الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باقة ورد على طاولتي

علوان حسين

2024 / 5 / 1
الادب والفن


لم ألتق بتلك الشاعرة الصديقة من سوريا . كانت بثوبها الأخضر الحرير وقامتها الممشوقة تبدو كفراشة في حقل . جمعتني بها الصدفة في مهرجان شعري . خطر ببالها سؤال وجهته لي لحظتها :
-كيف تكتب قصائدك ؟
وقتها كنت أعيش في عمان , في حي ٍ من أحياء عمان ذات الكثافة السكانية والبؤس العاري يتسلق أحد جبال عمون السبعة . أجبتها على ما أذكر بأنني أكتب وعلى طاولتي باقة ورد صفراء . وقتها تحدثنا عن العلاقة ما بين الورد والشعراء وتأثيره على الجانب النفسي والجمالي ودلالاته في كتابة القصيدة . كنت أعيش في غرفة صغيرة وأنام على فرشة إسفنج على الأرض . وحين أريد الكتابة لدي حجران أصنع منهما كرسياً أجلس عليه وطاولتي صندوق طماطة خشب وجدته في سوق الخضراوات . أصحو من النوم فتندفع فجأة الأم وقططها الخمسة نشترك معاً في فطور الصباح . مع القطط أشعر وكأني مع عائلتي . أصغي إلى صديقتي السورية تحدثني عن هارمونيا الألوان وعن الخريف الذي هو الفصل المفضل لدى الشعراء . في تلك اللحظة بالضبط كنت أفكر بالقطط الصغار وأمهم . كيف أحصل على القليل من الجبن لهم وبعض الطعام أسد به رمقي . حدثتني عن القصيدة المضاءة بالازورد وعن الياسمين في بيتها لا يكف عن الضحك . سألتها بإستغراب - وهل يضحك الياسمين عندكم ؟ قالت - طبعاً يضحك ويثرثر معنا وحين ننسى إلقاء التحية يذرف وقته الأبيض . قلت لها أنا من بلد ٍ يموت فيه الياسمين ولدينا نهران وبضعة بحيرات في سعة البحر . ولدينا قرى عائمة على وجه الماء . وجبال تتساقط الينابيع من ثغورها لكن في عينيك الخضراوين رواء من الظمأ .
- هذا شعر أم غزل ؟ قلت لها بل شزل ! كم ضحكنا وقتها وكنت أشتهي بضع حبات زيتون والقليل من الجبن البلدي مع رغيف خبز طالع من الفرن . خجل من القول لها بأني أود الإنصراف خصوصاً وحديثها الشيق عن الورد في قصائد الشعراء ولأنها غاية في الرهافة صعب عليّ أن أحدثها عن الخبز ولعنة الجوع . هي تنظر إلى السماء صافيةً خضراء كعينيها . وأنا سمائي غائمة مدلهمة كصحراء غابت عنها النجوم . تطلب لي ولها كأسي نبيذ , نحن في كافتيريا فندق القدس . هي ضيفة على مهرجان الشعر وأنا أتذوق الشعر وأجالس الشعراء وربما يحين الوقت لإجراء حوار ٍ مع شاعر مرموق . أخشى مراوغة النبيذ فهو كالساحر يخلب الألباب وينفذ كالسم عميقاً في الدم والأعصاب كما أنه يضعني في ورطة أن أبدو شهماً كما ينبغي . أدفع ما نشرب وما سوف نحتسيه فيما بعد . كنت مفلساً تماماً وجل تفكيري في طعام ٍ لي وللقطط . حدثتني عن الفرق ما بين الكلام العادي والشعر . وحدثتها عن غربة الشعراء وقسوة المنفى وعن البرتقالة في حلم شاعر ثم باغتها بسؤال - هل تحبين القطط ؟
- طبعاً , أنا أموت في القطط .
- هل تعلمين بأن لي عائلة مكونة من أم وخمسة قطط صغيرة أنا أرعاهم كعائلتي ..
- واو , شيء جميل شيء رائع ..
- يمر الوقت جميلاً معك والنبيذ لكن معذرةً أفكاري كلها الآن تذهب صوب القطط ..
- سأطلق سراحك على شرط ..
- عسى أن يكون الشرط خفيفاً ..
- شرطي الوحيد أن تقبل ضيافتي في يوم ٍ آخر وهذه الليلة أنت ضيف عليّ ..
وكأن غيمة سقطت في حضني . تحسست رأسي إذا ما كنت سكراناً فألفيتني في صحو ٍ كامل ٍ . قلت لها في جذل :
- لابد أن نلتقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس


.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8




.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و


.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح




.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة