الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسقاط الارضوية تجنباً للفنائية؟/1

عبدالامير الركابي

2024 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تحل على البشرية وتحديدا على العقل بالحاح، ضرورة غير معاينه، ولاجار التعرف عليها من قبل، بمقابل ركامات المنظور الارضوي البالية، الاخذه بالتآكل المطرد والمتسارع، هذا في الوقت الذي ماتزال الحضورية العقلية الملائمه للحظة ومقتضياتها غير العادية،بعيدة عن الاطلال الواجب والاستثنائي الالحاح، وفي حين تسير حركة التاريخ والمجتمعات وفقا للاليات الناظمه لها بالاصل، فان الرؤى والعقل واجمالي المشاريع المعتمدة في مواكبة الجاري والمتوالي من الاحداث والظواهر، تحضر من خارج المشهد الماخوذ على انه الواقعي بحكم الاعتياد والاعتباط، وبناء على ثقل الفترة الطويلة من الغفلة الاعقالية البشرية، ومن قصورية العقل البشري اللحظوية بازاء الظاهرة المجتمعية ومنتهاياتها المضمرة بين تضاعيف تبلورها التأسيسي.
ولم يكن مثل هذا التفارق بين الوعي الزائف والغفلة الطويلة، ينطوي على مخاطر يمكن ان تلاحظ في الماضي، وبالاخص ابان الطور الانتاجي اليدوي، يوم كان التوافق بين وسيلة الانتاج، والبنية المجتمعية الارضوية هو الغالب، الامر الذي لم يعد قائما مع انبجاس الالة وتحوراتها الاصطراعية من طورها الاول "المصنعي"، الى "التكنولوجي الانتاجوي" الحالي، ذهابا الى القمة المنتظرة من هنا فصاعدا، حيث "التكنولوجيا العليا" المتفارقة مع الكينونة المجتمعية الارضوية ومتبقاياتها، والتي تطابق وظيفة فعالية الانتقالية الكبرى المنتظرة من بداية الظاهرة المجتمعية، بما هي انتقال من المجتمعية الارضوية الجسدية الحاجاتيه، الى "المجتمعية العقلية"، المتلازمه مع تزايد حضور العقل، وغلبته على الجسدية، وصولا للاستقلال عنها، والتحرر من وطاتها، اي من متبقيات الحيوانيه التي ماتزال عالقة بالكينونة الحية من ايام بدء الحياة العضوية والحيوانيه.
ان عقلامحكوما عند بدايات انبثاقه، مع تحول الكائن البشري الى الانتصاب على قائمتين، واستعمال اليدين لاشتراطات وممكنات الجسدية، واحكام البيئة في ظل اليدوية الانتاجوية، ماكان واردا له ان يرتقي لمستوى الظاهرة المجتمعية التحولية بنية وسيرورة، مع عدم توفر اسباب وموجبات حضور اللاارضوية التحققي ماديا على مستوى وسيلة الانتاج، واعقاليا ضمن اشتراطات الغلبة الكاسحة للجسدوية الحاجاتية، واختصاص العقل بتنظيمها، وتدبر ماهو قائم بناء لماتتيحه، الامر الذي كان له ان اخر مسالة ارتقاء العقل لما يؤهله لاماطة اللثام عن منطويات الظاهرة المجتمعية، والوجود وسيرورته، فكانت المجتمعية اليدوية بالاحرى طور الارتقاء النشوئي العقلي الخاضع لاحكام الجسدية وممكناتها، حيث نكون بازاء استكمال لاجمالي حالة النشوء الارتقائي العقلي التي عرفها من قبل، على عكس مايظن، وماقد توهم دارون حين اعتبر عملية النشوء والارتقاء بمثابة عملية جسدية، بحكم كونه هو بالذات كائن جسدي "انسايواني"، برغم تميزه وعبقريته ضمن صنفه، وهو ماكان يمنع عليه برغم امتيازه، ادراك الحقيقة النشوئية الارتقائية باعتبارها عملية "عقلية"، نهايتها بعد طور الغلبة الكاسحة الحيوانيه للجسدية ابان المرحلة الحيوانيه، ثم الطور الثاني الراهن، حين يحضر العقل وان يكن خاضعا لغلبة الجسدية، وصولا الى الطور الاخير المنتظر اليوم، ساعة يتخلص العقل من وطاة الجسدية، وصولا للتحرر منها.
اذن فالعقل يظل في حال تشكل غير مكتمل عبر المراحل، واخرها المجتمعي الحالي المنتهي عند عتبة الانتقال من اليدوية الانتاجية الى الالية، حين يشارف الطور " الانسايواني" على الانقضاء مع الاله وتحت طائلتها، من دون ان تتوفر عند الابتداء الاسباب الضرورية لتحقق الانتقال الى "الانسان" كاملة،بينما تشخص امامنا اشكالية كبرى تقول باستحالة توفر اسباب الانتقال الى الكائن العقلي بوسائل ومتبقيات "الانسيوان" كما هو حاصل راهنا، وكما ظل عليه الحال منذ انبثاق الالة الى اليوم، لتحل على العالم والمجتمعات وماهو قائم منها،حالة من بدء الانفصام بين المجتمعية ووسيلة الانتاج، بينما يكون العالم خاضعا لاعتبارات وطريقة معالجة ونظر، هي من متبقيات طور منقض من التاريخ على مستوى الدول والمجتمعات، واشكال الفعل المطابقة للحظة، والمرجوه، لابل التي صارت اليوم ومن هنا فصاعدا، لزوما لااستمرار للحياة من دونه، واصلا من دون الثورة العظمى العقلية الانتقالية التحولية المنتظرة منذ بداية تبلور المجتمعية، لابل منذ بدء الحياة على كوكب الارض.
ولان الكينونة البشرية ازدواج ( عقلي / جسدي)، فان المتغيرات والمنعطفات الكبرى في التاريخ تحكمها اليات ثنائية، مادية، وعقلية، لكل منها اشكال تجليه ونوع حضوره والياته، العقل منها هو مايعقب التحول المادي بسبب طبيعته، ونوع تفاعليته الاختبارية الاستيعابية، وهو ماكان حاصلا بالاساس وعند بدايات الانتقال والتبلور المجتمعي اليدوي، وحصل اليوم بداهة، مع الالة التي لم تعرف مايواكبها ويكون من عينتها وحقيقتها على المستوى العقلي، كما الجاري ابتداء من انبثاق الالة في اوربا حتى الساعة، بانتظار الانقلابية العقلية الالية، مرورا بالطور التوهمي الاعتباطي الذي رافق ومايزال الانقلابيه الالية، مع مختلف اشكال الاعتقادات التضليلية والافتراضية العائدة لوطاة الماضي السابق على عصر الالة بجسديته وحاجياته.
لن يكتمل الانقلاب الالي، الا مع ظهور الرؤية "العقلية" واجمالي بنيتها وتركيبها الذي يعين طبيعة الطور الراهن الفعليه، مع مقتضياته ومتحققاته المتوقعة، واشكالاته الكبرى، اساسا وانطلاقا من القول الفصل بان الالة هي افتتاح زمن الانتقال من الجسدية المجتمعية الى "العقلية"، وهو مالم تكن اوربا التي انبجست فيها الاله، قادرة على ادراكة في حينه، وبالاخص الاضطلاع بموجباته،وماقد تولد عنه من اثار ونتائج اقرب للكارثية المستمرة من بداية الانقلاب الالي التوهمي على مستوى المعمورة، باسم مايعرف بالتقدم والحضارة الزائفة، في الوقت الذي كانت فيه الاليات المجتمعية تتجه نحو مايتعدى اي مفهوم يمكن ان ينسب للحضاروية، وفي الوقت الذي كان قد حل فيه زمن الانتقال الى مابعد مجتمعية، ومابعد ارضوية منطوية على اشتراطات الانتقالية البشرية من كوكب الارض.
لايمكن للعقل بحكم تكوينه واليات عمله، ادراك مضمر الانقلاب الاكبر الالي في لحظته، هذا بالعموم كمبدا كان متوقعا، عدا عن الاسباب الاهم المتعلقة باصل الحقيقة المجتمعية، وماتختزنه من ممكنات مساعدة بعد الاختبار والمعايشه، على الانقلابية الكبرى، لحظة يكتمل الطور الراهن من تاريخ المجتمعات والوجود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟