الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الصراع العربي الاسرائيلي و مراجعات في صفحات التاريخ 4-3

عبير سويكت

2024 / 4 / 26
القضية الفلسطينية


مواصلةً لسلسة مقالاتي حول الصراع العربي الاسرائيلي و مراجعات في صفحات التاريخ ، و تأملات في مواقف القوى السياسية السودانية بشكل خاص حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، و متابعةً لما أنقطع من حديث حول تباين الآراء السياسية الداخلية السودانية من القضية الفلسطينية.
مع العلم ان المواقف السياسية السودانية تتابين يمينًا و يسارًا حول العديد من القضايا و لكن من خلال فترة تواجدي المهني في السودان و حضوري جميع الفعاليات السياسية و المجتمعية و الاقتصادية و الاحتكاك بهم عن قرب، و خاصةً في المؤتمر الاقتصادي في اخر فعالياته كان هناك تعبيرًا واضحًا عن رفض جميع القوى المدنية السودانية يسارًا و يمينًا التطبيع مع اسرائيل عدا حزب السيد مبارك الفاضل المهدي بخلاف موقف ابن عمه اخر رئيس وزراء شرعي للسودان السيد الراحل الصادق المهدي، الذي قاطع احد أهم المؤتمرات التى أقيمت ما بعد الثورة في السودان اعتراضًا على ما وصفه بتحركات لقيادات عسكرية سودانية للتطبيع مع إسرائيل، و طالب آنذاك بعدم التصديق لابن عمه مبارك الفاضل المهدي بإقامة أي ندوات او مؤتمرات في المناطق الرسمية السودانية للتبشير بالتطبيع مع اسرائيل و الترويج له، واصفًا مبارك الفاضل المهدي " بالعمل الغير صالح" .

اما فيما يتعلق بالشريحة الشبابية السودانية فقد بدى لي واضحًا عدم إهتمام الشباب السوداني الصاعد بالقضية الفلسطينية بعكس الجيل السابق لهم الذي كان و ما زال يؤيد "القضية الفلسطينية" .

تناولت في سلسلة مقالاتى مواقف يمينية كموقف الراحل الصادق المهدي ، و تكملةً للصورة سوف أستعرض أحد مواقف قوى اليسار السوداني الحزب الشيوعى السودانى الذي كان قد أتهم سابقًا القائد الاعلى للجيش السودانى عبدالفتاح البرهان فى ندوة حول الراهن السياسي بانه و عصابته على حد وصفهم يقومون بالتودد للكيان الصهيونى، مضيفين انه ان لم يكن للبرهان جرائم فيكفيه جريمة مقابلته لنتنياهو من وراء ظهر شعبهم ، مستنكرين قائلين : كيف لعاصمة اللاءات الثلاث السودانية ان تنحدر و تسقط هذا السقوط المدوى، معلنين سابقًا عن دعمهم لمن وصفوهم بحركات المقاومة الفلسطينية الثورية الشعبية فى تحدى آلية الحرب الفاشية الصهيونية و المشاريع الإمبريالية على حد تعبيرهم، مؤكدين على أنهم و الفلسطينيين فى خندق، واحد و العدو فى فلسطين و السودان واحد .

و اليوم الجمعة الموافق 26 أبريل 2024، أصدر الحزب الشيوعى السوداني بيانًا مشتركًا مع الحزب الشيوعى المصرى يطالب فيه بالإفراج عن المعتقلين المتضامنين مع نساء فلسطين و السودان، الذين اعتقلتهم الشرطة المصرية الثلاثاء 23 أبريل 2024 بسبب مشاركتهم في وقفة تضامنية سلمية قامت بها مجموعة من النساء المصريات أمام مقر الامم المتحدة للمرآة بالقاهرة، تضامنًا مع النساء الفلسطينيات و السودانيات و تقديم خطاب للأمم المتحدة لوقف جميع اشكال العنف و العدوان على نساء فلسطين و السودان.

الحزب الشيوعى السوداني الذي أعلن عن موقفه رسميًا عندما أنتشرت أخبار لم تكن مؤكدة في وقتها عن إمكانية تطبيع السودان مع إسرائيل تحت مخطط امريكي و تبشير إماراتي و مباركة مصرية على حد الوصف السوداني للأحداث آنذاك.

و في تعليقهم على ما يسمى صفقة القرن اكد الحزب الشيوعى السودانى على انه منذ تأسيسه عام 1946 ما قبل إستقلال السودان كان موقفه من قضايا التحرر في المنطقة الافريقية و العربية واضحًا، و استنادًا على تقارير الحزب تأييد الشعب السوداني لجميع المناضلين و المناضلات من اجل الاستقلال الوطني و التغيير الاجتماعي، و في هذا الإطار كان موقف الحزب يستند علي نضالات شعب السودان خاصةً في تلك الفترة النضالية ضد الاستعمار البريطانى و تغبشيه الوعي على حد تعبيرهم باستخدام ما يسمى بالبرلمانات و ما هي إلا أداة للاستعمار الحديث، انطلاقًا من هذه المواقف على حد وصف الحزب الشيوعى السوداني و عندما طُِرحت على المنطقة العربية منذ 1948 تقسيم فلسطين و صدور قرار الأمم المتحدة اتخذ الحزب الشيوعى موقفًا مغايرا لذلك القرار، و لكن لم يكن بالعمق المطلوب في ذاك الوقت، و إنما كان موقفًا مؤيدًا للحراك داخل الاراضي الفلسطينية ضد الاستعمار البريطانى و ضد الاستيطان و وعد بلفور، و لكن باستمرار الاستعمار و تحول المنطقة التى عاش بها الفلسطينيين لمنطقة لليهود القادمين من اوربا على حد تعبيرهم، و تحول الموقف آنذاك من قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة الى مسألة حركة تحرر وطني ضد الاستعمار البريطانى و ضد الاستيطان اليهودي القادم من اوربا ، و في هذا الإطار كان الشعب الفلسطيني موجودًا في أرضه و لم يغادر أرضه رغم القذف و الاضطهاد و الحروبات التى تمت في ذلك الوقت، و المذابح التى راح ضحيتها مئات الفلسطينيين على يد الجنود الاسرائيليين على حد تعبيرهم، رغم ذلك ثبت الشعب الفلسطيني و حاول بوجوده داخل أرضه ان يستمر في مقاومة الاحتلال في تلك الفترة، فترة 48 و ما بعدها حاولت الحكومات العربية و أغلبها في ذلك الوقت كانت بصورة او اخرى تخضع او تعيش في نفوذ الاستعمار البريطانى بينما فرضت عليها المواقف الشعبية الجارفة في مصر و البلدان المحيطة بفلسطين لبنان و سوريا و العراق و الاردن فرضوا على الحكومات اليمينية الخاضعة للاستعمار البريطانى إرسال جيوشها لكى تحرر فلسطين، و تساعد الشعب الفلسطينى في انتفاضته التي تمت في 48، 49 الي عام خمسين .

و يواصل احد كبار القيادات الشيوعيه السودانية قائلًا: و بطبيعة الحال فشلت تلك الجيوش لضعف التسليح و عدم الاستعداد للحرب مما ادى لتذمر شديد وسط الجيوش العربية ، ثم تكونت وسط الجيش المصرى خلايا الضباط الاحرار كان على رأسها مثلًا الرئيس المصرى السابق جمال عبدالناصر و بقية الضباط المصرييين التقدميين، بنفس المستوى ظهروا في الجيش السوري و العراقي .
في المؤتمر الرابع للحزب الشيوعى السوداني عام 1967 طور الحزب موقفه معلنًا عن موقفه الرسمي في إقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية على أنقاض الدولة الصهيونية و على ان يعيش الشعبين الفلسطينى و اليهودي في تلك البقعة بطريقة المواطنة المتساوية بلا تمييز في ظل دولة مدنية ديموقراطية، او دولة لها دستور علماني بشرط استبعاد الدين عن الدولة بان تكون الدولة مستقلة بوجود أديان كثيرة موجودة، و باعتبار ان الشعب الفلسطينى له تاريخ ثقافي مختلف و تاريخ ديني مختلف، باعتبار فلسطين ارض مقدسة فيها اديان مختلف الدين المسيحي و الاسلامي ، موقف الحزب الشيوعى السوداني هو الاعتراف بالدين اليهودي بجانب الاديان الاخرى لكن مع وجود دولة واحدة مع وجود شعبيين لديهما معتقدات مختلفة مع وجود دولة ديموقراطية و نظام ديمقراطي يقود هذه الدولة و يُقاد بالانتخابات بالطريقة السلمية .

على حسب الحزب الشيوعى حل الدولة الواحدة العلمانية بلا دين مع حق المواطنة بلا تمييز كان دوما هو الموقف الرسمي للحزب، لكن النضال الذي تم و توازن مواقف موازين القوى العالمية و المواقف التكتيكية للأمم المتحدة فرضت واقعا جديدا خاصةً بعد العدوان الاسرائيلي سنة 1967، حيث جاءت قرارات الأمم المتحدة بعد عدوان إسرائيل على الدول مصر و سوريا و احتلال الضفة الغربية كما أحتلت سيناء و الجولان، قرار الأمم المتحدة (242) كان واضحًا ضرورة انسحاب القوات المحتلة الاسرائيلية من هذه الحدود، و هذا القرار إلي الآن هو القرار الوحيد للأمم المتحدة و الواضح فيما يخص دولة اسرائيل و حدودها على حد قولهم ، حدود حزيران 1969 تعني قيام دولة فلسطينية مستقلة و عاصمتها القدس و ليس ما رشح الآن باعطائها أطراف من القدس الشرقية، وحقيقة الأمر ليس القدس الشرقية بل اطراف القدس الشرقية على حسب صفقة القرن، و يواصل القيادي الشيوعى حديثه : يعني منطقة صغيرة بهذا الحجم لتصبح عاصمة لهم !!! يعني إعطائهم أقل من ربع فلسطين الطبيعية على اساس ان تقيم فيها دولتها، و ليس ذلك فقط بل هى مقسمة، و شكل المستوطنات موجودة في كثير من الضفة الغربية، و ما عرض على الشعب الفلسطينى الآن تقريبًا هو التصفية الكاملة للقضية الفلسطينية ، نحن الان مع قرار حل الدولتين و دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية .

يواصل قائلًا: اصرار الحزب الشيوعى السوداني على ان موقفه المبدئي سيظل موقفه المبدئي و لا يمكن التقدم دون مبادئ.

و المعلوم انه قد نادى البعض آنذاك برفع دعاوى قضائية ضد الجيش السوداني بسبب لقائه رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو، و اعتبار تصرفه هذا بالتغول على السلطة التنفيذية و إختطافاً للارادة الشعبية ، مشيرين الى ان مخطط لقاء قائد الجيش السوداني مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو هو من تدبير إمريكا و الإمارات و اسرائيل، و الربط آنذاك بين زيارة الجنرال البرهان لامريكا و لقاء نتانياهو، معتبرين ان شرط إمريكا الاساسي حينها لمنح الضوء الأخضر لزيارة برهان لامريكا هو ان يقبل بلقاء نتانياهو .

وضح الحزب الشيوعى السوداني انه صحيح ان دولة اسرائيل جزء من الأمم المتحدة و بالتالي فهي جزء من العالم الخارجي، و هي حقيقة موجودة و مقبولة لدي الحزب الشيوعى السوداني، و لكن هل هذا لا يعني ان اي دولة موجودة في الامم المتحدة يجب القبول بسياساتها، موضحين ان دولة اسرائيل دولة محتلة لأراضي لشعب أخر، واصفين اسرائيل بالدولة الخارقة لكل قرارات الأمم المتحدة فيما يخص حقوق الشعب الفلسطينى العادلة كما ينص عليها العديد من قرارات الأمم المتحدة ، و عليه قبول اسرائيل كدولة عضو في الامم المتحدة مقبولا ، لكن الالتقاء بها و إقامة علاقات معها و هي لا تحترم قرارات الامم المتحدة و لا تنفذها في هذه الحالة لا يمكن إقامة علاقات معها إلا اذا احترمت قرارات الامم المتحدة و نفذتها بالتالي انذاك يمكن اقامة علاقات معها.

يعتقد الحزب الشيوعى السوداني ان كثير من الناس تتحدث عن ان اسرائيل سوف تساعد السودان اقتصاديًا لكن الحقيقة المرة هي كالآتي: إنه اسرائيل لها علاقات مع 36 دولة في إفريقيا لكن لم تعطي و لا سنتيم واحد لهذه الدول و حتى لم تساعدها اقتصاديًا.
في الوقت الذي وصف فيه بعض السياسيين السودانيين ان الحديث عن ان اسرائيل سوف تساعد السودان هو اكبر خدعة، شارحين ان اول مطبع مصر لم تقبض من وراء تطبيعها إلا الهواء الساخن و دول اخري انتشرت فيها خلايا التجسس التكنولوجي.

يوضح الحزب الشيوعى السوداني ان هدف الامبريالية العالمية هو تصفية حركات التحرر العربية بدءًا من فلسطين ، مبينين ان تحرك الإمبريالية الامريكيه بالتحديد في هذه الظروف و صفقة القرن بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه، و خلق نوع من تغبيش الوعي وسط الشعوب العربية، و فرض مواقف على الحكومات العربية، و إيقاف المد الثوري الذي بدأ ينتشر في البلدان العربية مثل السودان، الجزائر ، لبنان، العراق، و ان التحرر في الكويت و محاولات التعديل الوزاري كانت بهدف الإشارة الى مسألة الفساد، هذه العوامل مجتمعة تدل على حركة الشعوب على حد قولهم .

و يوضح الحزب الشيوعى على لسان كبار قادته ان الوضع العالمي تغير لم يعد هناك سيادة القطب الواحد بدأت تظهر بدايات تتحد وجود القطب الواحد ، البريكس التى تتكون من الصين روسيا الهند جنوب أفريقيا البرازيل الى اخر القائمة، هذه الدول لها مواقفها و قوتها الاقتصادية و قوتها العسكرية .

مواصلين في ذات السياق ، هناك حراك جماهيري سيتطور في شمال افريقيا و وسط افريقيا و في امريكا اللاتينية كان هناك نهوضًا منذ عشر سنين ثم انخفاضًا ثم عودة نهوض، يمكن الآن الحديث عن ثلاثة أقطاب قطب امريكا موجود منذ زمان، قطب البريكس و المجموعات التى حوله، و قطب حركة الشعوب ما يربط بين قطب البريكس و حركة الشعوب هو انه هو الاقرب لها و لا ننسى الحراك الموجود في البلدان الراسمالية في أوروبا. كلها أشياء تتحد سياسة القطب الواحد .

و عن بعد الشباب السوداني عن القضية الفلسطينية و مناصرتها ، وضح الحزب الشيوعى انه على المستوى الجماهيري و الشعبي هناك قد يكون سوء فهم لمشكله القضية الفلسطينية، و مهمتنا هى المساهمة في توعية الجماهير حول هذه القضية ، ثم بعد ذلك تكون الدعوة الى حراك جماهيري واسع.
يحضرني في هذا السياق حديث الراحل الصادق المهدي عن خطورة عدم وعي الشباب السوداني الصاعد بأبعاد القضية الفلسطينية قائلًا : (" بعض الشباب الذين لا يدركون أن شعار الثورة: "حرية، سلام، وعدالة"، لا يقف عند حدود السودان الجغرافية، ويتوهمون أن مقاطعة إسرائيل هي موقف عربي لا يعنيهم. موقف مقاطعة إسرائيل العنصرية كما كان موقف جنوب إفريقيا العنصرية؛ يتطلب موقفًا ضد العصبية العنصرية لا تخص العرب والأفارقة وحدهما…").

نواصل للحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة