الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المفكرة الحمراء -قصة-
فرح تركي
كاتبة
(Farah Turki)
2024 / 5 / 3
الادب والفن
"حبيبتي رنا "
كم أصبحتِ بعيدة، ووصولي إليك
يوماً بعد يوم بات مستحيلاً، مَن انا لأحب نجمة؟ انا مجرد شاب منسي لا يعرفني حتى جاري، وانت متألقة وناجحة، انا بقيد عائلتي وانت حمامة بجناحين، يا ذا الصوت الملائكي، والروح النقية، امتعض حينما افكر انك قد تحبين رجلاً غيري ولكني اتذكر انك لا تعلمين حتى بوجودي، انت الشمس وانا الظل، انت الحقيقة وانا الخيال، كل فضفضتك وكلامك معي وانت تخاطبني بأسم ضمياء جعلني اعرفك بعفويتك، شعرت بصدقك، أحياناً اغار منك، من جرأتك، من جنونك، حتى من لهجة القوة والتهديد عندما تخاطبين الآخرين غروراً وتحدياً، كل أحاديثك ومحاوراتك التي تبدأ بحجة اخذ مشورة ضمياء، كانت توقد فيّ عوالم من الدهشة، أنت السكينة التي غرزتها في خاصرتها، لأعيش وانا اموت في اللحظة، الف مرة وتموت كل النساء في عيني ويصبح قلبي مدينة مهجورة، سأحبك حتى ينقطع وتر حياتي.. او اهاجر لاجلك في بوينس آيرس واحبك كغريب، وكاننا نلتقي لأول مرة، فعلاً هي المرة الأولى.
حبيبك المخلص دوماً
"عبدالله"
طوت المفكرة التي وجدتها هذا الصباح وهي تفتش عن إحدى اهم ذكرياتها منذ كانت في بغداد، مرت سنوات وهي تعيش في هذه المدينة، بونس آيرس سبع سنوات اثنتان منهما كان عبدالله فيها ضمن أهم الناس فيها لأنها تعرفت عليه وتزوجا...
الصدمة تعلن نواقيس الحرب في محاجر عيناها، اذا كان عبدالله هو نفسه، تلك الفتاة التي كانت تتواصل معي من مدينة الريف قريب مدينة كربلاء فهذا يعني إني أعيش في خدعة كبيرة.
بدأت في التجول في شقتهما البسيطة، المشاهد والذكريات في كل ركن تصرخ بها، هي كانت تحاول ان تجمع أكثر الأمور أهمية بداً من ابنتهما والهرب، نعم ستهرب بعيدا، ليكون هذا عقاباً له لخداعه لها، كيف تجرأ ودخل حياتها و تقرب إليها ليكون بهذا القرب..
جمعت قدرا كبير من الحقائب، بدأت تتعب، الطفلة تبكي، يبدو انها جائعة تترك كل شيء تحملها تاخذها لتصنع لها قنينة حليب، لم تتجاوز السبعة أشهر
جلست على الأرض، وبدأت تبكي، آخر مرة جلست في هذا المكان، هنا كانت سعيدة جداً، عندما عرفت انها حامل بصغيرتها، كثير من الأحلام تحققت، لكن تلك المفكرة الحمراء لعبدالله هي من جعلها فقيرة الحظ، جعلتها موهومة بالحب والنجاح والحرية وكل المفاتيح التي فتحت لها هذه الآفاق ما هي الا فشل وهزيمة.
غفت الطفلة (تينا)، وهذا ما جعل رنا او رناوي كما ينادينها عبدالله بعد ان أصبح بشحمه ولحمه دون الاختباء وراء حساب وشخصية بنت كانت تتدعي الصداقة، توجهت لتضع الصغيرة في سريرها.
واخذ تلك المفكرة، اليس من الغريب ان يكون شخص بهذا الذكاء أن يترك دليل ادانته في أقرب مكان لزوجته حتى وان لم تكن هي المقصودة في تلك الرسائل.
بدأت في تقليب أوراقها، قرأت كل حرف، أدركت حقيقة وجود ضمياء الحقيقة وتعاونها معه مجبرة، وذلك لأنها تعيش تحت سلطة مجتمعهم الذكوري، وهو أخوها الأكبر..
اذن كانت مشتركة معه؟ رسالة من زمان الغياب افقدتها كل امانها، زوجها وحبيبها أصبح الآن مصدر خوف، التجسس ليس سبيل الانقياء، تذكرت معلومة مهمة ان هناك أسرار خاصة بها جداً قد باحت بها لتلك الصديقة الوهمية... ماذا تفعل؟؟
بدأت باعادة كل شيء الي مكانه، خبأت المفكرة، اعادت الحقائب لتفرغهن، غسلت وجهها الذي أصبح اخاديد من الدموع، وحاولت ان تبدو طبيعية...
كانت الأيام التي تلت ذلك الصباح، الاحمر بحروف عبدالله ورسالته تلك وبكل اعترافاته، مليئة بالترقب، بالحذر من رنا، كانت تبعث من بين مواقفها معه تساؤلات معينة بطبعة الحب،. وبدعوى قياس مقدار الحب، ولكن دون جدوى، هي كانت تبحث عن عذر لتتركه، عن طريق لتمضي دون عودة، في طيات أفكارها حقيبة معدة، وتذكرة سفر وهروب دون عنوان او وجهة، لم تكن شابة عادية منذ بزوع فجر انسانيتها، ولذلك كانت تود إطلاق المفاجأة نحوه..
في إحدى الأماسي، وبينما هما جالسين بهدوء، قالت
_عبدالله اود العودة لبغداد
_بصورة نهائية
_نعم، انا أشعر ان العمر هنا هباء وليس لنا سند في الأيام الصعبة
_ كما تشائين، لكن سنزورها لفترة قصيرة تتأكدي من قرارك ثم نستقرر هناك
_ والله
_ والله
_توقعتك سترفض، لانك عانيت لتصل وتحصل على اللجوء
_انا وصلت هنا، لأصل إليك، لا اللجوء ولا الحرية في هذا البلد.
_ كيف ذلك..
_عندما نذهب لبغداد ساخبرك، ساريكِ شيئا لاكون أكثر دقة، ولك ان تقرري بعدها ما الذي تؤؤل إليه نهايتنا.
_ نحن لاننتهي، الا بالموت.
_لا تتسرعي، قد تتراجعين قال ذلك بحزن وكأنه على أعتاب الاعتراف...
_ ما اسم القرية التي جئت منها؟
_ لا أستطيع العودة إليها!! لا تسأليني عنها
_ شيء واحد يمنعك، ان تكون قتلت انساناً
_ قتلت، عائلة كنت املهم، امانهم، فرحتهم، سعياً وراء صوتك، الذي سمعته صدفة من رسائلة منك لاختي.
ارتبكت رنا كل ظنها انه قاتل بالفعل...
_اتقصد انك قتلهم جميعاً اخواتك وامك.
_نعم..
عندما سعيت للسفر وغادرت دون أن اخبرهم او اتصل بهم بعدها
_لماذا لم تترك لهم المفكرة الحمراء ليعرفوا.
_ عندما يحب المرء، يتحول إلى مجنون، وانا مجنون بك.
_ لكن هذا يجعلني أشعر بعدم الأمان، اي انسان يتخلى عن عائلته ليلاحق انسانة لا يعرفها هو مصدر للشك في مبادئه
_ الم تكشفني لك هذه السنتان
_ لا أصبحت اخاف أكثر، لذلك لنتطلق ونتبعد
_ وتينا؟
_ ساخذها معي؟؟
_ كيف ستنفقين عليها!! وتهتمين بها
_ هذا شاني
_ رنا، عليك ان تعرفي ان فراقنا معناه موتي..
_ لا تحاول أن تهددني
_ انا لا أفعل، فقط أوضح لك ذلك
طفت لحظة صمت، وكانت تاكيدا على طلبها،
_ لنذهب لبغداد
_ موافقة، ولكن لنتبعد عن بعض احتاج ان اقرر
بعد ازمنة من الهجر، بتاريخ عبدالله، رن هاتفه، لكنه لم يرد
كان هاتفه على المنضدة أمامه ويظهر اسم رنا ولكنه تائه في عالم آخر.
في شقتهما، التي ضمت حلمه وحبه وحيداً ، بعد عودته دونه رنا وتينا من بغداد
طرقات متوالية على الباب، دون رد، يظهر جالس على الاريكة من النافذة، استعانت بالشرطة ليكسروا لها الباب..
كان محتضنا دمية تينا وامامه صورته ورنا وعلى جنبها اليمين المفكرة الحمراء
أشار تقرير الطبيب الشرعي بأن وفاته جاءت نتيجة ذبحة قلبية وان ذلك حدث قبل يومين..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة
.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ
.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ
.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال
.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ