الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومن سماتها - قبحها الله- نهب المال العام والإستئثار بثروات الوطن

وليد حكمت

2006 / 12 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم تنم البرجوازية الأردنية طبيعيا ولم تتطور تطورا طبيعيا كما هي الحال عند البرجوازية الأوروبية مثلا بل تشكلت بطريقة تعسفية تخطت التطور الطبيعي لنمط الإنتاج الرأسمالي, بالأحرى تستحق ان نطلق عليها وصفا مناسبا وهي أنها ولدت من رحم البيروقراطية المتنفذة في أقوى مراحلها وذلك في الفترة ما بعد حرب 1967 م , وحققت تموقعا إلى جانب البرجوازية الفلسطينية المهاجرة من الضفة الغربية ...

إذن فالبرجوازية الأردنية جاءت من الأعلى نشازا وانسلخت عن جلدها جلد الطبقة الوسطى المتبقرطة فأضحت برجوازية مقدسة تحالفت فيما بعد مع البرجوازية الفلسطينية المتمركزة في الأردن ضمن علاقات سياسية معينة تحفظ لهما كيانهما الاقتصادي المتنامي وبناءهما الفوقي السياسي بأشكاله وتعابيره المتعددة

انفلتت البيروقراطية الأردنية من عقالها بعد أحداث أيلول الأسود مع الفصائل الفلسطينية عام 1970 م وحققت انتفاخا متعاظما من خلال الاستيلاء على ثروات الوطن بمختلف أشكالها وتنوعاتها بعد ان اخذت الفتوى الفقهية والرخصة الشعبية بذلك النهب المنظم الذي جاء تحت غطاء وطني ... عنوانه حماية الوطن والذود عنه بطريقة فرق تسد الإنجليزية يرافقه استبداد مركز واحكام عرفية مزمنة أقصت الإرادة الشعبية عن المتابعة والرصد لأهم القضايا .

عملت القوى السياسية الأردنية على وضع بعض التشريعات الاقتصادية التي تحد من تنامي البرجوازية الفلسطينية بعد عام 1970م فكانت غالبية تلك النشاطات تتم تحت إشراف الدولة وضمن نطاقها لكن البيروقراطية الأردنية لم تنس نصيبها لكونها من العاملين عليها فوضعت أيديها على مكامن الاقتصاد ولصالحها الشخصي وليس لصالح الشعب وهذا ما اكتشفه الشعب بعد مروره بالمحن الاقتصادية التي غشته فيما بعد وبعد سياسات تحرير السوق والخصخصة في تسعينيات القرن الماضي إذ تبين له أن مفاصل الأمور والثروة والرزق أضحت في أيدي نفر قليلين.

الدولة الأردنية دولة غنية بالثروات الكثيرة والمتعددة ومهما حاول الكثيرون أن يلبسوها لباس الفقر الا ان الواقع ينفي ذلك فهناك الكثير من الثروات الطبيعية والمعدنية والسياحية التي تحقق انتاجا قويا وحياة كريمة لجميع افراد الشعب ان هي استغلت بالشكل الصحيح واريد ان اضرب مثالا واحد يتعلق بمصنع البوتاس في الأردن والقائم على استخراج وتصنيع مادة البوتاس فهذا المصنع يربح بضعة ملايين سنويا ليست بالكثيرة ولكن مثل هذا المصنع تماما في دولة اسرائيل ينتج موادا بقيمة مليار دولار سنويا ,, فالفرق يكمن في التسلط البيروقراطي على المال العام ونهبه بشكل كبير . ومثله الفوسفات وباقي المصانع والتي قامت الدولة بخصخصتها امتثالا لبنود الاتفاقيات التبعية للإمبريالية الأم .

في القطاع الزراعي لن نتحدث عن وادي الاردن وخصوبته وانتاجه الضخم ولن نتحدث عن الانتاج الزراعي في شمال المملكة من مختلف المحاصيل التي تصدر غالبيتها الى الدول الاخرى فالاردن مكتف زراعيا بالدرجة الأولى , واريد ان استشهد بمثال على الوضع الزراعي في الاردن في بقعة صحراوية قاحلة هي منطقة الديسي هذه المنطقة تمتاز بوفرة مياها التي تعتبر من اعذب وانقى المياه في العالم , استثمرتها اربع شركات برجوازية بمبلغ بخس وهو عشرة قروش ( أي واحد على عشرة من الدينار الاردني) للدونم الواحد وكانت المساحات المستثمرة 50 الف دونم مع مجانية المياه ,,, تلك الشركات التي تعود لشخص واحد او اكثر ربما تنتج وتصدر منتوجات بقيمة ملايين الدولارات سنويا ,, هذا مثال بسيط من مئات الامثلة على هدر ونهب ثروات الوطن..

لقد قدمت الدول المجاورة للأردن في العقود الماضية هبات ومساعدات قدرت بعشرات المليارات بحجة تعزيز صمود الاردن في وجه اسرائيل حيث تشكل الاردن اطول خطة مواجهة مع ذلك الكيان , فالعراق وحده وحسب تصريحات النظام السابق قدم للاردن حوالي 40مليار دولار جاءت على شكل منح نفطية مجانية تقدم الى الشعب الاردني كانت الحكومات تبيعها على الشعب حسب السعر العالمي للنفط في تلك الحقب اضافة الى الدعم الخفي الذي يذهب الى علية القوم في الاردن على شكل هبات ضخمة مئات الملايين تاتي على شكل دفعات سنوية ... هذا بالنسبة للعراق وتصريحات العراقيين الرسميين في النظام السابق اما بالنسبة للسعودية وباقي دول الخليج فحدث عن البحر ولا حرج وآخر فضائح نهب تلك المنح فضيحة المنحة التي قدمتها الكويت بقيمة 130 مليون دولار في عهد رئيس الحكومة الاسبق فيصل الفايز ولا نعلم ما هو مصيرها .

المنح كانت عبارة عن سيل متدفق يضخ المليارات التي تبتلعها البرجوازية وترمي بالفتات الى ابناء الشعب وتمن عليه بهذا الفتات لكي يقدم الطاعة والولاء لاولياء نعمته

ولن ننسى هبات العم سام التي تبلغ سنويا 750 مليون دولار تدفع لأجل تنفيذ سياسات تبعية محددة اقتصادية وسياسية تمليها عليها الولايات المتحدة ,, وقد وجهت الانجلوس تايمز قبل اشهر انتقادا للدولة الاردنية التي عملت على تبييض المملكة من القطاع العام ,, في حين سلمتها الولايات المتحدة ما يقارب ال 4 مليارات دولار منذ عام 2002م واستغربت الصحيفة عن الجهات التي تذهب اليها تلك الاموال فهل تصرف هذه الاموال على القطاعات الحكومية التي بيع اغلبها الى الرأسماليين الاجانب ولم يبق الا جهازي التربية والتعليم والصحة المترهلين المتخلفين.

ولن ننسى قضايا الفساد المالي والإداري التي انتشرت في سائر انحاء قطاعات الدولة كانتشارالسرطان في جسد المريض ونخال ان الدولة اضحت عاجزة تماما لوقف هذا السرطان او حتى التخفيف منه وهو الذي انتقل الى الطبقات الادنى بعد ان كان حكرا على البرجوازية البيروقراطية فقط__ __

تضع البرجوازية يدها على اغلب الثروات التي تأتي الى الاردن وتستأثر بها وربما تقيم بعض المشاريع الشكلية لتقوم بمهنة الاستجداء عليها باسم الشعب

البائد سميح البطيخي احد رؤوس الحكم ومدير عام المخابرات الأسبق وهو الذي ثبتت بحقه قضايا الفساد والتسهيلات التي استغل منصبه لأجل الانتفاع وممارسة النهب ,, لم يكشف عن المبالغ التي استولى عليها هذا الشخص الا انها قدرت بما يزيد عن 300 مليون دولار ولا نعلم ان كانت اكثر من ذلك ... هذا غيض من فيض ... اما الحقائق فربما تظهر مع الزمن .

البطيخي أستشهدنا به على سبيل المثال لا الحصر, جنرال استغل منصبه ليصبح من كبار الأثرياء في البلد وغيره الكثير ممن حققوا تسلقا طبقيا الى ليصلوا إلى البرجوازية وآخرين لما يلحقوا بهم فهم على الطريق سائرون وعلى إهلاك الشعب مصممون

ما هو دور مجلس نواب السلاطين في مراقبة ومحاسبة المفسدين

مجلس النواب هو جزء لا يتجزأ من الطبقة البرجوازية الاردنية فهو الذي يقر القوانين والتشريعات التي تصب في صالح البرجوازية في كل القوانين بلا استثناء فقرارات رفع الاسعار والخصخصة وتحرير السوق والقرارات السياسية والادارية كلها تصب في صالح البرجوازيين بمختلف اشكالهم والقابهم ... مجلس نواب السلاطين يقر على موازنة جزئية ويمنع من مناقشة ومراقبة ومحاسبة مئات الملايين التي تحرر تحت غطاء الخطوط الحمراء فتلك المئات من الملايين لا تخضع للنقاش والمساءلة فتبا له من مجلس لا يحاسب الا الشعب ولا يضطهد الا ناخبيه المساكين... ان الحديث عن مهازل مجلس النواب الاردني هو من باب الحديث عن الف ليلة وليلة من ليالي ومهازل ذلك المجلس فهذا المجلس هو مجلس التطبيل والتزمير والتصفيق للعدو قبل الصديق.

ان القفزات التي حققتها البرجوازية الاردنية والتي اتت نتاجا طبيعيا للاستيلاء على المال العام وثروات الوطن الاستراتيجية ونهب المنح والمساعدات وبيع المواقف السياسية بأبخس الاثمان ,, حققت للبرجوازية تمايزا طبقيا حادا قل نظيره في دول العالم المختلفة فتقرير سعد حتر لل بي بي سي لعام 2005م كشف عن حدة هذا التمايز بنسبة 4% من السكان يمتلكون حوالي 80% من اجمالي ثروة البلد .

ان دور البرجوازية المتمثل بنهب اموال وثروات الشعب لهو دور خطير جدا يسهم بشكل كبير في تفقير الشعب وازدياد حالة البؤس والفقر والقهر التي يعيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا