الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعددية القطبية: عصر الانتقال الكبير - الكسندر دوغين (1)

نورالدين علاك الاسفي

2024 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


Alexander Dugin
الكسندر دوغين

ترجمة : نورالدين علاك الاسفي [1]
[email protected]


في عصر الانتقال الكبير نحن نعيش. و عصر العالم أحادي القطب من نهايته يقترب، مما يفسح المجال لعصر متعدد الأقطاب. فالتغييرات في بنية النظام العالمي أساسية. و في بعض الأحيان، تتكشف العمليات بسرعة كبيرة بحيث يتخلف الفكر العام عن الركب. و من الأهمية بمكان التركيز على فهم الأحداث الضخمة التي تهز البشرية.
لا أحد-باستثناء المتعصبين-يستطيع أن ينكر حقيقة أن الغرب؛ بعد أن حصل على فرصة فريدة لقيادة عالمية وحيدة بعيد انهيار النظام الاشتراكي والاتحاد السوفيتي؛ قد فشل في هذه المهمة. و بدلا من سياسة عالمية حكيمة؛ عادلة ومتوازنة، تحول الغرب إلى الهيمنة، وانخرط في الاستعمار الجديد، وعمل وفقا لمصالحه الأنانية المفترسة، واستخدم المعايير المزدوجة، وأشعل حروبا وصراعات دموية، وألب الشعوب والأديان ضد بعضها البعض. هذه ليست قيادة-إنها إمبريالية عدوانية، تواصل أسوأ تقاليد الغرب ذاته - مبدأ فرق تسد، الاستعمار، الذي يتحول أساسا إلى عبودية.
إن انهيار القيادة الجماعية للغرب يصاحبه و يكثفه الانحدار الأخلاقي السريع للثقافة الغربية. فالقيم التي يروج لها الغرب بقوة وعناد- المثلية، الهجرة غير المنضبطة، تقنين جميع أشكال الانحراف، إلغاء الثقافة، التطهير القاسي والقمع ضد جميع المنشقين، فقدان المبادئ الإنسانية، والاستعداد للانتقال إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي وما بعد الإنسانية - قللت من مكانة الغرب في نظر المجتمع العالمي. الغرب لم يعد نموذجا عالميا أو سلطة عليا أو مثالا يحتذى به.
وهكذا، في مواجهة الهيمنة أحادية القطب، يولد عالم جديد - متعدد الأقطاب. هذا هو رد الحضارات القديمة والفريدة من نوعها، والدول ذات السيادة، والشعوب على تحدي العولمة.
فعلا يمكن القول أن الإنسانية العالمية تؤسس بزخم لأقطاب حضارية مستقلة. ها هي ذه روسيا في المقام الأول، من سباتها تصحو و الصين تحقق قفزة سريعة إلى الأمام و العالم الإسلامي معبأ روحيا والهند عملاق الديموغرافية والإمكانات الاقتصادية. وأفريقيا وأمريكا اللاتينية على طريقهما، وباطراد تتجهان نحو التكامل والسيادة على مساحاتهما الشاسعة.
ممثلو هذه الحضارات طرا متحدون اليوم في بريكس/ BRICS. هنا يتم تشكيل معالم العالم الجديد المتعدد الأقطاب، وتطوير مبادئه وقيمه وقواعده ومعاييره التقليدية على أساس العدالة الحقيقية، واحترام مواقف الآخرين، والالتزام بالمواقف الديمقراطية الحقيقية، ودون أن يحاول أي قطب ادعاء الهيمنة. بريكس/ BRICS تحالف مناهض للهيمنة، حيث تتركز الموارد الرئيسية اليوم؛ البشرية منها والاقتصادية والطبيعية والفكرية والعلمية والتكنولوجية.
العالم الأحادي القطب هو الماضي. العالم المتعدد الأقطاب هو المستقبل.
إذا تخلى الغرب عن هيمنته العنيفة وسياسته الاستعمارية الجديدة، واعترف بسيادة وذاتية كل حضارة إنسانية، ورفض فرض قواعده ومعاييره وقيمه بالقوة، و التي بجلاء يرفضها غالبية البشر اليوم، فقد يغدو هو أيضا قطبا محترما وسياديا-معترفا به من قبل الآخرين جميعا، وموجودا في سياق حوار ودي ومنصف بين للحضارات.
ذا هو الهدف من بناء عالم متعدد الأقطاب لإنشاء نموذج متناغم للتعايش الودي والمتوازن لجميع حضارات الأرض، دون بناء تسلسل هرمي أو الاعتراف بهيمنة أي منها.
معظم الحضارات- الروسية والصينية والهندية والإسلامية والإفريقية وأمريكا اللاتينية - اليوم بالإجماع تتحول إلى القيم التقليدية والمقدسة والمحتوى الروحي لثقافاتها ومجتمعاتها- التقدم دون الاعتماد على الهوية العميقة أمر مستحيل؛ سوف يؤدي إلى انحطاط وتدهور الإنسان عينه. فرغم اختلاف القيم التقليدية بين الشعوب، فإن هناك دائما شيئا مشتركا - القداسة، والإيمان، والأسرة، والدولة، والوطنية، وإرادة فعل الخير والحقيقة، واحترام الإنسان وحريته وكرامته.
-----------------------

[1] في البال: المقال المترجم رهن الإحاطة علما؛ لا تبني فحواه جملة أو تفصيلا. المترجم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال