الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق أشلاء أطفال غزة

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2024 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يبدوا ان آخر فصول المسرحية التي عُرضت على خشبة المسرح الأمريكي بين إسرائيل وإيران بشكل مباشر، قد طويت فصولها أو ربما تأجلت لوقت لاحق. لكن المواجهة غير المباشرة بينهما في لبنان وسوريا والعراق واليمن لازالت قائمة طالما بقت حرب غزة مستمرة.
فبعد الهجوم المحدود الذي شنته إسرائيل على أصفهان يوم الجمعة 19 / نيسان، كَردٍ غير معلن، لما قامت به إيران قبل أسبوع عندما هاجمت إسرائيل بالمسيرات والصواريخ من داخل أراضيها، بدأ كلا الطرفين بمراجعة خطوطه الحمر في كل ساحة على حدة بالأخص في ساحة لبنان باعتبارها الميدان الرئيسي للمواجهة بين الطرفين ومن ثم سوريا.
هذه الهجمات، رغم محدوديتها ورغم تحديد فصولها بدقة من قبل أمريكا وحليفاتها من الدول الغربية، الا انها عَرّضت المنطقة الى مخاطر جدية، وإذا وضعنا في حساباتنا عنصر المفاجئة فأن هذه المخاطر لازالت قائمة.
امتلأت أبواق الدعاية والمنصات الإعلامية للطرفين بالعنتريات اللفظية وذلك بإعلان كل طرف بأنه المنتصر، فإسرائيل التي كانت محمية من قبل حلفائها الغربيين وبعض الدول العربية التي تخشى إيران أكثر من إسرائيل، ارادت من خلال ردها أن توصل رسالة لإيران مفادها أنتم تحت مرمى صواريخنا، أما إيران فكان هدفها من وراء هجومها الأخير حفظ ماء الوجه وايصال رسالة الى دول المنطقة باننا شركاء في معادلة تقاسم النفوذ وأخيرا رسالة الى الوكلاء بأننا هنا معكم ولن نترككم.
أما أمريكا، هي الأخرى بدورها، أوصلت رسالة الى غريمها الصين بالذات بأن المنطقة لازالت تحت نفوذها العسكري وان فكرة ترك المنطقة ومغادرتها ليست واردة خصوصا بعد أن بات التواجد الروسي في سوريا غير ذي فعالية أمنية وعسكرية.
لقد كانت مسرحية متقنة الفصول، حيث دخلت إيران رسميا الى حلبة الصراع مع إسرائيل، ويعتبر هذا التدخل منعطفا خطيرا في صراعات الشرق الأوسط بعدما كانت مشاركتها تقتصر على الوكلاء عملا بالمثل القائل (من الأفضل أن تصطاد العقارب بيد الآخرين عوضا يديك). الا أن إسرائيل، وبالأخص رئيس وزرائها المجرم نتنياهو، رأي في" توريط " إيران وسيلة لتخفيف الضغط المتزايد عليه جراء حملته الوحشية ضد الأبرياء في غزة؛ وقد وُصِف هجوم إيران على إسرائيل من قبل الاعلام الغربي بانه حبل نجاة بالنسبة للفاشي نتنياهو وصبّ في مصلحته.
الآن، وبعد مرور مائتا يوم على حرب غزة، فان مراجعة متأنية لظروف الأطراف المشاركة في هذه الحرب الهمجية تُظهر بجلاء بانها لازالت بعيدة عن تحقيق ما رسمته من أهداف، وان وخامة الأوضاع الداخلية فيها لا تنذر بـ " خير" . فالوضع الداخلي في ايران يشبه برميل بارود على وشك الانفجار حيث الأوضاع الاقتصادية الوخيمة التي تزداد سوء يوما بعد يوم وفي المقابل هناك قمع واستبداد قل نظيره، خصوصا ضد المرأة وحقوقها، فالمظاهرات العارمة الأخيرة بعد مقتل (مهسا أميني) والتي لازالت مستمرة بشكل أو بآخر خير دليل على ذلك.
أما إسرائيل هي كذلك ليست بأحسن حال، فالتظاهرات الواسعة شبه اليومية ضد سياسات الفاشي نتنياهو مستمرة، بالأخص من قبل ذوي المخطوفين لدى حركة حماس، أضف الى ذلك سيناريو استقالة جنرالات الجيش التي بدأ برئيس الاستخبارات، أما سياسيا، فان نتنياهو أمام خيارين أحلاهما مُر، فالاستجابة لشروط حركة حماس يعني تخلي اليمين عن دعم حكومته، وان الاكتفاء بدعم اليمين يعنى الغرق في مستنقع غزة وبالتالي نهاية الحياة السياسية لهذا المجرم، أما الأوضاع الاقتصادية فحدث ولا حرج وعلى سبيل المثال بلغت كلفة التصدي لصواريخ ايران وحدها حوالي مليار دولار.
أمريكا المتورطة في حرب أوكرانيا من جهة وداخلياعلى أبواب الانتخابات الرئاسية، تحاول بشتى الطرق ضبط إيقاع الحرب الوحشية على أبرياء غزة رغم إعلانها الصريح والواضح بأنها مع إسرائيل في "السراء والضراء" كما يقال. الاحتجاجات الشعبية في أمريكا ضد حرب غزة تزداد وتيرتها يوما بعد يوم وتتوسع نطاق الدائرة المطالبة بإيقاف الحرب خصوصا بعد أن ثَبُتَ بان هذه الحرب ليست سوى إبادة جماعية.
أما حركة حماس، فقد كان هدفها من هجوم السابع من أكتوبر هو السير تدريجيا نحو شطب إسرائيل وإقامة الامارة الإسلامية في غزة ثم في فلسطين، ولكن رياح الحرب أتت بما لا تشتهيه سفن الحركة.
الحرب هي من افرازات و متلازمات النظام الرأسمالي، فكلما اشتدت أزمات هذا النظام ازدادت حاجته الى الحروب وخير دليل على ذلك هو حجم الانفاق العسكري العالمي سنة 2023 الذي بلغ( 2.44 ) ترليون دولار مسجلا أكبر زيادة منذ عام 2009 حسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث.
ان ما ما يميز حرب غزة عن الحروب العادية هو انها تجري من جانب واحد، فالجيش الاسرائيلي لا يُقاتل بل يَقتل أناس عزل أبرياء وهو ما يزيد من وحشيتها وهمجيتها. السؤال الأساسي المطروح هنا هو: وسط كل هذه المتلاطمات وتشابك المصالح الرجعية للأطراف المتورطة في حرب الإبادة هذه من هو المستفيد من هذه الحرب و من الذي دفع الثمن؟
هذه الحرب يجب أن توقف، هذا هو مطلب الملايين من الأحرار عبر العالم، يجب أن يُشن نضال من أجل وضع حد لهذه المجازر التي ترتكبها إسرائيل، نضال ضد الامبريالية وحكوماتها وضد النظام الرأسمالي الذي يَعرض همجيته بشكل شنيع أمام العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا