الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيناريوهات المستقبلية ما بعد اجتياز الخطوط الحمراء وتغيير قواعد الاشتباك في الصراع الإسرائيلي _الإيراني

نايري عبدالله الشياعي

2024 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


اتسمت العلاقات الإسرائيلية_الإيرانية بالتحالف والتعاون الوثيق في التاريخ القديم، إذ يرجع بداية التاريخ اليهودي في إيران إلى أواخر العصور التوراتية، إذ تضمنت أسفار أشعياء ونحميا ودانيال وعزرا في الكتاب المقدس على حياة اليهود وتجاربهم في بلاد فارس لأكثر من 2700 عام، والعودة إلى أرضهم إلى اورشيلم (القدس حاليا) أما في التاريخ الحديث فمنذ قيام دولة إسرائيل في العام 1948 تميزت العلاقات الإسرائيلية الإيرانية بالاستقرار والتعاون الوثيق في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية إلخ. إذ كانت إيران ثاني دولة بعد تركيا تعترف بإسرائيل كدولة، وتنظر إليها حليفا طبيعيا ودولة ذات سيادة استناد للتحالف الاستراتيجي (تحالف المحيط) والذي أسسه الرئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون، لغرض التصدي للدول العربية المعادية لدولة إسرائيل. أما في فترة سقوط حكم الشاه محمد رضا بهلوي في العام 1979 وانتصار الثورة الإسلامية بقيادة السيد روح الله بن مصطفى الخميني، قطعت إيران علاقتها السياسية والدبلوماسية والتجارية والاقتصادية مع إسرائيل ولم تعترف بشرعيتها كدولة فتحولت علاقاتها من التحالف إلى الصراع عن طريق حروب الوكالة، أي أنها لم تدخل بشكل مباشر في الحرب وإنما تتم العمليات العسكرية عن طريق حلفائها ووكلائها وفصائلها في المنطقة والعالم.
وفي الفترة الأخيرة اتسع نمط الصراع وتغيرت قواعد الاشتباك وتحول الصراع من حروب الوكالة إلى الصراع المباشر وذلك بعد سلسلة من الاغتيالات الإسرائيلية لقادة الحرس الثوري الإيراني وقصف القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، وقصف المقرات العسكرية في العراق واليمن ولبنان التي لها تعاون أو ارتباط مباشر مع إيران واغتيال أبرز قادتها، وكل ذلك أدى إلى زيادة التوتر ما بين الدولتين وزيادة التصعيد العسكري مما أدى إلى قيام إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق_المزة، وكل ذلك أثار غضب إيران وقيامها بهجوم مباشر عن طريق استخدام عشرات المسيرات والصواريخ ردا على القصف الإسرائيلي وذلك باعتبار القصف اعتداء على سيادتها...

هل حقق الهجوم الإيراني غاياته وأهدافه؟
أن قيام إيران بالهجوم المباشر على إسرائيل أدى إلى دخول إيران مرحلة جديدة من الصراع، إذ أصبحت القواعد العسكرية والمواقع الحيوية والاقتصادية في إيران معرضة للقصف الإسرائيلي، ولا سيما أن إسرائيل استطاعت التوغل داخل العمق الإيراني واغتيال أبرز قادة الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي الإيرانية وكذلك اغتيال أبرز مهندسي ومسؤولي الملف النووي الإيراني وعلاوة على ذلك فقد كان الهجوم الإيراني حقق جزءا من أهداف إيران وأبرزها إعادة إيران شرعيتها كدولة قائدة للمقاومة، وكذلك إعادة إيران سيطرتها على فصائلها الموجودة في العراق ولبنان واليمن بعد أن فقدت السيطرة على تلك الفصائل بعد اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية للجنرال قاسم سليماني، وكذلك إعادة إيران شعبيتها في الدول الحليفة لها ومنها العراق ولبنان واليمن. ووفقا لما سبق فقد أثبت إيران من خلال ذلك الهجوم أنها قائد على ردع الدول بالقوة إذا اقتضت الضرورة ذلك، وان الدبلوماسية الإيرانية ناجحة وذكية وتعرف متى تستخدم القوة الناعمة ومتى تستخدم القوة العسكرية، وينبغي التذكير أن صانع القرار السياسي الإيراني تبنى استراتيجية الردع التي تستند على افتراض أن القوة أفضل علاج للقوة، أي عندما يتحقق تفوق دولة ما في القوة فإنها تستطيع فرض إرادتها على الدول الأخرى ولا يكبح جماحها إلا قوة أخرى مضادة لها أو متفوقة عليها. وينبغي التذكير أن إيران قصفت قاعدة نفاطيم الإسرائيلية، فضلا تضرر البنية التحتية لقاعدة النقب الإسرائيلية.
ما هي الفوائد التي حققتها إسرائيل من الهجوم الإيراني على أراضيها؟
1 _استطاعت إسرائيل أن تعرف مدى قدرة وصول الصواريخ الإيرانية إلى العمق الإسرائيلي، وأن تقيس القدرات العسكرية الإيرانية ومقارنتها بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، وهذا الأمر تسعى إليه إسرائيل منذ سنوات طويلة ولا سيما بعد ادعاء إيران بأن القبة الحديدية الإسرائيلية مخترقة بواسطة التقنية والماكر الإيراني
2_ حصلت إسرائيل على التعاطف والدعم الدولي، إذ أكدت الدول الغربية بالوقوف إلى جانب إسرائيل ومساندتها ضد الهجمات الإيرانية ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا.
3_ أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية المشروع العربي الذي قدمته الجزائر إلى مجلس الأمن والمتضمن إعادة العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة عن طريق استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة في مساء يوم الجمعة المصادف 19/4/2024.
4_ ستستمر إسرائيل وتزداد بقصفها لقطاع غزة وتهجير سكانها ولا سيما اجتياح مدينة رفح وتصفية الكتائب الأربعة التابعة لحركة حماس بحجة الدفاع عن نفسها وجعل الجبهة الجنوبية لقطاع غزة آمنة لسنوات طويلة والحفاظ على أمن إسرائيل القومي ضد الهجمات الإيرانية.
مَن الخاسر من هذه الحرب؟
إيران وإسرائيل دولتان تعمل على تحقيق مصالحها المتضاربة في فلسطين فكلتا الدولتين حققت مكاسبها من الحرب، فالمتضرر الوحيد من هذه الحرب هي فلسطين _غزة, وكذلك الدول الضعيفة غير المستقرة سياسيا واقتصاديا العراق واليمن ولبنان وسوريا فتلك الدول ستصبح مجالا وساحة للصراع الإسرائيلي _الإيراني في حالة حدوث الحرب ما بين الطرفين. أن إسرائيل وإيران لن تفكر بالدخول بالحرب المباشرة؛ وذلك لأن كلتا الدولتين تدرك مخاطر الحرب المباشر وتداعياتها وانعكاساتها على الشرط الأوسط والعالم. وأخيراً يمكن القول عندما تتصارع الفيلة, العشب هو الذي يُداس.
ما هو موقف الدول من الهجوم الإيراني على إسرائيل؟
في ليلة الهجوم الإيراني على إسرائيل أعلنت بعض الدول بشكل صريح وعلني بالوقوف إلى جانب إسرائيل ومن تلك الدول هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، إذ أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) "أن السفن الحربية الموجودة في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط أوقفت عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية المتجهة نحو إسرائيل" وكذلك شاركت فرنسا في صد الهجوم الإيراني على إسرائيل عن طريق استخدام التكنولوجيا والتقنية العالية. وكذلك بريطانيا فقد أوقفت عشرات الصواريخ والطائرات الإيرانية. فضلا عن ذلك هنالك دول عملت على حماية أمنها وسيادتها من الهجوم الإيراني ومن تلك الدول هي مصر فقد كثفت القاهرة جهودها الدبلوماسية وتواصلت مع الأطراف المعنية بالصراع وذلك لغرض احتواء الموقف وعدم توسع محاور الصراع وتدهور الاستقرار الإقليمي في المنطقة. وكذلك الأردن فقد عملت على حماية مجالها الجوي عن طريق التصدي للطائرات والمسيرات الإيرانية القادمة من سوريا والعراق باتجاه إسرائيل وذلك لغرض حماية المجال الجوي الأردني من الانتهاكات الإيرانية والرد الإسرائيلي ووقف التصعيد ما بين الطرفين ومنع انجرار المنطقة إلى المجهول.
هل سترد إسرائيل على الهجمات الإيرانية؟
بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، فقد ردت إسرائيل بعد الهجوم مباشرة عن طريق قيامها بقصف القواعد والمقرات التي انطلقت منها الصواريخ والمسيرات بتجاه إسرائيل وتدميرها بالكامل فضلا قصف القواعد ولا سيما قصف قاعدة هشام شكاريا الجوية في إيران والمقرات الحيوية في أصفهان، وكذلك ضرب الفصائل الإيرانية الموجودة في لبنان والعراق وسوريا. على الرغم من رد إسرائيل على إيران، إلا أن إسرائيل لم تقتنع بهذا الرد وتعبر ذلك الهجوم الإيراني على أراضي إسرائيل انتصار إيراني وانتكاسة لإسرائيل، لذلك لم تكتف إسرائيل بهذا الرد فقط إلا أنها ستؤجل الرد إلى فترة أخرى؛ لأن إسرائيل مشغولة بأعمال عسكرية أخرى إذ لدى إسرائيل أهداف استراتيجية تعمل على تحقيقها ولا سيما اجتياح مدينة رفح وتدمير الكتائب التابعة لحماس وتأمين المنطقة الجنوبية، وان اجتياح مدينة رفح هو الهدف الأساسي لإسرائيل مستغلة التعاطف الدولي وفشل المفاوضات الإسرائيلية مع حركة حماس، إذ حصلت إسرائيل على الدعم اللوجستي والعسكري الأمريكي_الأوربي، فضلا عن مباركة الكنيست الإسرائيلي وإعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الضوء الأخضر لاجتياح مدينة رفح. وعلى الرغم من نفي الإدارة الأمريكية على تقديم الدعم لإسرائيل لاجتياح مدينة رفح، غير أنه كشفت صحف ومصادر إعلامية غربية وعربية على أنه (في مساء يوم الخميس المصادف 18/4/2024، جرى اجتماع ما بين مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين عن طريق شبكة الإنترنيت لغرض البحث والنقاش بشأن مدينة رفح)، وأكدت الوسائل الإعلامية (أن الاجتماع ضم كلا من مبعوث بايدن للشرق الأوسط بريت ماكجورك ومسؤولين أمريكيين أخريين، أما بالنسبة للطرف الإسرائيلي فقد ترأس المحادثات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر). كما أن إسرائيل تمتلك الصبر الاستراتيجي تجاه إيران وتدرك جيدا مدى خطورة فتح جبهات عسكرية مع إيران وفصائلها بالمنطقة بالوقت الذي تشن فيه هجمات عسكرية على فلسطين، وكذلك تدرك إسرائيل مدى خطورة قيامها بعمليات عسكرية بمنطقة الشرق الأوسط في آن واحد؛ وذلك لخشية إسرائيل من الهجوم الإيراني ورد الفصائل الإيرانية ولاسيما حزب الله اللبناني على أراضي إسرائيل وعرقلة عملياتها الهجومية على قطاع غزة وتوتر منطقة الشرق الأوسط. وينبغي التذكير أن إسرائيل هدفها الأساسي فلسطين لغرض بناء دولة إسرائيل التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات (أرض الميعاد) المذكورة في الكتب اليهودية المقدسة التي يعتقد اليهود أن هذه الأرض وريثة لبنوا إسرائيل أبناء النبي يعقوب بن النبي إسماعيل بن النبي إبراهيم عليه السلام، وان الإله وعد النبي إبراهيم عليه السلام بأن هذه الأرض وريثة لنسل ابنه إسماعيل عليه السلام. ويعتقد اليهود أن أرض فلسطين هي أرض المعياد التي سيعود إليها اليهود تحت قيادة الماشيح (المسيح المخلص)، وعلاوة على ذلك وضفة الحركة الصهيونية هذا الإرث الديني لاحتلال فلسطين. ووفقا لما سبق إيران ليست هدف إسرائيل وإنما فلسطين هي الهدف الأساسي والمباشر حتى وإن تغيرت قواعد الاشتباك وتنوعت أنماط الصراع وتعد أدت محاور الصراع ما بين إسرائيل وإيران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته


.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ




.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر




.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة