الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد خلف.. يحرث في أرض الكتابة ويصنع الجمال

داود السلمان

2024 / 4 / 27
الادب والفن


ترددت بعض الشيء وأنا أروم الكتابة عن الروائي والقاص أحمد خلف، والسبب لعلِّي لا أأتي بجديد، إذ سبقني من هو أكثر خبرة مني في عالم الكتابة، هذا العالم الرحب، المتلاطم الامواج كبحر زاخر. فالكاتب أحمد خلف، علم عراقي يرفرف في سماء الأدب، فهو غزير النتاج، فيض الابداع، وحاصل على جوائز عراقية وعربية كثيرة، وتناولت الكتابة عنه عشرات وربما مئات الأقلام الحرّة، وكتبت في أعماله شهادات الدكتوراه والماجستير، مما جعلته يرتقي سلّم الشهرة، على أعلى المستويات. فالرجل له باع طويل في عالم الابداع، ومازال يحرث في أرض الكتابة، ويصنع الجمال.
تعرفت على أحمد خلف من خلال أول عمل قرأت له هو "صراخ في علبة" قبل خمسة وعشرين عاما تقريبا؛ حتى ألتقيته وجها لوجه في عديد من المرات، وفي أماكن مختلفة، منها: في تجمع "فقراء بلا حدود" التجمع الذي أسسه الصحفي الراحل - اللامع ناظم السعود (صاحب الفضل على كثير من الأدباء) وفي أتحاد الأدباء والكتّاب، وفي شارع المتنبي، وكان قد أهداني روايته "البهلوان" وتناولت الحديث عنها في كتابي "نكهة المعنى".
أكتب هذه السطور وأنا أقرأ قصة قصيرة جدًا لأحمد خلف، تحت عنوان "طفولة"، والقصة هذه أثارت بيّ شجون، وكذلك ذكريات ماتزال عالقة في ذهني، بسبب أنها تتحدث عن جانبين مهمين، هما: الطفولة والغناء؛ فمَن منّا لم يحظَ بذكريات جميلة عن تلك الأيام الخوالي، والسنين العذبة المرحة، وتلك البراءة والصفاء، والقلوب النقية، يوم كنّا غارقين في النقاء، وكانت الحياة في عالمنا ذاك هي: عبارة عن لعب ومرح، وأحلام طويلة لا تكدرها شوائب الملل والسأم، أحلام صغيرة بجم آمالنا المعقودة على النجاح من مرحلة الدراسة الابتدائية، لنرتقي إلى أخرى وأخرى، لنصل إلى أمنيات التخرج. بل وأحيانا نحلم بأشياء بسيطة جدا، هي أن نشتري ملبس جديد، حالنا حال الأطفال المتنعمين، نحن الفقراء أبناء الكادحين، الذين نسكن تحت خط الفقر.
هذا جانب؛ وأما الجانب الثاني، الذي أثار مشاعري، هو الغناء؛ فالغناء هو من يخفف وطأة الشجن، حينما يتكالب الشجن على الإنسان، يحتاج إلى متنفّس، إلى شيء يطفئ به هذه النار المتوقدة في القلب، وهذه الاشجان التي أثقلت على الروح، وراحت تعبت بتجليات النفس، فيشعر المرء كأنّ نفسه هذه تريد أن تخرج من الجسد، لترتفع إلى باريها. فلا يجد غير الغناء كمتنفس يبدد تلك الظلمة الخانقة، فبلا شك إنّ مَن أسس الغناء، وبالخصوص الحزين الشجي، هُم الفقراء المعذَبين، الذين خدعتهم الحياة، وخانهم الزمن، وتسلط عليهم الطغاة، فحرمهم من أبسط الأشياء، والعيش الكريم؛ لذلك تجد غناء أهل الجنوب، جنوب العراق تحيدا، تشع منه رائحة الحزن بطعم والعذاب، والوقوف على الأطلال، وهذا هو ، بحد ذاته، تعبير عن الشجب والاعتراض، والصرخة المكبوتة بوجه المستبد، حيث يعبّر عنها الفرد - المغني بالآه والويل والأوف، ومنه أنتقل هذا اللون من الغناء إلى المُدن، حتى عم العراق برمته.
وللأسف، غناء اليوم هو ليس غناء الأمس، فقد فسدت الذائقة، وأنهدم صرح الغناء الأصيل، فصرنا نسمع ترهات وخزعبلات ليس لها صلة بالغناء، وأصوات نشاز، بلحن واحد، وكلمات تخدش الحياء.
وبلا شك، فأن أحمد خلف له ذكريات بطعم الشجن، وطفولة مرحة بلون البراءة، إذ عاش تلك الطفولة بكل تجلياتها، ومازال شيء منها عالقا بذاكرته. وربما في هذه القصة شيء كثير من واقعه ذاك.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ـــ طفولة ـــ
قصة قصيرة جدا
كل مساء يغمره الحنين الى نفسه ويعتريه فيض الذكريات, هل تراه يستطيع ملامسة اطرافها ؟ بعض المشاهد والصور من تلك الذكريات المحطمة. أم تراه ينظر بعين كسيرة الى ماضي الايام المتداعية .. كل شيء قبض الريح وما عادت سفن الاحباب محملة الا بالصدى والتمني, من تراه يناديه في آخر الممر الطويل:
- كيف الحال يا عبد الله؟
أتراه يعنيه وحده أم ينادي عبد الله أخر ؟ حين وصل البيت وجده خاليا من احد, عاد الصوت ثانية للنداء:
ــــ تعال يا عبد الله نصطحب بعضنا ونرتدي سراويل المدرسة ونملأ الازقة بالغناء.. الصمت ثقيل والبيت كئيب وروحي تسأل من اخترع الغناء؟ وانت تثير في قلبي ولع الى الظل الوافر والعزلة المستحبة, يا عبد الله نحن توأمان هجرنا طفولتنا وصحبتنا المبكرة, ماذا عساك صانع في حياتك ماذا تراني فاعل في حياتي, بهدهدات أمي بصمت أبي ؟ بتلك الذكريات البعيدة؟ تعال نصطحب ظلا ونحادث انفسنا ساعة كما كنا قبل هذا الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً


.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو




.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس