الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلم سخيف

فوز حمزة

2024 / 5 / 3
الادب والفن


تعودتُ على رؤيته أيام العطل في نفس المكان.
يجلس على الصخرة ذاتها التي تظللها شجرة صفصاف كبيرة تحيطُ بها من الأسفل أعشاب بدتْ داكنة جدًا في مثل هذا الوقت من السنة، يعتمر نفسَ القبعة السوداء ذات الحواشي الضيقة.
لولا الكتاب الذي بين يديهِ والذي كان دون غلاف، لظننت أن هذا المشهد ربما من الأمس.
أخذتْ صفحة الماء تزداد تلؤلؤاً. ألقى بسنارته في البحيرة وبدأ يقلب أوراق الكتاب الصفراء التي كانت متماسكة أكثر مما ينبغي لكتاب قديم.
مرت نصف ساعة. بدأ الملل يتسلل إليّ و يحيطني من كل جانب، قطعه صوته الخشن:
- لا تدع السمك يشعر بأنك مللت الساحل، نحن لا نصطاد إلا الأسماك المتمردة.
صمتْ من جديد واستأنف القراءة ثانية وكأنه لم يوجه الحديث إليّ، سألته:
- تقصد أنها تعي ما تفعل؟!
شعور غريب نشرته ريح خفيفةُ، حركتْ أغصان الشجرة وأصوات صبية يسبحون على الضفة المقابلة جعلته ينتبه. التفت إليّ ليستأنف حديثه:
- ليس قرارها من يدفعها إلى ذلك، بل غريزتها.
- أيّة غريزة؟!
- الموت، هو من يدفعها لبلوغ الساحل لتبحث عن السّر وراء الأمواج.
رائحة منعشة امتلأ بها الجو بفعل الأمواج، أشعرتني بحماس كبير، فأجبته:
- أو هو الحلم في رؤية العالم الآخر!
- وهنا يكمن السّر، وسيظل سّرًا لأنها لن تعود لتخبر أحدًا به!
انشغل بسحب سنارته بعد أن عَلِقتْ بها سمكةٌ كبيرةٌ. أشار إليها وهو يقول:
- أرأيت؟! هذا هو الأمر الذي يشغل جميع المخلوقات، العالم الآخر، ابتلعتْ الطعم وابتلعتْ معه السّر.
عاد إلى تصفحِ كتابه بعد أن تركها على الرمال تنازع الموت.
صوت تكسر الأمواج العالي على الصخور، جعلنّي أنتظر برهةً قبل أن أوجه له سؤالاً:
- عن أيُّ شيء يتحدث الكتاب؟
- عن شيء أزلي، عن تقاطع الأحلام مع الغريزة. إنه كتاب خيالي!
شعور غير مألوف سيطر عليّ، شيء ما دفعني لتأمل زورق يتهادى فوق أمواج البحر التي كانت تستعد لابتلاع الشمس مثل كل يوم.
وأنا أستعد للمغادرة بعد فشلي في صيدِ أيّة سمكة، قلت له:
- كنتُ أمني نفسي هذا اليوم بأكل السمكِ!
ودون أن يلتفت إليّ أجابني:
- هل تعلم كيف يكون الصياد الناجح؟
- لا!
- مَنْ يهوى الصيد ولا يحب السمك.
صوت النوارس وحركة الغيوم البيضاء التي التقت فوق البحيرة و سرب بط بري أبيض كان يعوم على صفحة النهر، شغلوني عن كل شيء.
التفتُ، كان قد اختفى كما تختفي الأشباح.
تصلبتْ قدماي، لا أقوى على النهوض لإطفاء التلفاز.
هذه الليلة الفيلم سخيف!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل