الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرسل إليه -اختفى في عواصم النفوذ والقرار

فلورنس غزلان

2024 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


المرسل إليه "اختفى في عواصم النفوذ والقرار ":ــ
تغفو النهارات..وتصحو الليالي..تضغط الأيام على قلوبنا كصخرات تهبط فوق جسدك ..تطبق على قفصك الصدري مانعة الهواء من النفاذ..لايمكن لفصاحة البليغ ان تضبط بايقاع الكلمات نوتة الروح وانتفاضة الجسد على وقع قذيفة..أو رؤية جسد طفل تمزق لحمه٠ الرقيق تحت ركام منزله ... او قضى بفعل خطوط الجوع المستدامة، أو نتيجة صاروخ موجه ومبرمج فقط لقتل (الإرهابيين)! لكنه أصاب هؤلاء البؤساء دون قصد! لايمكن للحكمة والعقل أن يتحكم بقوة الموت وضغطه المتواصل دون أن يختل توازن المرء فيدخل في هذيان محموم أو تتقمصه موهبة الانحراف..وربما ..ربما يحمل في فهرس عقله بعض الترتيب فيتمكن من صده عن ارتكاب الخطاً واقتراف اللامعقول..لكن هذه "الربما"تظل الاحتمال الأضعف..إلى أن تكف ثرثرة القذائف عن عبثها اليومي في أحياء المدن المنكوبة، في شرقنا العربي من سورية إلى فلسطين،فلبنان،إلى العراق فالسودان ثم اليمن ...الذي" كان سعيدا"!
حيث تحول الانسان في هذه البلدان إلى طريدة تهرب من قدرالموت إلى قدر الحلم المحمول في الذاكرة والفؤاد مذ تربع الجلادون والقتلة فوق هضاب الجولان، قاسيون أو شواطيء فلسطين ولبنان ووو كلها بلدان أسيرة ،محتلة بشكل أو آخر.
...ومن يتربعون على هضابها وسهولها يتمسكون بالسلطة والحكم بأظلافهم وأنيابهم وبسلطة السوط والتاريخ والقذائف الحديثة القادرة على تمزيق الأجساد البريئة والخرائط التي يراد لها أن تتجزأ وترسم حسب مصالح الدول صاحبة القرار والفيتو في هيئة الأمم! ، مهمة هذه السلطات المفروضة مناطقيا وعالميا أن تشعل نيران الحقد وتنفخ في كور يحرق الشجر و يحبس الماء ليقضي على حياة شعوب أرادت أن تعيش بكرامة وحرية فوق أرضها...فخلقوا لها حكاما من صنف لم يَرقَ يوماً لمكانة البشر ولم يتنسم رائحة زعفران الحب القادر على محو الضغينة، وعلى نفث الحقد والانتقام لماضيه من شعوب بريئة من دم وموت لم تقترفه أيديها،لكن مكانها هو المطلوب والمرسوم...وعليها دفع الثمن!.
جنون وشبق يعم ويتمادى ...يزج هذه الأوطان بمتاهة استمراء حفر الأضرحة والإكثار من الحُفَّر والخنادق بين المواطن وأخيه... لاتعبره سوى الضواري المتعطشة للدماء...يتخذ من أحياء المدن رحلة للصيد...
مدت التجربة أذرعتها واستوطنت الوقت...إلى أن كرس العسكر والقوى التي تدعمه فهرساً جديداً لهذه الأوطان...العسكر من طرفي النزاع غير المتكافئين بالقوة والعتاد ، لكن المخيف في الوضع أن الطرف الأضعف والذي باركناه واعتقدناه وُلد لحماية الأخوة والدفاع عن الضعفاء والابرياء ..راح بعض المحسوبين عليه..أو الدخلاء من خارجه..يصطادون الضحايا باسمه ويمارسون جنون الموت خاتمين بذلك مايخطط له أعداء هذه المنطقة ... وكأن العقل غائب أو مغيب في مكاتب النفوذ ودول المصالح ..فبات ركوب العنف مطية للايقاع بالخصم..وتسقط بالنتيجة الوعول البريئة في المصائد المكائد...لمجرد الاشتباه! أو السعي لرأب الصدوع وايجاد حلول تخرجنا من تراكم المحن والمآسي...
رباه أجبني: ..هل ورثنا لغة الوعيد والتعذيب واستَكَّنا لالتصاقها بجلدنا ؟ هل رضعنا القهر لنمارسه أم لنحاربه؟ أليس هذا منتهى الجحود لمباديء الإنسانية وحقوق الإنسان؟ أليس هذا نكران لدم من قضوا من أجل الحرية وللقرابين التي قدمتها الأمهات على مذبح الأوطان لنبنيها لكل أبنائها بغض النظر عن حدودها وخريطتها.. فنحن ابناء هذه البقاع التاريخية ؟..المؤلم أن جل من قضى في هذه الحروب المميتة راح دون أن يحمل عصا...جلهم أغمض عينيه وهو يلعب في باحة الدار..أو قضت وهي تحاول حماية أطفالها من الموت أو من غائلة الجوع...
رباه..أعود لأطمئن على كبد الايمان عند المواطن السوري،الفلسطيني،العراقي،السوداني واللبناني... الخ أعود لأسأله قبلك، عن مُرَوجي الخديعة والفتنة..عن نباشي القبورفي غفلة المعارضات وصراع ديكتها، عن شيوخ وقادة زرعنا فيهم أملاً لم يكونوا بمستوى المسؤولية..
أخي في هذه البقاع ...هل ستترك الصلب والبتر...يحوم كالأشباح يقتنص اللحظة والثغرة هنا والوهم هناك وتبقى مأسوراً مأخوذاً بحمية الإيجاب وإغماض العين على الخطيئة والسلب في الممارسة والفعل، إلى أن تصبح قانوناً يسود ويشرع ويبطر بفرض أجندات لم تأتِ على ذكرها لغتنا منذ عقود طويلة؟!..قل لي إذن لمن أوجه وإياك صوتنا المرتجف؟ بمن نأمل أن يبادر من أجلك ..من أجل مستقبل هذه المنطقة؟...قبل أن يموت صمتنا في صدرنا ونعود لننام على القذا ونستيقظ على موت متواصل في حروب تغتال وحدتنا وتنفث دخان التفرقة المذهبية وتسعى لربنا في حقول ودفاتر أيدي العبث التي لم تعد خافية على البصيرة والعقل؟..
أين هي وجوه من قدموكم أضحية ليتبقى لهم السيادة والقيادة؟...أين من هتفتم باسمهم جيوشا للحرية وإرساء الحلم؟...لكنهم اليوم مراكز وهيئات متعددة!...لكنهم اليوم مجالس وتيارات لاتلتقي إلا للتنازع...فلمن أشكو وجعي ووجعك؟...
هل يمكن لقربتنا أن تحتفظ لنا بماء الحياة الذي حملناه على ظهورنا عبر التاريخ ؟ يأتي اليوم هو نفسه من يسعى لتثقيبها بمخارز الثأر ومهرجانات الموت ، ومحاكم لم تطأ مدارس القانون ولا مكاتب القضاة؟! هل نتركهم يعبثون بمابنيناه بحِسنا المُواطني وحرصنا التاريخي على أمانة الانتماء؟..قل لي إذن..هل يسمعنا من بنى له مكتباً في القاهرة وآخر في استانبول وثالث في طهران وربما قريبا في بغداد ؟...أم أن رسائلنا ستعود على أعقابها محملة بختم " العنوان مجهول" ، أو المرسل إليه " اختفى في عواصم النفوذ والقرار"؟!!.
فلورنس غزلان ــ باريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يتحمل مسؤولية تأخر التهدئة.. حماس أم نتنياهو؟ | #التاسعة


.. الجيش السوداني: قواتنا كثفت عملياتها لقطع الإمداد عن الدعم ا




.. نشرة إيجاز - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة


.. -تجربة زواجي الفاشلة جعلتني أفكر في الانتحار-




.. عادات وشعوب | مدينة في الصين تدفع ثمن سياسة -الطفل الواحد-