الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نعيش الحياة وهي لاتشبه الحياة فهمونا !؟

سالم اسماعيل نوركه

2024 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


نبدأ هذا المشوار بحكمة لجلال الدين الرومي كما سأنتهي منه أيضاً بغيرها له أذ يقول : الفصل السيء لايعني إن القصة أنتهت .
لقد شهدت البشرية فصول سيئة كثيرة من حروب، مشاكل ، مصايب ، مصاعب جمة وما زالت تعيش إلا إن القصة لم تنتهي ولنا في التاريخ الماضي فصول مرعبة لم تضع نهاية للقصة ولم يتوقف التاريخ الذي مدَوَّن فيه كل شيء الكذب والصدق كل شيء مما وضعه فيه المدونون والرواة ومضى بنا ذلك التاريخ الى أن اوصلنا ليوم نحن قريبون من كل شيء يشعرنا بالتعاسة وبأن الحياة كأنها ليست حياة بل موت بطيء وهو أشَّد أشكال الموت وإن عشنا وسرنا في الشوارع أكثر الناس في بقاع العالم يشعرون بقساوتها وكأنها ليست حياة حتى أن طفلة من هول ما فيها والناس المحيطين بها سألت سؤلاً كبيراً منبعه من رحم معانات حياتية قاسية وكأنها تخاطب به قادة دول العالم الكبار (كيف نعيش فهمونا ؟!)إلى أين وصلت قساوة الحياة نتيجة السياسة الدولية حيثُ نسمع بين فترة واخرى التهديد أو توقع بنشوء حرب بأسلحة يفوق كل الاحتمالات وتحت انظار محاكم العالم التي مهمتها ردع المعتدين على القيم وتجاوز على ( القانون الدولي ! ) ترتكب جرائم هنا وهناك تلك التي ترتقي لما فوق جرائم الإبادة البشرية وجرائم من العيار الثقيل يندى
لها الضمير الانسانية والآن نطرح هذا السؤال هل كان بالإمكان قيادة العالم أفضل مما كان عبر التاريخ الماضي ؟!
الجواب كلا حيثُ إن البشرية بدات بالقتل الأخ قتل أخاه وانظمة الحكم العالمية وإدارتها أوصلت بعض الناس إلى أن يكرهوا الحياة لأنهم يشعرون بأنها عليهم وليس لهم
البشرية وهي في مسيرة الحياة ترتكب أخطاء نتيجة الممارسة أو انها ترتكبها بقصد مايهمنا هنا تلك التي ترتكبها حكومات ودول وسياساتها ولا يتم معالجتها ووضع الحلول لها فتتراكم وتتعاظم وندخل الحروب ونخرج منها ويضع المنتصرون رؤيتهم لما سيأتي وكيف سيأتي ويرسمون العالم كما يشائون وإن كانت بالضد من التطلعات المشروعة للآخرين ولا كما يجب والحقُ هو ذلك الذي يقُرّه أصحاب الكلمة المسموعة وإن كان باطلاً بعينه ويرونه حقاً أو باطلاً لابد أن يُتَعامل معه وكأنه حق لذلك في هذا العالم هناك دول قائمة بلا أدنى مقومات دول وشعوب تستحق أن تكون لها راية خفاقة بين رايات الدول لكنها تحرم من ممارسة حقها ولو تمعنت ترى أنها ترتكب وارتكبت بحقها عبر التاريخ الماضي وعلى جغرافيتها نتيجة لسياسات أخطاء ظالمة بحقها والبعض يحارب كي لا يقرُّ بحقوقها لأن الآخرين يرون في ذلك الاقرار يضر بدولهم التي تشكلت نتيجة لغبن تاريخي الحق بشعوب أخرى وتلك الأخرى بطريقة ما تظلم نفسها أو أطراف منها تطير خارج السرب ومن أبناءها من يقبل على نفسه أن يكون جسراً لاجندات تفتت الأمة .
منذ البدء بدأنا بأخطاء هذه هي الحياة شئتَ أم أبيت لن تتعافى دون ان تتألم ولن تتعلم دون أن تخطيء ولن تنجح دون أن تفشل طبيعة الحياة هكذا لولا الخطأ لا معنى للصواب ولولا الكذب لامعنى للصدق ، لولا الحرب لا معنى للسلام عصر يدفن أخطاء العصر الذي سبقه وهو يرتكب غيرها ويريد من العصر الذي يليه دفن أخطائه والعصر هنا أقصده الزمن بكل ما فيه من أخطاء ومشاكل وتراكمات وتبعات وكأن البشرية تنهي الحرب بترتيبات تستمر لفترة قد تطول او تقصر ثم تنشأ الحاجة نتيجة الخلافات والتناقضات والاصطفافات والتكتلات والتحالفات والصراعات والمطامع واستعداد لحرب جديدة او الانزلاق اليها وهكذا هي الحياة لا يمكن صنع سلام دائم وهو محال لابد أن نعيش الحرب والسلام أذ لا معنى لأحدهما دون الآخر هي الحياة عبارة عن هذا وتلك .
وهي حرب ، حرب مع نفسك ، حرب مع ظروفك وحرب مع الحمقى الدين خلقوا هذه الظروف . 1
ولنا مشاكل مع الطبيعة أيضاً حيثُ أسأنا لها بتصرفاتنا و بدأت تعاقبنا بالجفاف والفيضانات والسيول وبطرق أخرى .
حاولنا أن نقترب من ضفاف الفلسفة، ندنو منها ولو بقدر بسيط إنما مجريات الحياة البشرية ومنها السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية والعلاقات الدولية والاصطفافات وتشابكها وغرابتها وتناقضاتها وامور أخرى وهي ليست قليلة تدعونا الى التفلسف واحياناً الى التخبط أو الى الجنون لأن حياة البشرية تمضي نحو الهاوية في كل حلقاتها ونعيش من بعد الحروب العالمية في أسخف سلام على مستوى العالم مفروض نتيجة أسلحة الدمار الشامل التي تملأ الكرة الأرضية حيث قادة العالم من أصحاب أسلحة الدمار الشامل يخشون دخولها لأنها مرعبة جداً لذا هم في هذا السلام الذي يفوح منه ريحة أسلحة الدمار الشامل النتنة والمآسي والويلات هنا وهناك لأن كبار ( العالم ) ! خشية من حرب عالمية ثالثة دخلوها بتجزئتها هنا وهناك ونعيش في بيوت أوهن من بيوت العنكبوت بسبب تلك الأسلحة وأدخلوا العالم في حروب شتى الأهلية والإقليمية صفحات من تلك الحرب التي يتجنبونها ، نحن نعيش بعد الحروب العالمية الاولى والثانية سلام فارغ من المضمون إلى أن وصلنا الى مرحلة بدأنا وكاننا لا نخشى الموت بل نخشى الحياة بلا حياة وهذه هي المرحلة الخطيرة التي نحن فيها وفي مجال السياسة الدولية تدور حروب سياسية عديدة وخبيثة ومشاهدها الاخيرة لا تنتقل الى ميادين القتال إلا مجزئة هنا وهناك نعيش مرحلة صعبة للغاية فالبشرية تمنع الحرب وتستعد لها في وقت واحد ونعيش التناقضات والازدواجية في المعايير بأعلى ما يمكن ( يعلمنا التاريخ ان الحروب تبدأ عندما تعتقد الحكومات إن ثمن العدوان رخيص .)2
لأن الكل يعرف ثمن الحرب العالمية الثالثة باهظ جدا ولا يمكن تخيله وتحمله وتلك الحرب وتبعاتها ومجرياتها مذهلة جداً حتماً لا نجد من يذهب إليها إلا منزلقاً أو مجنوناً بلا عقل ولا نجد من يدون تفاصيلها لأن الباقون لايمكن يحسبوا على الاحياء هم ايضاً اموات ! وهي حتماً لا تكلف البشرية الكثير من الوقت مثل سابقاتها فالأولى كأول نزاع دولي كبير في القرن العشرين دامت من 1914-1918 والثانية من 1939-1945 والآن نسأل كم تتوقعون تستغرق الثالثة أن حصلت ؟!
نحن في الحقيقة لا نعيش السلام من 1945 الى يومنا هذا بل نعيش الدمار والخراب وانعدام الامن والرعب وكنا كثيراً على شفى حفرة من نار تلك التي هي الثالثة وخشية من اندلاعها نعيش سلام ليس أفضل من الحرب بكثير أن لم تكن أسوء منها حتى الاستعمار لم ينتهي بل يبدل بين فترة واخرى جلبابه وسلب ونهب ثروات الشعوب تسير بوتيرة أشدُّ من سابقتها نتيجة تطور أساليب سهلت السرقة والآن الخلاف على توزيع ثروات الشعوب من قبل كبار سراق العالم ! والذين اليوم هم في صراع الهيمنة على مناطق النفوذ فالسعادة هناك مبني على تعاسة هنا والناس الفاشلون المنخرطون في العمالة لكسب ود أسيادهم على حساب الشعوب المبتلية بعمالتهم ونحن نشهد صفحات القاسية من الخوف في دخول الحرب العالمية الثالثة في أكثر من بقعة من العالم فالسلام في الارض منذ بدأت الخليقة الى يومنا هذا كذبة كبرى ومحال واستمرار السلام كثيراً ولفترة طويلة ستعقبه مشاكل جمة فالاستعمار ينهب والعملاء يمارسون عمالتهم والشعوب تدفع الثمن هناك ضحايا بشرية في كل العالم والقارات نتيجة لهذا السلام الهش والامم المتحدة ومجالسها عاجزة عن إدارة عالم يعيش مصاعب ومصايب جمة .. انظر الى مشاكل والحروب في كل بقاع العالم سببها الرئيسي تناقضات بين كبار دول العالم وكأنَّ المحاور جاهزة ومسببات قيام حرب كونية هي الاخرى موجودة وبقوة والصراعات والنزاعات على أشدَّها والاسلحة الفتاكة على اعلى مستوياتها ولكن الخشية أكبر بكثير من دخول في صراع ربما لاتحتاج من العالم إلا بعض الدقائق لدمار الكون في حرب إن نشبت لا منتصر فيها
يبدوا إن العالم أن دخلها او لم يدخلها فالامور ليس الى خير لأنَّ النوايا السيئة في اعلى مستوياتها وكما يقول المثل العراقي (هيَّ مو مزروفه بس أتخر ! ..
نعم هكذا يبدوا العالم نشعر بسوء النية لذا تمتد من كل الاطراف المتعاكسة خيوط المعارك الشيطانية بل دول بعينها تخلق الحروب لتصريف ترسانتها القديمة لتحديثها بكل ما هو جديد لقد ثبت إن السودانيين مثلاً ليسوا على قلب رجل واحد والقلوب شتى قلب مع هذه الجبهة وقلب مع الاخرى والثمن يدفعه الشعوب السودانية ويسوق على انها حرب اهلية بالحقيقة هي تضارب اجندات دولية على ارض سودان وهذا حال مناطق اخرى من العالم والسودان نموذج لحال العالم مع هذا السلام المبني على الكذب لكن دوام الحال محال ، الغروب لا يحول دون شروق جديد هكذا هي الحرب يخلفها سلام وهو يستمر كيفما كان ومفروض إلا أن يسلمنا لحرب جديدة وفي كل الاحوال نحن سقنا الى يوم الدمار فيه ووسائل صنعه مكلفة أكثر من البناء ووسائل صنعه وهكذا أصبحت الحياة قاسية جداً على الكثير من الناس في كثير من مناطق العالم وفي السياسة اليوم كل يحاول توريط الكل في معارك قائمة هنا وهناك بدلاً من دخول حرب تسمى عالمية ثالثة أسبابها قائمة بقوة ولكن الخشية منها ايضاً قائمة بقوة ونتيجة لما ذكرنا نعيش حياة لا تشبة حياة لذا تسيل دماء الابرياء في أكثر مناطق العالم بأختصار نحن نعيش انفلات أمني على مستوى العالم .
اليوم كل العلاقات الدولية في تغير مستمر نحو الاسوء فكل شيء يدعوا الى الاسوء فكل شيء يدعو لمزيد من السوء فالتغيير المناخي يؤدي الى الاسوء وقلة الامطار وقلة مناسيب الانهار كل شيء اليوم يؤدي دائماً الى الاسوء
الى أن ننزلق الى حرب عالمية ثالثة نعيش حياة لاتشبه حياة
العالم اليوم يعيش سلام ناتج عن الخوف من الحرب والذي هو أسوأ من الحرب نفسها..
لا يمكن البشرية ان تقود الحياة أفضل مما الآن تقاد هي الحياة هكذا حرب وسلام وصدق وكذب وتناقضات واختلافات وخلافات وصراعات وجبهات واخرى مضادة ويبدوا إن البعض لابد أن يلجأ للعنف والعدوان أمام انظار العالم ومحاكمه ومجالسه ومؤسساته طالما يرى نفسه فوق تلك المؤسسات التي لا خير فيها طالما تحكم البعض ولاتحكم البعض الآخر الذي يرى نفسه لكي يستمر ويتوسع لابد له أن يلجأ للعنف والعدوان أمام انظار العالم فما يسلب بالعنف لا يحتفظ به إلا بالعنف .
وبهذا
نعيش مرحلة يتطلب تقسيم العالم الى مراكز نفوذ لدول عظمى تشكلت منذ زمن والوضع لا يمكن أن يستمر بقطب واحد يبدوا إن ذلك الزمن قد ولى ولكن كيف يمكن الجلوس على طاولة مفاوضات بدون حرب وهي إن قامت تنهي كل شيء والصراع على أشدَّه في دهاليز السياسة أما دهاليز الحرب مجزئة مثلاً في اوكرانيا سودان واليمن وسوريا ولبنان وغزة و العالم يبحث عن شروط الاشتباك ولا تعرف من مع من ومن ضد من وتداخلت الجبهات وسياسيين العالم يلعبون على حبال الغموض وقلوبهم صدأت بعد أن ماتت
وبهذا كيف يمكن لنا أن نعيش ؟! وهل باستطاعتنا الحصول على غد أفضل طالما هو جنين اليوم والجواب طبعاً لا وهذه الإجابة نأخذها من ملامح الواقع السيء لذا يقولون نتمنى لك أحلام سعيدة إذ لا يوجد أحد باستطاعته وهو يقرأ الواقع أن يقول لك نتمنى لك واقع جميل

والختام كما أسلفنا كلام مفيد لجلال الدين الرومي : كن دائماً على مقربة من أي شيء يجعلك سعيداً يشعرك أنكَ على قيد الحياة .
وإن كان ذلك الشيء نادر الوجود هذه الايام مع الأسف .

والسؤال المطروح هذه الأيام كيف نعيش الحياة وهي لاتشبه الحياة فهمونا !؟

————————
1-فرانس كافكا .
2- رونالد ريغان ممثل فنان رجل دولة رئيس سابق لامريكا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح


.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟




.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش


.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا




.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء