الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصخصة خدمات وتجهيز المياه وخطورتها

عبد الكريم حسن سلومي

2024 / 5 / 3
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


لقد طرحت خصخصة المياه وخدماتها منذ ان ظهرت نظرية العولمة وتربع اميركا الإمبريالية الرأسمالية على عرش السيادة الاقتصادية بالعالم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1990 ونشطت بذلك المساعي لجعل مفهوم المياه كخدمة وكسلعة له شأن بالتجارة العالمية فهم يقولون( على العالم الجديد وبظل نظرية العولمة ان لا ينظر إلى المياه على أنها هبة من الله او خدمه مجانيه او شبه مجانيه تقدمها حكومات الدول لمواطنيها بل سلعة وخدمه يتطلب على من يحصل عليها ان يدفع ثمنها) هذه وجهة نظر الاستعمار والإمبريالية العالمية بظل العولمة ويساعدها بذلك المنظمات التي انشأت اصلا لتمرير هكذا مطامح استعماريه واولها البنك الدولي والصندوق الدولي والامم المتحدة متمثلة بمجلس امنها بعناصره الخمسة الدائمة التي لا تفكر البا بمصالحها ولا علاقه لها بالإنسانية
لقد سعت وعملت الكثير من المراكز البحثية والمؤسسات الأكاديمية والمؤتمرات التي تقيمها المنظمات العالمية على نشر فكرة أن الماء وخدماته سيصبح سلعة تباع وتشترى بالقرن ال21 الحالي وانه يجب ان تكون لها أسواق وتدخل ميادين البورصات حالها حال سلع اخرى مثل البترول وقد بدا بتداول مصطلح المياه كسلعه بصوره كبيره في ماكنة الاعلام العالمي وخاصة الاعلام الموجه والتابع للإمبريالية العالمية التي تقود العولمة وكذلك في اغلب المحافل الدولية لترويض المجتمع الدولي لقبول هذا المبدأ حال تطبيقه بصوره فعليه
اننا ومن عقود كمختصين بمجال المياه نلاحظ ان مفهوم جعل المياه سلعه قد انتشر ويتنامى بصوره كبيره في الاعلام العالمي والمراكز البحثية والمنظمات الأممية المرتبطة بصورة حقيقة بنظام العولمة الرأسمالي الخطير ولذلك لابد من العمل والسعي للوقوف بوجه هذا النهج وتوعية الشعوب( وخاصة بالدول النامية )لهذا الامر الخطير واثاره في المستقبل وهذا لا يعني علينا وشعوبنا ان نصمت ونتغافل ولكن علينا ان نستعد لما يخطط بالضد من مصالحنا ومصالح الشعوب الفقيرة والإنسانية
ان قلة الاستثمار في قطاع المياه في البلدان النامية هي واحدة من أهم الحجج التي دعت للخصخصة وان أسباب عدم وصول أكثر من مليار شخص إلى ماء أمن هو أن توزيع المياه لا يغطي التكاليف لا دارة كفؤة لمشاريع المياه ولذا يجب أن يغطي تكاليفها الخاصة في القطاع العام وبالحقيقة فهذا لم يكن السبب الوحيد الذي جعل القطاع العام يفشل في تلبية حاجات الناس من المياه الأمنه فهنالك اسباب كثيرة
اما استثمار القطاع الخاص في ادارة مشاريع المياه فمؤكد سيؤدي
لرفع سعر الماء و سيغطي تكاليف الإدارة وهامش ربحي أيضا للقطاع الخاص ومن غير الممكن بالقطاع الخاص أن تكون المياه رخيصة جدًا في الإنتاج والتوزيع
مخاطر الخصخصة
وبصفتنا مختصين بمجالات الهندسة ومن تجارب كثيرة ببقاع العالم فنحن لا يجب ان ننكر ان العديد من القطاعات ممكن الخصخصة فيها مثل الطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات البريدية وتم الخصخصة في كثير من بقاع العالم وكانت لها نتائج إيجابية للغاية من حيث الجودة والإنتاجية والربحية اما مسألة المياه فهو موضوع حساس جدا ويعتبر مختلفا عن الأنشطة الاخرى لأن الحصول على الماء هو امر حيوي وهو مسألة حياة او موت
هناك حالات قليلة جدا من الخصخصة التامة بمجالات المياه ولن نرى ان النظام الأكثر شيوعا ومقبولا من كل شيء أن تكون المياه مملوكة عامة وتوزيعها على حد سواء من قبل القطاع العام ولكن نصطدم بحقيقة مرة وواضحة وهي إن أنظمة المياه في القطاع العام لديها مجموعة من أوجه القصور لكن المخاطر المصاحبة للمياه المخصخصة اخطر واكثر النقاط ضرارا هي أن أسعار المياه ستكون مرتفعة عندئذٍ لن يكون الفقراء قادرين على تحمل تكاليف المياه
ولكن بالحقيقة ان من فوائد تحرير الخدمات العامة وقبول القطاع الخاص هو أن المنافسة بشكل عام من المتوقع أن تحقق أداءً أفضل لكنها في القطاعات الاخرى وليس الماء
أن الاحتكارات العامة التي يتم استبدالها بالاحتكارات الخاصة
في كثير من الأحيان تكون أسوأ ولكن حقا هناك احتكارات خاصة تعمل بشكل جيد لقد كانت المياه التي توزعها المرافق العامة مدعومة بشكل كبير مما ادى أن سعرها انخفض إلى حد كبير عن التكلفة الحقيقية وعادة ما يتم تسليط الضوء على هذه القضية لإثبات العواقب السلبية للقطاع العام والسعي لخصخصة المنافع العامة
وانا برأي اذا اريد للخصخصة ان تكون غير ظالمة وانسانية فمن الممكن تحويل شركات القطاع العام لشركات حكومية خاصه ذات تمويل ذاتي على ان يراعى السعر المحدد للمياه لا نه في اغلب الاحيان يعود الفشل للقطاع العام الى الفساد المنتشر بين مرافق المياه العامة والذي له دور كبير بالتوجه نحو الخصخصة لذا لابد من تعزيز الشفافية والعمل على الاسترداد الكامل للتكاليف ونتيجة أخرى للخصخصة غير جيده و كثيرا ما يتم الاستشهاد بها من قبل معارضي الخصخصة وهي انها غالبا ما تؤدي إلى خفض الوظائف ولكن من جوانب اخرى فأن الأسعار المنخفضة للغاية التي حددها السياسيون ادت إلى الهدر كما ان اغلب المرافق العامة يقودها البيروقراطيين والسلطات العامة ذات مستوى منخفض من الكفاءة ورأس مالها قليل جدا لا يساهم بإدامة مشاريع ادارة المياه وفي البلدان النامية كان القطاع الخاص العامل بمجالات المياه يحصل المزيد من الناس على المياه ليس فقط في مدن البلدان النامية ولكن في المجتمعات الريفية كذلك ففي المغرب أسهمت اللامركزية والخصخصة بنتائج إيجابية.
وعلى الرغم من الأدلة بوجود نجاح في مجال الخصخصة الا ان هناك الكثير من المقاومة ضد تثمين المياه وجعلها سلعة لان الماء يعتبر كحق من حقوق الإنسان
ففي مؤتمر دولي للمياه في دبلن في بداية التسعينيات وضعت 4 مبادئ أحدها هو الماء له قيمة اقتصادية و حتى ذلك الحين و في معظم أنحاء العالم كانت المياه تُنسب بشكل أساسي إلى قيمة اجتماعية أو تم النظر إليها فقط كحق من حقوق الإنسان. وبعبارة أخرى كان هناك شعور بأن الماء لا ينبغي أن تكون سلعة.
مليارات الفقراء في مدن العالم الثالث يجب أن ينفقوا جزءا كبيرا من دخلهم على المياه وقد أقر مؤتمر دبلن أن العديد من مشاكل اليوم هي بسبب الحكومات في جميع أنحاء العالم بعد ان تغاضت عن البعد الاقتصادي للمياه ومع ذلك لم يكن وضع قيمة اقتصادية على المياه بدون معارضة حيث حدثت ردود فعل قوية والعديد منها قام به الفقراء الذين هم بحاجة إلى الماء
وتؤكد اليوم أطراف النقاش حول خصخصة المياه أننا يجب أن نعود إلى ما قبل دبلن(الماء كحق من حقوق الإنسان)فلا يمكن اعتبار الماء منتجا عاديا مثل اي منتج اخر ف(الماء هو
الحياة و إذا لم نشرب الماء نموت. فالماء هو حق من حقوق الإنسان )ولذلك يجب توزيعها بشكل ديمقراطي أي بواسطة حكومة و تؤكد الأمم المتحدة على هذا النهج والذي يبدو أنه
تتزايد شعبيتها في الحركة المناهضة للخصخصة. يحتوي هذا المنطق في الواقع على جزأين: حقوق الإنسان و ديمقراطية مما يعني أن القرارات للخصخصة يجب ان تكون بشكل ديمقراطي.

ان اتفاقية الجاتس(الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات)) هي اتفاقية تابعة لمنظمة التجارة العالمية حول التجارة في الخدمات سرى مفعولها في يناير عام 1995
. وزير الصناعة السويدي يقول
(أرفض أن أصدق أن الفقراء في البلدان النامية يستفيدون من الشركات الخاصة التي تبيع الخدمات مع تجنب المنافسة من ناحية أخرى ولا تحتوي اتفاقية الجاتس على ما يلزم أي دولة
لنقل المياه من العامة إلى الخاصة حتى الآن ولم تتعهد اي دولة بموجب اتفاقية الجاتس بفتح سوقها للمياه للمنافسة من البلدان الأخرى)
بعض المنظمات غير الحكومية والدولية يعارضون ما يسمونه (تسليع)الماء اي تثمينها وجعلها سلعة كما انهم يعارضون استرداد التكلفة لان هذا بوجهة نضرهم يؤدي إلى عدم كفاية التمويل للبنية التحتية
إن الحجة الرئيسية لانصار الخصخصة هي أن زيادة دور المؤسسات الخاصة وإصلاحات السوق إذا تم تنفيذها بشكل صحيح وبحكمة يمكن أن تنقذ ملايين الأرواح ويضمن توصيل المياه إلى مئات الملايين من الناس المحرومين منه اليوم.
وهذا لا يعني وجوب رفض خيار الخصخصة حيث فشل القطاع العام كما حدث في معظم الحالات.
الناس الذين هم اليوم بدون ماء لا يحتاجون إلى عقائد ومظاهرات الشوارع هم ببساطة بحاجة إلى الماء فالحلول واضحة ومتاحة واليوم بدأ الكثير من الدول تستعيد خدمات المياه من الاستثمارات المحلية والأجنبية لما سببته الخصخصة من مشاكل للحكومات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر