الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة بين شرعية العنف والصراع الطائفي

قاسم طلاع

2006 / 12 / 9
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن


مبدئيا علينا أن نقر، بأننا مجتمع كان قد خضع ولا زال يخضع إلى واقع مستبد. مجتمع يتميز بالتناحر لا يملك أي خطاب سياسي يعترف بالآخر، سوى الرغبة في محاولة دحره ليس فكريا فقط، وإنما إلغائه وتدميره كانسان. فإذا كانت المؤسسة الدينية، ومنذ أن وضعت أقدامها على الأرض، تمكنت من طمس وعي الفرد في ظلمات ذلك العالم المجهول وبشكل بدائي تمثل بتلك العلاقة بين الانسان والرب، الذي صار رجل الدين هو الذي يقوم بتنظيمها وتحديد شكل معالمها منذ بدء الخليقة، من جانب واحد غير قابل للنقاش، وأي محاولة بالتمرد عليها يعني كفرا " وكل كافر يجب أن يهدر دمه " ، فإن المؤسسة السياسية، كسلطة دنيوية، تمكنت من الحصول على " صكوك الغفران " خولتها على إعادة ترتيب هذه العلاقة باسم " حرية الفرد وانتمائه " كعقد اجتماعي " دنيوي " يتعايش فيه الفرد مع الآخر بشرط الولاء للنظام القائم ( أو النظم القائمة ) قبل كل شيء وضرورة نقدها حسب ما يرتئيه مشرع السلطة، الذي هو، بالحقيقة، ليس سوى مشروع لا يخرج عن إطار مفهوم اللاهوت ( الدستور العراقي نموذج حي لمثل هذه المسألة. )

لقد تمكن الخطاب الديني ( بمشروعه الهادف إلى تأسيس النظام الفقهي بشقيه السني والشيعي ) من الولوج إلى معمعة السلطة السياسية، على اعتبار أنها الحل العملي لتأسيس مملكة الماضي في الحاضر واعتبار المبدأ الديني هو الشرط الأساسي في تنظيم العلاقة السياسية / الاقتصادية / الاجتماعية في تنظيم علاقة الفرد مع الآخر، وليس من المسموح الخروج عن إطار هذه العلاقة، التي تعتمد في تفسيراتها على تلك الكتب الفقهية التي كتبت قبل أكثر من ألف سنة.

لقد تمكنت النظم السياسية العربية، ومنذ تأسيس الدولة الحديثة، على فرض رقابتها على الفرد وسلب حقوقه، على الرغم من ادعائها بأنها " تريد بناء مجتمع قائم على التسامح الاجتماعي واحترام الآراء المغايرة وصيانة حقوق الإنسان كذلك الأقليات الأخرى وتمكنت من خلق منعطف لقاء بينها وبين المؤسسة الدينية، عندما وضعت في دساتيرها نصوص ومبادئ تعكس في مضامينها " إديولوجية اللاهوت " خدمة لمصلحة الطرفين.

لم تفلح الأقليات الأخرى في الحصول على حقوقها إلا عن طريق الكفاح المسلح ( الشعب الكردي في العراق )، وبعد أن رفضت كل الحكومات المتعاقبة، التي كانت قد فرضت سلطتها، أي طريق سلمي بعيد عن ممارسة العنف والاعتراف بحقوق هذه القومية، التي دفعت الثمن غاليا ( التاريخ شاهد على هذا )، ولا زال شعب الجنوب في السودان بقاتل من أجل حقوقه مند أكثر من ثلاثين سنة كذلك حرب الصحراء.

هل كانت هناك علاقة بين السلطة أو الأنظمة التي كانت قائمة ولا زالت، وبين الجماهير المسحوقة، حتى تكون هناك قطيعة...؟ ( سؤال وضعه الحوار المتمدن ) أن المتطلع لتاريخ المنطقة، يرى أن العلاقة الوحيدة القائمة بين الاثنين هي عمليات الاضطهاد والقتل وكتم الافواه التي يقوم بها الأول ( السلطة ).

لقد كشف النظام الفاشي في العراق، الذي كان يقوده الدكتاتور صدام حسين، والذي انتهى، بعد أن تخلت الإدارة الأمريكية عنه واحتلال جيوشها لهذا البلد، عن عورة ما يسمى بالقوى الديمقراطية العربية، عندما ثبت عمليا موقفها المساند لهذا النظام، الذي كانت ممارسته ضد الإنسانية لا مثيل لها في تاريخنا المعاصر سوى تلك الممارسات التي كان يقوم بها النظام النازي، الذي كان يقوده هتلر في ألمانيا، وفسرت كل عمل إرهابي يقع في العراق، الآن، على أنه مقاومة على الرغم من أن ضحايا هذه الاعمال هم الناس العزل ( أطفال، نساء، عجائز ورجال عزل يبحثون عن عمل ).

عمليات الارهاب هذه أصبحت نقطة من نقاط الاتفاق بين النظم العربية وهذه القوى " الديمقراطية.....!!!!! " ،( اعتمادا على التقسيم الطائفي )، تمكن منظمو الإرهاب ( حارث الضاري... الكبيسي) الجلوس تحت مظلة هذه النظم وبمباركة القوى المذكورة أعلاه في تأسيس غرف لتخطيط عمليات الارهاب، إضافة إلى البوابة الشرقية، التي ضمت لها الجانب الطائفي الآخر بكل ما يملك من طاقات بشرية ومالية وحتى الأسلحة، وكلاهما جعلا من الساحة العراقية مركز إرهاب يكون فيه الضحية الأول والاخير هو " الإنسان ".

خلاصة القول، أن المجتمعات العربية خضعت ولا زالت تخضع لأنظمة مستبدة حصلت، بعضها، على شرعيتها عبر انتخابات مزورة ( نسبة أل 99،9999% المعروفة على الساحة العربية ) والأخرى عبر انقلابات عسكرية. وأن ما يسمى بالبرلمان أو الجمعية الوطنية أو ما شابه ذلك ما هي إلا أشكال ديمقراطية خالية من المضمون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأحزاب الانفصالية في كتالونيا تخسر الأغلبية في الانتخابات ا


.. بلينكن: الاجتياح الواسع لرفح سيزرع الفوضى ولن يؤدي إلى القضا




.. ترقب في إسرائيل لأمر جديد من محكمة العدل الدولية في قضية الإ


.. طائرتان مسيرتان عبرتا من لبنان إلى إسرائيل وانفجرتا في منطقة




.. الإعلام العبري يرصد التوتر المتصاعد بين إسرائيل والولايات ال