الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كولومبيا وحرمة الجامعات

محمد حسن البشاري
(Mohamed Beshari)

2024 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


نددت الكثير من المواقع العربية باقتحام شرطة نيويورك حرم جامعة كولومبيا الشهيرة باحتجاجاتها منذ حرب فيتنام الى حرب غزة مرورا باحتجاجات عام 1980 وعام العملية العسكرية الخاصة لبوتين في أوكرانيا وغيرها من احتجاجات صغيرة على مدار حياة هذه الجامعة العلمانية الليبرالية والغريب أن من أستدعى الشرطة للتدخل فيها كانت رئيسة الجامعة مصرية الأصل التي هربت عائلتها من حكم عبدالناصر في الستينيات بعد تأميمه لممتلكات ابيها الاشتراكي والتي تعد أول رئيسة على الاطلاق للجامعة العريقة فقد تعاقب على رئاستها الذكور منذ نشأتها الا أن الجينات العربية فيما يبدو تغلبت فطلبت تدخل الشرطة وهو ما أدى الى توسع وانتشار الاحتجاجات في معظم الولايات الامريكية والاغرب من ذلك أن هناك كتابا عربا نددوا بهذا التدخل من مواطنهم الغربية التي لجئوا اليها بعد طردهم هم أنفسهم من جامعاتهم العربية دون أن يذكروا مأساتهم الشخصية والوطنية فهل نحن أمام ظاهرة جديدة؟
وللتذكير فقط أقول أن الكثيرين من مناوئ النظام الملكي في ليبيا لم ينسوا مقتل الشبان الثلاثة من المدرسة الثانوية في بنغازي يوم 14/ يناير/1964 واعتبروه من أكبر الجرائم التي ارتكبت في ذلك العهد وكان القذافي يحتفل بذلك اليوم على مدار عهده وفي الحقيقة هي مؤامرة مصرية من قبل بدايتها الى نهايتها فقد أججت هذه المظاهرات صيحات أحمد سعيد في صوت العرب تنديدا بموقف الملك من القمة العربية التي عقدت في مصر والتي امتنع عن حضورها بحجة المرض وأوفد نيابة عنه ولى العهد الحسن الرضا وفي الحقيقة كانت احتجاجا من الملك على اكتشاف المؤامرة المصرية بالتخطيط لانقلاب عسكري في ليبيا بعد اكتشاف الكثير من الأسلحة والذخيرة في السفارة المصرية في طرابلس وطرد الملحق العسكري المصري على اثرها واعفاء الضباط الليبيين المتآمرين من الخدمة العسكرية وايفاد بعضهم كسفراء في الخارج ثم توزيع السفارة المصرية في بنغازي لصور عبد الناصر على الطلبة أثناء مرورهم أمامها لرفعها مما أثار حفيظة رجال الامن وتناسى الجميع أن الشرطة لم تستطع اقتحام الجامعة التي لم تكن بعيدة عن المدرسة الثانوية التي تقع على امتداد نفس الشارع على الرغم من أن الطلبة تسلحوا بالحجارة وأخذوا يقذفونها من داخل الأدوار العليا للجامعة (التي كانت مسكنا للملك ومنحها للجامعة) على أفراد الامن المحاصرين لها مما أوقعت الكثير من الجرحى بينهم ولم يذكرهم أحد ولم يكن مقتل الشبان الثلاثة في الشوارع متعمدا من رجال الامن وتمت محاكمتهم وادت الى استقالة الحكومة في ذلك الوقت الى أن جاء صاحب النظرية العالمية الثالثة فحول ادارتها الى لجنة شعبية مصعدة من طلبة الطليعة الثورية الذين يدينون له بالولاء في عام 1973 بعد اكمال بناء المدينة الجامعية والتي أشرف عليها رئيسها عبد المولى دغمان الذي وقف له الملك يوم وضع حجر الأساس فاودع السجن بعد انقلاب القذافي وتم افتتاحها في وقت قياسي بعده بوقت قصير ثم اقتحامها في عام 1976 وشنق طلبتها في وسط بنغازي في 7/أبريل/1977 قبل أن ينقل المشانق الى وسط الجامعة في بداية الثمانينيات وكان يحتفل بثورة الطلاب في 7 أبريل من كل عام بإعدام الطلبة ومدرسيهم فيها مع اجبار الطلبة وأعضاء هيئة التدريس بل حتى طلبة الثانويات على حضور هذه الاحتفالات الدموية ولم نشهد تنديدا عربيا لها على الرغم من نقل أحداثها ووقائعها على التلفزيون الليبي مما أحال أيام الليبيين الى ظلام دامس ملئ بالألآم والتأوهات والكوابيس للأطفال والنساء والشيوخ الى يومنا هذا فما حدث للقذافي نفسه يوم 20/أكتوبر/2011 وما حدث بعده من جرائم إنسانية وتوحش وفساد غير مسبوق يعود في جذوره الى تلك الأيام البائسة و42 عام من العبث ودولة اللا قانون ثم راينا تدمير هذه المدينة الجامعية المميزة التي بنيت على أحدث طراز في أحداث الحرب على الإرهاب خلال السنوات 2014 –2017 بعد أن تحصن فيها بوكة بأسلحته الثقيلة بما فيها الدبابات التي أستولى عليها من معسكرات الجيش الليبي ومخازنه التي فتحها القذافي لهذا الغرض بالذات وحولها الى ثكنة عسكرية بدافع من شعور النقص لديه باعتبار أنه لم يكمل تعليمه الأساسي والثانوي ليلتحق بها كطالب فالتحق بها كعميد الجامعة العسكري يتبعه مئات من الشباب العاطلين الذين أشترى ذممهم بأمواله التي كانت تصرف له بعشرات الملايين من الخزانة العامة للدولة الليبية بإسمه الشخصي ليمنحها لمن يشاء ويمنعها عن من يشاء وكان يشن منها غاراته بتشجيع وتهليل من جماعات الإسلام السياسي على الجيش الليبي الذي لم يجد بدا الا مهاجمته وقتله فيها لتقام عليه الصلوات في طرابلس ويحتفى به كشهيد ويستبدل شارع بوكة بشارع الاستقلال وهو أحد مظاهر الانفصام في الشخصية الليبية التي تحتاج الى دراسات معمقة لفهمها ومعالجتها فالإنسان الليبي تعرض للتدمير داخليا طوال سنوات حكم القذافي الاجرامي البغيض ولن يعود إنسانا إلا بعد أجيال من عودة الدولة التي لا يلوح لها أفق حاليا.
وكل حرم جامعي عربي وأنتم بخير.
يوم عيد العمال (يوم التدليس العالمي في قاموس القذافي) 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح