الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين كمبالا واديس والدوحة: تهافت الصحافيين السودانيينن

محمد الصادق

2024 / 4 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حرب السودان الحالية وصفت منذ البداية بأنها "عبثية"، فذلك كان واضحا، فالحرب اندلعت فجأة وبلا مقدمات او اسباب ظاهرة، وكان واضحا ان الحرب ستكون "مهلكة" للجميع، فالحرب اندلعت بين الجيش ومشاته، فالجيش إذن يخوض الحرب بدون مشاة!!
والمشاة يخوضون الحرب بدون جيش!!
ومع ذلك نري بصورة واضحة اصطفاف الصحافيين كل مع طرف، وعلي حسب انحياز العواصم الي طرفي الحرب، فهناك من اتخذ كمبالا او اديس مقرا له، واخرون اقاموا في الدوحة او القاهرة.
وصار نصف الصحفيين متحدثين باسم هذا الطرف، ونصفهم باسم ذاك الطرف.
اصطفاف الصحافيين للطرفين أدي الي تثبيت الصراع كونه صراع سياسي، بمعني ان الانقسام السياسي اصبح صراعا عسكريا، واصبح امرا عاديا ان يستضاف من كمبالا صحافي كبير في قناة فضائية فيتحدث من وجهة نظر هذا الطرف، ويستضاف آخر من الدوحة فيعبر عن وجهة نظر الطرف المناوئ.
كان يفترض ان يقف الصحافيين وقفة رجل واحد ضد الحرب لأن المتقاتلين ينتمون الي وطن واحد وقد ظلوا يخوضون الحروب كجيش واحد، فإطلاق اي طرف رصاصة واحدة تجاه الطرف الآخر كان ينبغي ان يكون مثار استهجان من الجميع وخاصة الصحافيين لأنهم هم الطبقة المستنيرة في المجتمع.
لقد عرف عن الجندي السوداني انه جندي منضبط ومطيع لأوامر رؤسائه وهو مدرب علي ذلك، والشيء الواضح أن الجنود في الميدان الممسكون بالبنادق من كلا الطرفين لا يدركون شيئا عن اسباب الحرب ولا يعرفون لماذا هم يقاتلون اخوانهم، وانما هم ينفذون الأوامر التي تأتيهم. ولقد آسفني جدا حديث المدعو كيكل وهو يتحدث ذات مرة، ان احد المنتمين لقواته اعتقل اخاه من الجيش، فبئس الأخ وبئست الأخوة!!
الانقسامات السياسية موجودة في كل مكان لكن انحياز اي مكوّن عسكري خاصة اذا كان هذا المكون قوة نظامية تنتمي لجيش البلاد فهذا امر غير مقبول مهما كانت المبررات.
هنالك موّال متداول: من اطلق الرصاصة الأولي؟؟ وهذا كلام فارغ، فاطلاق الرصاصة الأولي لا يعني قيام الحرب، فحتي الدفاع عن النفس له حدود، ولا يعني قتالا مستمرا!!!
وقد تحدثنا من قبل ان الدين الأسلامي لا يجيز اطلاقا قتال المسلم للمسلم، وهناك نصوص واضحة: (اذا التقي المسلمين بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار)، وانا اعرف ان بعض الأئمة المضلين يزينون لكلا الطرفين ان الذين يقاتلونهم هم الفئة الباغية، ففي القرآن اشارة الي ذلك بالطبع لكن القتال يأتي بعد استنفاد فرص الاصلاح بين المتقاتلين، وهذا ما كان يجب علي الصحافيين تبيينه، لكن الملاحظ ان هؤلاء قد غلب عليهم حس الانتماء، فصار كل صحفي يستميت في الدفاع والتسويغ بالحق وبالباطل للطرف الذي ينتمي اليه، وهذا قد أدي الي تمادي الطرفين في التنكيل بالآخر، وخرق القواعد المتبعة في القتال، وظهور تصرفات غير معهودة في الحروب مثل النهب والإتلاف المتعمد، واعاقة دفن الجثث، بل والتمثيل بها، وعدم مراعاة حقوق المدنيين، بل حتي ان الطرفين اعاقا وصول الإغاثات والإعانات التي جاءت من الخارج. كل هذا كان مهمة الصحفيين: الدفع نحو وقف الاحتراب، وعدم التشجيع علي استمراره، ومراعاة الجوانب الانسانية، لكن للاسف حدث العكس، فصار الصحفيون هم الذين يصبون الزيت علي النار، ولا حول ولا قوة الا بالله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا