الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخطط استقلال دارفور: اذكاء القبلية ونقل الحرب الي الخرطوم

محمد الصادق

2024 / 4 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مع اندلاع حرب دارفور قبل حوالي عشرين عاما صدر الكتاب الاسود الذي ينتقد تكريس المناصب العليا في الدولة علي قبائل معينة ومناطق معينة، واعتبار ذلك اختلالا في معايير اقتسام السلطة والثروة، وقد اظهر الكتاب من خلال احصاءات دقيقة المشاركة الضعيفة لاقاليم مثل دارفور وكردفان.
والحقيقة ان الاختلال في معاير توزيع السلطة والثروة كان موجودا فعلا، لكن لم تكن القبلية او الجهوية سببه الأول، انما كان الولاء هو الذي يسهم في اختيار الأشخاص للمناصب المهمة في الدولة، وهذا شيء طبيعي يمارسه الحكام الذين يريدون ان يستمروا في السلطة اطول مدة ممكنة.

في العام ٢٠٠٨ تفاجأ الناس بغزو مسلح علي مدينة امدرمان، وقد سميت هذه العملية "الذراع الطويل" وكانت هذه المرة الأولي التي تصل فيها الحرب الي العاصمة، وقد كادت بعض المدرعات الوصول الي قلب الخرطوم لولا انه تم.تدميرها علي جسر الفتيحاب الذي يبعد امتار قليلة من القصر الجمهوري.
لقد استطاعت القوة المسلحة الغازية الوصول للعاصمة رغم ان تحركها اكتشف وهي لا زالت في دارفور، وقد كان يتم قصفها بالطيران طوال مسيرها الطويل، مما يؤكد الأصرار الشديد علي ان تصل المعارك المسلحة عاصمة البلاد.

وفي ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ انشقت الحركات المسلحة علي قوي الحرية والتغيير وقادت انقلابا علي الوثيقة الدستورية المتفق عليها، هذا الانقلاب الذي أدي الي نشوب الحرب فيما بعد بين المليشيات العسكرية التي كان يفترض ان تندمج في بعضها لتكون جيشا واحدا للبلاد.
الحركات نفسها حدثت بداخلها انشقاقات، وكل منها ساند احد طرفي الحرب، لتدور حرب شاملة في كل ارجاء البلاد.
هذه بلا شك خطة مدروسة للمطالبة باستقلال اقليم دارفور، فكان لابد من ضرب العاصمة وتشتيت سكانها حتي يتفتت النسيج الاجتماعي السوداني لكي يرجع الناس الي مناطقهم الاصلية ويلوذوا بأهلهم وبقبائلهم. فالطبقة المثقفة الدارفورية التي تسكن الخرطوم بالطبع ستكون اول الرافضين للاستقلال لذلك تم ارجاعهم الي قبائلهم بعد عزف طويل جدا علي نغمة التهميش والقبلية.
من الواضح جدا ان النخب السياسية الدارفورية يعتقدون ان لهم حقّ في كراسي الحكم في الفترة القادمة بعد النضال الطويل، ولكن للأسف لا سبيل الي ذلك سوي بالأستقلال، ولذلك هم يسعون اليه، مهتدين بتجربة جنوب السودان، خاصة بعدما ظهر ان الأقليم غني بالموارد، خاصة المعدنية.

ما يؤيد ويؤكد نية الاستقلال هو السلوك الذي صاحب المعارك القتالية، فقد كان من الواضح جدا الحرص الشديد علي تفريغ العاصمة من سكانها ومصادرة عشرات الالاف من السيارات والاف الأطنان من الأثاثات والأجهزة الكهربية ونقلها الي دارفور.

الآن انتقلت العاصمة الي اقصي الشرق فيما خرجت عن السلطة كل عواصم الغرب، فالآن كل عواصم اقليم دارفور -فيما عدا الفاشر- تحت سيطرة ابناء دارفور من الدعم السريع والمنشقين من الحركات المسلحة، وباقي الجيش القديم منشغل بمحاولة إعادة السيطرة علي العاصمة القديمة، ومنع القتال من ان يصل الي اقليمي الشمال والشرق.

في هذه اللحظات يقترب هجوم وشيك علي الفاشر، والتي بعد الاستيلاء عليها وخروج آخر كتائب الجيش القديم منها يمكن اعلان الاستقلال، ويكون التحدي هل يقبل كل ابناء دارفور بذلك، ام تحصل اختلافات وصراعات، وهل يكون الاستقلال حل جذري ونهاية للحروب ام بداية جديدة لصراعات جديدة؟؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول دفعة من المساعدات تصل إلى غزة عبر الرصيف الذي أنشأته الق


.. التطبيعُ السعودي الإسرائيلي.. هل يعقب التهدئة في غزة أم يسب




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة جثث 3 رهائن قتلوا في هجوم حماس


.. وفد جنوب إفريقيا: قدمنا طلبنا للمحكمة ليس لأننا حلفاء لحماس




.. سعيد زياد: الفشل المتراكم للاحتلال هو من سيخلق حالة من التصد