الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات السابع من اوكتوبر

حاتم استانبولي

2024 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


السابع من أكتوبر وتداعياته الأمنية والعسكرية والسياسية فرضت سؤالا جوهريا عن اسرائيل لماذا كل هذه الحماية والتغطية والاستثنائية لإسرائيل ؟
السابع من أكتوبر طرح تساؤلات عن الدور التاريخي لاقامتها و امكانية استمرار هذا الدور بكل جوانبه وأبعاده في منطقة ما زالت تعتبر المفصل لحركة دورة رأس المال العالمي.
إسرائيل كفكرة كان إنشائها ناتج عن ضرورة راسمالية تلاقت فيه المصالح رأس المال اليهودي مع الرأسمال الغربي في مرحلة ظهور القوميات الغربية التي فرضت مفهوم المواطنة الذي تطلب الغاء الخصوصية الدينية أمام الشكل القومي للدولة الأوروبية الحديثة وفرض مفهوم المواطنة وسيادة القانون بغض النظر عن الخلفية الدينية.
وفي ظروف انتصار ثورة أكتوبر في روسيا ترافقت مع مرحلة انحسار الاستعمار المباشر حيث أصبح هناك ضرورة لإيجاد شكل جديد من السيطرة الغير مباشرة خصوصا في منطقة تحظى بأهمية اقتصادية وعسكرية وسياسية وجغرافية من الممكن أن يشكل استقلالها ووحدتها خطرا على المصالح الغربية وفي هذا السياق كان هناك ضرورة لاقامة كيان من خارج سياق البنى الاجتماعية السائدة في المنطقة مرتبط عضويا بالعجلة السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول الغربية ومراكز نفوذها الرأسمالي.
هذا يوضح أن اسرائيل هي كانت وما زالت ضرورة رأسمالية غربية يمارس الغرب من خلالها هيمنته على المنطقة من جهة وبذات الوقت يمنع أي تطوير أو تنمية لشعوب المنطقة ويضعها في تناقض مع هذا الجسم الغريب الذي يعمل كأداة محلية لتنفيذ كل توجهاته السياسية والاقتصادية والعسكرية ويبقى التناقض الرئيسي مع هذا الكيان مما يعيق التطور الطبيعي لدول المنطقة.
السابع من أكتوبر كان في الجوهر إسقاط لِدورِ ولِبنية أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية تم العمل عليه على مدى مائة عام للكيان الإحلالي الغاصب لفلسطين .
خلال اربعة ساعات تم القضاء على اسطورة هذا الكيان وسارعت العواصم الغربية الخمسة الى الاعلان عن دعم غير مسبوق وإطلاق مجموعة من الإجراءات السياسية والقانونية والعسكرية والمالية لإيقاف الانهيار لما يشكله هذا السقوط من تداعيات على ما أنجز من إخضاع المنطقة على مدار مائة عام.
السابع من أكتوبر رفع الغطاء عن الوهم الذي زرع في الوعي العربي الرسمي أن هذا الكيان هو قدر لا يمكن اسقاطه او هزيمته بل كشف ان هذا الكيان لا يمكن ان يستمر او يدافع عن نفسه عند المواجهة الحقيقية مع المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين إلا من خلال المعونات المالية والعسكرية بل ان السابع من أكتوبر والانهيار الذي أصاب جيش الاحتلال فرض على الدول الخمسة أن تعلن وبلا ريب عن ان ما اصاب هذا الكيان هو ضربة في الصميم لمشروعها الاستعماري الإِحلالي في فلسطين وفي هذا الإطار تُفهَم كل القرارات السياسية والعسكرية والاقتصادية والزيارات المتتالية للرؤساء والوزراء لإظهار الدعم المعنوي والسياسي لهذا الكيان الاستعماري الصهيوني الإحلالي في فلسطين.
السابع من أكتوبر أظهر مدى سيطرة وتحكم الحركة الصهيونية في القرار السياسي والعسكري والمالي لمعظم الدول الغربية وكشف الجوهر اللاأخلاقي للمفاهيم الليبرالية الرأسمالية التي سقطت أخلاقيا وسياسيا وانكشفت وسائلها الإعلامية التي فرضت تعتيما منهجيا على المجازر التي ترتكب في غزة والضفة الغربية والممارسات العنصرية على فلسطينيي ال٤٨ ومنعهم من التعبير عن موقفهم المناهض لِلمجازر والابادة الجماعية في غزة.
السابع من أكتوبر كشف أن الفكر النازي العنصري والفاشي ما زال يعشعش في ذهنية بعض الساسة الأوروبيين وخاصة الألمان منهم الذين مارسوا سياسة عمياء داعمة للمجازر الصهيونية في غزة تحت تبريرات الشعور بالذنب لما ارتكبته النازية في الحرب العالمية الثانية ضد شعوب أوروبا وخاصة شعوب الاتحاد السوفييتي وضد اليهود الألمان و البولونيون الذين كانوا مواطنين ألمان وبولون وروس .
ما سيق من تبريرات سياسية لتوريث حق هؤلاء المواطنين اليهود الألمان و البولونيون والروس لدولة استعمارية استيطانية إحلالية أسست ما بعد الحرب العالمية الثانية ومارست ذات الممارسات الإجرامية النازية بحق الفلسطينيين تحت ضغط الذنب الإجرامي للنازية والفاشية الالمانية والايطالية هو كذب سياسي لا أخلاقي يكشف أن النازية والصهيونية هما وجهان لعملة واحدة والضحية كانت اليهود الفقراء والشعب الفلسطيني الذي تحمل عبء النازية والصهيونية القديمة والحديثة حقوق ضحايا النازية وتعويضهم يجب أن يكون لدولهم لانهم مواطنين يحملون جنسية ومواطنة دولهم التي خاضت حربا ضد النازية وأعوانها لا يمكن أن ترث دولة أنشأت ما بعد الحرب العالمية شرف إسقاط النازية وتحصر الجرائم النازية والفاشية بفئة دينية متعددة الجنسيات ويتم تناسي ملايين الضحايا من القوميات والجنسيات التي واجهت النازية والفاشية.
لا يمكن تحت أي مسمى ان تدعي مناهضة النازية وفكرها وأساليبها الاجرامية وبذات الوقت تمارس ممارساتها الاجرامية بل تتفنن في عمليات الابادة الجماعية المفتوحة وفي بث حي مباشر على الشاشات وتجد من قادة واشنطن وبرلين ولندن وباريس وروما هذا الدعم اللا محدود السياسي والعسكري والإعلامي والمالي.
السابع من أكتوبر أسقط المنظومة الاعلامية الغربية وكشف تحيزها الكامل لِلممارسات النازية والفاشية الإجرامية الإسرائيلية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني.
السابع من أكتوبر أسقط الوهم السياسي لمنظومة التطبيع وكشف تآمرها على القضية الفلسطينية.
السابع من أكتوبر كشف كذب المبررات الصهيونية في الدفاع عن النفس هذه الاسطوانة التي عزفها سياسيو واشنطن ولندن وبرلين وروما وباريس بل أكدت أن معضلة الإحتلال الإحلالي لفلسطين هي مع الهوية الفلسطينية ومع المخيم الفلسطيني الذي انطلقت منه المقاومة من أجل الحفاظ على الهوية السياسية والثقافية والاجتماعية والقانونية للشعب الفلسطيني وباعتبار أن غزة تعتبر هي مخيم فلسطيني كبير لانها تعتبر أكبر تجمع فلسطيني مهاجر منذ جريمة النكبة عام ١٩٤٨ فهي هدف للمحتل الصهيوني الإحلالي وعلى هذا الأساس تُفهَم الابادة الجماعية للبشر والحجر وتُفَسَر العبارات التوراتية التي تطلق من قبل جنود وضباط جيش الاحتلال الإحلالي الصهيوني التي تعيد للذاكرة حلم شارون الذي أطلقه أنه يحلم بأن يصحو يوما وغزة غير موجودة.
السابع من أكتوبر أسقط المنظومة الأخلاقية للغرب التي بنيت على اساس حقوق الانسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وكشف بعض القوى الليبرالية التي تلاقت مع اليمين العنصري في التفريق بين الضحايا على أساس القومي والديني وبعضها اعتمد اللون في سياق موقفه بين ضحايا (أوكرانيا وغزة).
السابع من أكتوبر اسقط منظومة العدالة الغربية وكشف معاييرها المزدوجة في النظر إلى الصراع في أوكرانيا والجرائم التي ترتكب في غزة.
فقد تطلب تحرك المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية بضع ايام للتحرك ضد ادعاءات غير مؤكدة لجرائم في أوكرانيا في حين منذ ١٩٣ يوما من الجرائم اليومية المعلنة وسياسة التجويع المعلنة والتي تؤكدها تصريحات القيادة والضباط والجنود الاسرائيليين لم تتخذ محكمة الجنايات أي اجراء فوري او تصدر مذكرات توقيف كما حدث مع الرئيس بوتين.
هذا يكشف أن الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين هو في الجوهر احتلال صهيوني غربي أما من حيث الشكل هو مستعمرة لليهود الصهاينة الغربيين ليمارسوا جرائمهم وهلوستها الغيبية في إطار خدمة المشروع الاستعماري الغربي للمنطقة.
السابع من أكتوبر أظهر ضرورة إعادة بناء المنظومة الوطنية الفلسطينية سياسيا واجتماعيا وثقافيا على قاعدة تأكيد ضرورة المقاومة وأحقيتها وثقافتها وهذا يتطلب أهمية تحويل شعار المواجهة من مواجهة فصائلية إلى مواجهة وطنية عامة تكون على مستوى أهمية موقع وجوهر القضية الفلسطينية كقضية سياسية وقانونية واجتماعية وثقافية وتاريخية و انها كانت وما زالت هي المعيار والناظم للموقف من العدالة ببعدها القانوني والسياسي والثقافي.
قلما ما تجتمع المقولتان المعيار والناظم في قضية مركبة ومتعددة المستويات ومختلفة الأوجه من حيث التعاطي معها من القوى الداخلية المكونة لها أو من القوى الخارجية المؤثرة في مسارها التي عملت على مدار الدقيقة والساعة واليوم والسنة لإنهائها ولكن جميع الجهود المتعددة الأوجه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا واعلاميا سقطت أمام عدالة القضية الفلسطينية ومقاومة شعبها الذي واجه تآمرهم وعدوانهم على ما يزيد عن مائة عام.
السؤال الذي يطرح نفسه : كيف كان يمكن لفلسطين أن تواجه كل هذا الحجم من التآمر؟
عدالة القضية الفلسطينية ومقاومة شعبها وتضامن الشعوب العربية والعالمية هي الجواب والأدق أن القضية الفلسطينية هي جمعت وبشكل فريد ومميز معيار وناظم العدالة الإنسانية ولذلك فهي كانت تجسد الحقيقة المطلقة لِمفهوم العدالة الإنسانية بِمعيارها و ناظمها وهي كانت وما زالت تعمل على كشف كل من تآمر واعتدى عليها والقائمة طويلة من حيث الأدوات والوسائل التي استخدمت وما زالت تمارس وان غلفتها بعض الأحيان الجمل والتعابير الرنانة جميعها سقطت أمام امتحان ناظم و معيار العدالة الإنسانية في الامتحان اليومي حول القضية الفلسطينية.
السابع من أكتوبر والدم الفلسطيني الذي يهدر على مدى ١٩٥ أعاد الاعتبار لمفهوم العدالة الإنسانية بأبعادها وضرورة تحقيقها وأطلق مناصريها في كل ميادين مدن العالم في مواجهة الطغمة السياسية والقانونية والعسكرية والمالية والثقافية والاعلامية الصهيونية التي عملت على مدى مائة عام لِبناء منظومتها العدوانية ضد شعوب العالم .
إعادة بناء ثقافة وِحدة المخيم الفلسطيني المقاوم في كل أماكن تواجده واعتباره المفصل التي يتفرع منه كل الشتات الفلسطيني بغض النظر عن الهوية المدنية القائمة هي المهمة الملحة للمثقفين الفلسطينيين لربطها بالهوية الوطنية الجامعة للشعوب والمجتمعات العربية في المنطقة لإسقاط ثقافة مائة عام من الاحتلال الإحلالي السياسي والثقافي والاقتصادي والإعلامي للوعي الفلسطيني والعربي والعالمي إن كان احتلالا مباشرا في فلسطين أو من خلال وكلاء في نظام سايكس بيكو ووعد بلفور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر