الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبؤات -آل التاجر- وشقاء المواطنين

نصر اليوسف
(Nasr Al-yousef)

2024 / 4 / 26
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


وَقـَعـْتُ صدفة على مجموعة من الصور تعكس عالماً آخر لا يمت إلى سورية بصلة؛ صور من مزرعة شخص يدعى مازن التاجر..
عـَـرّفـَـتِ المقالةُ صاحبَ المزرعة بأنه شخصٌ مقرب جداً من ماهر الأسد، وأنه ابن اللواء مصطفى التاجر!!!
في الحال، هاجَتْ في مخيّـلتي ذكرياتٌ أليمة جداً،،،
في صيف عام 1996، سافرتُ مع عائلتي إلى سورية ، لكي نقضي عطلتنا مع الأهل. عندما وصلنا إلى مطار دمشق، خَـتَـم الموظفُ جوازات سفر زوجتي وولديّ، أما جواز سفري فأخذه وأشار إلى أن أتبعه. دسّ الموظف جواز سفري في كوة، وطلب مني أن أنتظر. وبعد حوالي خمس دقائق طويلة جداً ظَهَـرَ من داخل الكوة وجه موظف، سلّمني ورقة ممهورة بختم إهليلجي، مساحتها تعادل نصف مساحة الورقة العادية، تنص على ضرورة مراجعة فرع الأمن العسكري رقم 235/6 خلال 3 أيام.
عندما خرجتْ زوجتي مع الأولاد دون أن أكون معهم، لفّ عائلتي وإخوتي وأولادَهم، الذين كانوا في استقبالنا، وجــومٌ ثقيل وقلقٌ شديد. وعندما خرجت لهم وعرفوا بما جرى، تَلاشت فرحة اللقاء، وخيّم على الجميع صمتٌ أثقل من جبل أحد... أقسم أننا طول الطريق؛ من مطار دمشق وحتى حماة، لم نتبادل 10 كلمات. كان كل منا يكتب في مخيّلته سيناريوه الخاص بالتطورات اللاحقة. ومن المؤكد أن أحداً لم يرسم نهاية سعيدة.
في حماة، استنفرنا كلَّ أصدقائنا ومعارفنا، وأعربنا للجميع عن استعدادنا لدفع كل ما يلزم...
تبين أن لدى اثنين من الأصدقاء ضابط مخابرات برتبة عميد، يخدم في "فرع فلسطين". اتصل أحد الصديقين – بحضوري – بصديقه (العميد) وأعلمه أنّ شخصاً عزيزاً عليه جداً مطلوبٌ لفرع الأمن العسكري رقم 235/6، فقال له العميد إن الرقم المذكور هو رقم فرع فلسطين، وأما الرقم (6) فيرمز إلى "قسم الأحزاب السياسية المحظورة". ورغم أن العميد لا يرأس ذلك القسم، إلا أنه أكد لصديقي أنّه لن يدّخـر جهداً للوصول إلى أفضل نهاية ممكنة.
كانت فرحتي لا توصف؛ صديق مقرب لصديقي المقرب برتبة عميد، يعمل في نفس فرع المخابرات الذي ينبغي عليّ مراجعته!!!
طُلب مني أن أَحضر إلى مكتب ذلك العميد في الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم التالي، بصفة "ضيف على العميد" وليس كمراجع.
بما أن هذا المقال مخصص للحديث عن صُـوَر مازن التاجر، فإنني سأترك الحديث عمّا حدث في أول يوم لي في ذلك المكان المشؤوم، إلى مقال آخر، وأتحدث هنا عن مصدر تلك الصور.
كان لدى قسم الأحزاب عدد كبير من الشهادات والوثائق التي تثبت أنني كنت منتمياً إلى حزب محظور، وعندهم أيضاً من الشهادات ما يؤكد أنني انسحبت من ذلك الحزب منذ عام 1985. ورغم ذلك كنت مهدداً بالسجن مدة 10 سنوات، بتهمة "التكتم على معلومات تضر بأمن الوطن". إذ قـيـل لي إنه كان عليّ أن أخـبِـرَ الجهات المعنية بكل ما أعرفه عن ذلك الحزب وعن أعضائه ومخططاته.
لعِبتْ "وَسـاطـة" ذلك العميد دوراً حاسماً في تغيير مجرى حياتي. فقد عقد الرجل عدة اجتماعات مع رئيس القسم الـ(6).
في نهاية الدوام المسائي من اليوم الثالث، أفهمني رئيس القسم السادس، أن ما أدليتُ به من إفادات، يجعله مضطراً للطلب من رئيس الفرع (اللواء مصطفى التاجر) إصدار مذكرة اعتقال لفترة يمكن أن تطول. وأضاف أنه من الأفضل لي ولهم أن أترك لـ"كبير المحققين" حرية صياغة الاستجواب، لكي يتسنى تمرير السيناريو المرغوب.
بعد تلميح وتصريح، وأخذ ورد مع كبير محققي القسم السادس، فهمت أن السيناريو يتلخص في "المصاري مقابل الحرية". وأوضح لي أنّ ثَـمَـنَ تَــرْكي حراً طليقاً هو: "طقم ذهب فاخر للسيدة عقيلة رئيس القسم، وطقم ذهب فاخر جداً للسيدة عقيلة سيادة اللواء رئيس الفرع"... أما هو،،، فالأمر متروك لذوقي...
وافقتُ فوراً على ذلك العرض، وأعربت عن جزيل شكري له وللسيد رئيس القسم على حُـسْـنِ التعاون. وقلت له إنني لا أعرف ذوق كل من السيدتين الفاضلتين في المجوهرات، ولذلك سأسلمك المبلغ المطلوب، وأنت تتدبر الأمر بمعرفتك باعتبارك من عظام الرقبة...
فقال لي: يا عيني عليك! اللي بيفهم بيرتاح وبيريـّح... فعلا هذا هو المطلوب!!!
استمر هذا الأمر طيلة أربع سنوات، تعرضت خلالها لأبشع أنواع الترهيب والابتزاز...
الآن، وعندما رأيت صُـوَر مزرعة آل التاجر، (احترك دمي) لأنني ساهمت بجزء بسيط جداً من تكاليف بنائها.
فهل يحق لي أن أطالب بـ"لبوة" من لبؤات مازن التاجر؟
ملاحظة: كتبت "لبوة" دون همزة للدلالة على ما تعنيه هذه "الصفة" لدى أشقائنا المصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم