاساس الذي يبنى عليها كيان كردستاني مستقل.
لكن من الضروري الاشارة الى انه شابت العملية عددا من الخروقات والتحديات، حيث لم يكن هنالك سجل ناخبين، بل تم الاعتماد على هوية الاحوال المدنية وقاعدة بياناتها في كل دائرة احوال مدنية في كل مدينة على حدة، ونظرا لان الكثير من الناخبين العائدين من تركيا وايران لم يكونوا يمتلكون هوية الاحوال المدنية فكان يكفي جلب كتاب تاييد من دائرة احوال مدنية ما ليتمكن بواسطتها من التصويت، ونتيجة لذلك لم يكن تخمين عدد الناخبين في كل محافظة دقيقا، وهكذا الحال بالنسبة لمراكز الاقتراع ال 178 التي تم انتشارها في عموم مناطق كوردستان، والذي كان عدد ناخبي عدد منها تصل الى سبعة الاف ناخب ولربما اكثر نظرا للعدد القليل لمراكز الاقتراع. حيث تم تخمين عدد الناخبين ب 1112000 ناخب بحيث قد تم تحديد 178000 ناخب في دهوك، وفي اربيل ب340000 ناخب، وفي السليمانية ب450000 ناخب، ومناطق كركوك 144000ناخب. بالاضافة الى ان وضع نسبة 7%من الاصوات كعتبة انتخابية يتطلب على القوائم الانتخابية تجاوزها لدخول المجلس، فقد كان واضحا ان القصد منها هو ضمان تخطي الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني فقط لهذه النسبة وتمثيلهما لوحدهما في المجلس الوطني الكردستاني، بالاضافة الى الخمس مقاعد التي خصصت لتمثيل الكلدو- اشور بعد اصدار القانون بقرار من قيادة الجبهة الكردستانية. وقد دخلت المنافسة الانتخابية عدد من القوائم الانتخابية وهي، الحزب الديمقراطي الكردستاني وقائمة الاتحاد الوطني الكردستاني مع زحمتكيشان، والقائمة المشتركة للحزب الاشتراكي وباسوك، وحزب الشعب الديمقراطي الكردستاني، والحزب الشيوعي العراقي(قيادة منظمة اقليم كوردستان)، والاسلاميون، والديمقراطيون المستقلون، الحركة الديمقراطية الاشورية. وقد بلغ عدد المصوتين 984012 مصوتا، حيث كانت نسبة التصويت هي ب 88,49% من عدد الناخبين (المخمن) وهو 1112000 ناخب.
وقبل اجراء الانتخابات وقع رؤساء الاحزاب المؤتلفة في الجبهة الكردستانية (وثيقة شرف) تعهدوا فيها باحترام العملية الديمقراطية والانتخابية الجارية وما سيتمخض عنها من نتائج وانهم سيرضون بحكم وقرار الشعب في عملية انتخابية نزيهة ومحايدة. لكن بعد واثناء يوم الاقتراع اصدرت عدد مدن الاحزاب السياسية وقياداتها بيانات اشاروا فيها الى حدوث خروقات انتخابية في مناطق مختلفة، منها حزب الشعب، والمرشح لقائد الحركة التحررية الكردية السيد محمود عثمان، والحزب الشيوعي العراقي، وايضا كل من الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني اتهم احدهما الثاني باقتراف عمليات تزوير في مناطق نفوذه، واكثر تلك الخروقات كان التصويت المتكرر والتصويت بالانابة بالاضافة الى احتمال عدم توفر شروط الناخب لدى البعض من المصوتين. لكن جميع تلك الاحزاب اعترفت بالعملية الانتخابية باعتبارها اول ممارسة ديمقراطية، على امل ان تحل بعض الاشكالات والخروقات في اجتماع الجبهة الكردستانية للمصادقة على نتائج الانتخابات. لكن نظرا لاندلاع خلاف اخر بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني على نتائج الانتخابات، لان الحزب الديمقراطي الكردستاني كان قد حصل على نسبة 45.05% من اصوات المقترعين، في حين ان الاتحاد الوطني كان قد حصل على نسبة43،61% من اصوات المقترعين، ونتيجة تطبيق وجود نسبة 7% من الاصوات كعتبة دخول، فقد تم اعادة توزيع نسبة11% من اصوات الاحزاب التي لم تصل الى تلك النسبة، على الحزبين الرئيسيين حسب نسبة اصواتها، بحيث بلغت نسبة اصوات الديمقراطي 50،8% من الاصوات في حين بلغت نسبة اصوات الاتحاد 49,2% من الاصوات. ونظرا لوجود مخاوف من ان يتطور هذا الخلاف الى اندلاع اقتتال داخلي، فقد تم الاتفاق على توزيع عدد مقاعد البرلمان المائة مناصفة بين الحزبين، على ان تنظم انتخابات اخرى بعد خمسة او ستة اشهر، مع اجراء الجولة الثانية لانتخاب قائد الحركة التحررية الكردية. ومن الجدير بالذكر ان المقاعد الخمسة المخصصة للكلدواشوريين قد فازت الحركة الديمقراطية الاشورية باربع مقاعد في حين ان قائمة اتحاد المسيحيين الكردستاني قد حصلت على مقعد واحد.
القانون الانتخابي:
بخصوص تعديل القانون الانتخابي او اصدار قانون جديد، فمن الضروري الاشارة الى ان القانون رقم 1 لسنة 1992 قد تم وضعه في مرحلة زمنية كانت عملية تنظيم الانتخابات تختلف في كثير من الاجرائات والتنظيم عما هي عليه الان، بالاضافة الى ان الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كانت مختلفة ايضا. وقد كان الوقت سانحا لاصدار قانون انتخاب اعضاء برلمان كوردستان في السنوات السابقة. حيث كان من الممكن فرز المواد القانونية التي تتعلق بعملية الترشيح واعداد سجل الناخبين، وعملية عد وفرز الاصوات، والنظام الانتخابي، والمخالفات والجرائم الانتخابية، والشكاوى والطعون، واعلان النتائج والمصادقة عليها، وغيرها، لتضع في قانون خاص، ومن ثم اجراء التعديلات المقترحة عليها حسب الاليات المتبعة في النظام الداخلي لبرلمان كوردستان. اما بقية المواد القانونية المتعلقة بتشكيلة وعمل واختصاص برلمان كوردستان فتبقى على حالها، ويبقى القانون رقم 1 لسنة 1992 نافذا نظرا لما له اهمية باعتباره بمثابة القانون التاسيسي لاقليم كوردستان، ولانتخاب اول سلطة كردستانية منتخبة.
تعديلات القانون الانتخابي:
جرت سبع تعديلات على القانون الانتخابي رقم 1 لسنة 1992 لحد الان، وقدمت عدد من المقترحات لاجراء تعديل ثامن، لكن هنالك اربع تعديلات فقط للقانون التي تتعلق بكيفية الانتخاب، مثل شروط الترشيح والنظام الانتخابي، ونسبة تمثيل النساء، وعدد المقاعد المخصصة للمكونات، وعملية الاستبدال، وادارة الانتخابات. اما بقية التعديلات فكانت تتعلق بعمل البرلمان واختصاصاته وتسيير جلساته وغيرها. والتعديلات الاربعة هي كالتالي:
1-قانون التعديل الثالث رقم 47 لسنة 2004، لقانون انتخاب المجلس الوطني الكردستاني-العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل.
2-قانون التعديل الرابع رقم 2 لسنة 2009 لقانون انتخاب المجلس الوطني الكردستاني- العراق رقم 1 لسنة 1992 المعدل.
3-قانون التعديل الخامس رقم 5 لسنة 2009 لقانون انتخاب برلمان كوردستان رقم 1 لسنة 1992 المعدل.
4-قانون التعديل السابع رقم 15 لسنة 2013 لقانون انتخاب برلمان كوردستان رقم 1 لسنة 1992 المعدل.
النظام الانتخابي:
اما بخصوص النظام الانتخابي الذي هو نظام التمثيل النسبي وكان بموجب القوائم المغلقة لغاية اجراء التعديل التعديل السابع رقم 15 لسنة 2013، ليتم تغيير الية التصويت الى القائمة شبه المفتوحة، بحيث اصبح الناخب يستطيع التصويت لمرشح واحد بالاضافة للقائمة الحزبية، او التصويت للقائمة فقط. اما بالنسبة لتوزيع المقاعد التي تبقى شاغرة بعد عملية التوزيع الاولى فقد طبق طريقة الباقي الاقوى وفق صيغة هاري. واعتبر اقليم كوردستان دائرة انتخابية واحدة، ويمكن للمرشحين المستقلين الدخول في المنافسة الانتخابية.
وقد عمل هذا النظام بشكل طبيعي منذ تطبيقه، ولم يلاقي صعوبات كثيرة، لكن من الضروري الاشارة الى ان جعل الاقليم دائرة انتخابية واحدة على الرغم من مزاياه الكثيرة، واهمها فسح المجال امام الاحزاب التي اصواتها مبعثرة لتجميع اصواتها والفوز بعدد من المقاعد بما يناسب عدد اصواتها، وايضا ان النائب يمثل الناخبين بمجموعهم، وان القوائم الانتخابية تنافس على النطاق الوطني الكامل في الاقليم. لكن النائب لا يمثل منطقة جغرافية بعينها، اي ان ذلك يؤدي الى فقدان التمثيل الجغرافي لكل نائب، مما يؤدي الى ضعف الرابط بين الناخبين والنائب، حيث من الصعوبة على الناخبين(محاسبته) بعدم التصويت له مستقبلا، مما يؤثر ذلك حتى على أداء النائب في البرلمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين