الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هياء قصة

كاظم حسن سعيد

2024 / 4 / 26
الادب والفن


عينان عسليتان .نهد خمري , قبضة كف, مكور ومنتفض ,عشرون عاما مضت منذ تعرف عليها , دار ت به وبها عجلات الزمن ,لم تترك لونا من اسلحة الارادة الا وجربته لمقاومة الانهيار ,وحيدة هي الان في قرية قصية بالجنوب .. بلبل في قفص وقطة جميلة هي ما تبقى من ضجة الاصدقاء والاقرباء ...
مضى على ذلك اكثر من ربع قرن .. مذ رآها يافعة في السابعة عشرة من عمرها ..ام صارمة واخ متأزم ..طيب متشدد ومتساهل , نهم في القراءة لكنه لم يكتب حرفا ولا انتج فكرة , بشرته شديدة السمرة احكمت حياته فصار البحث عن الجمال هدفا وان يحب جميلة وتحبه غاية سخّر لها كل عمره .لم تكن الام تؤمن بالتحلل لكنها ترى ان على الفتاة ان تتبسط مع الرجال لكسب مادي او منفعة ...تساهل وسطي دون تسجيل هفوات او التوغل في كمين .. خدع انثوية لاجل الاصطياد لكن ( هياء) لا تتقبل الامر .. عفة مترسخة وتحسس من القذارة وتخوف من سطوة الرجل .. لون غريزي من الاشمئزاز من العلاقات الحميمية ومشتقاتها .0
( امي تريدني امضي بالطريق الخطأ , ذلك سر ازمتي ) , هكذا اخبرت القيصر الذي يكبرها بعشرة اعوام , ذات يوم سحرت القيصر فابتكر لها كل الكمائن فخسر معاركه معها واحدة تلو الاخرى ..نجت من قبضته الماهرة باقتدار ...ولكنه مبكرا علم بان لا امرأة تتمكن من الافلات من رجل مصر اخبرته بذلك زميلة له ..فكان تقريرها منهجا وقاعدة رياضية لا تقبل النقض ..ودعّم ذلك ما قرأها برواية الجريمة والعقاب ( اية امرأة اخضعها لارادتي بالنفاق والمجاراة ) ...ترسخت فكرة بطل دستوفسكي عميقا في وجدانه ولم ينتبه او لم يتمكن من التوقف عن الشق الثاني - المفند - من الحوار حيث اجاب البطل (ان عصت فتاة علي فسانتحر ) .. حقا انتحر في النهاية ...
انتقل القيصر لمحافظة اخرى وتناسى مؤقتا هياء .. انشغل بالرسم والصيد رغم انه لشهرين لم يصد على الفرات الا انه كان يقصده لساعتين صبحا ومثلها في العصر فيعود غروبا مزدحما بالفراغ ... فيمسك ريشته حتى الفجر ..
في غمرة هذا الانهماك وصلته رسالة عن طريق صديق جار.. كان ذلك ضحى الخميس .. (هل نسيت .. عاجلا تعود للبصرة .. انتظرك .. هياء .).
بعد وجبة الظهر قصد القيصر محطة القطار القريبة من منزله وتوجه الى البصرة .
عليك تصحيني في المنتصف .. وبقي يتلظى فلما بلغت الحادية عشرة ونصف .. قصد الساعة الجدارية وحرك عقاربها .. وناداها بشبه همس فامها جوارها .. وقصد الغرفة الاخرى ينتظر ..رآها تخطو بتثاقل ملامسة ارنبة انفها يلتف على بشرتها الحنطية ثوب مزهر يضيق صدرا والخاصرة ورغم ضعف الضوء التقط صبي حياء يعوم بعينيها السوداوين الواسعتين , لم يكن لمسها متعذرا فطالما تمددت على بطنها ودعته لمساج على توتر ظهرها ...وطالما قطف لمسات وضغطات من الرمانتين .. لكنها ستاتيه الليلة كلها .. استعداد جسدي دافق ولّده الهجر والبعد والفراغ .
جاءت وقطرات الماء لم تجف تماما , كان جسدها يفرز عطرا انثويا اخاذا ,وبعد لحظات بدأ بتنشق الازهار النعمانية التي تبعثرت على ثوبها ..هي الان في قبضته وعليه استخدام مهارته ليسكن فيها الارتعاد ..يهيئها لاول ملحمة ستخوضها ... عميقا في وجدان كليهما ستنحت هذه الليلة ..التاريخ يستعد .. الزمن سيخلد ..الذاكرة في اعلى درجات التأهب لتلتقط هذه الذكرى وتخزنها للابد ..
وعلت تاوهات منها , فقالت الام من ظلام غرفتها
( هياء ما بك ) هي تعرف تماما ما بها .. وهي فرحة لها فلم يكن النداء الا رسالة اطمئنان .
في الصباح فاجأته : ( ما حدث الليلة الماضية كان خطأ لن يتكرر) ...اعلنت بتوتر وهي خفيضة العيون .
ـــــــــــــــــــــــ
( كان خطأ ),فكرة غامضة صادمة ..استغرق عشر سنوات ليفكك شفرتها ..ليلة عاشتها في غاية الذوبان والسحر الروحي فكيف كان خطأ ..وادرك انه يحتاج الى علم حفريات الروح وانواع الطبقات الروحية ليتفهم ما وراء ذلك ...لكن فرويد بكل كفاءته التحليلية استغرق وقتا ليتفهم الغاز حلم مر في وجدان مريضته المصابة بالهسترا ..فقد حلمت انها تنحر كلبا .. بعد جلسات ادرك بان الكلب الاحمر هو عمتها لانها اطلقت عليها هذا الوصف في طفولتها.
لكن ذلك جرى منذ اكثر من ربع قرن .اما الان فهياء وحيدة في قرية قصية بالجنوب ..
مقطع من رواية صنارة وانهار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!