الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ظاهرة الترامبية

عبد الحسين شعبان

2024 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يستغرب كثيرون كيف تمكن دونالد ترامب، وهو من خارج النخبة السياسية المهيمنة من الوصول إلى السلطة (2016)، وحتى بعد خسارته في انتخابات العام 2020، فإنه بقيَ في المشهد السياسي، وكما يقول عن أنصاره أن ثلاث أرباعهم يعتقدون أنه فاز في الانتخابات، وهو ما يدعوه اليوم إلى رفع صوته عاليًا للثأر من خصمه اللدود في الانتخابات المقبلة، التي ستجري في شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2024.
كان فوز ترامب مفاجئة كبرى، حيث كانت جميع الاستطلاعات ترجّح فوز منافسته هيلاري كلينتون، لكنه بحكم نجوميته وعلاقاته بعالم المال والأعمال والإعلام، تمكن من إحراز النصر عليها، واستطاع قلب المشهد السياسي، وظلّ متشبثًا بأحقيته حتى حين خسر أمام بايدن.
لم يهمل ترامب وسيلة لمقارعة بايدن، سواء كانت شخصية أم مالية أم قانونية أم إعلامية أم شعبوية، إلّا واستخدمها لتحقيق مآربه والوصول إلى مبتغاه، مستندًا إلى كارزميته وقوّة شخصيته وتمكّنه من الحصول على دعم الحزب الجمهوري، وهكذا أخذت تتشكّل "الترامبية" ويتجمّع حولها الأنصار، لا باعتبارها ظاهرة عابرة، بل بوصفها وليدة تشابك العديد من المصالح والتوجهات والروافد، التي التقت في تيارها.
وكانت فترة رئاسة أوباما واحدة من أسباب ظهورها، وبالتالي حصولها على قاعدة شعبية أوسع من القاعدة التي يهيمن عليها الحزب الجمهوري تاريخيًا، فإضافة إلى أصحاب المصالح والمهن المرتفعة الدخل، فإن الاتجاهات العنصرية التي رفعت لواء الحمائية ومناهضة الهجرة غير الشرعية وتجاوز البيروقراطية الحكومية، كانت خلفية فكرية لها، وهكذا حاول ترامب اللعب على عدد من الشعارات الشعبوية التي شكّلت إطارًا عامًا للتيار الترامبي في السياسة الأمريكية، على المستويين الداخلي والخارجي، بما فيه العلاقة مع روسيا، وما يزال هناك من يعتقد أن فوز ترامب في الانتخابات المقبلة سيوقف الحرب في أوكرانيا، وخصوصًا بالامتناع عن تقديم المساعدات لها.
وإذا كان ترامب يسعى لتجديد الحزب الجمهوري وتوسيع قاعدته الاجتماعية، فإنه اشتغل حتى قبل تولّيه دست الحكم على ما عُرف ﺑ "فن الصفقة"، وهو عنوان كتابه الصادر في العام 1987، وكان المال، وما يزال، عنصرًا أساسيًا في توجهه، فقد استعان به على شحّ خبرته السياسية والحكومية والعسكرية، ويمكن الاستدلال على ذلك، بتصريحاته المثيرة للجدل وسلوكه الغريب أحيانًا، سواء خلال حملته الانتخابية أو بعدها، بما فيه خلال فترة رئاسته، ناهيك عن بعض تصرفاته التي تنمّ عن مسحة استعلائية ضدّ المرأة، فضلًا عن محاولات التفافه على القانون للتخلّص من عبء الضرائب، وركّز على الإعلام لمواجهة خصومه وعشرات الدعاوى القانونية، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وقد تمكّن من إزاحة منافسيه من الحزب الجمهوري، حتى بدا هو الأول في مواجهة بايدن الديمقراطي.
ثمة أسباب عديدة لظهور "الترامبية"، لاسيّما في ظلّ تعمّق التوجهات المحافظة، وهي موجودة في المجتمع أساسًا، وانعكست على السياسة بالطبع، وهكذا أخذت تنشأ بالتدرّج ما يمكن أن نطلق عليه "الترامبية"، وهذه الأخيرة يمكن تلمّسها عبر عدد من المجسّات الأساسية التي شكّلت سداها ولحمتها؛
أولها – سلوك طريق الشهرة، من خلال علاقته بالمشاهير، سواء كانوا نجومًا سينمائيين أو كتابًا أو صحفيين، وقسم منهم اضطّلعوا بأدوار في السياسة الأمريكية، ومن أبرزهم الرئيس الأسبق رونالد ريغان، وهكذا تمكّن من تقديم نفسه باعتباره صاحب قرار ويمتلك إرادة قوية ويستطيع أن ينفّذ ما يضعه كبرنامج دون تردّد أو خشية، بالرغم من الأخطاء الفادحة التي وقع فيها، سواء خلال فترة حكمه أو في حملاته الانتخابية.
ثانيها – إثبات فشل السياسيين التقليديين، الذين لم يحسنوا إدارة الحكم، حسب رأيه، لذلك سار على خطى ريغان، الذي كان يردد أنه مواطن عادي وغير سياسي، وأن لديه اعتقادًا راسخًا بأن السياسيين هم الأكثر إزعاجًا للمواطن، وما مكنّه من التبجّح بذلك أكثر، هو كونه "مليارديرًا" وليس بحاجة كبيرة إلى جماعات الضغط كما يحتاجها غيره.
ثالثها – إعلاء النزعة القومية المعادية للمهاجرين، وموقفه الاستعلائي من الأجانب بشكل عام، ووفقًا لشعار "أمريكا أولًا"، و"إعادة عظمة أمريكا"، عمل على بناء جدار على طول الحدود المكسيكية، وسعى إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، بل أنه قرّر منع مواطني عدد من البلدان الإسلامية من دخول الولايات المتحدة، واضعًا عقبات جديّة أمام حصولهم على الفيزا، فضلًا عن انسحابه من العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
رابعها – الشعبويه، التي جذبت إليه أتباعًا حتى من خارج الحزب الجمهوري، وقسم من هؤلاء كانوا ساخطين على النخب السياسية التقليدية، فاستغلّ استياء العديد منهم ليحقق حضورًا كبيرًا على الساحة السياسية من خارجها، لدرجة أصبح ظاهرة جديدة في السياسة الأمريكية.
ولعلّ المعركة الانتخابية المقبلة بين الترامبية والبايدنية ستكون هي الأكثر سخونة في تاريخ الولايات المتحدة، وأنها أول انتخابات رئاسية، منذ فوز دوايت أيزنهاور في 1956، تشهد إعادة منافسة، خصوصًا أن ثمة اختلافات وخلافات جوهرية بين الاتجاهين فيما يتعلّق بالاقتصاد والسياسة الخارجية والقضايا الدولية، وفي جزء منها اختبار جديد للديمقراطية الأمريكية، التي يعتقد البعض أنها تحتاج إلى المزيد من إعادة النظر بجوانبها المختلفة ومعالجة نواقصها وثغراتها وعيوبها، بل وحتى أُسسها، ويتوقف على حسمها جزء مهم من مستقبل العلاقات الدولية من جهة، ومستقبل الولايات المتحدة من جهة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فن صفقة الصَّفيق ترامب مِن نحت تراب فساد المال
طيف أمين ( 2024 / 4 / 25 - 06:08 )
وفساد اتفاق اوسلو مِن جنس فساد «بيل كلينتون» وفضيحة Lewinsky scandal وزوجته «هيلاري» داعية دعم كيان الاحتلال الاستيطاني في فِلسطين، ونظيرتها في ذلك رئيسة جامعة كولومبيا «نعمت شفيق»، خلافاً لأكثر مِن 20 جامعة وكليّة أميركيّة مثل: جامعة كولومبيا التي انطلقت منها الشّرارة ألأولى، وجامعة ييل، وجامعة بيركلي، وجامعة نيويورك، وجامعة واشنطن، وجامعة ميتشيغان، وجامعة ميرلاند، وجامعة نورث كارولينا، ومعهد ماساتشوستس للتكنلوجيا؛ المُناصرة لشعب فِلسطين. «ملالہ ی-;-ُوسُف زئی-;- Malala Yousafzai» مولودة می-;-نګ-;-ورہ (بالاُوردي الباشتو Mingora) في خيبر في الجُّمهوريّة الإسلاميّة الباكستانيّة (النوويّة) في 12 تُمّوز 1997م، حائزة جائزة نوبل للسَّلام عام 2014م، وصفت «هيلاري كلينتون» بـ“الفاسدة”.


2 - الصوت المنفرد
عبد الحسين سلمان ( 2024 / 4 / 25 - 09:02 )
طيف أمين المحترم
حضرتكم ( للاحترام في اللغة الالمانية Sie ) الصوت المنفرد The Lonely Voice
1962 رائعة الايرلندي Frank OConnor في عالم بلا اصوات


3 - أوپاما و آپامه و الأصل و التنمّر
طيف أمين ( 2024 / 4 / 29 - 16:36 )
ملكة جمال ألمانيا الإيرانيّة مولودة طهران عام 1985م الأربعينيّة في ألمانيا مُنذ السّادسة مِن عُمرها، الاُمّ لطفلين المُهندسة المعماريّة «آپامه شوناور Apameh Schö-;-nauer»، تشعر بالحزن بعد تعرّضها لتعليقات التنمر عبر الإنترنت، لأنّ شكلها لا يُطابق المعايير النمطيّة.
اليوم الافتراضيّ لمولد الدّكتاثور الغابر الفار 28 نيسان 2024م، ابنته «رغد صدّام» باتصال صوتيّ، تقرّ في تسببه بحقد العراقيين (المَرَضي) عليه، مُتجاهلة عدوى مرضه الـPsychopathy، وتنشر مُذكراته في مُعتقله على موقع X .
https://www.youtube.com/watch?v=YhE68LyAQsw

اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين