الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة الى الامام مذكرات ج 22

كاظم حسن سعيد

2024 / 5 / 3
الادب والفن


الظهور امام الجمهور
دعتني اللجنة المنظمة لاحياء ذكرى رحيل الشاعر الرائد محمود البريكان فقلت لهم ساشترك بالسرد لا الشعر فارفقوا اسمي ضمن الدراسات .
كان دوري متاخرا في قاعة عتبة بن غزوان الضيقة وسط العشار وقد بدا الجمهور القليل متململا من الشعر الذي يصعب هضمه .
لكني اقتطعت صفحات قليلة من كتابي ( البريكان مجهر على الاسرار وجذور الريادة ) لاتلوها امامهم .
ولم تمض دقائق على بدء قراءتي حتى فاجاني المقدم الكاتب جاسم العايف بان وقتي قد نفذ وعلي توديع المنصة فقلت له ( احتاج دقيقة فقط لاكمل الفكرة ) فرفض .
ورايت بعض الحاضرين يقفون ويدلون باحتجاجهم ويرغبون بان اكمل فلم يوافقهم الراي .. بعدها التقت معي اكثر من فضائية على هامش الجلسة لاحدثهم عن البريكان .
اذكر اني خاطبت العايف محتجا ( بلد يضيع فهل تؤثر دقيقة واحدة ).
بعد اشهر اخبرني صديقي علي عبد النبي بان العايف كتب عني في احد كتبه ( باني مت بعد مغادرتي السجن بسبب مادة سمية زرقت بها اثناء الاعتقال حسب قول اهلي واصدقائي على حد قوله ).
حين اطلعت على المعلومة في الكتاب قصدته بالفيسبوك واخبرته معلقا باني حي ارزق لكنه تصورني مدعيا واصر على موقفه .
بعدها نشرت بفكاهة عن الحادث على حسابي وقلت يميتونني وانا حي , ولا ادري كيف اهتدى الاديب الفقيد لصفحتى وكتب معلقا بكلام جارح وبانه لو كان كلامي حقيقيا فعلي ان اشكره لاني نكرة وهو من ذكرني .
صديقي الاديب ع القريب من العايف عاتبته لماذا لم تخبره باني حي وقد قرات حوارنا فقال ( فضلت تاجيل الامر ! ) , وهو سلوك مؤسف اتمكن من تفسيره لكني لا اود توصيفه هنا .
مر العايف قبيل رحيله شبه محدودب ذات مساء ثقيل الخطى وكنت بمقهى مكشوف على الشارع وكان يرتدي قاطا بيجيا فقلت لصاحبي ( انظر هذا الذي حرمني من دقيقة لاوضح فكرتي والذي اماتني وهما ).
كنت لا اعرف الاستاذ جاسم العايف (1944 -2019 ) فبحثت عنه وعلمت بانه كان سجينا في سجن الحلة المركزي 1965 حيث بدا النشر وانه سجين سياسي عام 1964, (شيوعي ) وقد نشرفي مجلات و صحف عدة وعمل في بعضها وتصدر اللجنة الثقافية في اتحاد ادباء البصرة واصدر كتابين (دراسات في الادب والفن والفكر وقراءة اولى .. مقالات ) وان اغلب الادباء يحترمونه .
عندها تجردت من غضبي وسامحته ولا ادعي ان تصرفيه انمحى تاثيرهما بنفسي .
يظهر ان الانسان عندما تباغته الحقيقة يصعب عليه تحمل اعبائها وان النادرين من يواجهونها بشجاعة الوعي .
الكثير من المهرجانات الثقافية وجلسات الذكرى او الادبية هي لون من الاستعراض يظهر فيه الجمهور جامدا مثل كائن مخدر يعمه الوجوم .
وانت تستغرب من قوة التفاعل في المهرجانات للشعر الشعبي وفقره بمهرجانات الفصيح .
مؤخرا اميل للتصور بان 90 بالمئة منها هي احفاد جثثية لسوق عكاظ .
احيانا تدفعك نزوة غامضة للظهور يصعب تفسير اسبابها منها ذلك الضحى الذي القيت فيه قصيدة نظمية من الشعر المقفى .
في احدى القاعات بكليات باب الزبير بساحة سعد وقفت خلف الات موسيقية صغيرة وكبيرة كما في احتفالات الجاز والتقطت لي صورة وانا امسك المايكروفون المعلق بعمود رفيع اسود , كل من رأها حسبني اغني .
كان الجمهور من طلاب وطالبات صاخبا وربما دفعوا كرها لحضور مناسبة وطنية يستهجنونها ,حال شبيه بالاجتماعات الحزبية المكررة الفارغة التي سأمها الناس .
حييت الجمهور ناظرا كل طالب فرحا بملاطفة طالبة حبيبة او مقربة .
وذكرت العنوان ( الاخوة كراموزوف ) فصاح احدهم ( اعد ) فاجبته ( وماذا اعيد هل العنوان ؟ ) .
طالما كررت ذكر هذا الموقف الفكاهي فالطالب عبّر عن روح ظريفة , ربما كان جل همه ان يستقطب نظرة فتاة او ضحكة طالب ولا يعنيه شعر او فصاحة .
ثم قرات قصيدتي المختزلة الغامضة
(تعوي الجماجم هل رأيت حجارة
ذئبية رنت لغير المعول
وتصوف الشبقي من املاقه
وانفت رغم سنا ورقة مخمل ).
في مهرجان اخر رأيت حضورا غفيرا تحتل المقاعد الاولى عمائم سوداء وبيضاء ومسؤولون ومتكرشون , فبرقت بذهني فكرة قديمة هي ان نتلو ما يزعج ايام الاحتفالات المفرغة التي كان يقيمها النظام السابق , ثلاثون عاما من ( فلسطين عربية و شعب شعب كله بعث ويعيش ويسقط وخلي عارف يلحك نوري او حافظ ) ثلاثون عاما من رايات تلوّح ومعقلون يهزجون واياد احمرت من التصفيق .. انتهت لفراغ عميق .
لقوة الحضور طلبت من المشرف ان اقرا قصيدة ومن محاسن الديمقراطية الشكلية انهم لا يطلبون قصيدتك للفحص قبل الالقاء فقرأت
( وعاد حرملة للبار موضعه
ريش الطيور ودم النحر يثمله
ومر الف يزيد في شوارعنا
اشك نحميه حقا ام سنقتله
انت للحرية مولاي ثرت
والنحر كل يوم عدنا وكربلاء
باسمك انترست جيوب الفاسدين
ومن فساد المال كلهم ابرياء
برلمان وبرلمان وبرلمان
وضاع صوت الحرة (يا بن الطلقاء)
اظن باليابان الردته جرى
واحنة ظلينة بطالة وكهرباء ).
وجدت القصيدة صدى ووقف الكثير مصفقين .
كنت ارددها في الباصات والمحال ومواقع اخرى كثيرة فلما كثر طالبوها طبعت مئات النسخ منها على ورق بحجم الكف واختصرت الجهد بالتوزيع .
لكن ما جرى بعدها كان لافتا , فكان المشرفون على المهرجانات غالبا يعتذرون مني لان الوقت لم يسمح بمشاركتي حسب زعمهم , حتى اسرّ لي البعض يوما ( انت بعد قصيدتك عن حرملة والبرلمان صار شبه اجماع خفي على تجنب القائك ).
وتأكد ذلك حين قال مسؤول كبير في جلسة ودية مبتسما بحضوري ( انتبهوا لاستاذ كاظم فان اعتلى منصة فسيحرجنا بقذف البرلمان ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل