الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط –20

حسام علي

2024 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لما كانت السياسة الفرنسية ذات المواقع غيرالمتقدمة في الخليج تتحاشى المواجهة مع السياسة الامريكية ذات المواقع الفعالة وتحاول الوصول الى اهدافها عن طريق التعايش بين مصالح ومشاكل وأهداف الدولتين، فقد أصبح الطابع العام لها هو العيش في ظل السياسة الامريكية البارزة خصوصا في الخليج في المرحلة الزمنية المحددة.
إن العوامل التي أتاحت وجودا بارزا في الخليج طيلة القرنين الماضي والحالي هي ذاتها التي أعطت لفرنسا وجودا يقع في ظل الوجود الأمريكي. فمن الناحية التاريخية نجد أن الفرنسيين عجزوا عن تثبيت وجود قوي لهم في الخليج، وما حققوه كان نشاطا لا يتسم بالدأب والاستمرارية وطول النفس، كما هو حال النشاط الانكليزي، فلم يستمر الاول بكل مراحله وأشكاله التجارية والسياسية أكثر من ربع قرن بينما واصل الثاني وجوده القوي لفترة جاوزت الثلاثة قرون وهذا ما أدى بالفرنسيين الى الهزيمة والتوقيع على معاهدة باريس عام 1763م التي تنازلت فيها فرنسا عن مستعمراتها الشرقية للبريطانيين بعد حرب السنوات السبع، الأمر الذي قرر للانجليز فيما بعد وجودا تقليديا ينظر إليه من وجهة نظر دولية استكبارية كما لو كان حقا طبيعيا لهم دون غيرهم، مكتسبا بذلك مايمكن تسميته (بالشرعية الاستكبارية).
فلما نشبت الحرب العالمية الاولى وبدأ الحلفاء مساعيهم لاقتسام مناطق النفوذ من ممتلكات الرجل المريض لم يفكر الفرنسيون بالمطالبة بالخليج كجزء من حصتهم وذلك أثناء المباحثات التي انتهت الى التوقيع على اتفاقيتي سايكس بيكو 1916 وسان ريمو 1920م فاستتبع ذلك إقرارهم بالوجود الانجليزي في الخليج والتزامهم بالابتعاد عن هذه المنطقة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية التي أفرزت خارطة دولية جديدة كان من معالمها بروز دور أمريكي قوي في الخليج الى جنب الدور البريطاني، وهذان الدوران سوف لن يفسحا المجال لأي دولة استكبارية أخرى في الوصول في الأماكن الاستراتيجية في الخليج مهما كان وأي كان، وطيلة وجودها فيه باستثناء بعض المصالح النفطية والاقتصادية التي سُمح للفرنسيين بتحصيلها تحت ظروف دولية ومحلية ضاغطة جدا.
وهكذا أنشأ الدور التاريخي الضعيف لفرنسا في الخليج موقعا دوليا ضعيفا لها فيه، فيما أنشأ الدور التاريخي القوي لبريطانيا موقعا دوليا قويا لها في المنطقة السياسية والاقتصادية على منطقة الخليج، وبسبب قوة موقع الثانية أصبحت مالكة لهذه السيادة التي أتاحتها فيما بعد للامريكان، ومن هنا نشأ الدور الظل للسياسة الفرنسية في الخليج فيما كان أصحاب هذه المظلة هم الأنجلو- سكسون.
وهناك وثيقة صدرت عن المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية بعنوان "الخليج في الثمانينات" وذلك في مارس من عام 1980م، وقد ذكرت الوثيقة أن "العديد من حكام الخليج يريدون أمرين متناقضين على ما يبدو، فهم يريدون أن يكون لهم أصدقاء أقوياء من الغرب وفعالين وجديرين بالصداقة، ويريدون من جهة أخرى ألا يكون لهؤلاء الأصدقاء وجود بارز جدا وخاصة عندما يتخذ شكلا عسكريا.
ومن الواضح أن فرنسا هي الدولة الغربية الاستكبارية الوحيدة القادرة على توفير أكبر قدر ممكن من هذين المطلبين، فهي الدولة الغربية التي لا يثير وجودها في الخليج ذكريات سيئة لدى الشعوب المسلمة على وجه التحديد، كما هو الأمر بالنسبة لبريطانيا وأمريكا.
وهكذا توافقت جملة من الظروف لتطرح أمام فرنسا فرصة جيدة للظهور من منطقة الخليج كقوة استكبارية معنية بشئون هذه المنطقة وشجونها، ربما بصورة أسرع مما كانت تتصور، وبالفعل أخذت فرنسا تعمل على استثمار هذا التوافق وسارعت إلى إعلان موقفها مما سمته (الخطر الإسلامي الثوري) على المصالح الغربية في الخليج، فما أن أنهت قمة غواديلوب الغربية في فرنسا أعمالها ورحل الشاه عن ايران وباتت علائم الانتصار الاسلامي تلوح أكثر حتى عبر الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان في اجتماع لمجلس الوزراء الفرنسي في 17/1/1979م عن قلقه المبكر مما سيحل بالمنطقة خصوصا بعد سقوط شاه ايران.
// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق