الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجري التحضير لإعادة بناء اتحاد مغاربي ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عرفت العاصمة الجزائرية لقاء ، وليس اجتماعا بين دولتين ، وكيان ثالث لم تتوضح رؤيته بعد ،بسبب الوضع السياسي والعسكري المختل . ومعرفة هل حقا ان ( النظام ) الحالي بليبيا ، هو فعلا بالنظام ام جماعة سياسية لا تزال تبحث عن شكل وماهية النظام الذي سيُسير ليبيا الدولة كالسابق ، وليس ليبيا المليشيات وتعدد مراكز النفود والقرار ..
ما يجب استيعابه ، ان ما كان يسمى بالمغرب العربي الكبير ، وقد لعب الحسن الثاني أدوارا في جمعه ، كان يتألف من المغرب ، والجزائر ، وموريتانية ، وتونس ، وليبيا ، وجميع الرؤساء الذين شاركوا في هذا الإخراج ماتوا ، والدول التي كونته ولو شكليا ، عرفت احداثا مرت بها ، غيرت تركيبة ( الاتحاد ) ، وما هو باتحاد ، كما انساقت أنظمتها تؤيد الجديد التي عرفته العلاقات الدولية ، فزاد هذا من تباعد اطراف ( الاتحاد ) ، بسبب ارتماءهم في صف من الصفوف المؤثرة في السياسية الدولية ..
لكن هل كان حقا ( الاتحاد ) المغاربي ، اتحادا خالصا لتجميع الشمل ، ونبد العزلة أحيانا ، والتفرقة المصيرية أحيانا أخرى ... هل ان الرغبة والنية الخالصة للتوحيد والجمع ، هي التي كانت دافعا وراء انشاء ( اتحاد ) المغرب العربي ؟ .
ان فكرة انشاء ( اتحاد ) مغاربي ، لم تكن فكرة خالصة تهدف فعلا بناء ( اتحاد ) المغرب العربي .. فالفكرة كانت سياسوية ، بصناعة الأنظمة السياسية التي كان لكل واحد منها ، تصورا وهدفا من الترويج ، لهذه الفكرة التي لم تكن خالصة .. فهدف كل نظام من الأنظمة من ( الاتحاد ) ، كان ينفي بالمرة أي تصور حقيقي للاتحاد ، لان كل نظام من الأنظمة الخمسة كان له هدف من بناء ( اتحاد ) هش منذ بدايته ، وليس حتى نهايته .. فالصراعات بين الأنظمة السياسية ، كان يجد دواءه ولو مؤقتا ، في العملية المسطرية التي يتطلبها التنظيم ، من عقد لقاءات مشاورات ، ولقاءات كل مرة في بلد من بلدان ( الاتحاد ) للإلهاء ، واللعب على الوقت ، وتعطيل النزاعات بين الأنظمة التي طغت على طبيعة ( الاتحاد ) ، حين تحول الصراع بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، الى صراع جيوبوليتيكي ، و جيواستراتيجي ، ليصبح مع تعمق الصراع ، واطالة امده ، الى صراع حضارات متقابلة ومتضادة . خاصة وقد اصبح صراع الحضارات ، بصراع الوجود اكثر منه بصراع الحدود . وطبعا فصراع الوجود ينفخ في الانسياق للشعب نحو الشعارات الرائجة ، ويصبح المستهدف من الصراع بهذا المفهوم السريالي ، ليس الخلافات بين الأنظمة ، بل الخلافات التي تصبح بين الشعوب وبين اصل الدول ، أي ربط الشعوب بالحكام .
اذن . من بدايته ، لم تكن الغاية من ( الاتحاد ) حقا بناء ( اتحاد ) مغاربي او مغرب عربي ، بل كانت في كيفية تذويب الخلافات والصراعات الفوق قومية بين الأنظمة ، من جهة لتفادي المواجهة العسكرية ، ومن جهة لجرجرة وتعطيل او تأجيل حسم الصراع الوجودي ، بين الأنظمة السياسية ، خاصة بين النظامين المغربي والجزائري ...
لقد فشلت مسرحية ( الاتحاد ) المغاربي او المغرب العربي ، حين طغى الصراع الحضاري العقائدي ، والأيديولوجي ، بين الرباط والجزائر العاصمة ، وسيزيد الصراع تعميقا واكثر خطورة ، حين تم توظيف الخارج في حسم قضايا الداخل .. فالتدويل للصراع عن طريق النفخ فيه من قبل الخارج ، باسم الأمم المتحدة ، وباسم المبادئ العامة للقانون الدولي ، افلت الصراع من الثنائية التي كانت ضيقة ، الى التعددية التي أضحت متشعبة ، وأصبحت مصالح الخارج ، تتحقق من خلافات الداخل ، بين الأنظمة السياسية المحلية ، فاصبح الخارج يبرمج سياساته المعادية لعملية ( الاتحاد ) المغاربي او المغرب العربي ، باستغلال الصراع نحو تفجير المنطقة ، بدل تضميدها وجمعها . فالخارج وجد ضالته في الصراع بين النظامين الجزائري والمغربي ، ومخرجه لاستنزاف النظامين من جهة ، ومن جهة للوقوف سدا مانعا لأي ( اتحاد ) او وحدة عربية ، كما كان يحلم الرئيس معمر القدافي ، ان يكون عليها كل الوطن العربي ، وليس فقط ( اتحاد ) المغرب العربي ..
وبما ان الحسابات السياسوية هي منبع انشاء ( اتحاد ) المغرب العربي ، وبسبب تدخل الخارج الذي كان ضد أي جمع او تجميع ، او وحدة ولو هشة ، بسبب الدم العربي الذي يؤمن ويناصر الانقلابية ، ويرفض الأسس الديمقراطية ، ستتحول عملية ( الجمع ) او التجميع ) الى عصا في عجلة أي مبادرة قد تكون جدية لتحقيق ( حلم ) الوحدة ، الذي فشلت في تحقيقه الحركة القومية العربية ، منذ الثورات المدعومة من الخارج على الخلافة السلطانية العثملية ، مرورا بالمناداة للوحدة باستعمال شعارات الاشتراكية الإنسانية ، سواء اكانت ناصرية ، او كانت بعثية موالية لدمشق اليسارية ، او لبغداد اليمينية .. فسقطت الناصرية ، وسقطت البعثية ، وقتل القدافي ، وتم تخريب أنظمة الشرق ، وكان كل ذلك بهدف خنق الفكر العربي العروبي المنادي ، او الحالم بالوحدة ، ولو الكرطونية ..
اذن . ان صراع الأنظمة الوجودي الحضاري ، وتدخل الخارج الذي اصبح يزيد في استفحال الازمة التنظيمية والعقائدية والأيديولوجية ، أي الحضارية بين الأنظمة المتصارعة الجزائري والمغربي ، سيجعل من اية عملية لل ( اتحاد ) ، تبقى حلما صعب المنال ، الا اذا سقط احد النظامين الحضاريين ، كأن يتحول المغرب الى جمهورية ، او تتحول الجزائر الى ملكية .. ورغم ذلك ، ولنفرض ان احد النظامين الحضاريين سقط ، ولن يسقط ما دام يشهر صراعه الحضاري ، فالوحدة او الاتحاد لن يتحقق ابدا، كما جرى في مشاريع الوحدة الهشة الشرق اوسيطة " الجمهورية العربية المتحدة " بين مصر وسورية .. فتدخل الخارج الذي اسقط " الجمهورية العربية المتحدة " ، واسقط كل شعارات الاربعينات ، والخمسينات ، والستينات ، والسبعينات من القرن الماضي ، سيسهل عليه طبعا السبق في اسقاط المشاريع ( الاتحادية ) او ( الوحدوية ) على مستوى المغرب العربي او شمال افريقيا .. وحين تصبح الدولة الحضارية إسرائيل طرفا في العملية ، يكون كل مشروع ( اتحاد ) او ( وحدة ) ، قد تبخر قبل بروزه الى العلن ..
لقد فشل ( اتحاد ) المغرب العربي او المغاربي ، لأنه كان فكرة زئبقية ، ولم يكن مشروعا .. قررت فيه شخصيات الحكام المتصارعة ، ولم تقرر فيه الشعوب المهمشة التي تجري عملية ( الاتحاد ) او ( الوحدة ) باسمها ..
فالحسن الثاني نجح في تعطيل نزاع الصحراء الغربية ، والجزائر لن تنسى حرب الرمال في سنة 1963 ، والقدافي لم ينجو من ضربة باب العزيزية التي كانت ان تؤدي به ، و فكرة الوحدة او الاتحاد بين النظام المغربي ونظام معمر القدافي أصبحت في خبر كان ...
فلا الحسن الثاني حسم نزاع الصحراء الغربية ب ( اتحاد ) او ( وحدة ) المغرب العربي ، ولا النظام الجزائري نسي نزاع الصحراء الغربية وايد مغربيتها . ولا موريتانية ولا تونس حسمت موقفها من اصل المشكل الذي هو الصحراء .. طبعا موريتانية سيتغير كل مواقفها ضد مغربية الصحراء ، وتُجاهِر بالحقوق المشروعة للشعب الصحراوي ، ومنها حقه في تقرير مصيره ، خاصة عندما خرجت من وادي الذهب في سنة 1979 ، واعتبرت تواجد النظام المغربي في الصحراء بالاحتلال ، من خلال اعتبار تواجدها بوادي الذهب بالاحتلال كذلك .. اما تونس التي كانت اول دولة عربية تعترف باستقلال موريتانية ، فمع مجيء قيس سعيد ، أصبحت تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، وتتعامل معها كدولة .. بعكس الموقف التونسي من نزاع الصحراء قبل الربيع العربي ، كان يتظاهر بالحياد ، وباتخاذ نفس المسافة من قبل اطراف النزاع .. أي ان نظام زين العابدين بن علي ، كان مع الاستفتاء وتقرير المصير ، عند مناصرته المشروعية الدولية ..
وبالرجوع الى الحقيقة الصادمة للشعوب وليس للأنظمة ، لم يكن يوما ( اتحاد ) المغرب العربي ، بل كانت سياسة الأنظمة تتلاعب بالمنطقة ، لخدمة أغراض ومصالح الأنظمة ، التي لا علاقة لها بالوحدة او الاتحاد الحقيقي لشعوب المنطقة .. وكما قلت أعلاه ، فتدخل الخارج مرة باسم الأمم المتحدة ، ومرة باسم القيم الديمقراطية والإنسانية لحقوق الانسان ، ومرة وهي الغالبة بسبب المشاريع الغربية الإسرائيلية ، التي ترى في اية وحدة حقيقية او اتحاد حقيقي ، تهديدا لمصالحها التي تعني السيطرة على المنطقة ، والسيطرة على الوطن العربي ، والحيلولة دون اتحاد او وحدة الشعوب ..
فإذا كان ( اتحاد ) المغرب العربي ، قد تم اجهاضه من الخارج ، وأُجهض بسبب بقاءه نزوة وليس حتى بفكرة ، فأحرى ان يصبح مشروعا من قبل الأنظمة المتصارعة ، فكيف نفهم تحرك الجزائر مؤخرا ، حين لمّت بالعاصمة الجزائرية ، دولتان هما الجزائر وتونس ، وكيان هو ليبيا ، بدعوى بحث إجراءات ( اتحاد ) مغاربي ، او اتحاد مغرب عربي ، او اتحاد شمال افريقيا .. وفي غيبة موريتانية ومصر والمغرب ..
ان ما جرى مؤخرا بالعاصمة الجزائرية ، ليس اجراء لوضع أسس بناء ( اتحاد ) مغربي .. لان غياب موريتانية ومصر والمغرب ، كافي للتدليل على الإجهاض والفشل المسبق ، لأي فكرة لل(اتحاد) ، قبل البدئ والشروع في الاشغال .. فما حصل بالجزائر العاصمة ، لن يكون ( اتحادا ) ، لأنه حلف ضد المغرب لعزله .. فهل بعزل احد دول المنطقة ، نبني فعلا ( اتحاد ) المغرب العربي ، او اتحاد شمال افريقيا ..
المحاولة الجزائرية فشلت حتى قبل الشروع في الإجراءات الأولية .. ومن دون المغرب الدولة الأساسية من دول المنطقة ، يستحيل إنجاح أي فكرة ، وليس مشروعا للاتحاد او للوحدة التي لن تكون ابدا .. ومرة أخرى اين مصر ، وأين موريتانية التي ترفض سياسة العزل التي يحبذها الخارج ، لإيجاد أرضية التدخل في النزاعات الجغرافية ، للحيلولة ضد وحدة الشعوب ، وليس وحدة الأنظمة التي لن تحصل ابدا ..
فالجزائر لا يزال يسيطر عليها ، نوع عمل السبعينات ، الذي فشل في استعادت المطالب المُلوّح بها ، سواء تغيير الأنظمة ، او تغيير الجغرافية .. فاعتقاد القيادة الجزائرية بنجاعة أسلوب الاقصاء والعزل ، سيؤدي الى تحقيق الاستراتيجية ، هو اعتقاد خاطئ ، سيزيد من التفرقة بدل تقريب جهود ( الاتحاد ) ..
وهنا سيكون موضوع الجمهورية العربية الصحراوية ، حجر الزاوية في فكرة ( مشروع ) ( الاتحاد ) . هل ستقبل موريتانية ومصر وحتى تونس ، ببناء ( اتحاد ) مغاربي عربي ، بحضور دولة الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام المزاجي المخزني في يناير 2017 ، واصدر الملك ظهيرا وقعه بيديه يقر فيه هذا الاعتراف ، الذي نشره في الجريدة الرسمية عدد 6539 / يناير 2017 ، دون حضور المغرب .. انها مفارقة خطيرة وغير مسؤولة ، لأنها زرعت بذرة فشلها قبل نهاية العام الأول على انشاءها . لان المسألة ، هنا ليس النظام المزاجي المخزني المغربي ، بل سيصبح محور المشكل الشعب المغربي .. فهل تقبل قيادة الجزائر التي تتصارع مع النظام المغربي ،عزل الشعب المغربي من أي دور ( لا اتحاد ) لن يكون ابدا ، والسبب تدخل الخارج الذي يقف حجرة ضد أي محاولة ( للجمع ) او ) للاتحاد ) ...
الجزائر تلعب بالسياسة ، ورغم معرفتها بالنتيجة في النهاية ، تصر على محاولة القفز على الحقيقية ، وانْ كانت النتائج فاشلة .. وهنا من حقها ان تسلك السياسة التي تخدمها وتناسبها .. لكن هل حقا ان ما تقوم به من خرجات سيفيدها دوليا ، والنتائج مردودة عليها بالسلب .. نعم ستنجح في لم تضامن ( القوميين ) ، وبعض ( التقدميين ) ، وبعض ( الماركسيين ) ، و حتى ( الاخوان المسلمين ) ، ومنظمات ( الجهاد ) .. لكن ماذا سينفعها هذا .. ما هي القيمة المضافة التي ستغني موقفها السياسي الملوح به في وضع ملغوم ، وغير سار ..
نعم لقد تقدمت الجزائر بدعوى للمنتظم الدولي ، تدعو فيه ان تصبح السلطة الفلسطينية ، دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة .. والجزائر التي تقدمت بهذه الدعوة وهي تعرف مسبقا النتيجة . هل كانت تقامر بمواقف ستكون فاشلة أصلا ، وهي تعرف ذلك ، ومع ذلك تقدمت الى مجلس الامن بطلبها لتصبح السلطة الفلسطينية دولة كاملة العضوية .. ام انها رغم معرفتها باستحالة قيام دولة فلسطينية ، ولن تقوم ابدا ، لان إسرائيل دولة حضارية ، وموقف أمريكا والغرب ، يرفضان تحت اية طائلة ، قيام دويلة وليست دولة فلسطينية .. ومع ذلك تتجرأ الجزائر وتتقدم الى مجلس الامن ، بدعوتها ترقية السلطة الفلسطينية الى دولة بالأمم المتحدة .. الدعوة رفضها الفيتو الأمريكي ، ورفضها الغرب التي يقوم بالسياسة ، وفشلت الدعوة الجزائرية التي كانت منتظرة ، لكنها ربحت جزائر مكة الثوار ، وربحت التصفيق من ( المنظمات الفلسطينية ) التي جفت ، وربحت التصفيق والاشادة حتى من حماس الاخوانية والجهاد .. فأي ربح هذا وسط مجتمع منهزم ، انهزم في الحرب بعد انهزامه في المعارك .. فهل الجزائر فلسطينية اكثر من الفلسطينيين الذين اعترفوا بإسرائيل كدولة حضارية يهودية ... لا تزال تبحث لشعب الله المختار عن ارض الميعاد التي حدودها لن تكون معروفة ، وجيرانها غير معروفين كذلك ..
ان اكبر فشل لمبادرة النظام الجزائري ، بجمع تونس ، وكيان ليبيا ، هو خدمة الحضارة الجزائرية ( البناء الأيديولوجي / حرب التحرير ) ، وعزل المغرب ، وغياب موريتانية ومصر ، اللذان سيرفضان أي تنسيق ، او أي مناقشة اية فكرة مبنية على العزل ..
وحتى نكون صريحين . لن تنجح وحدة الأنظمة الفوقية ، لأنها ليست وحدة الشعوب التحتية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا