الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسودة التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الرابع للتيار الديمقراطي

علي مهدي
باحث

(Ali Mahdi)

2024 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


مسودة التقرير السياسي للتيار الديمقراطي العراقي
كانون الثاني 2022- أيار 2024

تميزت الفترة الممتدة من كانون الثاني 2022- أيار 2024 بظروف صعبة ومعقدة وكانت مفتوحة على احتمالات متعددة، بحكم عدم الإيمان الراسخ في العملية الديمقراطية من قبل غالبية القوى السياسية، والتي ترى في الديمقراطية الوسيلة للتمتع بالسلطة والثروة، وليس للتداول والتغيير، وقد شهدنا أجواء عاصفة في صيف 2022 كادت أن تحرق الأخضر واليابس.
النظام التوافقي استنفد امكانياته:
بدأت تدرك أعداد متزايدة من أبناء الشعب يوما بعد آخر الفجوة القائمة بين القوى المهيمنة على مقاليد السلطة وعامة الشعب والذي يتجلى بأبسط صوره، من خلال تآكل القوة التصويتية لها والضعف المتزايد في المشاركة بالانتخابات.
ان آلية مشاركة جميع الفائزين في تشكيل الحكومة، يشكل مسارا يعزز من نهج المحاصصة الطائفية والقومية ويلغي عمليا دور المساءلة والاستجواب وهما أحد أركان النظام الديمقراطي.
التوافقية تعني سكوت قوى المحاصصة عن سرقة قوت الشعب والتغاضي عنها واحتكار منافع مؤسسات الدولة للدوائر الاقتصادية للأحزاب الحاكمة، ساهمت التوافقية بشكل كبير من حالة الاحتقان الاجتماعي و الاستعصاء السياسي، واتساع ظاهرة الفساد، وظهور التفاوت الطبقي البارز في المجتمع من خلال مظاهر السيارات الحديثة في الشوارع والمجمعات السكنية الباهظة التكاليف وكأنها جزر محروسة بعيدة عن أماكن العشوائيات ومناطق التجاوزات المحرومة من ابسط مستلزمات الحياة الكريمة، ان قوى المحاصصة، تفرض على الدولة بسحب يدها من تقديم واجبها اتجاه المواطنين ف سنة بعد أخرى تتخلى الدولة عن قطاعات مهمة مثل: الخدمات، التربية والتعليم، الصحة والسكن ، لصالح القطاع الخاص المرتبط عضويا أكثرية رجال أعمال لهم صلات ووشائج مع الأحزاب المتنفذة، حيث تحولت موازنة الدولة إلى موازنة توزيع رواتب على حساب الخطة الاستثمارية، ويتم تسخير إمكانيات الدولة المالية الكبيرة عبر تحويل مئات الآلاف من المواطنين الى لاهثين وراء التعيينات والمساعدات اللتان تحولتا الى رشوة انتخابية مكشوفة، بدلا من أن يكونوا مواطنين منتجين يمتلكون الحد المعقول من المعارف المهنية والسياسية وتحمل المسؤوليات.
ان الشعب ومؤسسات الدولة بحاجة الى وجود قوى تحكم وأخرى تجلس على مقاعد المعارضة ليكون دورها في تعبئته باتجاه الأخطاء والتجاوزات واستنهاض الحركات الاحتجاجية إذا ما تمادت قوى الحكم في الاستحواذ على موارد الدولة ومنافعها.

تشكيل الحكومة بعد إعلان، نتائج انتخابات تشرين 2021
واجه التيار الديمقراطي تركة ثقيلة عند اجراء انتخابات تشرين 2021 التي شارك فيها قسم من قوى التيار وقاطعها القسم الآخر، وإشكاليات المصادقة على الانتخابات والطعون عليها والمواجهات الصعبة بين القوى السياسية، وقد وصلت الى الاعتصام امام بوابات المنطقة الخضراء لعرقلة مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، بحجة التزوير وعدم حيادية المفوضية للانتخابات، بسبب حصول التيار الصدري على المركز الأول في مجلس النواب وخسارة قوى الإطار التنسيقي للعديد من المقاعد التي كانت بحوزتها، وكانت المواجهة الأخرى هي في تشكيل الحكومة (رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء والوزراء) على ضوء نتائج الانتخابات.
فقد احتل التيار الصدري الكتلة الأكبر في مجلس النواب، الذي شكل تحالف داخل مجلس النواب ضم (تقدم) والحزب الديمقراطي الكوردستاني ورغبته في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، شكل هذا الموقف بداية التحول من الحكومات القائمة على التوافقية التي سادت منذ بداية العملية السياسية والانتقال الى نظام الأغلبية والأقلية القائم في النظم الديمقراطية.
ان تشكيل الحكومات وفق مبدأ التوافقية مرحلة انتقالية مهمة لابد منها في النظم التي تتكون على أنقاض حكم شمولي وفي مجتمعات غير متجانسة وفي ظل صراعات سياسية محتدمة، للتحول فيما بعد الى النظام البرلماني المعتاد والقائم على حكومات الأغلبية ووجود المعارضة.
ومثلت انتفاضة تشرين 2019 بداية الشروع لمغادرة التوافقية في تشكيل الحكومة وهي تعني المحاصصة الطائفية وسبب الازمة المستعصية في البلاد، و واجهت هذه الرغبة ضغوطات داخلية وإقليمية غير معهودة، لقد استماتت عدد من القوى المحسوبة على الإطار التنسيقي من أجل وأد هذا الاتجاه لتكوين الحكومة، لأنها لا تريد مغادرة سلطة الحكم حيث الثروة والامتيازات، وقد أصرت على المشاركة في الحكومة، وقد ظهرت اول تباشير ازمة تشكيلها في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس مجلس النواب والتي توجت بنقل رئيس السن والمرشح لرئاسة المجلس الى المستشفى بعد افتعال مشاجرة.
المعوقات لقيام حكومة الاغلبية
كان قرار المحكمة الاتحادية بناءا على طلب تفسيري من قبل رئيس الجمهورية، مفاجئة للسياق الذي اعتاد عليه مجلس النواب عند انتخاب رئيس الجمهورية عندما نص القرار على وجوب ان يكون النصاب بحضور ثلثي أعضاء المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، وأدى هذا القرار عمليا صعوبة انتخاب الرئيس دون العودة إلى التوافقية التي حكمت مسار العملية السياسية التي تتطلب انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ونوابهم من خلال صفقة متكاملة، ونتجة عمليا بما يسمى بالثلث المعطل، ولهذا فشلت الجلسة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية لعدم حصول النصاب وفق قرار المحكمة الاتحادية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، بعد امتناع أكثر من ثلث قوام مجلس النواب من حضور الجلسة وتجمعهم في منزل قادة أحد كتل الإطار التنسيقية.
وأمام العجز واليأس من عدم قدرة الكتلة الصدرية والقوى المتحالفة معها في جمع الثلثين من أعضاء مجلس النواب بعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، أدى بتقديم هذه الكتلة والتي هي الأكثر عددا في مجلس النواب بتقديم استقالة أعضائها من المجلس في سابقة لم تشهدها العملية السياسية في العراق ولا حتى في العالم عندما يغادر الفائز الأول ساحة مجلس النواب ليسلمها إلى غريمه.
حرضت هذه الأوضاع جماهير القوى الصدرية بتصعيد حدة الصراع والذي نجم عنه احتلال مجلس النواب وبالتالي تعطيل عقد جلساته، ومن الجهة الأخرى تجمعت أطراف القوى الاطارية أمام بوابة المنطقة الخضراء، والتي توجت باليومين الداميين، والتي عبرت هذه الحالة من العجز بتشكيل الحكومة وفق السياقات الدستورية والقانونية وضعف في القدرة على تجميع القوى غير المحسوبة على الطرف الآخر وتحفيزهم للمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتجاوز الازمة وفق الأطر السلمية، وقد كان لتدخل الحكماء والعقلاء الأثر الكبير في عودة الهدوء والاستقرار والمباشرة من جديد في المسار لتشكيل الحكومة بعد انسحاب الكتلة الصدرية بشكل كامل عن الحياة السياسية، وحصول أحزاب الإطار التنسيقي على أغلبية المقاعد في مجلس النواب مما خلق اختلالا كبيرا في موازين القوى لصالح قوى الإطار التنسيقي والكتل المتحالفة معها.
طرحت هذه الأوضاع الصعبة والتي هي شكلت نذير حرب أهلية عدد من الإشكاليات والتساؤلات بخصوص النصوص الدستورية التي تعيق تشكيل الحكومة وفق السياقات المعتاد عليها في النظم الديمقراطية. كذلك عن جدوى الذهاب إلى صناديق الانتخاب وعدم قدرة الفائز الأول بتشكيل الحكومة.
ومن كل ذلك يتبين:
- إن من أسباب عدم تشكيل الحكومة على أساس الأغلبية هو النقص الواضح في النصوص الدستورية المعنية للكتلة الأكثر عددا داخل مجلس النواب والتي لها الحق بترشيح المكلف بتشكيل مجلس الوزراء، والتي تتطلب المراجعة والتدقيق وكذلك على مجلس النواب تشريع قانون بهذا الصدد لتلافي الخلل الحاصل حتى تعديل الدستور.
- الترابط بين انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف المرشح لتشكيل الوزارة، ووجوب حضور ثلثي أعضاء جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، دون تحديد سقف زمني، إذا ما تمت المماطلة بعدم عقد الجلسة وفق النصاب المطلوب. وهذا يتطلب تشريع قانون يوقف أي إعاقة تشكيل الحكومات القادمة بعد تحديد السقف الزمني لكل إجراء من إجراءات تشكيل الحكومة.

تحالف إدارة الدولة
حصيلة هذه الأوضاع الصعبة والمعقدة انبثق تحالف إدارة الدولة، وتم اختيار السيد محمد شياع السوداني كبديل عن بعض الرموز المهمة في الإطار التنسيقي يمكن ان يكون مقبول في غمرة دعوة الإطار لتشكيل حكومة توافقية تضم الصدريين والإطار واضافة ممثلي القوى الأخرى كملحق إضافي، وان السيد السوداني يمثل الحلقة الأضعف ضمن الشخصيات داخل الإطارين باعتبار كيانه السياسي (تيار الفراتين) هو الأقل حصولا على مقاعد في مجلس النواب، وبالتالي لا يثير أي مخاوف من قبل الأقوياء ويسهل التحكم به.
وقد تم الاتفاق على ورقة بين القوى السياسية والتي على ضوئها تم الاتفاق على تشكيل تحالف إدارة الدولة، وكذلك البرنامج الوزاري الذي تضمن العديد من مطالب تشرين بغرض امتصاص الغضب الشعبي الكامن في صدور المنتفضين تجاه ما بدر من بعض القوى المحسوبة على الإطار، وكان هناك شعور ان القوى التي تحالفت مع الصدريين (تقدم، والحزب الديمقراطي الكوردستاني) عند بداية إعلان نتائج الانتخابات، سوف تتحمل وزر هذا التحالف لاحقا، وأنه لا مكان للاتفاقات بين القوى السياسية قبل تشكيل الوزارة وقبل نيلها ثقة مجلس النواب، حيث كثيرا ما تخضع هذه الاتفاقات الى التسويف والمماطلة عند التطبيق، وهذا ما اعتادت عليه القوى السياسية، حيث كل طرف يرفع سقف مطالبه قبل تشكيل الحكومة مما يؤدي بالطرف الآخر، الموافقة عليه وعلى مضض، وبعد ذلك يتم تجاوز تلك الاتفاقات وتصبح حبر على ورق بعد تشكيل الحكومة.
مواقف التيار الديمقراطي
لقد كان موقف التيار الديمقراطي في خضم تلك الازمة الى جانب احترام نتائج الانتخابات ورفض كل أشكال الضغوطات على المفوضية والمحكمة الاتحادية والسلطة القضائية، والتيار له مواقف واضحة باحترام الدستور والسقف الزمني التي نص عليها ورفض كل مماطلة، وكذلك له موقف رافض لزج السلطة القضائية والمحكمة الاتحادية تحديدا في الخلافات بين القوى السياسية المتنافسة، وأهمية حلها من خلال المزيد من الحوار والاحتكام للعقل والحكمة.
وقد تبنى التيار الديمقراطي من خلال مواقفه المعلنة وتصريحات قيادته على تجاوز اختيار الحكومة من خلال التوافقية والتي تعني الاستمرار بنهج المحاصصة القومية والطائفية والتي هي الأساس في الازمة التي لازمت بناء الدولة وضرورة اعتماد الأغلبية البرلمانية عند اختيار الحكومة وأهمية وجود معارضة قوية في مجلس النواب، وان مشاركة كل القوى السياسية الفائزة بتشكيل الحكومة وعدم وجود معارضة حقيقية، يعني ذلك المحاصصة والتي تشكل القاعدة الاساسية للفساد والمفسدين وهي أساس خراب البلد وتخلفه ونهب ثرواته ونقص الخدمات وزيادة البطالة.
ان التيار الديمقراطي يدعو القوى الفائزة في أي انتخابات ان لا تحتكر وظائف الدولة، العقود والمقاولات لأعضائها ومكاتبها الاقتصادية وأ لا تسخر موارد الحكومة لخدمة مناصريها، وعلى القوى الفائزة ان لا تحتكر تمثيل (المكون) في العديد من المناصب والوظائف.
وبهذا الصدد أنجز التيار الديمقراطي ما يلي:
- عقد الاجتماع الموسع الأول للقوى الديمقراطية تحت شعار من أجل تشكيل حكومة أغلبية سياسية لا حكومة توافق تعتمد على المحاصصة والفساد ومن أجل الحد من ارتفاع المواد الغذائية بتاريخ 26 آذار 2022 على قاعة نقابة الجيولوجيين.
- قام التيار الديمقراطي بوقفة احتجاجية تحت شعار (لا لتجويع الشعب نعم لتشكيل حكومة دون مماطلة) بتاريخ 3 حزيران 2022 في شارع المتنبي مطالبين برفض سياسات التجويع والإسراع بتشكيل الحكومة وذلك بالضغط على الكتل السياسية.
- عقد التيار اجتماعه الموسع الثاني بتاريخ 5 حزيران 2022 مطالبا بتشكيل حكومة وطنية تلبي مطالب الشعب المشروعة وبمشاركة القوى الاحتجاجية والنقابات والاتحادات المهنية والعمالية.
- شارك التيار الديمقراطي في تظاهرة قوى التغيير الديمقراطية بتاريخ 12 آب 2022 في تظاهرات قوى التغيير الديمقراطية في ساحة الفردوس للمطالبة بحل مجلس النواب، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال عام واحد.

موقف التيار الديمقراطي من التجاوز على الدستور وسلطة القانون
يشكل الدستور الضامن للحقوق والحريات للمواطنين والمنظم لعمل السلطات بما يؤمن سير مؤسسات الدولة، وهو يمثل العقد الاجتماعي بين طبقات الشعب وشرائحه المختلفة بكل تنوعاتها المتعددة، وعادة ما يحظى الدستور بالهيبة والاحترام العاليين في الشعوب المتمدنة والتي ارتقت بمصاف الدول المتقدمة.
تلجأ القوى المهيمنة لمسار البلد على التجاوز على العديد من مواد الدستور عبر التحايل والمماطلة مما أضعف من مكانة الدستور وسلطة تطبيق القانون: الشرطان المهمين لبناء الدولة القانونية، مما يعطل مسار مؤسسات الدولة ومصالح المواطنين، ومن هذه الخروقات:
- تجاوز المدة الزمنية المحددة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.
- تجاوز المدة الخاصة بعقد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيسا له عند شغور المنصب لأي سبب كان.
- عدم تسليم الحسابات الختامية في وقتها المحدد.
- عدم انتخاب الحكومات المحلية في الوقت المحدد لها بعد الإعلان النهائي لنتائج انتخابات مجالس المحافظات.
- إن هذا يدعو الى تشريع قانون يحدد الضوابط والإجراءات الجزائية عند التجاوز على السقوف الزمنية لمعالجة النقص في النص الدستوري والقانوني.
وفي هذا الصدد عمل التيار الديمقراطي على:
1- تقديم دعوى بتاريخ 19 نيسان 2022 على رئيس مجلس النواب بعدم قيام المجلس بانتخاب رئيسا للجمهورية خلال المدة الدستورية الذي تسبب بشل عمل الحكومة.
2- إقامة الدعوى الخاصة بعدم تقديم الحسابات الختامية مع الموازنة الاتحادية.
ويسعى التيار الديمقراطي على التثقيف والتعبئة على الالتزام بالمادة 9 من الدستور واحترام فقراتها من قبل مؤسسات الدولة كافة والتي نصت على:
∙ أولاً
1. تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو اقصاء وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق ولا تكون اداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة.
2. يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة.
3. لا يجوز للقوات المسلحة العراقية وافرادها، وبضمنهم العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو اية دوائر أو منظمات تابعة لها، الترشيح في انتخابات لإشغال مراكز سياسية، ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين فيها ولا المشاركة في غير ذلك من الاعمال التي تمنعها انظمة وزارة الدفاع ويشمل عدم الجواز هذا انشطة اولئك الافراد المذكورين آنفاً التي يقومون بها بصفتهم الشخصية أو الوظيفية دون ان يشمل ذلك حقهم بالتصويت في الانتخابات.∙ تفعيل تطبيق قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015 فيما يخص الفصائل المسلحة التي تعمل خارج اطار القانون وتشكيلات القوات المسلحة ولا تعمل بإمرة القائد العام للقوات المسلحة، ومما يدعو للقلق والمخاوف، ان لقسم من هذه الفصائل أسلحة توازي أسلحة الدولة حيث الصواريخ والمسيرات وغيرها من الأسلحة الحديثة ولها اذرع تعمل خارج العراق وتقوم بأعمال خارج سيطرة الدولة مما شكل اضعاف لسلطة القانون وهيبة القائد العام للقوات المسلحة امام الشعب والتزامات العراق الدولية، وكذلك تصريحات بعض قادة هذه الفصائل ذات الطابع السياسي وان الكثير منها خارج موقف الدولة الرسمي ومن الجدير بالذكر ان قسم منهم على راس كيانات سياسية وتدخل المنافسة الانتخابية في ظل تجاوز واضح لمبدئي المساواة امام القانون و تكافؤ الفرص ، وان الحاجة ماسة على تطبيق الامر الديواني رقم 237 لسنة 2019 الصادر بهيكلة الحشد الشعبي وربطه بالقائد العام للقوات المسلحة والذي يلزم الفصائل بالاختيار بين العمل السياسي او العسكري وكذلك الامر الديواني بأغلاق جميع مقرات الفصائل المسلحة داخل المدن وخارجها والاندماج في القوات النظامية وبترقيم فصائل الحشد الشعبي وعدم اعتماد المسميات ذات الطابع السياسي الانتخابي وكذلك أهمية ابعاد مقرات الفصائل المسلحة عن مراكز المدن، بعد استتباب الامن وعودة الحياة الطبيعية للعديد من مدن العراق ولا سيما ان وحدات الجيش قد بدأت بتسليم الملف الأمني لوزارة الداخلية منذ فترة غير قليلة.

الانتخابات والتحالفات
انتخابات مجالس المحافظات 18 كانون الأول 2023
أُجريت انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم، بانسيابية عالية وبمشاركة ستة ملايين ناخب يمثلون 41% من نسبة الناخبين المسجلين في المفوضية، بعد شكوك عديدة بقدرة المفوضية وأجهزة الدولة بقيامها في موعدها المحدد، بعد الدعوة لمقاطعتها من قبل التيار الصدري أقوى المنافسين وبعض القوى السياسية الأخرى، وهي الانتخابات الرابعة ما عدا كركوك، بعد غياب دام عشرة سنوات عن آخر انتخابات مجالس المحافظات سنة 2013. وتنافس فيها 5904 مرشح على 285 مقعد وهي مجموع مقاعد مجالس المحافظات وقد توزعوا على 39 تحالف انتخابي ضم أكثر من 250 حزب سياسي و29 حزب منفرد و66 مرشح مستقل.
شارك بإدارة هذه الانتخابات أكثر من 420 ألف موظف وسجلت المفوضية بحدود 800 ألف مراقب من وكلاء الكيانات السياسية وإعلاميين محلين ودوليين ضمن قوام 500 منظمة دولية ومحلية ووجود 906 فرق رقابية منتشرة في جميع المحافظات لمراقبة الانتخابات وتسجيل الشكاوى.
ولقد تم تبني نظام مجالس المحافظات بعد تحول العراق من النظام الشمولي المركزي الشديد إلى النظام الديمقراطي اللامركزي الذي يشجع على الإدارة الذاتية للمحافظات لتقديم الخدمات، مع وجود بعض الاشراف من قبل المركز، وان هذه المجالس هي المعنية بانتخاب المحافظ ومدراء دوائر الدولة، ومراقبة أدائهم بما في ذلك عزلهم عن مناصبهم، وقد أُثيرت نقاشات عديدة حول ضرورة وجودها من عدمه، إبان انتفاضة تشرين 2019 مما أدى إلى تعليق عملها من قبل مجلس النواب سنة 2019 بسبب انتهاء المدة القانونية وفساد العديد من أعضائها، وبنفس الوقت لم يطرح المنتقدون لها، البديل عنها، الذي يعني العودة إلى النظام المركزي الذي هو البنية التحتية لأي نظام ديكتاتوري شمولي.
وحسب النتائج المعلنة من قبل المفوضية، فقد حازت قوى الإطار الشيعي المتنافسة فيما بينها على المراتب المتقدمة في العديد من محافظات الوسط والجنوب مما عزز من سيطرتها على مؤسسات الدولة وكذلك حصل تحالف تقدم برئاسة السيد محمد الحلبوسي على نتائج متقدمة في الانبار وبغداد وعدد من المحافظات، وما يميز هذه النتائج هو حصول قوائم بعض المحافظين على نتائج متقدمة على حساب القوى السياسية المتنفذة كالبصرة، واسط، كربلاء، نينوى، كركوك. وقد غلب على العديد من الفائزين الخلفيات العشائرية والريفية أكثر من الالتزامات العقائدية في أكثرية القوائم.
خاض التيار الديمقراطي الانتخابات وأحزابه وشخصياته الديمقراطية عبر تحالف قيم المدني، ومع الأسف لم تحقق قائمة تحالف قيم النتائج المأمولة حيث حصلت على ستة مقاعد فقط وجميعها مدعومة من قبل أعضاء مجلس النواب في القائمة، وكانت أفضل النتائج ل قيم في الديوانية حيث جاءت بالمرتبة الثالثة، ولم يحقق مرشحي التيار الديمقراطي المستقلين وكذلك من أحزاب التيار الديمقراطي الأصوات التي تؤهلهم للفوز بأي مقعد، بعد أن كان لقوى التيار تمثيل في بغداد، بابل، ذي قار والبصرة في انتخابات سنة 2013. وقد حصلت قائمة التحالف المدني الديمقراطي التي هي الإطار الرسمي للتيار الديمقراطي على نتائج متواضعة جدا في كركوك، وأيضا لم يحصل أي مرشح على الفوز في القوائم الائتلافية التي خاض التيار الديمقراطي الانتخابات ضمن إطارها في محافظات المثنى، كربلاء وصلاح الدين.
عند مراجعة نتائج الانتخابات نجد أن هنالك العديد من الأسباب التي تقف وراء ما حصل و الخسارة الموجعة للقوى المدنية والديمقراطية وتحالف قيم.
1- القوى المدنية والديمقراطية
- إن الديمقراطية هي عملية تراكمية تترسخ في أذهان الشعوب وان مقاطعة القوى المدنية للانتخابات البرلمانية السابقة كان لها الأثر الكبير على نتائج هذه القوى في انتخابات مجالس المحافظات.
- تذبذب المواقف حول مجالس المحافظات، فبعد أن كانت عدد من الشعارات خلال انتفاضة تشرين أن مجالس المحافظات هي حلقة زائدة وهي حلقة من حلقات الفساد عادت نفس هذه القوى لتشارك في الانتخابات المحلية مما شكل صراع حتى داخل القوى المدنية وهذا ما لمسناه من خلال النقاشات المباشرة أو من خلال كروبات مواقع التواصل الاجتماعي من زملائنا أنفسهم سواء المدنيين أو اليساريين والديمقراطيين.
- دخلت قوى التيار الديمقراطي أحزاب وشخصيات في حوارات عديدة مع ممثلي قوى تشرين غير الممثلة في مجلس النواب، والتي توجت في إطار تنظيمي سُمي بقوى التغيير الديمقراطي، والذي كان بصيص الأمل للعديد من القوى المدنية والديمقراطية والانتفاضة. وقد كانت مهمة العمل والتواصل ليست بالسهلة لاختلاف في الرؤى والخبر والتجارب ولاسيما أن ممثلي القوى التشرينية جلهم من الشباب المتحمسين والذين تنقصهم الخبرة السياسية.
- لقد تم التوصل من قبل عدد من قوى التغيير الديمقراطي أن هذه القوى وحدها غير قادرة على تحقيق النتائج المطلوبة إذا ما دخلت الانتخابات لوحدها، ولاسيما أن مجلس النواب تبنى نظام سانت ليغو 1.7، الذي رفع من سقف عدد الأصوات التي يجب الحصول عليها للحصول على مقعد في مجالس المحافظات.
2- تحالف قيم
- فتحت قوى التغيير الديمقراطي النقاش مع كتلة وطن في مجلس النواب والتي تضم مجموعة من النواب المحسوبين على انتفاضة تشرين لغرض تشكيل تحالف أوسع، يتم من خلاله خوض الانتخابات.
- بداية تشكيل التحالف لم تكن جيدة ولدينا العديد من النقاط حيث النقاشات الطويلة حول تسمية التحالف، إلى بعض القوى التي عليها العديد من المؤشرات والتي انسحب قسم منها في النهاية بعد أن استنزف الكثير من الوقت والجهد في نقاشات دون فائدة.
- إن الكثير من أحزاب التحالف كانت غائبة عن الواقع ولم تلامس نبض الشارع ورغم كل المحاولات التي بذلت من قبل ممثلي التيار الديمقراطي في مجلس الأمناء وكافة اللجان.
- عدم وجود عدالة في الترويج للمرشحين حيث سلطت الأضواء على مرشح دون الأخر مما سبب ردود أفعال لدى بقية المرشحين.
- لم تكن هناك زيارة للمحافظات من قبل رئاسة التحالف أو مجلس الأمناء سوى زيارة إلى بابل والديوانية، بل انشغل مجلس الأمناء بالاجتماعات العديدة والمطولة التي لم يخرج اغلبها بآراء أو قرارات أو اقتراحات محددة.
- تغلب الطابع المركزي على حساب خصوصية كل محافظة وكان ذلك من خلال عدم وجود برنامج واضح على المستوى العام وعلى مستوى كل محافظة، وكان من الأجدى أن يكون لكل تنسيقية برنامجها الانتخابي وتشخيص المرشحين والتسلسل.
3- التيار الديمقراطي العراقي
- إن كان تحالف (قيم) قد مني بخسارة موجعة إلا إننا في التيار الديمقراطي وطدنا خلال فترة الانتخابات التنظيم واكتساب الخبرة وعدد المرشحين وإدارة العملية الانتخابية والإعلامية والمواقف الرصينة داخل التحالف.
- استطاع التيار الديمقراطي ان يقدم أكثر من 30 مرشح في العديد من المحافظات، وهي تجربة تستحق التوقف والتمعن والإشادة بالتنسيقيات والمرشحين، رغم الإمكانيات المحدودة بالقياس لقوائم الأحزاب المتنفذة.
- لقد كان لقيادة التيار الديمقراطي الدور في تشكيل قوى التغيير الديمقراطي وكذلك تحالف قيم المدني من خلال تمثيل التيار في مجلس الأمناء بحضور المنسق العام والمناوب، وأيضا في سكرتارية التحالف.
- تواصل المكتب التنفيذي طيلة فترة الإعداد لتشكيل التحالف مع التنسيقيات كافة ومن خلال المنسقين والكروب الخاص باللجنة العليا، وأيضا من خلال محاضر المكتب التنفيذي التي تصل شهريا لكل أعضاء اللجنة العليا.
- أقرت اللجنة العليا للتيار الديمقراطي السياسة العامة للتيار من خلال اجتماعاتها المنتظمة وآخرها الذي عُقد قبيل الانتخابات بفترة محدودة.
- حرصت قيادة التيار على تحفيز الشخصيات الديمقراطية المستقلة للترشيح في الانتخابات باسم التيار الديمقراطي، وتم تحقيق نتائج جيدة في هذا المجال.
- لا يخفى على الزملاء إننا دخلنا الانتخابات ونحن لا نملك لا ماكينة إعلامية ولا انتخابية وتوقف جريدتنا في نفس الفترة مع قلة الموارد المالية وأن العديد من الزملاء في التنسيقيات يخوضوا التجربة الانتخابية لأول مرة ومع كل هذه الظروف واصلنا الليل بالنهار من أجل أن نكمل هذه المرحلة على أتم وجه ولم تقصر اغلب التنسيقيات في عملها بل كانت مواقفها رائعة وعملت كل ما في جهدها.
- قلة أعضاء وجماهير التيار الديمقراطي والفعاليات التي اقتصرت بشكل عام على التنسيقيات.
- تنظيم الحملة الانتخابية كان محدود بالرغم من النشاطات المتميزة لبعض التنسيقيات، كما كان النشاط الثقافي والسياسي والاجتماعي الفردي أقل من المستوى المطلوب بخصوص توضيح أهمية الانتخابات ومكانة مجالس المحافظات لتعزيز المسار الديمقراطي ومبدأ المشاركة في السلطة.
- كان من المفروض ان يتعهد كل زميل بالقيام بالزيارات الفردية لمعارفه والتأكد من حصولهم على البطاقة الانتخابية لكي تتم أهداف الزيارة ويصل صوتهم للصندوق.

بخصوص الانتخابات المقبلة لمجلس النواب
تبنى التيار الديمقراطي شعار حل مجلس النواب عند عدم التزامه بالسياقات الدستورية لتشكيل الحكومة، وعند قيام تحالف إدارة الدولة بتشكيل الوزارة، طالبنا بالالتزام بما ورد بالورقة التي على ضوئها تشكيل التحالف وبما جاء في المنهاج الوزاري بالدعوة للانتخابات المبكرة، باعتبار ان هذا المجلس يشوبه الخلل في التمثيل الشرعي لضعف المشاركة في الانتخابات وانسحاب الفائز الأول، ومع ذلك ان القرار بيد القوى المهيمنة في مجلس النواب التي في العادة لا تلتزم بكل الاتفاقات التي تعقدها وبالأخص عندما تعجل بمدة عدم بقائها في المجلس.
سيكون منهج عمل التيار الديمقراطي للانتخابات المقبلة وفق الأسس والمبادئ الآتية:
- إن المشاركة في الانتخابات ضرورة من أجل نجاح مبدأ التداول السلمي للسلطة بدل التعويل على الانقلابات العسكرية واستخدام الفصائل المسلحة في عملية هذا التداول.
- إن المشاركة هو المبدأ العام وان المقاطعة هو الحالة الاستثنائية، في ظل أوضاع بلدنا الملموسة.
- توفر الانتخابات الفرصة المناسبة للتعريف بالتيار الديمقراطي وسياسته العامة وتعريف المواطنين ببعض شخصياته المرشحة وإقامة أوسع الصلات والتواصل مع مختلف فئات الشعب.
- إن الحكم على المشاركة في الانتخابات ليس من خلال الفوز فيها والحصول على عدد من المقاعد فقط، ان الحكم يكون من خلال تربية المواطنين، ان صندوق الانتخابات هو الأساس في تولي السلطة وحرمان الفاشلين منها.
- التعاون والتنسيق من اجل ان تكون المنظومة الانتخابية (المفوضية المستقلة للانتخابات، تطبيق قانون الأحزاب والقانون الانتخابي) بما يؤمن مشاركة واسعة وبيئة انتخابية متكافئة ونتائج انتخابات عادلة.
- خوض الانتخابات من خلال قائمة مدنية ديمقراطية تؤمن بقيم العدالة الاجتماعية، تكون رافعة لتحقيق نتائج أفضل للوصول إلى مجلس النواب.
- الحفاظ على اسم التحالف القائم (تحالف قيم المدني) قدر الإمكان حيث تبديل اسم التحالف في كل انتخابات سيربك ويشوش على عدد غير قليل من الناخبين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان تكشف نقاط ضعف في استراتيجية الحرب الإسرائيلية


.. تراجع مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين للمرة الثانية




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح


.. مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام -الع




.. ديفيد كاميرون: بريطانيا لا تعتزم متابعة وقف بيع الأسلحة لإسر