الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطرقة القاضي

خالد خالص

2024 / 4 / 25
دراسات وابحاث قانونية


من الأدوات التي كانت توجد رهن إشارة القاضي الذي يترأس الجلسة بالمحكمة والتي كانت تثير الانتباه فوق منصة قاعة الجلسات "مطرقة القاضي" ويقال لها بالفرنسية "Le marteau du juge" وأيضا ." Le Maillet du juge" ويقال لها بالإنجليزية "the judge s gavel" أو the judge s hammer".
وكانت لهذه المطرقة المصنوعة من الخشب الصلب قاعدة خشبية صلبة وكانت طرقات القاضي بمطرقته قبل بداية الجلسة يفيد انطلاق أشغال جلسة المحاكمة في المغرب بعبارة "باسم جلالة الملك نفتتح الجلسة" أو للإعلان عن نهاية هذه الأخيرة بعبارة " باسم جلالة الملك نرفع الجلسة".
وترمز مطرقة القاضي الى السلطة القضائية ليس فقط للإعلان عن انطلاق الجلسة أو للإعلان عن رفعها كما سبقت الإشارة الى ذلك بل كانت طرقات القاضي تأتي خلال الجلسة للحفاظ على نظامها إذا عاين القاضي الذي يترأسها بعض الاضطراب والتشويش الذي قد يعصف بالاحترام وبالهالة التي يجب أن تسود طيلة المحاكمة.
وكان الصوت المميز لمطرقة القاضي بمثابة أمر يصدره هذا الأخير للتعبير عن إرادته وسلطته التي قد تتجاوز أحيانا التنبيه والتهديد. وقد يهدف الطرق الى إيقاف تبادل الكلام بين المتقاضين بدون إذن القاضي كما قد يكون وراء الطرق أمر لعدم خوض الخصوم للكلام مع الشهود أو لمناقشة أمور تخرج عن نطاق القضية أو لوضع حد لمقاطعة أحد الخصوم لأحدهم أو لتستعيد المحاكمة هدوءها وهكذا ...
ويرجع تاريخ استعمال المطرقة في بلاد الإسلام حسب بعض المواقع للأمر بالسكوت أو عدم التدخل أثناء الفصل في قضايا الرعية الخليفة أبو بكر الصديق تلاه في استعمل الطرق الخليفة عمر بن الخطاب.. بينما عرف الغرب المطرقة في القرون الوسطى حيث كان الطرق لا يعني فقط إثارة انتباه الآخرين الى سلطة القاضي بالجلسة بل كان الطرق بمثابة أمر موجه للمتقاضين وحتى لدفاعهم.
ومع اختفاء مطرقة القاضي من على منصة قاعة الجلسات صرنا نعاين في العقود الأخيرة استعمال القلم من قبل بعض القضاة لنفس الغاية إلا أن ذلك كان جد مزعج بالنسبة للجميع من جهة ولم يكن يضفي على الجلسة تلكم الهالة التي كانت لصوت المطرقة الى أن أصبح القضاة اليوم يستعملون الميكروفونات ويكتفون بأصواتهم للإعلان عن بداية الجلسة ونهايتها وكذا لإثارة الانتباه الى كل إخلال.
وإذا كانت المحاكم قد استغنت عن رمزية مطرقة القاضي لأسباب نجهلها فإن البرلمان المغربي لا زال يضعها فوق المنصة رهن إشارة من يرأس الجلسة البرلمانية ليستعملها كلما دعت الضرورة الى ذلك ويمكن القول بأن رئيس الجلسة يعمل كثيرا على استعمالها لإرجاع بعض النواب الذين تروقهم الفوضى ويعشقون الصراخ الى الصف.
وتستعمل المطرقة في مجالات أخرى كمجال البيع بالمزاد العلني حيث يستعملها "دلال البيع بالمزاد العلني" ويقال له (Le commissaire-priseur ) كما يقال له أيضا حامل المطرقة أو صاحب المطرقة (le teneur du marteau) بينما يستعمل آخرون البيع بالشمعة الذي يرجع تاريخع لعهد الرومان بدل المطرقة.
أما بخصوص القضاء فإننا نعتقد بأنه كان على المجتمع المغربي أن يحتفظ للقاضي على بتلكم المطرقة التي ترمز الى جانب بذلة القضاة الى سلطة القاضي مع باقي الرموز المرتبطة بالعدالة بصفة عامة ( كالميزان والسيف وتعصيب العينين الخ ) وبالمحكمة بصفة خاصة (كالباروكة بالنسبة لقضاة المملكة المتحدة على سبيل المثال لا الحصر) وكرمزية العون الذي يصيح "محكمة" عند دخول القاضي فيقف الجميع محامون ومتقاضون وعموم المتواجدين بالقاعة احتراما للمحكمة وباقي الرموز الأخرى التي أصبحت تنقرض شيئا فشيئا والتي كان لها دور إيجابي في الحفاظ للهيئة القضائية على هبتها ووقارها.
ونعتقد بأن المحكمة الرقمية ستقضي على كل هاته الرموز كما ستقضي على العديد من الأعراف والتقاليد (كتقديم النقيب في الجلسات والإجراءات وتقديم من هم خارج الهيئة على سبيل المثال لا الحصر) إذ سيعتصم المحامي بمكتبه إذا كان لا يمارس الا المساطر الكتابية والتي ستصير ربما هي السائدة مستقبلا خصوصا مع الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الجديدة التي أصبحت في بعض المحاكم تعطي إمكانية تسجيل الشكايات وكذا المقالات والأداء عنها عن بعد وكذا ارسال المذكرات الجوابية ومذكرات التعقيب والمستنتجات الى المحكمة المختصة دون مغادرة المحامي لمكتبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال


.. أزمات عديدة يعيشها -الداخل الإسرائيلي- قد تُجبر نتنياهو على




.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة


.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء




.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي