الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السقوط الحر لطموحات اردوغان الجيوسياسية

منذر خدام

2024 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر كتب الصحفي ضياء داؤود من استنبول معلقا على تصريحات اردوغان بان بلاده على استعداد، مع دول احرى، لتحمل المسؤولية، في الهيكل الأمني الجديد الذي سوف يتم إنشاؤه بعد انتهاء الحرب في غزة، بما في ذلك المشاركة في "ألية الضامنين" لأية هندسة سياسية جديدة في الشرق الأوسط.
ومع أن الدول العربية المعنية وخصوصا مصر والأردن تجاهلت جميع السيناريوهات المقترحة لليوم التالي بعد طوفان الأقصى، وحتى تلك التي يجري الحديث عنها أمريكيا، فإنه من المشكوك فيه ان توافق على طروحات اردوغان.
ليس طرح اردوغان عن دور بلاده الأمني وغير الأمني في ترتيبات الشرق الأوسط جديدة، بل قديمة تعود إلى سنوات سابقة فهو يطمح لكي يكون لبلاده حضور فاعل في المجال الحيوي العربي، ومن اجل ذلك فهو في تنافس شديد مع إيران وإسرائيل. لكن الجديد اليوم، بحسب مراقبين تحدثوا لموقع " الحرة"، وكنتيجة لطوفان الأقصى، محاولة بلاده الاستفادة من تراجع الحظوظ الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية، خصوصا دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، لكي يزيد في حظوظ بلاده فيه، عبر بوابة الوسيط " للسلام ".

من المعلوم ان تركيا اجادت في السنوات الأخيرة لعبة الوساطة والضمانات، سواء فيما يتعلق بالصراع الأرمني الأزري، او عبر مسار أستانا، او حتى فيما يتعلق بمبادرة الحبوب في الحرب الروسية الأكرانية. لكن شكوكا كبيرة احاطة بإمكانية ان تؤدي هذا الدور على صعيد القضية الفلسطينية نتيجة لمواقف تركيا المتناقضة من طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على غزة. فهي في البداية حاولت ان تتخذ مواقف متوازنة من الحرب بين حماس وإسرائيل، لكنها على مستوى الخطاب بدأت تنحاز إلى الفلسطينيين خصوصا بعد تسونامي تضامن الشعوب في العالم معهم دون ان تقطع علاقاتها مع إسرائيل، وخصوصا التجارية التي ازدادت بحسب مصادر إعلامية عديدة ومنها مصادر تركية. ومما شجع تركيا على طرح هكذا مبادرة تزايد الاهتمام الدولي بحل الدولتين وتأكيد أمريكا على انه الحل الوحيد الذي يضمن أمن إسرائيل على المدى البعيد، ويحقق للفلسطينيين حياة مستقرة ومزدهرة. وتتكثف فكرة " الوساطة والضمانات" في أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سوف يكونان بحاجة لمن يضمن كل طرف منهما في حال الموافقة على حل الدولتين.
بطبيعة الحال سوف تكون أمريكا الضامن لإسرائيل، فهذه الأخيرة لن ترضى بديلا عنها لأسباب عديدة، غير أن الطرف الفلسطيني سوف يكون لديه خيارات عديدة للمفاضلة من بينها جامعة الدول العربية او منظمة المؤتمر الإسلامي أو دولا معينه مثل مصر والسعودية على المستوى العربي، وتركيا على المستوى الإقليمي. وترى تركيا ان حظوظها للقبول بها كدولة ضامنة تزيد نتيجة لعلاقاتها الجيدة مع السلطة الفلسطينية ومع حماس، وكذلك مع إسرائيل.
على المقلب الأخر فإن السياسة التركية تجاه القضية الفلسطينية باتت مفضوحة، فهي تتضامن مع الفلسطينيين بالكلام، لكنها تتضامن مع إسرائيل بالفعل، تبيع الفلسطينيين كلاما معسولا في حين تطور مع إسرائيل علاقات تجارية واقتصادية متنوعة. من الناحية الفعلية لم تمارس تركيا أي ضغط على إسرائيل بخصوص حربها على غزة، وهذا ما انعكس سلبا على حزب اردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا مؤخرا وخسرها حزبه. تشير بعض المصادر الإعلامية التي تابعت الانتخابات المحلية التركية الأخيرة على أن العديد من أوراق الانتخاب كان قد كتب عليها غزة وذهبت إلى خصومه.
لقد أدت نتائج الانتخابات المحلية التركية الأخيرة إلى السقوط الحر للعديد من طموحات اردوغان الاستراتيجية ومنها طموحه لأداء دور أمني بمكافئ اقتصادي في الهندسة السياسية الجديدة المتوقعة للشرق الأوسط بعد توقف الحرب على غزة. ومع ان الانتخابات المحلية قد بينت انكفاء قطاعات واسعة من الأتراك عن تأييد اردوغان وحزبه حتى في المناطق التي تناصره بصورة تقليدية، لكنها لم تنهيه بصورة حاسمة. وينبغي ألا ننسى ان لدى اردوغان أربع سنوات أخرى في رئاسة الدولة التركية، وبالتالي لديه متسع من الوقت لمراجعة جملة سياساته في الداخل والخارج خصوصا تلك التي تسببت له خسارة الانتخابات.
فعلى صعد العلاقات التجارية بين بلاده وإسرائيل والتي كان لها دور رئيس في فضح سياساته التي تناصر الفلسطينيين على صعيد الخطاب، لكنها تدعم إسرائيل بالفعل، فقد عمد إلى تقليص صادرات بلاده إلى إسرائيل خصوصا من السلع الغذائية، مما دفع إسرائيل للرد بتوسيع قائمة السلع التي توقفت عن استيرادها منها.
اما على صعيد سياساته تجاه الكرد الذين كان قد حملهم المسؤولية المباشرة عن خسارته لبلدية استنبول، من غير المرجح ان يفتح صفحة جديدة معهم ويعيد احياء اتفاقات السلام التي كان قد ابرمها معهم في السابق، بل على العكس سوف يتشدد بها، بتكثيف اعتداءات جيشه عليهم سواء في العراق أم في سورية، والتضييق عليهم في تركيا.
اما بخصوص وجود اللاجئين السوريين في تركيا والتي كانت من أسباب تراجع شعبيته، فمن المرجح أن يسرع في عملية اعادتهم إلى وطنهم، وقد يحصل ذلك من خلال التفاهم مع النظام السوري. لن يكون مفاجئا لنا إذا سهلت تركيا من عملية تطبيع العلاقات مع النظام السوري بوساطة روسية، بتخليها عن شروطها المتعلقة بعمق المنطقة الأمنية التي تطالب بها في سورية. أضف إلى ذلك فإن من مصلحة تركيا فتح الحدود مع سورية لتنشيط التبادل التجاري معها ومع دول الخليج العربي.
اما بخصوص الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا والذي كان له الدور الرئيس في خسارة حزب اردوغان الانتخابات المحلية فإن خيارات اردوغان محدودة. بحسب بعض المصادر المهتمة بالشؤون التركية فإن اردوغان لن يجازف بمحاربة الفساد الذي تمكن من ادارته، وعلى اعلى المستويات، خصوصا ذلك المرتبط بحاشيته واقربائه. وعلى كل حال فهو في الحكم لمدة أربع سنوات، وكان قد صرح بأنه سوف يغادر في نهايتها، وإذا اخذنا بالحسبان وضعه الصحي فإننا نرجح انه سوف يكتفي بإدارة أزمات بلاده التي كان من أسبابها الرئيسة حتى نهاية ولايته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة