الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي الاسلام في تجارة وبيع المياه

عبد الكريم حسن سلومي

2024 / 5 / 4
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تحتل المياه أهمية كبرى في الإسلام فهي رحمة الله التي من خلالها تستمر الحياة وايضا دور لها بالطهر والنقاء للبشرية والأرض جميعا . وقد ورد ذكر كلمة الماء في القرآن الكريم 36 مرة . وقد وصف عرش الرحمن بأنه كان على الماء حيث قال تعالى ( وهو الذى خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) كما وصفت الجنة بأنها )جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار (
يؤمن المسلمون بأن ضمان العدالة الاجتماعية والإنصاف في المجتمع يعتبر حجر الزاوية في الإسلام
تعتبر المياه في الإسلام هبة من الله وبالتالي فهي ليست مملوكة لأى فرد والإنسان يعتبر بمثابة الحارس على تلك المياه وعلى غيرها من الموارد المشتركة التي تعتبر مملوكة للمجتمع ككل . مع ذلك فقد أوضح معظم الفقهاء المسلمين أن الأفراد أو الجماعات لها حق صريح في استخدام وبيع وتغطية كافة تكاليف القيمة المضافة للمياه
وهذا الرأي يتأسس على حديثين للرسول ( الأول والذى قرر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن خروج المرء إلى البرية لقطع الأشجار وبيعها لكسب الرزق أفضل من استجداء الناس المساعدة . وهذا يوضح أن الموارد التي تعتبر ملكية مشتركة كالأشجار والماء يمكن بيعها والاتجار فيها والثاني لما قدم الرسول ص من مكة الى المدينة لم يكن فيها بئر الا بئر رومة فقال الرسول ص (من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلو المسلمين وله خير منها في الجنة ) فهذا الحديث معناه يجوز الاتجار في الابار فقام عثمان ابن عفان بشراء البئر وهذا يشير إلى أن الآبار يمكن امتلاكها والاتجار فيها .
وقد قسم فقهاء المسلمين موارد المياه لأغراض التجارة الى 3 اقسام
اولا:-ملكية خاصة ) كالمياه الموجودة ففي الصهاريج المملوكة ملكية خاصة وفى مصانع معالجة المياه وأنظمة توزيع المياه وفى الخزانات ( وتلك المياه هي التي تم استثمار الخبرة والإمكانيات للحصول عليها ومن يملكها يكون له الحق في استخدامها والاتجار فيها أو بيعها .
ثانيا:- ملكية خاصة مقيدة ) كالبحيرات والينابيع والجداول الموجودة في أراضي مملوكة ملكية خاصة ( ومالك الأرض في تلك الحالة له حقوق خاصة أكثر من الآخرين ولكنه محمل بالتزامات محددة تجاههم وفى إطار تلك الحدود يجوز للمالك الاتجار في المياه مثلها في ذلك كأي سلعة أخرى .
ثالثا:-ملكية العامة ) كالمياه الموجودة في الأنهار , البحيرات , الخزانات الجوفية وكذلك ىالأنهار الجليدية ، البحار ، مياه الأمطار والثلوج ( فمن البديهي أن المياه في حالتها الطبيعية الأولية لا يمكن بيعها ولا شرائها . رغم ذلك إذا تم استثمار تلك المياه بحيث تتولى إحدى الهيئات العامة مسئولية إقامة أنظمة للمعالجة أو التوزيع أو الإمداد بالمياه لتغطية الاحتياجات المنزلية للسكان فإن المياه تصبح ملكية خاصة ويحق لتلك الهيئة القائمة عليها أن تحصل على التكاليف .
ففي الشريعة والفلسفة الاسلامية الملكية تعتبر وظيفة اجتماعية والثروة كلها تنتسب الى الله والانسان في حياته يتولى مهمة ادارية لزيادة تلك الثروة من جانب واستخدامها بشكل مناسب من جانب اخر فالثروة هي عبارة عن علاقه بين الخالق والمخلوق فالثروة التي منحها الله للإنسان تنسب بحقيقتها الى الله عز وجل فهو الذي خلقها وعين الانسان عليها وسمح له بالانتفاع والاستمتاع فيها
ومن المبادئ الرئيسية في الاسلام فيما يتعلق بالتعامل مع موارد الثروة هو محاربة التوزيع غير العادل لذلك الاسلام يحاول العمل على التوازن بين جزاء عائد العمل والمصلحة العامة في ادارة موارد المياه
والواقع أن إدراك قيمة الماء كمصدر حيوي يحق لكل شخص الحصول على نصيب عادل منه يجد تأكيدا عليه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يجعل من الماء مصدرا مشتركا لكل من في المجتمع الغنى منهم والفقير حيث قال ص ( المسلمون شركاء في ثلاثة : الكلأ والماء والنار ) )ولم يشجع على بيع المياه
لقد شهدت بدايات الدولة الاسلامية قيام بيت المال بتشييد السدود والخزانات للمياه لذلك يمكن القول ان الجانبين الخاص والعام قد باشروا بأنشطة امداد ونقل وتوزيع المياه وبالمجمل فأن التشريع الاسلامي لا يبرر خصخصة قطاع المياه بأكمله والافضل هو التنسيق بين القطاعين العام والخاص بالشأن المائي
يحدد القرآن الكريم وضعين للمياه فيما يتعلق بإدارة الطلب على المياه
1-يتمثل في ثبات إمدادات المياه ويتمثل ذلك بضرورة إدارة الطلب كنتيجة حتمية لعدم احتمال زيادة كميات المياه حيث يقرر الله سبحانه وتعالى أن الماء ينزل من السماء بقدر معلوم . وقد أخبر القرآن الإنسان أنه يمكنه استخدام عطية الله من الماء للحصول على رزقه ولكن باعتدال وأشار إلى بنى آدم بأن يأكلوا ويشربوا دون إفراط أو تبذير حيث أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المبذرين ، حيث قال تعالى ( يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين
2- ضرورة عدم إضاعة وتبديد المياه
وقد منع رسول الله عليه الصلاة والسلام التبذير في استخدام المياه حتى ولو كانت هناك وفرة في المياه حيث نهى عن الإفراط في المياه اثناء الوضوء حتى ولو كان المرء يتوضأ من نهر كبير.والمثير للدهشة أنه رغم وجود تلك الأمثلة ألا أنها غير مستخدمة بشكل سائد لتعزيز صيانة الماء في بلدان العالم الإسلامي
ولذلك فان المبادئ الاسلامية بشان تجارة السلع وكذلك الماء تتلخص بما يلي
أ-في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية يشجع فقهاء المسلمين على منح الماء بلا مقابل مشيرين الى ان الله سيكافئ من يفعل ذلك واشاروا أيضا انه لا يجوز اجبار مالك المياه الخاصة على منح المياه مجانا الا بظروف خاصة وضرورية واذا ما كانت موارد المياه الاخرى غير متاحة وحتى في تلك الظروف يجب تعويض المالك بشكل عادل عن تلك المياه
ب-يمكن الاتجار بالمياه الخاصة والخاصة المقيدة كباقي السلع الاخرى
ج-لأيمكن بيع المياه العامة
د-الاسواق هي التي تحدد الاسعار
واخيرا فرغم حقيقة ان المياه تعتبر سلعة ذات قيمة دينية في الثقافة الاسلامية ومواردها الطبيعية تعتبر ملكية مشتركة لكن لعب السوق دورا هاما في امدادات المياه والطلب عليها منذ بزوغ شمس دولة الاسلام بالجزيرة العربية وان نظام حقوق الملكية بالإسلام يسمح لمن يبذل الجهد والمال ان يسحب المياه من المصدر المملوك ملكية مشتركة بشرط الحفاظ على حقوق الاخرين
ان القواعد والقيم الاسلامية اذا ما طبقت بمجال ادارة موارد المياه في السوق فمن المؤكد ان الاسعار التي سيتم تحديدها ستكون على درجة عالية من الكفاءة والانصاف





المهندس الاستشاري
عبد الكريم حسن سلومي الربيعي
21-4-2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30