الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبدالات الإبداعية للفنّان التشكيلي سامي بن عامر

سناء ساسي

2024 / 5 / 5
الادب والفن


أعطى الفنان التشكيلي والأكاديمي سامي بن عامر لمسيرته الفنية التنوّع والتجدّد الدائم، وضعنا دائما كمشاهدين أمام سيلا من المعطيات الفنية التي تعنى بالماضي والحاضر والمستقبل، يدعو بضرورة التفكير في تطوير التشكيل الفني من حيث صيغة العمل الفني وبضرورة التخلي عن الأساليب الكلاسيكية للعرض بطرح إبدالات فنية مختلفة عن الماضي ، ما يسمح للمتفرّج والمختص بالمشاهدة دون الحاجة للحضور، سعيا منهم مستقبلا لتطوير طرق العرض التتشكيلي في جميع الظروف، مهما كانت طبيعتها ووضعيتها وبأن تكون إنطلاقة جديدة للفن التشكيلي المعاصر.
لم يكتفي الفنان سامي بن عامر بالفرشاة واللوحة ، إنّما سعى إلى إيجاد إبدالات إبداعية لصورة التشكيل الفني ، ترمي نحو آفاق تشكيلية لا متناهية تطرح عدة إشكاليات خاصّة في الزمن الرقمي الذي نعيشه ، كان سبّاقا في إختراق ثبات اللوحة و جعل من المجال الرقمي فضاء إبداعي يحقق فيه حلمه إلى تجديد الرؤية الفنية ، حرّرته من أسر المنظورات الكلاسيكية وفسح المجال أمام التصوّرات الإبداعية الجديدة التي سعت إلى إحداث علاقة تواصل بين المشاهد و الفنّان من جهة و خلقت لغة بصرية جديدة للصورة الفنّية التي شهدت ميلادها على يديه في تونس .
ساعدت المشاهد على الإحساس بقيمة العمل الفني وأسّست لعوالم أخرى أصبحت فيها اللغة الفنّية رمزا وعلاقة وفتحت آفاقا جديدة للمشاهد دون البقاء أسيري بناء تلك العوالم بخيالاتنا فقط ما شكل ما يمكن إعتباره اللامقول في المتن البصري ما أعطى ثراءا للصورة الفنّية، أصبح العمل التشكيلي ليس عملا ساكنا بل دراما تشكيلية متحركة حاملة لخطاب الهوية والتراث من خلال عمله ذاكرة تتجدّد ، كان عمله فرصة المساءلة عن الرمزية في الأبعاد الفلسفية من حيث دلالتها التي ترتبط فيه بجملة من العوامل الأساسية التي تدخل في صميم إنجاح الصورة كالعناصر الخاصة التي هي أساس أي عمل فنّي لتحقيق التوازن البصري والترابط بينها يحقق جمالية فنية للصورة بطبيعة الحال حسب المعايير المتبعة والمتفق عليها في خلق التأثير عند المتلقي وتوزيع مكوّنات الصورة من أحجام وكتل وأشكال وألوان،خطوط أو لتنظيم آلية الالتقاط التي يمكن أن تضفي طابعا جماليا للصورة بحكم المتغيرات التي تحققها في الالتقاط ، فالتصوير الفنيّ ليس مجّرد تقليد بل هو إبراز لإحساس كخصائص ذاتية ،هذه الخصائص التي يمكن أن نطلق عليها جوهر الموضوع أو الروح الجوهرية للعمل الفني وجماليته.
عمل ذاكرة متجدّدة وتكمن جمالية الصورة السينمائية في الأبعاد التشكيلية من حيث ( اللون، الشكل ،الفضاء ) وتكمن إرتبط البعد الجمالي للصورة السينمائية بالأبعاد التشكيلية المتمثلة أساسا في تلك الأشكال والخطوط المستقيمة والدوائر والمسطحات والأحجام التي لا تتوقف على الرغبات أو الحاجات فالجمال في الأشياء المحسوسة المنظورة من حيث يوجد التناسب بين الأجزاء فلا يوجد جمال دون ألوان مثلا.
هكذا أعطي الفنان التشكيلي سامي بن عامر في عمله ذاكرة تتجدّد نمطا تعبيريا خاصة في وجود مؤثرات بصرية ، بحيث تساهم بكيفية فعّالة في بناء مفهوم جديد للرؤية الفنية في ظل المؤثرات الرقمية و من هنا لم تعد اللوحة هي الإطار الإبداعي الوحيد للفنان التشكيلي فمع المدّ الالكتروني أصبح الإطار الذي يبدع فيه السينمائي هو نفسه الإطار الذي يبدع فيه التشكيلي ، جعل من الصورة الفنية تحمل عمقا بصريا ذات قراءات وأبعادا متعدّدة .
طرح الفنّان التشكيلي إبدالات إبداعية في طرق العرض بالوقوف على إيجاد حلول تساءل الوضع التشكيلي الراهن ومساءلة مختلف التحدّيات التي يواجهها ، الذي أقام معرض تشكيلي إفتراضي بعنوان لمسة مميتة عبر قناته باليوتوب ، مؤمنا بقولة نيتشه : لنا الفن كي لا تميتنا الحقيقة ، معرض حاكى الوضع الوبائي العالمي وما عانته الإنسانية من مشاعر الخوف والهلع جرّاء جائحة كورونا ، جعلنا نتجول بين لوحاته إفتراضيا ونتساءل وضع الإنسان في ظل هذه الجائحة بين الواقع و والمأمول، طرح أسئلة جديدة تتجاوز عملية إعادة خلق الواقع كما حدث لمجموعة من الفنانين الذين بقوا أسيري تمثل الواقع بإعتباره المرجع للوحة المنجزة أو تجاوزه ليثار السؤال عن أي فن في ظل الأزمات والجوائح ، وجد سامي بن عامر في المجال الرقمي مساحة طرح إبدالات جديدة للعمل الفني ولأساليب العرض في ظل التطوّر التكنولوجي و الرقمي ، أصبح التمثل"التشكيلي هو تمثل مسرحي ، صاغ معادلة فنية شبيهة بعملية إخراج مباشر يدعونا إلى تمثّله ومحاورته وكأنّه يحدثّنا ولا يكّف عن كشف أسراره لنا، ينتج قراءة للعمل الفني بحضور الأبعاد التشكيلية و مكوناتها و اللغة الإنسانية التي تشرح لنا ما عجزنا عن فهمه زمن الكورونا.
أنشأ سامي بن عامر لغة فنّية متغيرة ومتنوعة ونابضة بالحياة ، تحمل من التوافقات والتوليفات الإبداعية جعلتها تسبح في زخم الألوان بإيقاعاتها المتعددّة ، أنشأ للعمل الفني جمالية لإبدالات إبداعية بأساليب فنية معاصرة تجاوزت تعامل الكلاسيكيين معه، أعطى أبعاد جمالية للتشكيل الفني المعاصر، حاور فيها كل ومان ومكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب