الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوان الندم

فوز حمزة

2024 / 5 / 5
الادب والفن


لا أتذكر منذ أن تكونت لدي ذاكرة بأني قد جلست إلى جانبه أو لمست يديه، لم يبتسم في وجهي مرة، بل كنت أهرب إلى غرفتي حين ألمحه داخلاً وأحيانًا قبل دخوله حين أسمع صرير الباب وهو يفتح.
ليالٍ كانت تمر عليّ، احتضنُ فيها وسادتي وأغفو لأحلم كأنني بين ذراعيه .. أحدث دميتي ساعات .. لكنها مثله، لا تجيب ولأني الصغيرة المدللة فقد سولت لي نفسي ذات مرة استخدام هذا السلاح وأطلب منه أن يصطحبني معه إلى الخارج.
رده عليّ كان نظرة ما زلت أرتجف حين أتذكرها.
أشياء كثيرة كنا نختلف عليها أنا وإخوتي، الذي جمعنا هو شعورنا بالحرج حين نكون مضطرين لتقبيله أو إلقاء التحية عليه، لهذا كنا ننتظر خروجه من المنزل لنتخلص من ذلك العبء.
ما زال ماثلاً أمام عينيّ اليوم الذي وقع فيه الاختيار عليّ من قبل الجميع كي أكون أول مهنئة له صباح العيد.
لحظات صعبة، بعدها هربت من أمامه بخفة كأني رميت بشيء ثقيل من على ظهري.
ذات ربيع، فاضت أنهاري، سقت رياض الطفولة، فأزهرت على جسدي ثمار يانعة .
لمْ أدرك وقتها لِمَ عيون أبي كانت تراقبني بقلق، فيما بعد فهمت حين مُنعت من الخروج واللعب مع أقراني من البنات والصبيان، أن ذلك كان قرار أبي.
كبرتْ المسافة التي تفصلني عنه حتى بدأت أعتقد أن أبي لا يحبّني حتى تلك الحادثة التي انعطفت بيّ حيث أوقعني المرض فريسة له وبقيت طريحة الفراش أيامًا. سمعته وهو يخبر أمي بأنه سيموت بعدي إن حصل لي مكروه، لكنه أخفى رأسه بعيدًا حين عاندته دموعه لتسيل على خديه.
كبر أبي وكبر حبي له الذي وِلدَ على سرير المرض.
أعوامي الثمانية عشر أغرتني بكسرِ الحاجز بيني وبينه. بقيت مدة طويلة أفكر بمصارحته، بإعادة بناء الجسور التي هدمها الخوف. بقيت أردد الكلمات التي سأقولها له واستبدل واحدة بأخرى.
في البدء، رفضت أمي ليس فقط لأنه لا يشرب الشاي إلا من يدها، بل كانت خائفة من عدم تأديتي للمهمة بالشكل المطلوب لكنها تراجعت حين وجدتني مصرة. كنت سعيدة لأنني أخيرًا سأخبره بمشاعري وسيدرك مقدار حبي له.
صرخة أوقعتْ ما كنت أحمله أطلقتها أمي حين رأت من النافذة سيارة مسرعة تدهس أبي وتتركه جثة أمام المنزل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في