الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية 154

آرام كربيت

2024 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الجوالة
كان لدى الأرمن في الزمن السابق على المسيحية، المسرح وفرق الأناشيد الجوالة التي تجول القرى والمدن، كانوا يغنون ويدبكون ولهم موسيقاهم وألحانهم ونوتاتهم الموسيقية، وكان لهم آلهة الحب والرقص والغناء وينابيع السماء والأرض.
وكان لهم فلاسفتهم وكتابهم، ومدنهم المملوءة بالتماثيل الجميلة، ولهم قصصهم وأساطيرهم، ولغتهم وثقافتهم النابعة من أرضهم.
جاءت المسيحية المتوحشة فهدمت كل شيء ولم تبق إلا على الخواء والعبادة المجانية لأبن يهوه.
هدمت تلك التماثيل وتم طمس الثقافة الأرمنية خدمة لابن يهوه المريض المشوه.
المسيحية أنهت التاريخ الأرمني الحقيقي، هذه كانت المأساة الأولى، وأكمال الاتحاد والترقي الماسوني الهمجي اتباع ابن يهوه على ما تبقى من ذاك الماضي المملوء بالعمل والجد والاشتهاد.
فجروا كل المعابد الأرمنية والتماثيل والكنائس والمسارح والمدن القديمة، وأبقى على الخواء الذي يمثله يهوه المجرد من الجمال والحب والحرية.

قلت لأبي:
ـ مسرح جديد أم معبد!
ـ مدينة جديدة مخبئة تحت الرماد بالقرب من ديار بكر. وجدتها, إنه تاريخ الإنسان. من الأن فصاعدًا أصبحت متيقنًا عندما نريد أن نبعث شيئًا مهمًا, علينا أن ننقب تحت الأرض.
وأضاف:
الحرية تحت الأنقاض.
ـ ولماذا كنت مهمومًا طوال الليل؟
أرد أن يهرب من أسئلتي, من إلحاحي:
ـ مجرد كابوس, أثقل علي الليلة الماضية.
راودته في الحال فكرة:
الفلاح هو أكبر مبدع, علينا أن نتعلم منه. الأرض الذي يقف عليها تتمثل أمام عيني كمكانٍ مقدّسٍ للفن، الأغاني, الدبكات, الزغاريد, المحراث والمنجل والأحجار.
ـ هذا الذي يشغل بالك؟ المقدس.
ـ وهل المقدس موضوع سهل؟ إنه الغواية التي تطيح بعقل الإنسان وتقذفه في عمق المجهول.
شعرت بالاختناق. أغلقت الباب ورائي, ومشيت. أردت أن التصق بالمدى والضوء. التفت ورائي, كان والدي غارقًا في الكتابة.
قالت نازلي:
ـ أراه غمامة راقصة فوق اليم.
تنفست سيلفا بعمق, ومضت تحدق في الجمر:
ـ إنه الجمر.
ـ خيالك واسع.

إذا لم ترتعش شفتاك أو قدماك وعقلك وقلبك قبل قدوم الحبيب، فأنت لم تعرف الحب ومعنى انتظاره.
الحب يبدأ برعشة بلقاء الحبيب، وينتهي برعشة أثناء رحيله.
الحب رعشة في كل أوقاته، مستمر باستمراره

ذلك البيت الجميل، ما زال محفورًا في ذاكرتي، ممر المطبخ مفتوحًا، وأمي جالسة بالقرب من الشمس تدخن، وتنظر إلى الأزرق الشفاف، تستعيد ذاكرة الزمن.
أنظر إليها، واستجيب لشفافية المكان الكلي للوجود، برغبة وأمانة وحب للوجود.
البيت هوية، ذاكرى كلية.
من بابه الصغير ونافذته، أرى الغروب الرقيق يلامس الأفق، ويناغي تلك الأشجار العريقة، والنهر، وتقسيمات الأرض، والعشب الغافي على مدى الضوء.
البيت هو أنا، أنتِ، لون الألوان، يعيدنا إليه أنّا ذهبنا.

اصنع لنفسك حبيبًا إن لم يكن موجودًا على أرض الواقع أو فقدته لسبب من الأسباب.
اصنعه من حلم أو خيال أو أمل.
زينه ولونه وأضفي عليه كل الأماني والأحلام الذي تريده أو ترغبه في هذا الكائن الكامن في أعماقك.
اجلب صخرة من جبل أو غابة وأنحتها بأزميلك أو يديك أو عينيك وأضفي عليه ذلك البريق الجميل والحلو الذي تراه.
اعشق حبيبك الجديد، أجلس في محرابه، وفي طريقك أمسك الفرشاة وعلبة الألوان ولونه ليكون على مقاس تصوراتك.
عش في زمنك، زمن البراءة والطبيعة البكر، بالقرب من ساقية أو تنور فيه بقايا رماد أو رائحة خبز قديم.
استعد ذلك الحب الذي كان، فجدوته يمكن أن يشعل النار في أوصالك ويعيدك إلى الحياة.
الحياة خالدة والحب خالد ورائحة الضوء والشفق خالدان وأنت ما زلت أنت ابن الفجر والضوء فلا تقتل الجمال في داخلك.

بزمانتوا كان هناك رجل دين، مسيحي أو مسلم لا يهم، المهم أنه استطاع أن يصل إلى جسد إحدى الفتيات وأقام علاقة جنسية معها.
في أثناء الهز واللز، وقبل الوصول إلى النشوة بلحظات، التفتت إليه خائفة، قالت له:
ـ أبوا.. سيدنا توقف، رجاءًا، أخاف من الحبل.
قال لها:
ـ لا تخاف يا أبنتي لن تحبلي، على مسؤوليتي.
ـ وإذا حبلت يا أبونا ما أنا فاعلة؟
ـ لا تخاف يا أبنتي. هذه دقني أبصق عليها إذا حبلت.
بعد أشهر عادت إليه:
ـ حبلت يا أبوا.. ما أفعل اليوم؟
ـ لا شيء يا أبنتي.. هذه دقني ابصقي عليها، اشبعي بصق.

لماذا لا نسمع من الإعلام الفاجر العربي والعالمي، ماذا يحدث في لبنان.
هناك قرى كاملة دمرت على يد إسرائيل، القرى الحدودية، وتم تهجير السكان إلى مناطق مختلفة.
لبنان ليس حزب الله، لبنان المجتمع يحتاج إلى التضامن والتأزر.
قلت وأقول هناك انتقائية في التعبير عن التضامن، ومن يقوم فيها هو كذاب ووسخ وغير إنساني ولا أخلاقي.
لبنان حمل على ظهره كل القرف، قرف الصرعات العربية الإسرائيلية المزيفة، لبنان الجميل وكأنه غير موجود.
ولدت إسرائيل من خيانات العرب والمسلمين الرسمي.
حتى في التعبير عن المظلومية هناك خيار وفقوس.

قبل سنتين
اليوم الحرب بين اوكرانيا وروسيا تعقدت جدًا بعد أن دخل على خط الصراع أربعين دولة، يمدون أوكرانيا بالسلاح والمعدات بناء على طلب الرئيس زيلنسكي.
اليوم زيلنسكي يطلب من بوتين الجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل أزمة الصراع.
في الحرب تبرز حنكة القائد السياسي، قدرته على فهم المعادلة السياسية العالمية والداخلية، محاولته أبعاد الخطر عن شعبه بأقل الخسائر.
لا اعرف كيف سيتفاهم زيلنسكي مع بوتين بعد أن أصبح الناتو على مرمى حجر من روسيا، وعزز مخاوفها الامنية بمجيئه إلى حدودها، وكانت السبب في قيام الحرب؟
المحزن في الأمر أن زيلنسكي غر سياسيًا، وهذا تعرفه الولايات المتحدة بشكل ممتاز، لهذا يطبطبون على كتفه لامتصاص دمه ثم بصقه.
ولأن هذا المسكين زيلنسكي، لا يجيد قراءة السياسة الدولية وخبثها، فإنه ماض في الصراع الدموي مع روسيا على حساب أوكرانيا والشعب الأوكراني المسكين.
قال وزير الدفاع الامريكي:
ـ نريد إضعاف روسيا.
هل هناك أبلغ من هكذا رسالة؟
قدمت الولايات المتحدة تطمينات للجانب الروسي:
ـ أننا لن نتدخل في الحرب بشكل مباشر ولا حرب نووية بيننا، دمر أوكرانيا، لا مشكلة لدينا، المهم أننا سنبقى أصدقاء وجيران وأحبة.
صحيح سننهش في عظامكم يا روسيا، لكننا لسنا في صدد تغيير النظام السياسي، ولن نتدخل في شؤونكم الداخلية، سنرسل السلاح إلى اوكرانيا فقط، وأنت يا بوتين وقوتك وشطارتك، أعمل في أوكرانيا ما تريد فعله، المهم إطالة الحرب واستنزافكما معًا، وبالنسبة لنا، فخار يكسر بعضه.
وبعد أن يكسر الفخار بعضه سنبصق عليكما، وستكون أوكرانيا دولة مدمرة، ولا مشكلة إن أخذت روسيا جزء من أراضيها في ظل روسيا ضعيفة.
قلت لكم:
على القيادة أن تعرف الألاعيب السياسية وأبعادها ودسائسها حتى لا تذهب الدولة في خبر كان.

استطاعت السلطة أن تختفي من المشهد العام، عبر الخروج من التداول المباشر، إلا من بعض رموزها كسيارة الشرطة أو الإسعاف.
دخل القمع أو القصاص الخفي في التكوين النفسي والوجداني والأخلاقي للفرد في دول القانون ومؤسساتها، عبر تنظيمه ودمج الطفل منذ الطفولة المبكرة جدًا، السنة الأولى من عمره في قيمها وأخلاقها وأفكارها.
يسهر على إخضاع هذا الكائن الطري، جيش من المربين والأطباء النفسيين والعلماء النفسيين والمعلمين والمراقبين عن بعد، لدراسة ومعرفة حركات وسكنات الصغير لوضعه في القطيع العام ليخرج كائنًا ممتثلًا منفذًا للواجبات والأوامر والقوانين النافذة.
يدخل المراقب أو الموجه في عقل الطفل دون أن يحس أو يدري، ويعاد أقلمته وفق توجيه الجالس وراء اللوحة الخفية التي هي الدراسات والأبحاث المسبقة الساهرة على إنتاج كائن مستلب ضعيف، خاضع لا يدري إن كان كائنًا طبيعيًا أو آلة تمارس دورها في الحياة كروتين يومي.
السلطة ترتدي الطفل، يلبسها وتلبسه، وتحوله إلى جزء من تكوينها الداخلي

أضحى القصاص أو العقاب التي تمارسه السلطة على المجتمع جرحًا عميقًا يقبع في الذاكرة الإنسانية القديمة والمعاصرة، لا يمكن محوه أو إزالته أو تجسيره.
فيه قدر كبير من الخجل من هذه العقاب في زمن الحداثة وحقوق الإنسان والحريات الشكلانية السائدة، بيد أن ممارسته ضرورة وحاجة للسلطة ذاتها.
يلف حول هذا الجرح عدد كبير من علماء النفس والمنظرين والكتاب والفلاسفة والمفكرين، بيد أن الخلل أنه لا يوجد كائن من يكون يستطيع الدخول في حيثياته او التفكير في كيفية إلغاءه أو إزالته.
إن العقاب جزء من ترميم القيم الأخلاقية السائدة للسلطة، الذي هو نتاج أخلاقيتها، ولا يمكن أن إزالة العقاب إلا بإزالتها أو إلغاءها من الوجود كله.
لهذا فهو مرهون بها، في قدرتها على إنتاج ذاتها من ذاتها وفي استمرارية وجودها.

اللطميات الكبيرة أو الصغيرة ليستا في الجوهر إلا حالة فطام سياسي:
حرمان من الثروة والسيطرة والنفوذ، ومن الوصول إلى السلطة.
جوهره هو ذلك الحنين القابع في اللاشعور أن يبقى دونيًا، متسلطًا على الآخرين.
اللطم هو شعور مرضي لحياة مبعثرة، سهل على العرافيين وكتاب الرقع أن يتولوا مهام تصميم الشر من خلال نافذة حب الذات النرجسية للذات المريضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة