الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الثقافة والتثقيف السياسي ( الحلقة الثالثة )

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


1 ) هل هناك طريق واحد للثورة ؟
ان الجواب يتوقف على الظروف الموضوعية ، والذاتية ، والبلد الذي ستحصل فيه الثورة . لهذا فهي تختلف من بلد الى آخر ، ومن مجتمع الى آخر . مثلا يمكن حصول أزمة سياسية ، تكون مصحوبة باجتماعات لقوى ثورية ، مرافقة لمظاهرات ومسيرات شعبية وجماهيرية ، تتلوها إضرابات ، تكون مصحوبة بمسيرات ، ووقفات ، واعتصام بالساحات العمومية مع ترديد الشعارات المطالبة بالحقوق والمساواة ، وقد تتحول بفعل خطأ للأجهزة القمعية إلى عصيان مدني ، يرفع الشعارات ضد الحاكم وضد نظام حكمه . مثل هذه الحالة لاحظناها في رومانيا ( نيكولاي تشاوسيسكو ) ، وفي ألمانيا الديمقراطية ( هونيكر ) .
كما قد تحصل عند انفصال إقليم عن الدولة الأم ، بعد سنوات طوال من المجابهة من اجل وحدة الأرض ، ووحدة التراب ، والشعب . ان النتائج السلبية للانفصال ، تسقط مباشرة على رؤوس من تسببوا في الانفصال ، وفشلوا في الدفاع عن الوحدة الترابية للدولة . ان الانفصال يعني نزول الشعب الى الشارع ، كما ان الجيش الذي دافع عن الإقليم لعقود ، لن يتحمل الفشل الذي سينعكس على معنوياته ، وقد يؤثر هذا باتجاهات مختلفة ، من بينها الانقسام بسبب الاختلاف حول الموقف من الشعب ، الذي نزل بالملايين إلى الشارع ، ومن النظام الذي تسبب في الانفصال .
كما قد تحصل الثورة ، عند حصول حرب عصابات مستقلة وطنية ، كما حصل بكوبا ، وبالفتنام ، وبنيكاراغوا ... الخ .
هذا وتُحدّدُ طبيعة هذه التغييرات الثورية ، حسب طبيعة التحالفات الطبقية ، وهوية القوة الاجتماعية التي تلعب فعليا دور الطليعة ، وتحدد الدور المهيمن للجيش ، او الأحزاب الثورية ، أكانت تشتغل ضمن جبهة وطنية تقدمية ، او ضمن كتلة تاريخية جماهيرية في قيادة الدولة .

2 ) الثورة بين السلم والعنف .
الثورة لا تعني دائما العنف ، كما أن العنف ، لا يعني دائما الثورة . هناك من يعتبر العنف هو الثورة ، وهناك من يعتبر أن من لا يمارس العنف هو إصلاحي وليس بثوري . لكن أليس الثورة إصلاحا ؟ . و الجواب سنحاول الإجابة عنه عندنا في المغرب . الكل يدرك ان حركة 20 فبراير ، لم تكن حركة ثورية بالمفهوم اللينيني للثورة ، لأنها كانت من جهة ، ضد العنف رغم انه قابلة للتاريخ ، ومن جهة ، لكون مطالبها لم تكن تتجاوز إصلاح النظام القائم ، لصالح نظام آخر من نفس الشكل ، مع التغيير في الدستور شكلا ومضمونا . فهي بذلك كذلك ، لم تكن حركة انقلابية تتوق للاستيلاء على الحكم من اجل الحكم ، بل كانت تتبنى المنهجية الكونية في الديمقراطية ، التي تتعارض مع المنهجية الخصوصية للنظام ، المتعارضة أصلا مع الديمقراطية الأصيلة . فلو نجحت حركة 20 فبراير في فرض دستور الشعب الديمقراطي ، مع الحفاظ على النظام ( الملكية ) ، بتحويله من نظام ملكية تنفيذية مطلقة ، الى ملكية برلمانية شبيهة بالملكيات الأوربية ، لجاز القول ، ان نجاح حركة 20 فبراير في فرض الدستور الديمقراطي ، هو ثورة دستورية تؤسس للجديد ، وتقطع مع القديم ، وفي ظل نفس النظام الذي هو الملكية . فالتغيير هنا ليس إسقاط النظام ، بل إسقاط دستوره المؤسس للاستبداد والفردانية ، مع استمرار الدولة كما هي منذ 350 سنة خلت . ان هذا الشكل من النضال الإصلاحي ، هو بحد ذاته ، يعتبر ثورة بالمقارنة مع القيم البالية القروسطوية التي تتعارض مع الديمقراطية . وهنا فان كل إصلاح ، هو ثورة ، وكل ثورة ، هي إصلاحا . وهذا يفند المزاعم التي تقول ، بان كل ثورة لكي تكون كذلك ، يجب ان تُبْنى على الدم . فغاندي قام بثورته ضد الاحتلال الانجليزي سلميا وليس بالعنف ، ونجحت الثورة الهندية في طرد المستعمر الذي خرج في الفجر قبل طلوع النهار .
ان هذه الحقيقة الساطعة ، تبقى كنموذج في تفسير الثورة ، وفي تفسير الإصلاح ، لأنهما متداخلان ولا يختلفان ، إلاّ عندما يكون جواب النظام ، عنيفا ، ودمويا وبشعا .
هنا وكمثقفين ، نتساءل في هذه الحالة عن كيفية حصول الثورة او الإصلاح . هل ستحصل بالسلمية ، ام أنها ستحصل بالعنف كقابلة للتاريخ ، اي عنف ضد عنف في إطار الدفاع عن النفس .
ان الجواب يتوقف وكما قلت أعلاه ، على رد فعل أي نظام سياسي من الثورة او الإصلاح . ونظرا للتغيير الذي حدث في العالم ، والذي يركز على حقوق الإنسان ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، قد يكون للثورة او لحركة الإصلاح في بدايتها الأولى طابعا سلميا ، من خلال مثلا الإعلان عن إضراب عام ، ثم إضرابات عامة متصاعدة ، ثم وقفات تنتقل الى مسيرات احتجاجية ، وقد تصل وفي ظل تأزم الوضع السياسي ، الى عصيان مدني باحتلال الساحات والمدن والجهات .
هنا فان العالم المتحضر سيدعم هذا النوع من رد الفعل الشعبي الذي يطمح للوصول سلميا الى الديمقراطية الكونية ، لا الخصوصية ، ديمقراطية الأنظمة .
لكن قد يحصل ان يكون رد فعل النظام السياسي دمويا وعنيفا ، وقد يسقط شهداء برصاص مختلف القوات العمومية . هنا فان الجواب يصبح هو : لا ثورة ، ولا إصلاح في ظل حكم نظام متحجر، بدون عنف مقابل ، لمواجهة عنف بعنف .
3 ) أسباب الثورة .
لا يمكن تصور حدوث ثورة شعبية ، بدون حدوث أزمة بنيوية . ودلالاتها اليوم جد متوفرة ، وما ينقصها غير من يرفع المشعل لإنارة الطريق ، وتوضيح المسالك . إن نفس الأسباب التي أدت إلى هزات شعبية مختلف ، وعبر التاريخ ، متوافرة الآن وبالجملة ، بل متوافرة أكثر من الجملة .
ان الوضع اليوم لا يختلف عن الوضع الذي كان ابّان انتفاضة 23 مارس 1965 ، وانتفاضة يونيو 1981 ، وانتفاضة يناير 1984 ، وانتفاضة فاس في 1990 ، وانتفاضة حركة 20 فبراير في 2011 ، وانتفاضة صفرو وإمضير وأقاليمنا الجنوبية التي تغلي ، والريف الذي يتماوج مثل أمواج البحر العاتية ، لان الريف لا زال يغلي ، ولا يزال قصده النهائي هو الجمهورية الريفية ، والانفصال عن المغرب .
ان من أهم الدلالات التي قد تشعل الثورة ، او انتفاضات شعبية عارمة ، للمطالبة بالدولة الديمقراطية الكونية :
1 ) إفلاس النظام . والإفلاس يشمل ، إفلاس النموذج المتبع في الحكم وتسيير أمور الدولة . وإفلاس ،اي خسران الدفاع عن القضية الوطنية ، اي إفلاس مسلسل ما يسمى بالتحرير ، وإفلاس ما يسمى بمسلسل الديمقراطية .
لقد أفلس مسلسل ما يسمى بالديمقراطية ، لان نفس البنيات ، ونفس النماذج المؤسسة للستاتيكو ، المؤسس للاستبداد والفساد ، لا تزال تتمثل بمشاهد مقززة أكثر من سابقاتها . واصل الإفلاس هنا ، تعبر عنه نسبة الشعب التي تقاطع كل المسرحيات المقدمة . لقد بلغت نسبة مقاطعة الانتخابات التشريعية الأخيرة بين 75 و 77 في المائة . ولنا ان نتساءل عن مدى مشروعية المؤسسات التي تتحدث باسم الشعب ، من برلمان وحكومة . كما لنا ان نتساءل عن مدى مشروعية القرارات التي ستصدر باسم الشعب الذي قاطع الانتخابات ، والمفروض ان هذه المؤسسات تنطق باسمه . فهل تم اختزال الشعب ، 75 او 77 في المائة المقاطعة ، في 23 في المائة المشاركة من دون قناعة سياسية ، بل بالرشوة ؟ . وهل ستتحمل نسبة 75 او 77 في المائة المقاطعة ، النتائج السلبية والخطيرة التي ستترتب ، بل ترتبت الآن عن اعتراف النظام ، من خلال برلمان الملك ، ومنه حكومة الملك ، بجمهورية تندوف ، التي أنشأها الهواري بومدين ومعمر القدافي ، ولم ينشئها الصحراويون ، ولا قرروا بشأنها مصيرهم ؟
أما عن إفلاس ما يسمى بمسلسل التحرير ، فلا أدل على أن الأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونو غيتريس ، في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن ، ركز على الاستفتاء وتقرير المصير فقط ، ولا إشارة ولو خجولة لمقترح الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، وتنازل عنه النظام باعترافه الواضح بجمهورية تندوف .
ان عجز الطبقات السائدة ومنها النظام عن الاحتفاظ بالسلطة ، يكون مؤشرا دالا على حدوث الأزمة الثورية المؤدية الى الثورة .
4 ) التدهور الخطير للأوضاع الاجتماعية ، والاقتصادية ، والمعيشية للطبقات المسحوقة ، بالرفع الصاروخي من الأسعار الذي شمل المواد الأساسية لعيش الفقراء ، وجمود الأجور ، وتدني الدخل ، وانتشار البطالة بشكل مروع ومخيف ... ، بين كل الشعب ، وبين الأطر من مهندسين ، وأطباء ، وحملة الشواهد العليا ، وانتشار المرض ، والجهل ، والجريمة بمختلف أشكالها .
5 ) انتشار الوعي السياسي الجذري بين الطبقات المسحوقة والمضطهدة ، التي ليس لها ما تفقده غير أغلالها ، بعد ان أزالت الخوف عنها ، اي تعاظم حركة الجماهير ، ورفضها الاستمرار تحت سلطة الطبقة الحاكمة المتخصصة فقط في الافتراس ، والفساد ، والإفساد ، والظلم ، والعدوانية . وما جرى بالريف وبأقاليمنا الجنوبية ، وبإمضير ، وفي كل المغرب الذي يتماوج ، لهو دليل على ان مغرب اليوم ، ليس هو مغرب الستينات ، والسبعينات ، والثمانينات ، وان نظرية ريمي لوفو " الفلاح المدافع عن العرش " لم تعد صالحة . فعند انتقال ( الفلاح ) القروي الى المدينة ، تعرى كتف العرش من دفاع ( الفلاح ) القروي ، الذي انتقل للدفاع عن مطالب مدينية لا علاقة لها بالقضايا القروية .
لكن ورغم ذلك ، فان انفجار الثورة لا يحصل ، ولا يمكنه ان يحصل ، الاّ إذا أضيف الى العوامل الثلاثة السابقة ، العامل الذاتي ، اي الطبقات الثورية ، الموحدة والقوية ، في ظل كتلة تاريخية جماهيرية ، تقودها أحزاب ثورية ، تنجح في لف جماهير الشعب العريضة حولها .
6 ) عنف النظام مقابل عنف الجماهير
كقاعدة عامة ، ومن وجهة النظر التطبيقية ، فان أي ثورة ثورة ، تتضمن استخدام القوة خلال فترة معينة ، ومحددة من سلسلة الثورة . وبما ان مسلسل أي ثورة ، هو عبارة عن حلقات متواصلة وغير منقطعة ، فان استعمال القوة من قبل الأحزاب الثورية ، هو لتحصين الذات ، وتحصين الطبقات الثورية ، بهذه الروح النضالية ، التي هي أسمى درجات النضال الثوري ، لأنه من الطبيعي ألاّ تتخلى البرجوازية عن سلطتها طواعية ، بل وحتى بعد أن تُمْنى بالهزيمة ، فإن تآمرها على السلطة الوليدة الفتية لن يتوقف ، حيث يتسم تآمرها بالدموية والشراسة . أي الثورة المضادة ، التي قاعدتها تكون من البلطجية ، والشمكارة ، والمجرمين ، والخارجين على القانون .
وخلال مواصلة النضال الثوري اليومي وسط الجماهير ، لأن التوعية والدعاية هي سلاح الثورة ، فان العنصر السياسي ، لا يجب ان ينعزل أبدا عن العنصر الاقتصادي والاجتماعي . وفي الفترات الهادئة نسبيا ، يسيطر الاقتصادي على الاجتماعي والسياسي ، لأنه يحددهما بشكل دقيق . ثم تأت فترة أزمة ، قد تكون طويلة ، كما قد تكون قصيرة . وعندئذ يحدث العكس ، لأن العمل السياسي الذي حددته الأزمة على انه هزة ، او أزمة في الأساس ، يُحدّد بدوره ، العامل الاقتصادي ، ويصبح أساسيا في الشكل الاقتصادي والاجتماعي . إذ يندمج في تاريخه ، سواء حُلّتْ الأزمة حلا ثوريا ، او حدثت نكسة .
7 ) مقابل عدوانية النظام ، الثقة في النفس .
ا ن أية هبّة او انتفاضة ، من السهولة ان تتحول إلى ثورة . يتوقف كل هذا على رد فعل النظام من الهبّة او الانتفاضة ، كأن يغرقها في بحر من الدماء .
لذا فعندما يلح قرار تفجير الثورة ، التي ستبدأ في شكل هبّة او انتفاضة شعبية عامة او جهوية ، فانه لمسايرة الحملة والتقلبات الطارئة ، وحتى لا تفاجئ الثوريين الاحترافيين ، فإن على قيادات الأحزاب الثورية المكونة للكتلة التاريخية الجماهيرية ، ان تبادر باتخاذ القرار الصائب ، دون تبكير او تأخير . وتبقى بعد ذلك خطة الانتفاضة الشعبية الجماهيرية ، الخطة الأصلح للتعامل مع الانتفاضة الشعبية باعتبارها فنا ، ككل الفنون له قوانينه وأصوله . فكلما اتسمت خطوات الأحزاب الثورية بالثقة والشجاعة ، كلما أمكن شل ذبذبة القوى الوسيطة اليمينية ، والرجعية لصالح الثورة ، وكلما ازدادت طبقات النظام ارتباكا وفزعا .
لا يمكن ان تتوفر الثقة بالنفس ، وبالشجاعة للأحزاب الثورية المكونة للكتلة التاريخية الجماهيرية ، بدون اتسامها بالتجانس الفكري ، والصلابة ، وبدون ميل ميزان القوى ، لصالح الثورة الشعبية الجماهيرية ، وامتلاك الكتلة لقيادة ثورية صلبة وجريئة .
ان بداية إشعال أية انتفاضة او هبّة ، لكي تتحول الى ثورة شعبية عارمة ، تتطلب قيادة ثورية مخلصة ، شجاعة ، سليمة ومرنة للجماهير ، وخطة محكمة ، ويقظة ، واندفاعا ثوريا .
وبعد اتخاذ القرار بتحويل الهبّة او الانتفاضة الى ثورة ، يبقى على الأحزاب الثورية ، ان تقاتل بالجماهير ، معها كمناضلين وكقيادة . فلا يجب أبدا اللعب بالانتفاضة ، قبل ان يكون الجميع على أتم الاستعداد لمواجهة عواقبها ، لأنها معادلة أرقامها غير محدودة إطلاقا ، وقد تتغير كل يوم ، بل قد تتغير كل ساعة ودقيقة . ان التلاعب بالانتفاضة ، هو مضر بالثورة ، اذا فكرت فيها القيادة الثورية . لذا فمتى بدأت الانتفاضة الشعبية الجماهيرية ، يجب العمل بأشد الحزم ، وبالمبادرة الى الهجوم ، وعدم التردد ، لان الاكتفاء فقط بالدفاع ، هو موت محقق لكل ثورة شعبية جماهيرية . لذا يجب مباغتة العدو الطبقي ، حين تكون قوته متدهورة ومشتتة ، مبعثرة من الانتصار للثورة ، على ان تكون تلك الانتصارات يومية ، مع الحفاظ على التفوق المعنوي الذي سيسكب الثوار والشعب حتمية نجاح الثورة .

8 ) استقراء التاريخ .
علمنا التاريخ ، أن الشعب ، وأي شعب ، لا يمكنه أن يحقق أهدافه التحررية والتقدمية ، إلاّ إذا تراصت صفوفه في خندق واحد ، يقابله خندق أعداءه الطبقيين ، محليين ، وأجانب امبرياليين استعماريين ، ولا وسط ولا منزل بينهما ، سوى لمن اختار لنفسه طريق الارتداد ، والانتهازية ، والوصولية ، والتعويض عن السنوات العجاف ، وخاصة بالنسبة لبلاد تعاني من مخلفات الاحتلال المباشر وغير المباشر ، ووقع الهيمنة الامبريالية .
إن بلوغ الأهداف الشعبية المسطرة للشعب المُسْتلب ، والمُفقر، والفقير ، لن يتأتى إلاّ بأسلوب النضال الجماهيري الواسع النطاق ، والشامل لكافة المستويات الاجتماعية والسياسية .
من هنا . وفي إطار خوض هذا الصراع الطويل النفس ، لا شيء يحمل القوى الوطنية والتقدمية الحقيقية ، وهي تخوض نضالها هذا ، على السقوط في شرك تكتيك النظام العدواني الدكتاتوري ، والسقوط في لعبته القدرة ، التي تشوه المقبلين إليها ، ولا تخدمهم في شيء ، أمام الجماهير التواقة إلى الحرية ، والتغيير ، والمساواة ، والديمقراطية الكونية ، لا الخصوصية الاستبدادية ، واقتسام المسؤولية في مناوراته ومساوماته ، التي يوجه من خلالها الطعنة تلو الطعنة ، للأهداف الوطنية والديمقراطية على حد سواء .
ان منطق النضال الديمقراطي نفسه بمعناه الأصيل ، وليس بما أُلصق به تشويهات ، وتحريفات انتخابية ضيقة ، يفترض فرز العدو الأساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الديمقراطي الوطني الحقيقي ، والتصدي لتكتيكه السياسي بتكتيك مستقل . فليس هناك من مصلحة كبيرة ولا صغيرة ، تجمع بينه وبين أوسع الجماهير الشعبية الكادحة .

حلقات النضال الديمقراطي . ) 9
ان القوى التقدمية والوطنية الحقيقية ، المرتبطة بالشأن العام ، وبهموم الشعب والجماهير ، والمرتبطة بالأرض ، وبالتاريخ ، و ضد كل مناورات التقسيم والتجزئة التي تحاك منذ القرن الماضي بالمغرب ، وترفض كل خرجات النظام التي انكشفت ، وافتضحت من اجل تأبيد الاستبداد ، والظلم ، والعدوانية ، والسيطرة ، من اجل المزيد من الافتراس ، والنهب ، والنهم ، والجشع ، والعمل الجماهيري في مختلف القطاعات والإطارات ، وهو ما نسميه بحلقات النضال الديمقراطي ، هي التي تكتمل كلها في سياق النضال الديمقراطي الحق ، وفق البرنامج الوطني الأدنى ، الذي يضمن الانتقال من موقع إلى موقع آخر ، أفضل وسليم على طريق الثورة الوطنية ، الثورة التي ستقطع دابر الهيمنة الأجنبية ، وحلفاءها المحليين والطبقيين ، الذين يمثلهم النظام المنتمي إلى الزمن الميت . فطقوس العبودية والإذلال التي يتعرض لها الشعب المغربي ، والتي تعرف استهجانا ورفضا ، من قبل الغربيين ، وكل العالم الحر المتحضر ، والمتقدم ، تجعل العالم الحر كله مع الشعب في مطالبه المشروعة والسلمية ، من اجل بناء دولته الديمقراطية التي ترتكز على المؤسسات ، لا على الأشخاص ، ترتكز على القوانين العصرية ، لا على التقاليد المرعية .
هكذا نفهم النضال الديمقراطي الحقيقي ، لا نضال الواجهات والتزْليج ، ونرى ان لا علاقة لهذا النضال بالتورط في سياسات النظام المحلية ( الانتخابات ) والخارجية ( الصحراء المغربية ) ، والتبرير والتنظير لمّا يلحق الضرر المبين بمصالح الشعب والوطن ، وممارسة الخلط والغموض ، والى غير ذلك من الخطط والممارسات السلبية التي جسدها الشعار الأكذوبة " الإجماع " ، الذي هو إجماع ( وطني ) فاسد أحسن تجسيد .إذن ليس هناك من شرط في العمل الوطني المشترك ، بين كل القوى الوطنية ، والتقدمية ، والديمقراطية المغربية ، سوى الخط الفاصل مع أعداء الشعب المحليين والأجانب ، وانه حان الوقت لانتزاع المبادرة من قبل هذه القوى المعادية للشعب ، وللديمقراطية في صيغتها الكونية ، لا الخصوصية ، ديمقراطية التقاليد المرعية ، وهي توحد صفوفها ، وتسترجع حرية حركتها ضمن خط وطني ديمقراطي أصيل ، وفي أطار كتلة تاريخية جماهيرية او جبهة تقدمية ، تنفض من صفوفها المرتدين ، والرجعيين ، والمغامرين ، والمنتفعين الذين تستهويهم لعبة الاصطياد في المياه العكرة .
فلا مناص إذن ، للوطنيين الحقيقيين والمخلصين ، من النضال ، من اجل تحقيق الوحدة النضالية ، لبناء الدولة الديمقراطية الحداثية ، التي وحدها قادرة على إيجاد الحل الديمقراطي ، في الإطار الوطني لقضية وحدتنا الترابية . ان تمسك الصحراويين بالاستفتاء وبالانفصال ، ليس رفضهم الانتماء الى المغرب بلدهم التاريخي الأصيل ، بل رفضهم الخضوع للدكتاتورية والاستبداد ، خاصة وهم يدركون أكثر من غيرهم ، ان مصيرهم اليوم ، ان تمكن النظام من حسم صراع الصحراء ، لصالح أطروحته التي تجعل الصحراء كصمام أمان لنظامه ، وليس كتاريخ وجغرافية وبشر ، لا ولن يختلف في شيء ، عن المصير الذي آلت إليه أسرة المقاومة وجيش التحرير ، والمصير الذي آل إليه آلاف الجنود الذين ماتوا في الصحراء ، ودفنوا في حفر جماعية ، وبدون قبر ، وتركوا عوائلهم يتضورون الجوع ، والفقر ، والمذلة .
10 ) الإيديولوجية والحزب .
إن الإيديولوجية كمصطلح حديث ، أنّما يمهد لظهور مفهوم الحرب بالمعنى الحديث للكلمة . فمع مطلع القرن التاسع عشر ، تبلور مفهوم الإيديولوجية ، وبعده بخمسين سنة بالذات ، بدأت مرحلة نشأة الأحزاب التي عرفت تطورا ملحوظا .
ظهرت أحزاب ذات جذور طبقية اجتماعية ، واتجاهات إيديولوجية وسياسية مختلفة . أحزاب تقدمية ورجعية ، برجوازية واشتراكية ، شيوعية أممية او اشتراكية ديمقراطية ، وأضحت قضية الحزب في الوقت الحالي ، ذات دلالة سياسية ، واجتماعية ، وعلمية بالغة ، كما أصبحت احد الميادين خصبة للصراع الإيديولوجي .
إذن واضح الآن ، آن الإيديولوجية تتمحور غالبا حول السلطة والحكم ، وتأخذ بالتالي صبغة سياسية .
يمكن التمييز بين : إيديولوجية جماعية متحكمة في السلطة ، مثلا إيديولوجية الطبقة المسيطرة او التكنوقراط ، ثم إيديولوجية جماعة تتطلع الى التحكم في السلطة ، مثلا الأحزاب السياسية للأقلية او المعارضة ، وأخيرا إيديولوجية جماعة تحاول التأثير في السلطة دون التحكم فيها ، كما هو الحال بالنسبة لجماعات الضغط .
والواقع أن الإيديولوجية إذا كانت فاعلة في التغيير الاجتماعي ، فإنها تتطلب ان يُعبّرُ عنها ، وتتجسد من طرف عوامل التغيير ، وخاص الانتخابات ، جماعات الضغط ، الأحزاب والحركات الاجتماعية .
هكذا فالأحزاب السياسية لا تكون ، إلاّ جزءا خاصا من القوى السياسية التي تتصارع او تتحالف بشكل او بآخر . ويُعرّفُ الحزب بالمفهوم الحديث ، بأنه جماعة اجتماعية ، يعمل كنسق داخل نظام سياسي واجتماعي معين . ولكي يكون كذلك ، لابد من توفره على ثلاثة محددات ، كما حددها أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية الراحل موريس دفرجيه .
ان هذه المحددات هي :
11 ) الإيديولوجية الحزبية ، أي الدليل النظري للعمل السياسي
ما هي العناصر المكونة للحزب .
1 ) الايدولوجية
( 2 الإطار التنظيمي ، اي بنية الحزب الداخلية .
( 3 الأعضاء الحزبيون ، اي الشريحة المناضلة التي يستند عليها الحزب ، إضافة إلى الجماهير التي يكتسب منها مبررات وجوده .
إن هذه الشروط هي في الحقيقة مرتبطة ارتباطا جدليا ، والإلحاح على هذا الارتباط ، يهم الأحزاب الثورية بالأساس ، لأنها تطمح إلى بناء الأداة الثورية ، للاستيلاء على الحكم .
10 ) في مسألة الثقافة البرجوازية والمثقف البرجوازي .
أول ما طُرحتْ مسألة الثقافة البرجوازية ، والمثقف البرجوازي مع ظهور البرجوازية ، طُرحتْ بمفهوم ليبرالي . ان هذا الطرح جعل ماركس يتصدى الى نقد الايدولوجيا البرجوازية ، وبالتالي نقد المثقف الإيديولوجي البرجوازي ، واعتبر هذه الإيديولوجية أداة استلاب ، وحاملها مثقف مستلب .
أما انطونيو غرامشي ، فقد اهتم اهتماما بالغا بالدور الذي تلعبه الثقافة والمثقف بوصفه منشئ وناشر للأفكار وللثقافة – الإيديولوجية . لقد كان يهدف الى إلغاء ممارسة ثقافية فردانية برجوازية من اجل ممارسة جماعية ، من اجل الحزب كمثقف عضوي جماعي للبروليتارية .
ان تاريخ الإنسانية الثقافي ، هو تاريخ الصراع الإيديولوجي بين الطبقة السائدة والطبقة المناوئة لها . وفي هذا المجال سيكون للأحزاب الثورية والتقدمية والديمقراطية وظيفة هامة في إنتاج الإيديولوجية ونشرها .
12 ) مكانة الحزب في التراث الماركسي .
بالرجوع إلى التراث الماركسي ، سنجد أن مسألة الحزب احتلت مكانة خاصة وأساسية ، لأنه هو الأداة الثورية الوحيدة القادرة على تنظيم الجماهير ، وكل القطاعات ، من عمالية ، وفلاحية ، وطلابية ، وما إلى ذلك من القطاعات المكونة للشعب . فمن وجهة التفسير الماركسي اللينيني ، لا بد من نضال سياسي يستلزم تشكيل حزب سياسي ، باعتبار ان الحزب الشيوعي ، هو الحزب الطبقي للبروليتارية . أما لينين ، فقد كانت إسهاماته ، نظريا وعمليا ، في تحديد مفهوم الحزب ذي الطراز الجديد ، تطويرا وإغناء للنظرية الماركسية عن الحزب ، اعتمادا على خبرة الحركة العمالية في روسيا .
وقد أكد لينين ان الحزب الشيوعي هو الطليعة الثورية للبروليتارية ، وهو الفصيلة الواعية والمنظمة ، إذ لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية . كما أكد على أهمية التنظيم ، فالحزب هو أعلى ، وارقي أشكال التنظيم الطبقي للبروليتارية ، وهو يقوم على مبدأ المركزية الديمقراطية ، كما انه أممي في طابعه ، وجزء من الحركة الشيوعية العالمية . أما ستالين فقد قال بخصوص الحزب ، انه لا يمكن فصل المسائل السياسية ميكانيكيا عن مسألة التنظيم .
وانطلاقا من الخصوصية الايطالية ، سنجد انطونيو غرامشي يصف الحزب بالمثقف العضوي الجماعي . انه الجهاز الأمثل الذي يجسد عمليا مفهوم المثقف العضوي ، والذي يربط المثقف أكثر من أي تنظيم آخر ، وبصفة عضوية ، بطبقة اجتماعية معينة . وهو التنظيم الطبقي الذي يسعى الى ممارسة الهيمنة الثقافية والإيديولوجية ، وبالتالي للاستيلاء على السلطة . فالحزب إذن ، هو المنظم لطبقة اجتماعية ما ، والمعبر عنها . انه الممثل الحقيقي لها ، وهنا يميز غرامشي بين ، ما يسميه بالحزب السياسي ، والحزب الإيديولوجي .
إن الأول يعني به الحزب كتنظيم عملي، او أداة لحل مشكلة الحياة الاجتماعية ، والثاني يقصد به الحزب كأيدولوجيا عامة ، اي مُجْمل التنظيمات الفكرية الإيديولوجية التي لا تكون تابعة لحزب سياسي خاص ، ولكنها مرتبطة بطبقة اجتماعية ما .
وفي نظر غرامشي ، لا بد من توفير ثلاثة شروط لتشكيل حزب نموذجي :
أولا – التجانس الإيديولوجي بين فصائل الحزب الثلاثة ( القادة المناضلون ، المتوسطون والقواعد ) .
ثانيا – التعبير عن مطامح البروليتارية .
ثالثا – انصهار مختلف الفصائل التي تكون الحزب ، في كتلة واحدة ذات طابع مونوليتي ، اي مقدود من صخر واحد . وقد ألح غرامشي أيضا على مفهوم المركزية الديمقراطية .
13 ) الحالة الراهنة .
بعد تحلل الاتحاد السوفياتي ، ليصبح مختزلا في روسيا الاتحادية ، وسقوط الأنظمة البرجوازية الصغيرة في اوربة الشرقية ، وتحول الصين الى امبريالية شرسة مهاجمة ، وسقوط كل الأنظمة التي حكمت باسم الشيوعية المفترى عليها كالبانيا( انوار محمد خوجا ) الغارق في الستالينية ، وتحلل الأحزاب الشيوعية في آسيا كالحزب الشيوعي الفيتنامي ، والكمبودي ... الخ ، يكاد الجميع يتفق على موت عصر الصراع الأيديولوجي ، وانتقاله الى الصراع الاقتصادي وصراع الأسواق .. فاصبح التهديد بإشعال حرب كونية باسم الاقتصاد وباسم الأسواق التجارية ، امرا قد يكون حتميا ، سيما بعد الغزو الروسي لأكرانيا ، وانتماء دول جديدة الى " الناتو " .. فاصبح التهديد حرب الأسواق والحرب الاقتصادية والعلمية والمعرفية .. ومن تغيرت صور العالم ، وانتفى صراع القطبين ، بحلول نظام القطب الواحد .. وقد اثر هذا التغيير على المحيطات ، التي عرفت بدورها انحدار قيم وبزوغ أخرى . فتم طمس الأحزاب الشيوعية العربية ، وتم اقبار المنظمات اليسارية التي جاءت كشعارات مدوية على فشل الأحزاب الشيوعية التي كانت بطريقة او أخرى مندمجة في مؤسسات الأنظمة الحاكمة ، باستثناء تجربة الحزب الشيوعي العراقي ، والسوري ( ليس حزب خالد بكداش ) ، وامتد هذا التحول داخل الحركة الفلسطينية ، عندما بزغت " الجبهة الديمقراطية ، وقبلها " الجبهة الشعبية " التي خرجت من رحيمها " الديمقراطية " . ومثل تقوقع منظمات اليسار الفلسطيني ، تقوقعت المنظمات الماركسية العربية ، والمغربية ، لتتحول الى أشلاء ، وترديد لذكريات تغنى بها الثوار ) طيلة السبعينات من القرن الماضي . لان حلول الثمانينات جاء بالانكماش العام ، سواء على المستوى التنظيمي او المستوى السياسي . فالعديد من فعاليات اليسار الماركسي انضمت الى الدولة ، فانخرطت في مؤسساتها الدستورية وغير الدستورية . بل ان البقية الأقلية التي ظلت تعيد أسطوانة اليسار والثور ، تقوقعت بدورها لتتحول الى مطربين على الاطلال والماضي ، ولينزوي كل في ازمته ، يعاني منها لوحده ، من تجربة افلست قبل وقتها ، فكانت بمثابة الوليد الذي سقط من بطن امه قبل ان يكمل التسعة اشهر من الحمل .. Prématuré ... لذا فدراستنا هذه ، ستكون من اجل الاغناء للحقل الثقافي ، وبالمشهد الذي كان عليه ، سواء في بداية السبعينات او حتى الثمانينات . فنكون بهذه المحاولة المتواضعة قد عرضنا جزءا من التراث الماركسي الذي رفع شعارات الثورة التي كانت اكبر منه .. مما يسمح بالقول ، ان تلك الفترة من تاريخ المغرب ، كانت فترة ثقافية سياسية وليس سياسوية ، وليصبح الصراع عقائدي منذ الثمانيات ، لتشغل الساحة السياسية منظمات الإسلام السياسي ، التي أصبحت اكثر خطورة على النظام من اليسار الماركسي الذي افلس عن اخره ..
بل سنجد ان حتى منظمات الإسلام السياسي الاسلاموية ، وبعد الضرابات الموجعة التي تلقتها من النظام المخزني ، منها من دخل يتآزر ويدافع عن الدولة ، ومنها التي اعتبرت ان " النظام سيسقط من تلقاء كفاكهة متعفنة " ، وأصبحت تُكوْلس مع النظام ، وهي الكولسة التي فضحتها نادية ياسين ، امام مقبرة ( الشهداء ) خاصة عندما استجابت للنظام وخرجت من حركة 20 فبراير ، وتركت " النهج الديقراطي " الذي تعرى بالكامل ، وحده يجتر مخلفات فشل حركة 20 فبراير .. ولتحول الى العقلنة والرشد السياسيين ، اللذين حول الحزب بلباس جديدة ليصبح جزءا من الدولة لا خارجها .. فهذه الدراسة تؤرخ لجزء من فترة اليسار الماركسي ، ولطموحاته التي تحللت في اللقاء الأول مع الدولة .
فالمشاريع السياسية الإصلاحية ، التي تحولت الى حكومة جلالة الملك ، ومعارضة جلالة الملك ، والمشاريع الثورية لليسار خلال السبعينات ، ابطلها نجاح الدولة التي لم تعد تعير من التفاتة لمعارضة الشعارات ، كما افلست المشاريع العقائدية الاسلاموية ، التي تم توظيفها في محاربة اليسار الإصلاحي والثوري ، وعندما انتقلت لمحاربة الدولة ، وجدت نفسها تكرر أسطوانة الدولة التي هي في الأصل ثيوقراطية ، ولا علاقة لها بالحداث الأيديولوجية ولا السياسية ، وليذوب جزء منها في مؤسسات الدولة ، ويتحول الاخر الى ممارسة معارضة السبعينات الإصلاحية ، بعد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 .. بل ان الأحزاب التي تدعي ( اليسار ) ، كحزب الطليعة ، وجماعة الاستاد الساسي ، تحولوا الى مخزنيين لا تختلف مخزنتهم عن احزب انشأتها وزارة الداخلية ، او انشأها القصر .. فماذا يعني الانسلاخ من ماضي الاتحاد الراديكالي ، في المؤتمر الاستثنائي / يناير 1975 . وما معنى ان تشارك في انتخابات الملك ، للدخول الى برلمان الملك ، وحتى لحكومة الملك ، ضمن دستور الملك ... انها المخزنة الاصيلة التي لا يشق لها غبار ..
لكن الفائز من هذا الصراع الذي استغرق سنوات ، أي منذ تولي محمد السادس الحكم ، كانت الدولة المخزنية ، البتريريكة ، البتريمونيالية ، الرعوية ، الثيوقراطية ، الطقوسية .. التي انْ حسمت صراع الصحراء الغربية ، الذي يبقى التهديد الوحيد الذي يهدد وجودها ، ونجحت في التطبيع من جديد مع النظام الجزائري .. يمكن ان تحكم الدولة الرعوية بالتلكوموند .. أي تصبح الحكومة والبرلمان ، اللذان هما مؤسسات الملك ، لا قيمة لهما في هذا النوع من الأنظمة الذي يسير الدولة ، ويحكم الرعية بالمزاج ، فقط بالمزاج ..
فمثل الملك امير المؤمنين الغائب الذي يحكم من بعيد ، من فرنسا ، فان البرلمان والحكومة ، على خطى سيدها ، يمكن لهما الانتقال خارج المخرب ، وممارسة الشأن العام بالتليكموند ..
ان ثورة القبائل البربرية عبر كل تاريخها ، كان ضد الملك الضعيف ، الخاوي الوفاض ، ولم تكن ابدا ضدا المغرب ، باستثناء تجربة الجمهورية الريفية الانفصالية التي استمرت ستة سنوات .
لكن السؤال هنا . لماذا لم تثر القبائل ضد محمد السادس الضعيف ، وضعفه وصل حد الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية / الجريدة الرسمية 6529 / عدد يناير 2017 .. بل منذ ان تم تعيينه ملكا ، وهو خارج المغرب ، ولا شيء حصل في الواقع ..
الخطر المهدد للنظام بابه الصحراء الغربية .. اما الساحة فهي فارغة ..ولينم على يده اليمني ، من دون ازعاج ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام