الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : غداة غرّة ماي ، مستقبل الإنسانيّة في الميزان ! الثورة البروليتاريّة / الشيوعيّة أم عالم أشدّ فظاعة

شادي الشماوي

2024 / 5 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


جريدة " الثورة " عدد 851 ، 29 أفريل 2024
https://revcom.us/en/eve-may-1st-future-humanity-hangs-balance-proletariancommunist-revolution-or-more-terrible-world

ملاحظة الناشر : صدر البيان الأصلي باللغة الفارسيّة في العدد 150 ، ماي 2024 من آتاش / شعلة مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) على موقع أنترنت cpimlm.org . و قام متطوّعون من موقع أنترنت revcom.us بترجمته ، و الكلمات و الجمل و الهوامش و التغييرات الطفيفة وُضعت بين معقّفين أضافهم المترجمون لمزيد الوضوح .
---------------------------
أحداث العالم صادمة و نسق التغيير العالمي مدهش و مستقبل الإنسانيّة في خطر : بينما يواصل السير العادي للنظام الرأسمالي سحقه روتينيّا الحياة عبر العالم قاطبة ، يتواصل توسّع حروبه و يسرق مجرمو النظام الرأسمالي – الإمبريالي حياة عشرات الآلاف من الناس في لمح البصر ، بنقرة على زرّ . فالحرب في أوكرانيا كحرب بالوكالة بين القوّتين الإمبرياليّتين الأعظم ، و الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة / الأمريكيّة في غزّة ، و خطر إندلاع حرب بين قوى نوويّة و ارتفاع خرارة الكوكب ، جميعها علامات على وضع قاتل متنامى الخطورة بالنسبة إلى مليارات الشغّالين الذين هم أسرى هذا النظام الإضطهادي و الإستغلالي ، و في نهاية المطاف بالنسبة إلى الإنسانيّة حمعاء . الخمسة و ثمانون مليون إيراني و إيرانيّة ، من مليارات البشر [ على الكوكب ] ، يرزحون تحت وطأة حكم وحشيّ لنظام ديني – فاشيّ لجمهوريّة إيران الإسلاميّة . و هذا النظام ليس مجرّد تيوقراطيّة مجرمة ، و لسنا نتعاطى مع مجرّد حفنة من الحكّام الذين لديهم طريقة معيّنة في التفكير. إنّه نظام يرتهن وجوده بالنظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي . و الدور الذى ينهض به هذا النظام لتسيير إيران – قوّة عمله و موارده – خدمة للنظام الإمبريالي العالمي و ضمان بقائه [ الخاص ] .
و نزاعات حروب الإمبرياليّين فيما بينهم تهدف في نهاية المطاف إلى الحصول على حصّة أكبر من إستغلال شعوب العالم و موارده . و تخلق السيرورة عينها البروليتاريا العالميّة التي لا تملك شيئا يحتاج إلى نزاعات هدّامة بين الإمبرياليّين . و في " العالم الثالث " ، تجد أمم آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينيّة التي طالما هيمنت عليها الإمبريالية الأمريكية و الأوروبيّة، عرضة اليوم إلى إستغلال بلا رحمة من إمبرياليى الصين و روسيا كذلك ما ينضاف إلى الإستغلال العنيف لشعوب هذه البلدان و نهب بيئتها و مواردها الطبيعيّة . و يجرلى تسليح الرجعيّين المحلّيين أيّما تسليح و يجرى تعزيز سلطتهم .
حول العالم بما في ذلك في إيران و أفغانستان و تركيا و مصر و الباكستان إلخ ، يتصاعد بشكل جنونيّ العدد المهول من الأطفال الذين يتمّ تشغيلهم . و هم يعيشون على مقربة من بالوعات الصرف الصحّي في مدن صفيح ، في المدن الكبرى ، و يموتون جوعا و من أمراض يمكن علاجها ، متى لم يتم بيعهم و شراءهم كالعبيد من طرف عصابات مجرمة قبل أن يموتوا . و يعمل الأطفال ذوو الخمس سنوات من العمر في مناجم الكوبالت بالكنغو بحثا عن مواد حديديّة للأجهزة الألكترونيّة و يموتون و لم يتجاوزوا سنّ الطفولة ، لأجل أن يوفّروا للمخترعين و المهندسين في البلدان الرأسماليّة ثروة كافية و ترفيه كافى لتطوير تكنولوجيّاتمذهلة يمكن أن تأخذ البشر إلى كواكب أخرى .
هذا النظام لا يخنق فحسب الناس نتيجة سيره العادي بل يملك أيضا سجونا و جلاّدين لقمعهم . في السنة الفارطة وحدها ، أكثر من 800 إنسان وقع إعدامهم في إيران . و سجون جمهوريّة إيران الإسلامية مسالخ لمقاتلى و مقاتلات الحرّية و للشباب الثائر – هذا إن لم يتم [ تماما ] قتلهم في الشوارع على يد قوّات الشرطة .
و يضطهد هذا النظام و يستغلّ [ الناس ] مباشرة إلاّ أنّه يخلق كذلك علاقات تراتبيّة و إضطهاديّة في صفوف المضطهدين أنفسهم : إنّه يتعامل مع النساء على أنّهنّ أدنى من الرجال و مع قوميّة على أنّها أدنى من قوميّة أخرى . و ما نراه يحدث للنساء في إيران و للقوميّات المضطهدة و لذوى التوجّهات الجنسيّة المثليّة و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا ، شيء مشترك عالميّا . فإضطهاد المرأة حجر زاوية في النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي ، و الناطق الرسمي باسم هذا الإضطهاد ليس [ القائد الأعلى ] خاميني و أشياعه فحسب . فالأنظمة الإمبرياليّة في الولايات المتّحد و في الصين و روسيا و ملاّكو وسائل الإعلام الرقميّة و صناعات الذكاء الإصطناعي إلخ ، جميعها تشارك بصوت عال في هذا الكورال الرجعيّ و الفاشي بأنّ " الأسرة هي نواة المجتمع " . في إيران ، تُعتبر النساء قانونيّا أدنى من الرجال ، على أنّهنّ أقلّ من البشر ، و يجب أن يرتدوا حجابا إسلاميّا يعزّز البطرياركيّة / التفوّق الذكوريّ . و توطّد إيران هذه العلاقات الإصضطهاديّة و التفوّقيّة لقانون الشريعة بنظامها التشريعي مستخدمة قوّات القمع [ الشرطة و القوّات شبه العسكريّة ] و الإعتقال و حتّى الغاز الكيميائي ضد بنات المدارس و المعاهد لإجبارهنّ على الخضوع لهذه المكانة الدونيّة .
و يحكم هذا النظام على الناس بالموت البطيء نتيجة سيره العادي . وهو كذلك يجبر الناس على القتل و على الموت في حروب تدميريّة للحفاظ على الأنظمة الإضطهاديّة . و قد شاركت جمهوريّة إيران الإسلاميّة في جميع الحروب القذرة في الشرق الأوسط في ال45 سنة الماضية . و جهاز أمنها الحدودي يتنافس مع جهاز الأمن في تركيا و في العربيّة السعوديّة و في إسرائيل في تشكيل عصابات إجراميّة إسلاميّة في الشرق الأوسط . هذا هو المشهد في الشرق الأوسط و العالم الذى يشكّل بصفة مباشرة الوضع في إيران .
و هذا الوضع لا يجب القبول به و لو للحظة واحدة . و يجب الإطاحة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي إلى جانب الإطاحة بكافة أنظمته الطفيليّة . فهو نظام عالمي متجذّر في العلاقات الإقتصاديّة الإستغلاليّة و الإجتماعيّة و السياسيّة الإضطهاديّة، و في الهيمنة على الأمم و الفى الجندر ، و الناس بشكل عام . وهو يفرز إيديولوجيّات و أخلاقيّات فات أوانها تتناسب مع هذه العلاقات .
و هذا النظام لا يمكن إصلاحه . فقد شاهدنا الرغبة الحماسيّة في إلغاء هذه الظروف الرهيبة في تمرّدات متكرّرة في إيران و حول العالم . و قد لاحظنا هذه الرغبة في المسيرات الدمويّة في مشهد ضمن إعصار تمرّد جينا سنة 2022 . و هذه الرغبة ذاتها هي التي دفعت الى حدوث التمرّد الجميل [2020 ] ل " حياة السود مهمّة " وهي تغذّى الآن حركة مناهضة إسرائيل و إبادتها الجماعيّة في غزّة و مناصرة الشعب الفلسطيني ، تمتدّ من الولايات المتّحدة إلى بريطانيا ، و إسبانيا .
ومع ذلك ، يظلّ سؤال قائم : كيف يمكننا أن نُطيح بالأنظمة في ظلّ مثل هذا النظام العالمي و نركّز مجتمعات إشتراكية محلّها ؟ و بوجه خاص في إيران ، كيف نُطيح بجمهوريّة إيران الإسلاميّة التي تمثّل و تكرّس هذا النظام الخبيث للإضطهاد و الإستغلال الرأسماليّين – بينما بالتوازي نمنع حفنة أخرى من الطفيليّين من الحلول محلّها بنسختها الخاصة من النظام عينه ؟
هنا تأتى قضيّة البروليتاريا . الطبقة التي يجب أن تحطّم هذا النظام و تشيّد نظاما جديدا يكون أفضل بمليون مرّة . هذه هي الطبقة التي أعلن ماركس و إنجلز أنّه ليس لها ما تخسره سوى قيودها و لها عالم تربحه . و هنا يأتي علم القيام بهذا و يأتي تنظيمه : الشيوعيّة و الحزب الشيوعي . و المهمّة الملحّة لبناء حركة من أجل الثورة للإعداد و الإشتغال على الحاجة إلى تغيير راديكالي لوضع نهاية للعذابات و البؤس و الموت و الإضطهاد و الجهل و الحروب المستمرّة . و الجماهير الشعبيّة المضطهدة و المستغلّة – و ليس العمّال و حسب بل كافة المتعرّضين إلى أيّ شكل من أشكال الإضطهاد الذى يفرضه عليهم سير النظام و أنظمته الحاكمة – يمثّلأون العامل الحاسم .
لكن العوامل الموضوعيّة ذاتها و المصدر الفعلي الذين تحتاجهم الجماهير المضطهَدَ و المستغَلّة للقيام بالثورة تخلق كذلك حواجزا أمام تطوّرها الثوري و تمنعها من أن تصبح جزءا واعيا من ثورة في ظلّ قيادة الحزب الشيوعي . و المشكل الكبير هو أنّه رغم المقاومة و التمرّد الجماهيريّين ، فإنّ ذلك لن يقود هذه الجماهير عفويّا إلى طريق التحرير و تحديدا إلى طريق الثورة الشيوعيّة . و مثلما رأينا بصورة متكرّرة ، يتساءلون و يغرقون في مستنقع آلاف الأوهام و الإلتواءات . و هكذا ، الإيمان بقوّة البروليتاريا و الجماهير المضطهَدَة الأخرى في المجتمع لا يمكن أن يكون إيمانا دينيّا . بالأحرى ، لا يمكن لهذه القوّة أن تنشأ إلاّ على أساس فهم علميّ لطبيعة و سير النظام و كيفيّة الإطاحة به . و هذا الواقع هو جوهر المقاربة الإستراتيجيّة لحزبنا في القيام بالثورة .
الأعداء المحلّيون و العالميّون غارقون في دوّامة : فرصة لا ينبغي أن تهدرها الثورة
لقد هزّت عديد الأزمات النظام الرأسمالي العالمي بأسره . و في إيران ، تغرق جمهوريّة إيران الإسلاميّة في بحر ممتدّ من السخط و الحقد لا سيما من طرف النساء في المجتمع اللواتى تعانى الأمرّين في سجون النظام و حجر تعذيبه . لم تزلزل أسس هذا النظام الفاشي التيوقراطي فحسب فالنظام القديم الذى سيطر على العالم في ظلّ القوى الرأسماليّة – الإمبريالية العظمى يشهد تفكّكا و تمزّقا . و ليس في إيران فقط أنّه مع كلّ تمرّد و إنفجار سياسي ، يستيقظ ملايين الناس و يرفعون رؤوسهم . و هذا شيء ينمو و يتوسّع حتّى في الولايات المتّحدة – قلعة أكبر إمبراطوريّة للإضطهاد و الإستغلال الرأسماليّين. وحسب تحليل [ القائد الثوري ] بوب أفاكيان ، الوضع العالمي ، في تفاعل مع الظروف الخاصة في الولايات المتّحدة ، قد أوجد " زمنا نادرا " يجعل الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة ممكنة أكثر من أيّ وقت مضى . وهو يشدّد على أنّ :
... هذه الإمكانيّة يمكن أن لا تكون ، و عادة ما لا تكون ، ظاهرة ، وبالعكس ما يشاهد عادة بسهولة على السطح الطريقة التي بها ، على المدى القصير ، يزداد الوضع سوءا .
المسألة هي أنّ كلّ هذا لا يمكن إدراكه إدراكا صحيحا و التصرّف إنطلاقا منه ، بمنهج و مقاربة علميّ ثابت . "
( بوب أفاكيان ، " الثورة : منعرجات كبرى و فرص نادرة " )
و قد أوضح بوب أفاكيان نقطة أنّه متى نمت الحركة الشيوعيّة و إزدهرت في الولايات المتّحدة ، سيكون لها تأثير هائل حول العالم ؛ و أنّ كلّ ما نقوم به اليوم نقوم به من أجل الثورة و خدمة للثورة حول العالم . و على وجه التحديد في علاقة بإيران التي تمثّل قاعدة للأصوليّة التيوقراطيّة الرجعيّة ، يمكن أيضا قول إنّ أيّ تقدّم له دلالته في إطلاق حركة من أجل ثورة شيوعيّة معتمدة على الشيوعيّة الجديدة التي طوّرها بوب أفاكيان سيكون له بالغ الأثر على شعوب العالم ، لا سيما في الشرق الأوسط .
النظريّة الشيوعيّة و الحزب الشيوعي محدّدين في الثورة
الثورة تعنى إجتثاث الجذور الإقتصاديّة و السياسيّة و العلاقات الإجتماعيّة و ثقافة الماضي و بناء نظام جديد . و يجب أن تضطلع البروليتاريا بالدور القيادي في النضال ضد كافة الإنقسامات الطبقيّة و كافة العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة في كلّ بلد و عبر العالم . و يقتضى النهوض بمثل هذا الدور علم الثورة . نتحدّث فعلا عن علم . و ما من أحد و لا حتّى البروليتاريّون بوسعهم التوصّل إلى فهم تام لديناميكيّة المجتمع و دورهم التاريخي الخاص كمحرّرين للإنسانيّة بمجرّد التعويل على [تجربة ] الظروف الماديّة للطبقة . فدون نظريّة شيوعيّة ، الكره الفطريّ للإضطهاد ستحوّل وجهته عاجلا أم آجلا و ينقلب على نفسه . لكن النظريّة الشيوعيّة يمكن أن تحوّل الأفكار و المشاعر [ العفويّة ] لدي الجماهير المضطهدة إلى قوّة خلاّقة و منضبطة ضد مصدر إضطهادها و إستغلالها .
و فضلا عن ذلك ، في النضال الثوري ضد عدوّ قويّ و منظّم يتحكّم في جهاز دولة و قوّأت مسلّحة إلخ ليس الإنتصار ممكنا إلاّ متى وُجدت درجة عالية من التنظيم [ الثوريّ ] . و تفرز هذه العوامل ضرورة إنشاء حزب شيوعي طليعي عبر كامل سيرورة الثورة . و بكلمات لبوب أفاكيان ، يشبه الحزب الشيوعي الطليعي " روزيتا ستون " – الحجر الرشيد « Rosetta Stone » يفكّك معانى الكتابة الهيروغليفيّة و يجعل في المتناول ما تعلّمته الإنسانيّة طوال آلاف السنوات . و حينما نوجد هكذا حزب طليعي و نطوّر قادة له ، يصبح مصدرا ثمينا للمضطهَدين و أيضا مسؤوليّة جدّية ملقاة على عاتق هؤلاء القادة .
و حينما نتحدّث عن الحاجة إلى حزب لقيادة ثورة شيوعيّة ، ينبغي أن لا ننسى أنّ حزبنا ( الحزب الشيوعي الإيراني – الماركسي – اللينيني – الماوي ) كان له تاريخ متموّج ، يشبه كثيرا تاريخ الثورة الشيوعيّة نفسها . فقد حقّق إنتصارات كبرى كما إقترف أخطاء و عرف هزائما . و قد أتى تأسيس الحزب ثمرة جهد جهيد و تكريس حياة الكثيرين للثورة الشيوعيّة. و إعادة تشكيله على أساس الشيوعيّة الجديدة التي طوّرها بوب أفاكيان يمثّل إنتصارا كبيرا . و في طريقه المتعرّج ، توقّف العديدون في منتصف الطريق أو حتّى أداروا ظهرهم للشعب و للثورة . و قد نجم عن هذا يأس في صفوف الجماهير المضطَهَدَة التي كانت على الدوام تعدّ الثوريّين و الثوريّات الذين يثابرون على طريق الثورة مصدر أمل في أنّ نظام الإضطهاد و الإستغلال لن يظلّ أبديّا ، و أنّ التغيير الثوريّ ممكن .
للتخلّص من كابوس هذا العالم الإضطهادي و الإستغلالي ، يحتاج الناس إلى حزب و قيادة تقف إلى جانبهم و تعمل على تحقيق الهدف المعلن . فكما قال الرفيق أفاكيان :
" حقّا لا يملك الشعب شيئا حينما لا يكون لديه حزب قائم على العلم يمكن أن يقوده إلى تحرير نفسه و تحرير الإنسانيّة قاطبة . و يصحّ هذا في أيّ وقت سواء كان الشعب أم لم يكن على علم بذلك " .( بوب أفاكيان ، " الشيوعيّة الجديدة " ، المقدّمة ، ص 3 باللغة الأنجليزيّة - [هذا الكتاب متوفّر باللغة العربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ]).
و عالم مفتاح آخر هو أنّ الثورتان الشيوعيّتان [ المظفّرتان ] في القرن العشرين – في الإتّحاد السوفياتي (1917) و الصين (1949) – جرى الإنقلاب عليهما ما تسبّب في يأس الناس و إنكسارهم . و غداة هزيمتهما ، إنتشرت قذارة الحملات المعادية للشيوعيّة و منبعها مراكز السلطة الإمبرياليّة و الحكومات الرجعيّة لمليارات الناس عبر العالم بهدف منع أي تفكير في تكرار مثل هذه الثورات . و اليوم ، تصوّر الصين و روسيا على أنّهما نماذجا ل " الشيوعيّة " غير أنّ هذا لا يعدو أن يكون محض كذب ذلك أنّهما لم يعودا كما كانا إشتراكيّين سابقا . لقد أصبحا رأسماليّين – إمبرياليّين شأنهم في ذلك شأن الإمبرياليّين القدماء للولايات المتحدة و أوروبا .
فى القرن العشرين ، عقب إنتصار الثورتين الإشتراكيّتين في الإتّحاد السوفياتي و في الصين ، أضحت الحرب ضد الشيوعيّة محور إهتمام الدول الرأسماليّة [ الإمبرياليّة ] . و مثال ذلك الحرب الدمويّة في أندونيسيا التي شنّها النظام العسكري [ الذى أرسته ] الإمبرياليّة الأمريكيّة و مثّلت تلك الحرب مذابحا في حقّ ما يناهز المليون من الشيوعيّين و المتعاطفين معهم. و في إيران ، كان قمع الشيوعيّين و قتلهم هدف مركزيّ لجهاز أمن الشاه [ بهلوي ] ، و تواصل هذا [ بعد الإطاحة بالشاه سنة 1979 ] في ظلّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و ادّى إلى قتل جمهوريّة إيران الإسلاميّة لجيل كامل من الشيوعيّين الإيرانيّين .
و هذه الحرب الشاملة كان و لا يزال لها مظهر أو مكوّن هام جدّا سياسيّا و إيديولوجيّا و كان و لا يزال فعّالا بقدر ما هو فعّال القتل [ التام ] الذى ترتكبه القوى السياسيّة و الأمنيّة . و من الأهداف المحوريّة لهذه الحرب السياسيّة و الإيديولوجيّة كان تسميم الأرضيّة في صفوف الأنتلجنسيا كي لا تتمكّن الحركة الشيوعيّة من إنتداب [ مثقّفين ] يعملون على بريّ مشروع الثورة الشيوعيّة .
و هكذا بات طريق الشيوعيّة عسيرا . أجل ، لو ناضلنا و أهمّ من ذلك لو صرنا جزءا من الطليعة الشيوعيّة ، سيتوجّب علينا بالتأكيد تقديم التضحيات و مواجهة صعوبات جمّة . و العديد من رفاقنا و رفيقاتنا الآن في الأسر و يتعرّضون للتعذيب . و الكثير منهم قُتلوا شنقا أو قتلوا في مواجهات مع الفرق المسلّحة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة . و في الوقت نفسه ، وقف العديدون متفرّجين و أحيانا وضعوا حتّى عراقيلا أمام عجلة الثورة . كلبّ هذا يمثّل تحدّيات . و دون القبول بهذه التحدّيات و رفعها ، لا يمكن أن ننشأ عالما مغايرا جوهريّا . و كما قال ماو تسى تونغ ، " الكثير من المهام تصرخ بالحاجة إلى إنجازها " . بيد أنّ التحدّى الأكبر هو : من أجل من و من أجل ماذا يتعيّن القيام بهذه الثورة ، و كيف نتقدّم بها .
على الذين يقولون ، يمكن أن تكون الشيوعيّة " فكرة جيّدة على الورق إلاّ أنّها لم تكن سوى كابوسا في الممارسة العمليّة ، قدّم بوب أفاكيان ردّا في خطابه سنة 2012 المعنون " بوب أفاكيان يتحدّث : الثورة لا شيء أقلّ من ذلك " :
" أوّلا ، الرأسماليّة – الإمبرياليّة كابوس حقيقيّ بالنسبة إلى الإنسانيّة و ليست فكرة جيّدة على الورق . و ثانيا ، من أين نبعت فكرة أنّ الشيوعيّة كابوس ؟ إنّها نابعة من السياسيّين الذين يسيّرون النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، من أناس يقرّرون و يتحكّمون في ما يدرّس و ما لا يدرّس في المدارس و المعاهد ، و من وسائل الإعلام الناطقة رسميّا باسم هذا النظام و من مثقّفين يمثّلون رأس حربة هذا النظام و الذين يطلقوا الأكاذيب تلو الأكاذيب دفاعا عن هذا النظام . هؤلاء هم الناس الذين تثقون في حديثهم عن الشيوعيّة ؟ ... لنعقد مقارنة بين عشرة ملايين طفل يموتون سنويّا في ظلّ هذا النظام جوعا و جرّاء أمراض يمكن علاجها ، من جهة و من الجهة الأخرى ، واقع أنّ في الصين الإشتراكية قد حلّوا مشكل الغذاء ليحصل كلّ فرد على الأكل ، و ذلك في غضون 20 سنة . لذا ذكّرونى ، أيّ نظام يشكّل كابوسا بالنسبة إلى الإنسانيّة ؟ أو ماذا عن المقارنة بين وضع النساء في ظلّ هذا النظام فالملايين يجرى إغتصابهنّ و ضربهنّ سنويّا و تخضعن لمنتهى الإهانات و الإستعباد المكثّفين في البرنوغرافيا و التجارة الجنسيّة ، و هذا يتناقض مع الخطوات المتقدّمة و غير المسبوقة و التحريريّة للنساء أثناء الموجة الأولى من الثورة الشيوعيّة في روسيا و الصين . ذكّرونى مرّة أخرى ، أيّ نظام يمثّل كابوسا بالنسبة إلى الإنسانيّة ؟ أو لنعقد مقارنة بين الفنّ و الثقافة السائدين في هذا المجتمع " نساء المنزل الحقيقيّات " التابعة لهذا أو ذاك ، و كلّ الثقافة الفاسدة للغاية التي تأتى عن طريق الكثير جدّا من الهيب هوب و ما يسمّى بالكوميديا الواقفة اليوم ، من جهة و من الجهة الأخرى ، الفنّ و الثقافة الثوريّين اللذين وقع التقدّم بهما خلال الثورة الثقافيّة في الصين ، و الدور البارز للنساء و تجاوز إضطهاد النساء في ذلك الفنّ و في تلك الثقافة . و مرّة أخرى، ذكّرونى أيّ نظام يمثّل كابوسا بالنسبة إلى الإنسانيّة؟ أو لنعقد مقارنة بين السجن الجماعي المتصاعد الوتيرة ، خاصة لأبناء و بنات القوميّات المضطهَدَة في هذه البلاد ، و الخطوات المقطوعة في روسيا لتجاوز إضطهاد الأقلّيات القوميّة . و مجدّدا ، ذكّرونى ، أيّ نظام يمثّل كابوسا بالنسبة إلى الإنسانيّة ؟ "
ما ورد أعلاه مقتبس من فصل من " بوب أفاكيان يتحدّث : الثورة لا شيء أقلّ من ذلك " : " ذكّرونى : أيّ نظام ، الرأسماليّة أم الشيوعيّة يمثّل كابوسا بالنسبة إلى الإنسانيّة ؟ ".
-------------------
هامش المقال :
1- تقع مهشهر في محافظة خوزستان اين ذبحت جمهوريّة إيران الإسلاميّة محتجّين خلال تمرّد 2019 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال