الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحليلية في احتدام المواقف العربية و الاسرائيلية حول مصطلح الارهاب و الإبادة الجماعية.

عبير سويكت

2024 / 5 / 1
دراسات وابحاث قانونية


عبير المجمر (سويكت)

في مقابلة تلفزيونية مطولة لقناة العربية مع الناطق الرسمي باسم الحكومة الاسرائيلية أوفير جندلمان حول تطورات الازمة بين الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني، بدأ واضحًا رفض المذيعة السماح للناطق الرسمي باسم الحكومة الاسرائيلية أوفير جندلمان وصف حماس بالحركة الداعشيه الارهابية، و بررت موقفها هذا بان المنبر الاعلامي الذي تديره يحبذ تجنب مثل هذه الاوصاف و أنها لا تسمح بذلك، و هذه ليست المرة الاولى التى أرى فيها جدلًا على الهواء مباشرة مع ممثلي اسرائيل حول المصطلحات المستخدمة فالسيد أفيخاي أدرعي ممثل اعلام الجيش الاسرائيلي شهدت له مداخلة مع قناة عربية رفضوا السماح له بوصف حماس بداعش و الحركة الارهابية معللين ذلك باحترام قواعد المنبر الإعلامي.

مهنيًا، أعتقد انه من المفترض إتاحة المجال للمستضافين من مختلف الجوانب للتعبير بحرية مطلقة عن آرائهم ، فهم يدركون ما يقولون، و واعين بالمصطلحات التي يستخدمونها، فكما اصرت الفلسطينية ريما حسن في مقابلة مع القناة الفضائية الفرنسية على أستخدام مصطلح الإبادة الجماعيه مع التشديد على أنها ترفض اي إملاءات و لا يمكن استضافتها في اي منبر إعلامي فرنسي دون ترك المجال لها بتسمية الأشياء بمسمياتها، مضيفة انها تدرك المصطلحات القانونية التى تستخدمها مثل الإبادة الجماعية. بنفس المستوى أعتقد ان المتداخلين الاسرائيليين يعرفون لماذا يستخدمون مصطلح داعش و الارهاب في وصفهم لحماس، و من آدب الحوار الاستماع للمستضافين الاسرائيليين و احترام حريتهم في التعبير و إختيار المصطلحات القانونية و الاوصاف التى تعبر عن رأيهم.

بعد التطرق الى أختلاف و تباين المواقف و الآراء بين الأوساط الاسرائيلية و العربية ، و إختلاف الطرفين حول المصطلحات القانونية و الأوصاف المستخدمة كوصف حماس بداعش الارهابية او في الجانب الآخر وصف ما يحدث في فلسطين بالإبادة الجماعية، و من حيث التحليل الشخصي أعتقد ان شدة الاختلاف بين الطرفين حول المصطلحات القانونية المستخدمة نتاجًا لوعيهم بما يترتب على التأكيد على هذه المصطلحات و عواقبها على المحور القانوني و السياسي، و ما يترتب على ذلك حاضرًا و مستقبلًا .

و اذا أردنا التعريج على مواقف الطرفين بدءًا لماذا ترفض بعض الدول العربية و الإسلامية و بعض القوى المدنية و على رأسها اليسار وصف حماس بانها حركة داعشية ارهابية؟ و تصفها بانها حركات و فصائل مقاومة ضد الاحتلال و الاستيطان و الاستيلاء بالقوة !!! و مثال لذلك بيان الحزب الشيوعى السوداني متحدثًا عن حركات مقاومة للاحتلال و مؤيدا للمد الثوري على حد تعبيرهم.
و عليه في ذات الوقت، اذا مررنا بموقف احد اهم المفكرين العرب و الأفارقة في هذا الموضوع ألا و هو أخر رئيس وزراء شرعي للسودان الراحل الصادق المهدي، حيث كان من أهم ما يدعو له الراحل هو : أهمية وقفة عربية واسلامية قوية تعترف أولآ بما أسماه "مشروعية المقاومة الفلسطينية للاحتلال" و الخروج بموقف عربي إسلامي موحد " لرفض تعريف المقاومة الفلسطينية باي حال من الاحوال بالحركات الارهابية" ، كما كان يدعو ( لوضع الاسرة الدولية أمام ما وصفه بمسئوليتها موضحًا أنها هي التي قررت قيام إسرائيل وهي مسئولة مسئولية مباشرة عن علاج نتيجة ذلك القرار وفرض "سلام عادل" ).
كما انه في تصريحات عديدة له و منها لقاء لي معه في حوار المئة سؤال ، كان يتحدث لي عن ما أسماه " الفزاعات التخويفية الصهيونية و الإمبريالية" على حد وصفه لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية بوصفها بالارهاب، و تخويف من يساند القضية الفلسطينية بما أسماه " فزاعات معاداة السامية" لدحر المد الثوري المقاوم للاحتلال و الاستيطان على حد تعبيره، و في ذلك اوصي المدافعين عن القضية الفلسطينية بعدم التراجع لآن في حد تفكيره هي ليست قضية عربية او إسلامية و انما قضية عادلة ضد الاحتلال و الفصل العنصري على حد قوله، لذلك كان يقول: (" كثير من القوى صاحبة المصلحة في الأوضاع بشكلها الراهن تسعى بكل الوسائل لاحتواء المواجهات والعودة لما كان عليه الحال قبل اندلاع الانتفاضة واستئناف المفاوضات كما كانت").

و المعلوم انه كانت قد اجمعت بعد القوى المدنية على ان حكوماتها العربية فاشلة و وصفتها بالمتآمرين مع الكيان الصهيونى على حد وصفهم و حسب رصدي للتفاعلات في الوسط، كما شددوا في بيانات بين الماضي و الحاضر على ان ما نجحت في تحقيقه حركة المقاومة حماس على حد تعبيرهم فشلت فيه الدول العربية مجتمعة، و هي انها نجحت في تحريك ملف القضية الفلسطينية و احياءها من جديد بعد ما أوشكت امريكا و إسرائيل على تصفية القضية الفلسطينية و دفنها حية على حد وصفهم ، ذاكرين أيضا ان جميع القرارات الدولية القانونية لم تطبق و بما فيه قرار 242 و اهمية انسحاب إسرائيل من الاراضي المحتلة و قرارات اخري عجزت القوى الدولية على أجبار اسرائيل على الالتزام بها و تنفيذها على حد قولهم، و كان بعضهم وصف ما نتج عن أحداث 7 أكتوبر "بإحياء القضية الفلسطينية من جديد"، و بعضهم أطلق على أحداث السابع من أكتوبر بي "بثمارها تعرفونها"، أي انهم ينظرون الى ثمار أحداث السابع من اكتوبر في احياء القضية الفلسطينية و تحريك الملف، فهم يصفونها بانها القضية التى أرادت اسرائيل و امريكا "دفنها حية"، و في مختلف الاوساط العربية نسمع و نقرأ بما يسمى بي "فقدان الثقة في العالم الدولي و عدالته"، لذلك ليس قريبًا ان نقرأ راي من قالوا الآتي:("ونأمل أن يكون هذا الانتصار ومقدمته هذه الهدنة بداية لحل حاسم ودائم بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف")، و لا من قالوا في وصف الأحداث: ("وإذا ما التُقطت بحكمة فقد تفضي إلى خلق تيار مسالم في الكيان الغاصب يقبل بحقوق الفلسطينيين وبدولتين تعيشان في سلام متبادل سيعم بعد ذلك المنطقة العربية كلها ويخرجها من دائرة الصراعات الجهنمية إلى وضع يسود فيه التعايش والتعاون").

في ذات السياق ، الراحل الصادق المهدي احد كبار مفكري الوسط الافريقي و العربي و الاسلامي كان يشدد على أنه لابد من الخروج بموقف موحد و قوي يرفض تصنيف حركات المقاومة الفلسطينية بالحركات الارهابية، و وضع العالم الدولي أمام مسؤوليتهم و الضغط عليهم لاجبار إسرائيل الالتزام بالقرارات الدولية و تنفيذها.

و في موضوع رفضه البتة تصنيف الحركات الفلسطينية المقاومة للاحتلال و الفصل العنصري على حد وصفه بالحركات الارهابية، في حديث لي معه حول موضوع الارهاب كان قد تحدث لي عن كولن باول، و كيف ان امريكا أبتدعت مصطلحاً للارهاب وصفه بالمعوج و الفضفاض بعد خلافها مع بن لادن الذي حد وصفه استخدمته امريكا في تصفية حساباتها مع خصمها الاتحاد السوفيتي بعد ان دربته و مولته و بعد ان انقلب عليها، و أحداث الحادي عشر من سبتمبر التى قال انه يدينها بشدة وضح ان امريكا وضعت عبر كولن باول مصطلح الارهاب الفضفاض على حد قوله مبينًا ان البعض استثمر في ذلك مشيرًا الى اسرائيل استثمرت في هذا المصطلح لتصفية فصائل المقاومة على حد تعبيره، موضحًا انذاك ان بعض الدول الأوروبية استخدمت مصطلح الارهاب الفضفاض كشماعة لتعليق جميع مشاكلها الداخلية و ذريعة لمحاربة الهجرة و أضاف قائلًا ان المتطرفين من القوى السياسية الأوروبية استثمروا في مصطلح الارهاب الفضفاض في حملاتهم الانتخابية و جعلوه برنامجهم الأساسي و أداة لتصفية خصومهم السياسيين ، و كان آنذاك تحدث لي عما اسماه بي "حواضن الارهاب "، كما تحدث لي بانه قد يكون لديه مستقبليًا برامج لشركات أوربية للتفاكر حول اوضاع الجاليات العربية و الإسلامية و خاصةً الشباب لفتح بابا للحوار حول القضايا المشتركة، موضحًا آنذاك ان سياسات المتطرفين في اوربا قد تساعد في توليد الارهاب و تصديره.
و في حديثه عن كولون باول و اول ظهور لمصطلح الارهاب قال لي ان امريكا كلما أرادت إصدار قرار بشأن الشرق الاوسط او فلسطين بالتحديد لابد " ان تستخدم وجوه بعينها لقرض ما " . اعتقد انه كان يريد الاشارة الي استخدام الزنوج الامريكان في تمرير القرارات المتعلقة بفلسطين و الشرق الأوسط و قد أكون أخطأت في الاستنتاج .

و في احد كتابته عن الارهاب و توضيحه انه مصطلح فضفاض، و عن التحرك الأمريكي ضد الارهاب وأثره قال :(" كان التحرك الأمريكي ضد الإرهاب واسعا أدخل في تعريف الإرهاب بعض الدول المتحدية للنظام الدولي الأحادي الذي تقوده الولايات المتحدة، وأدخل في تعريف الإرهاب حركات تحرير مثل حركة التحرير الفلسطينية. هذا التعريف للإرهاب تطابق مع رأي القيادة الإسرائيلية واتفق عليه في لقاء الرئيس بوش والرئيس الإسرائيلي في فبراير 2002م.
كان برنامج شارون الأمني واضحا ولكنه اكتسب بعدا جديدا لتصفية المقاومة الفلسطينية تحت عنوان الحرب ضد الإرهاب، إن شارون سوف يركز على توسيع مفهوم الإرهاب لاستهداف حركة التحرير والدول المعادية ويحرص على دعم حركات المقاومة داخل الدول العربية إن وجدت مثلما هو الحال في السودان مثلا.
لقد اشتدت إجراءاته القمعية واشتدت في المقابل المقاومة واتسع تأييدها في الشارع العربي، الإسلامي، والمسيحي، بل الدولي.").

و في وصفه لاحداث 11 سبتمبر وحرب أفغانستان قال :(" عندما وقعت أحداث 11/ 9 / 2001م المأسوية، كان عمر انتفاضة الأقصى عام من الزمان. الرسميون العرب والمسلمون وكذلك أغلبية المفكرين والمثقفين أدانوا الحدث وحزنوا للأرواح البريئة التي راحت ضحيته، وكثير من الحركيين نفوا أن تكون يد مسلمة هي التي صنعت الحدث. وآخرون اعتبروه جزاءا وفاقا لأمريكا على سياساتها الظالمة. عامة الناس في الشارع العربي الإسلامي اعتبروا الحدث بطولة واعتبروا أمريكا مستحقة لعقاب إلهي.
وفي 7 أكتوبر 2001م اندلعت حرب أفغانستان، كثير منا اعتبرها دفاعا مشروعا عن النفس. ولكن قسوة القصف، وإصابة الأهداف المدنية، ومعاملة الأسرى، وغيرها من العوامل الجالبة للعطف أثارت احتجاجا واسعا على أسلوب الحرب في الشارع العربي والإسلامي. بل حتى داخل أمريكا وأوروبا.")

نواصل للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر


.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة




.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا


.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة




.. مستوطنون إسرائيليون يضرمون النار في مقر وكالة الأونروا بالقد