الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهروب

فوز حمزة

2024 / 5 / 4
الادب والفن


أحاط المكان نور لم يألفهُ من قبل واكتسى كل شيء بلون جديد، همسٌ أسكتَ العصافير وأثار دهشة الطيور، نقلته لهم نسائم أول ربيع يمر على الأرض.
آثار خطوات واثقة لرجل قوي وصوت حائر لامرأة يتسائل:
- لم أعد أقوى يا آدم! ألا تتوقف قليلاً؟!
- أتوقف عندما تريّنَ جثتي لا تقاوم نقر الجوارح! لقد وعدتيني قبل هروبنا من الجنة بأنك ستكونين قربي في رحلة العودة.
- أنا عند وعدي يا أول كلمة تنطقها شفاهي.
- لا تكثري الشكوى فهي تجعلني مكبلاً بكِ بقيود من حنين!
- أسمع لحنًا عذبًا!
- أتركي اللحن ينساب من بين شفتيكِ.
- لقد انساب في دمي!
- هذا هو جوهر الوعد. بدأت لكِ بأول سطر هذا هو حبكِ لا أرى مناصًا آخر لأهرب منه إليه، بدونكِ لا أقوى على اشتياقي لكِ!
- شعور قوي يخبرني بأننا ننتمي لهذه الأرض وكأني أحلق فوق جسدي، أتوسد الغيوم، أرانا نسير في درب طويلة على خيط من نور.
- حبيبتي... نحن لا نختار خطواتنا في مسار الضوء، لكن أزل الكتابة أن نمشي ونحن أحوج ما نكون لنبصر طريق العودة للخروج من الضوء الأسود.
- أبصر شيئاً لامعًا!
- لا يوجد شيء بعيد عن متناول إحساسنا، النور في هذه الأرض هو الحب، لا تدعيه يهرب من بين خلاياكِ وأنتِ تحلقين بقلبك في الأغنيات، لا تكسري تلك النظرة الثاقبة، الأرض لن تقدم يد العون لنا. فلنوجه كبريائنا ليمتص كل هالة السواد أو الكثير منها.
- سأخبرك بشيء يا آدم.
- اخبريني يا جناح أملي الثاني.
- ثنايا قلبي، شعرت بالنور متسللًا من ثنايا قلبي مادًا أذرعه محتضنًا كل شيء وها هو يتناسل ليملأ الأرض من حولي!
- أنا أيضاً سأخبرك بسّرٌ كبير يا حوائي، لقد هربتُ من الجنة لأرى هذا السحر، أردتُ أن أرى لهفة القديسة في عيون كأنها آلهة النور!
- هل تسمع همس الأشجار من حولنا؟!
- نعم. أسمع همسها وغزلها واشتهائها أن تنام على قلبكِ في نهار صيفي. قالت بصوت تملؤه الغيره: من هو المخلوق الذي استحق أن يستحوذ على قلبها؟!
همهمت إحدى الشجيرات المعمرة: إنه أول آدم، قبل آلاف السنين حاول كثير من المخلوقات أن ينافسوا ذلك الآدمي فيها وباؤوا بالفشل!
- لأن كل شيء في الكون لا يجذب إلا شبيهه، ولا يشبه حواء إلا آدم!
- هذا هو وقود الأمل يا حوائي، فلا تسكبي الوقودَ هدرًا!
- ما هذه الظّلال التي تتبعنا يا آدم؟
- بل نحن ظّلالها! هذه حقيقتنا ونحن من يتبعها.
- لقد محوت الأمواج خطواتنا.
- أنا وأنتِ لا تقوى أمواج البحر على محو خطوات رجوعنا إلى النور، بدوننا لن يكون هناك موج ولا بحر ولا معنى لوجود الضياء ، بدوننا لن يستقيم التوقيت لقراءة ما يأتي ومن أجلنا تموت وتحيا الشمس كل يوم.
- هل لنا من عودة؟!
- بإمكانكِ صياغة عودتنا فتصير أجمل من حياتنا الأزلية. قدر الأرض أنْ تُعرفَ بنا، فلولا الإنسان لبقيت الأرض مجهولة .
- لكن لولا الأرض لما كان لنا ملجّأ أو أمل!
أحاط آدم جسد حواءه وسارا نحو منابع النور وشلالات الضياء ليبدأ مسيرة الخلود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا