الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتراف الصمت

أحمد زكارنه

2006 / 12 / 7
القضية الفلسطينية


سُئل أحد الحكماء ذات يوم: حينما تشترك في تشييع جنازة هل من الأفضل أن تسير أمام التابوت أم خلفه؟.. فأجاب " كلاهما سواء ما دمت أنا لست بداخله.. ونحن أبناء الشعب الفلسطيني أصبحنا من حيث ندري أو لا ندري لا نبالي السير أمام التابوت أم خلفه طالما لم يكن المشيع هو المسجي بداخله، علما بأن المحمول على الأكتاف شهيد الجوع أو القتل العمد ربما يكون أعز أو أقرب الناس إلينا.. حيث أصبحنا غير عابئين إلا بمصيرنا الشخصي حالنا من حال الراكض وراء رغيف خبز ربط بإحكام في مؤخرة سيارة مسرعة لا نستطيع مجاراتها.

ذات صباح قال لي رئيسي في العمل الإعلامي المخضرم "باسم أبو سمية" جملة جميلة تقل مفرداتها وتجل معانيها ناصحا بأن لا أهاجم جمهور الشعب إن أردت الاستمرار في الكتابة قائلا " ما من كاتب يهاجم الشعب"، وجاءت تلك النصيحة في معرض تعقيبه على مقال كنت قد كتبته منتقداً إستكانة الأغلبية الصامتة من أبناء شعبنا حيال الانفلات الأمني القاتل لكل مناحي ومعاني الحياة.



إلا أنني اليوم مضطرا للنزول من علياء النصيحة نحو الخروج عن النص الذي أفهم معناه جيدا، لإعادة الكَرة في انتقاد استكانة وهوان هذه الأغلبية الصامتة من أبناء شعبنا.. إذ أني أتعجب لشعب لا يتحرك ولا يثور عندما يموت أبناؤه في الشوارع والميادين العامة إما جوعا أو قتلا تحت حجج فصائلية واهية أبعد ما تكون عن المصالح العليا لهذا الشعب الضحية فكما يقال " قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق" ونحن والحمد لله تقطع أعناقنا وأرزاقنا ليل نهار من الأخ والعدو دون تحريك ساكن، بسبب اعتقاد البعض منا أنه بتأطره الحزبي لصالح هذا الفصيل أو ذاك هذه الشخصية أو تلك إنما يجاهد في سبيل الله، فكلنا شاهد بعض مناصري حركة حماس وهم يدعون أن حكومتهم لله كما جاء في شعاراتهم يوم " وقفة ملعب اليرموك" التى ربما يعدها بعضهم أشبه ما تكون ب " وقفة عرفات" ويا للمأساة.



وفي إطار الصورة المشهد لم نزل نرى بعض أنصار حركة فتح يتعاملون بمنطق تقسيم الحركة الرائدة إلى مراكز قوى ترفع من شأن المصالح الفئوية الضيقة على حساب المصلحة الحزبية الأشمل التي من المفترض أن تحمل بين ثناياها الهم الوطني في المقام الأول وليس الأستئثار الشخصي.



حقا إنني لا أستغرب خطف نخبنا السياسية لمصيرنا الوطني فقديما قالوا " يا فرعون مين فرعنك قال لم أجد أحد يردني " ولعلني لم أأتي بجديد حينما أشير إلى تلك النخب التي إستأثرت بمفاتيح حل قضيتنا المركزية فاتفقت على ألا تتفق على نحو لا يرقى إلا لمصالحها الفئوية الضيقة.



فنحن أيها السادة باحتلالنا كهوف الصمت أصبحت عقولنا تربة رخوة لتغيب الوعي لصالح العودة إلى عصر الجاهلية لنفرق بين القداسة والدناسة حسب الهوية الحزبية، فتشرذمت قضيتنا ووشك زمننا على الترهل ومستقبلنا شاخ قبل أن يبدأ، وبات احتراف الصمت من المأثورات النمطية الموروثة التي يجب أن نسأل عنها علماء النفس البشرية علنا نجد الدواء في جلسة علاج وطنية وسلامات يا وطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟