الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطيةُ قومٍ عند قومٍ مصائبُ !

محمد حمد

2024 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تعمُّ الجامعات الأمريكية الكبرى تظاهرات صاخبة واحتجاجات مدويّة تنديدا واستنكارا وشجبا لما يقوم به جيش الاحتلال الصهيوني من مجازر يومية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. ورغم سلمية هذه التظاهرات فقد تمّت مواجهتها بابشع أساليب "الدينقراطية" عنفا وقسوة. وقد شارك في هذا العنف المفرط ضد الطلبة الشباب رؤساء جامعات ومعاهد ومؤسسات تربوية ذات هوىً وغراما صهيوني لا تشوبهُ شائبة. وتكشف لنا هذه الأيام زيف الديمقراطية في امريكا وازدواجية المعايير في مؤسساتها الحكومية، والنفاق المنقطع النظير الذي تصدح به حناجر الساسة الامريكان حول حرية التعبير واختلاف الرأي وطرح وجهات نظر متباينة، وما شابه ذلك. لكن الديمقراطية في امريكا ودول الغرب عموما لها حدود لا يمكن تجاوزها ابدا إذا تعلّق الأمر بدويلة اسرائيل. وحقّها المزعوم في الدفاع عن النفس. وهذا الحق، بنظر امريكا والسائرين في ركابها، يسمح للكيان الصهيوني بقتل أكر من ثلاثين ألف فلسطيني في ظرف أربعة أشهر. والافلات من العقاب هو ما يعطي دويلة اسرائيل الضوء الاخضر، لأن لديها "حصانة خاصة" من قبل واشنطن ولندن، بان ترتكب ما يحلو لها من المجازر والجرائم.
لقد رأى العالم اجمع مشاهد القسوة والعنف والاعتقالات التي تمارسها قوات الأمن والشرطة الأمريكية بحق طلاب معظمهم تحت سن الثلاثين من العمر. لم يطالبوا بإسقاط النظام القائم. ولم يطالبوا بتغيير الدستور. ولم يطالبوا بانفصال هذه الولاية او تلك عن دولة العم سام. ولم يقوموا حتى بأعمال استفزازية ضد قوات الشرطة كما يحصل في بعض التظاهرات. وكل ذنبهم، وهو ذنب كبير بنظر الساسة الامريكان، أنهم رفعوا أصواتهم أكثر من اللازم ضد كيان اسىرائيل المدلل. وعبّروا بشكل طبيعي جدا عن آراء ووجهات نظر ومواقف يفترض أنها مُصانة ومكفولة من قبل دستور الولايات المتحدة الأمريكية. وما يثير الدهشة والعجب هو أن " الديمقراطية" في امريكا واوروبا سرعان ما تتحوّل الى مصائب على كلّ من يختلف مع النظام الحاكم، المبني بشكل واضح على تكميم افواه المعارضين واستخدام القمع والعنف ضدهم.
تصوّروا لو ان ما يحدث من تظاهرات في الجامعات الامريكية يحدث في جامعات روسيا ضد سياسة حكومة موسكو. هل لديكم فكرة عن ردّة فعل الماكنة الاعلامية الجبارة في واشنطن ودول اوروبا؟ وما يرافقها من تصريحات نارية منفلتة من عقالها ضد الرئيس الروسي بوتين. والاوصاف البذيئة والمشينة التي تطلق عليه، والتي تتناقلها وسائل إعلامهم باعتبارها جزء "مقدّس" من حرية التعبير.
واليوم، والتظاهرات تعم الجامعات الامريكية. وقد سبقتها تظاهرات ضخمة نظمها وشارك فيها آلاف المواطنين الامريكان. دائما ضد مجازر ومذابح دويلة اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. اليوم تقوم امريكا الرسمية بوضع دستورها "الديمقراطي" تحت اقدام رجال الشرطة المدجّجين بالسلاح. وبالتالي لا يحق لها من الآن فصاعدا، أن تتباهى وتفتخر بأنها قلعة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم. وان ما نشاهده هذه الايام من اعمال القمع والعنف والضرب والسحل في التعامل مع الطلبة المتظاهرين. سبق لنا وان رأيناه في الكثير من دول العالم الثالث التي تحكمها انظمة رجعية مستبدة لا تقيم وزنا لحقوق الإنسان وكرامته. وتعتبر التظاهر والاختلاف في الرأي والتعبير عنه من أكبر الذنوب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس