الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خسارة على التسامح
سعيد الحمد
2006 / 12 / 6اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
. أخذت نفسا عميقا، ورددت مع صديقنا د. احمد البغدادي "حسافة (خسارة) على التسامح".. فعندما تستلم رسالة هاتفية بصيغة تتوعد وتهدد.. ويقول فيها صاحبها متشفيا ومهددا: " لن تسلم غدا عندما يسقط اصحاب الفكر الفارغ".. لا تملك فعلا الا ان تقول " حسافة على التسامح" مليون مرة.. ليس لأن النتائج البرلمانية الأخيرة جاءت بأحزاب الإسلام السياسي تمهيدا للتشريع لدولة دينية يحلمون بها بعد ما فشلت جميع تجاربها في كل مكان وانتهت بكوارث أين منها كوارث العسكر في عالمنا العربي.. ولكن " حسافة" لأننا وصلنا إلى هذا المستوى الهابط من التشفي المتطرف الغارق في جهل مفضوح والمأخوذ بنشوة استقواء بقوة عددية يمكن أن يقودها هكذا مستوى من التطرف لارتكاب أعمال تصفية وعنف ضد المختلف والمغاير، فقط لأنه مختلف فكرا ومختلف منهجا.
" لن تسلم غدا"، بماذا نفسرها خارج سياق التهديد والوعيد بالإقدام على العنف؟ صحيح " حسافة على تسامحك" يا البحرين، يا من تدير الأغلبية وهي منتصرة اختلافها مع الآخر بالتهديد، فكيف إذا ما انهزمت يوما هذه الجماعات؟
ليس عن خوف نكتب.. ولكننا نكتب اليوم ونحن المتفائلون دوما "بحسافة" على انتهاء ذلك المناخ البحريني الجميل من روعة التسامح الذي عشناه في فترة تكويننا الأول ومطلع شبابنا.. و" حسافة" عليكم يا جيلا لم يعايش تلك الفترة ولم يتنفس مناخها، ولم يختزن هواءها، وهي الفترة التي كنا فيها نختلف ونختلف إلى أقصى درجات الاختلاف.. لكننا لم نكفّر ولم نؤثّم ولم نجرّم.. فظلت مساحات الفهم المشترك قائمة.. لأننا أبناء بحرين التسامح.. ذلك التسامح الذي خطفه في لحظة انعطاف وانكسار فكر قادم من كهوف الماضي، لم يملك من أدوات الوعي سوى التهديد والعنف والمصادرة والإلغاء.
وللأسف يحدث هذا باسم الدين..!! لقد أصبح الشقيق يضيق بشقيقه والصديق يكاد يفتك بصديق طفولته وصباه.. فقط لأنه اختلف فكرا. حتى الزوج رفع يمين الطلاق على زوجته بعد عقود وعقود من العشرة المشتركة فقط لأن الفتوى صدرت ورخصت له بتطليقها إذا لم تنتخب هذا المرشح " المؤمن". وكذلك فعل "واعظ حينا" حين هدد بأن من لم ينتخب " القوي الأمين" سيدخل النار على عقبيه. "حسافة على تسامحك"، ليس لأنك اخترت الدين كما أوهموك وكما خدعوك.. ولكن "حسافة على تسامحك" لأنك تركتِ لهم المجال واسعا لاستغلال الدين لخدمة جماعات وأحزاب لها فكرها الديني الخاص جدا، الذي من خلاله تريد الوصول والحصول على حق التشريع " للدولة الدينية" التي يحلم بها كل فريق منهم بطريقته وبحسب فكره الديني الخاص به، وهو الفكر الذي لم يؤسس يوما سوى دولة الصراع الطائفي والاصطراع المذهبي. عودوا وانظروا إلى جميع التجارب التي قادها الفكر الديني بغض النظر عن مذهبه هنا أو طائفته هناك، فستجدون انها لم تنجح أبدا حتى في تأسيس " الدولة الدينية" التي يحلمون بها، لأنها جميعها تجارب انتهت بدولة الطوائف وبحرب الطوائف.
" حسافة على تسامحك"، لان التهديد والوعيد هو " سيفنا البتار" للتعامل. فالذين لم يدخلوا " بيت الطاعة" صاغرين، كانت الفتاوى لهم بالمرصاد. وعلى خلفية الوعد بالجنة والوعيد بالنار جرت الأمور في جميع ساحات الإسلام السياسي وأحزابه التي دخلت الانتخابات، فكان الناخب ينتخب " القوي الأمين" هنا وينتخب " المرشح المؤمن" هناك، ليس ثقة في الأول وليس اقتناعا بالثاني، ولكن اطمئنانا على مقعد له في الجنة مقابل مقعد لهم في البرلمان. ومن لم يسكت عن هكذا منطق، فليسكته تهديد صارم كالذي وصلنا متوعدا: " لن تسلم غدا". وبعد ذلك لا تريدون أن نقول " حسافة عليك يا أم التسامح .. يا بحرين!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما بعد نظام الأسد.. هل تُحكم سوريا بقبضة الميليشيات؟ | #التا
.. هل تعدد الأجندات الإقليمية سيكون سلبيا على الوضع بسوريا؟
.. مطار دمشق الدولي سيعمل خلال أيام
.. الصين تحظر تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة
.. نشرة إيجاز - رئيس الوزراء السوري الجديد يقول إنه كلف برئاسة