الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوغ مبكر

ريان علوش
(Rayan Alloush)

2024 / 5 / 4
كتابات ساخرة


المجتمعات الحية، هي تلك المجتمعات التي تجدد نفسها لتبقى فتية دائماً، وهنا لا أقصد كثرة الولادات، بل المقصود هو تجدد الافكار، فليس من المعقول أن نطلق عن مجتمع من المجتمعات صفة الحيوية، وأفراده مازالوا يعتقدون باعتقادات أسلافهم.
ذات يوم روى لي أبي كيف أنهم خرجوا إلى الشوارع ذات خسوف غاضبين يطرقون على الطناجر ، معتقدين أن الحوت قد بلع القمر.
كان والدي يسخر من تلك الذكرى، وسخريته تلك تعني بأن مجتمعنا تطور خطوة إلى الأمام، والآن وعندما أتذكر بعض ما كان يعتقده أبي أو جدي بسخرية، أو برفض، فهذا يعني أن مجتمعنا تطور خطوتين، وغداً عندما يأتي جيل آخر ويرفض بعض من قناعاتي، فسأكون سعيداً جدآ وأقول فعلاً بأن مجتمعنا مجتمع حي، ورغم البطئ الذي نتقدم فيه إلا أنه جيداً قياساً بمجتمعات مازالت تؤمن بما يؤمن به اسلافها من معتقدات وخرافات. مدافعين عنها بشراسة لدرجة الإيمان .
يجلب البوم الموت و الخراب، هكذا كانوا أهل حارتنا يعتقدون، وكانت أمي تؤمن بذلك أيضا حالها حال نسوة الحي, اللواتي كن يخفن من مجرد ذكر اسم البوم أمامهن، وهذا ما جعلنا نتحاشى ذكره أمام والدتي لأن عقوبة قاسية تنتظرنا.
ذات ليلة كنا بعديدنا نفترش باحة البيت، محدقين نحو السماء، نعد النجوم أيام ماكانت السماء ما تزال موطناً لها قبل أن تغادرها إلى غير رجعة، نرقب الطائرات او ما كنا نعتقده كذلك، ونغمض أعيننا متمنين أمنية في كل مرة نرى نجمة تهوي من برجها السماوي.
فجأة صرخت أختي الكبرى معلنة بأن بومة تحلق فوق بيتنا، فبدأنا بالزعيق والصفير كي نطردها من مجالنا الجوي خوفا من أن تجلب لنا مصيبة، وبالفعل خافت البومة، أكملت طيرانها وحطت على شجرة السرو الضخمة المنتصبة في باحة جارتنا أم العبد، فهدأنا كمن على رأسه الطير، خائفين مرتعبين، متسائلين عما سيحدث لجارتنا ام العبد المريضة.
سهرنا حتى الصباح نصخي السمع بخوف منتظرين إعلان موت ام العبد إلى أن خلدنا إلى النوم تباعا نتيجة شدة نعاسنا.
في صباح اليوم التالي، اجتمعت نسوة الحارة، وبدأن يروين قصصاً سمعن عنها، من قٍبل أجدادهن وجداتهن عن بيوت تدمرت لأن بومة حطت ذات يوم على شجرة أو على سطح بيت، ولم يقتصر الحديث على النساء بل شاركهن بعض رجال الحي الذين أعطوا أم العبد مدة لا تتجاوز الصباح التالي، فبكت بعض النسوة ومنهن أمي حزناً على أم العبد.
في صباح اليوم التالي اكتشفت كذب ادعاءاتهم، و مقدار الإساءة التي ألحقوها بمعشر البوم المسكين، لأن أم العبد لم تمت , بل زوجها ابو العبد هو الذي مات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا