الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية وإنسانية 159

آرام كربيت

2024 / 5 / 6
الادب والفن


الفعل المشين
في حوزتي كتاب، الفعل المشين، للكاتب التركي تنار أكجام، وترجمة كيفورك خاتون وانيس، هذا الكتاب أدخل الحزن إلى قلبي ولا يزال، حول التصفيات الجسدية التي مارستها الدولة العثمانية، أوالسلطنة العثمانية في نهايتها، على رعاياها الأرمن والمسيحيين.
السلطان عبد الحميد الثاني سلح جماعات إسلامية خاصة من الشركس والأكراد، مدخلًا في عقولهم أن قتل الأرمن والمسيحيين واجب ووفاء دين.
في القرن التاسع عشر، أضحت الأمبرطورية العثمانية مجرد واجهة دولة، نستطيع القول أنها أصبحت، دولة تحت دولة، فاقدة السيادة على نفسها، وسيطرتها على المجال العام، وكان الاعتقاد السائد أن أي إصلاح لها بمثابة انهيار لها.
أخبر عبد الحميد الثاني السفير الألماني: أقسم بأنني أفضل الموت على قبول إصلاحات تقود إلى حكم ذاتي للأرمن.
المشكلة لم تكن متعلقة بالأرمن، أنما برياح التغيير الذي جاء مع الثورة الفرنسية، ومشروعها، حرية مساوة إخاء، الذي حرك المياه الراكدة في هذه الدولة الميتة، المتخلفة سياسيا واجتماعيًا وشبه منهارة اقتصادية، والضعيفة على كل المستويات.
في البلقان تحركت الشعوب المختلفة، الصرب والرومان والبلغار واليونان المطالبة باالاستقلال أو بالحكم الذاتي، ولأن الدولة عاجزة ذاتيًا عن القيام بواجباتها في الاصلاحات، لهذا لجأت إلى القمع لإنهاء هذه المطالب.
لقد وصف الليبرالي الألماني فريديرك نومان قتل الأرمن:
إن قتل الأتراك للأرمن هو ليس مجرد اضطهاد للمسيحيين، على العكس تمامًا، إنه جزء من تحدي موت أمبراطورية قديمة وعظيمة تأبى أن تموت دون الإقدام على محاولة دموية أخيرة لإنقاد نفسها.
طبعًا هذا الألماني يبرر القتل، ولأنه عاجز الفهم، لم يفكر أن هناك وسائل أخر غير القتل ممكن أن تبنى على أساسه الدول.
برأي البسيط، أقول، سيبقى مصير تركيًا معلقًا في الفضاء إلى حين إنهيارها، هذا أراه في نهاية المطاف، وستبقى روسيا أمة مذبذبة، استبدادية، ساهمت وما زالت تساهم بإبقاء هذه التركية، الأمبراطورية سابقًا، على قيد الحياة منذ أن تحركت باتجاه أوروبا والمتوسط من موقع الذليل المندهش بإنجازاتها، وإلى اليوم.

إسرائيل
في حال طردنا إسرائيل من فلسطين التاريخية كلها، ماذا نحن فاعلون؟
لقد رمينا كل مشاكلنا عليها، وبراءنا أنفسنا من المسؤولية السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، وقدمنا أنفسنا على أننا مظلومين، في حال غيابها هل سننجح؟
المظلوم لديه رقعة، ورقة عار يتستر بها ويبكي عليها، في حال إزالتها، ماذا سنرتدي؟
هذا العجز، أين سنرميه؟

القاتل طلعت وأنور وجمال باشا
طلعت باشا أخذ قرار إبادة الأرمن، ونفذها بشكل ممنهج ودقيق في العام 1915، وهو ذاته مع اللجنة المركزية للاتحاد والترقي أخذا قرار دخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا.
بعد الهزيمة في الحرب، كان هذا الطلعت باشا، أول من هرب من هذه الأمبرطورية المهزومة، تاركًا مصيرها للمجهول.
هذا يدل أن هذا الرجل القميء، كتلة من الجبن والرعب الداخلي، خائف على نفسه ومصيره، تاركًا الاتراك يتمرغون في وحل الذل والقهر والهزيمة الوجودية.
وفي المنفى، في ألمانيا كان يتحرك بأقنعة مختلفة، وثياب وهمية، ليحمي مؤخرته من الموت.
كنت اتمنى أن أعرف في هذه اللحظة الذي هو فيها من الرعب، شعوره، عندما سمح لنفسه في إبادة ناس أبرياء، وماذا كان إحساسه بقتل ضحاياه.
لقد قتله شاب في الثانية والعشرين من العمر، نفذ من الإبادة في عمر صغير لا يتجاوز الخامسة عشرة، رأى أمه وأخته الصغيرة يقتلان أمام عينيه.
وكنت اتمنى أن يبقوا على حياته، يجلسوا معه، يحاوروه، ويكتبوه أقواله بعد أن يؤمنوا على حياته:
ماذا جنى من مكاسب شخصية في تصفية كتل بشرية كاملة، ولماذا هرب ما دام كان يعشق تركيته، ولماذا ترك هذه الأمبرطورية بعد أن قتل غيره دفاعًا عنها؟

الرحالة ابن فضلان
ابن الفضلان زار السويد قبل ألف سنة، كما زارها الكثير من المسلمين، وكتب، وكتبوا عن توحشهم وساديتهم وقسوتهم، وهذا لا ينفيه السويديون، بل عملوا عن أنفسهم الكثير من الأفلام، وكتبوا، وعروا أجدادهم وتاريخهم بكل موضوعية.
وبالرغم من التاريخ السيء لهم، الجماعة لم ينكروا ما حدث، وقيموه بصدق وأمانة دون إيديولوجية، قيموه بحيادية، قالوا عن أنفسهم كنّا سيئين.
المشكلة ليست عندهم، المشكلة عندنا، نكتب تاريخنا على هوانا، عبر إدخال الأيديولوجية فيه، يعني هناك كذب كثير، وهناك تزييف للحقائق، ولا نتجرأ أن نخرج فيلمًا دون موافقة القيمين على الدين والأنظمة اللقيطة.
كل إنسان يتناول سيرة محمد لا يتفق مع هواه ، ربما يتعرض للقتل أو العزلة أو الرجم السياسي والإنساني.
لتصبح إنسانًا سويًا عليك أن تبدأ بنقد نفسك، تاريخك، عيوبك.
لا تخجل من ماضيك، لا تهمله، أكتب عنه بصدق وأمانة وحيادية حتى تصبح إنسانًا معاصرًا، وإلا ستبقى كذابًا، منافقًا، مزيفًا، وسيمر عليك الزمن المتحرك وأنت في مكانك كالصنم.
بالمناسبة كان عندي صديق في الفيس بوك، اسمه مهند الكاطع، رد علي بمنتهى الوقاحة وقلة الأدب، لأني كتبت عن الخلفاء الراشدين، وعن محمد على أنهم شخصيات تاريخية ويجب تقييمهم ككونهم شخصيات تاريخية.
بصدق لو كان لديه مسدس في تلك اللحظة لأطلق النار علي، وقال عني أنني طائفي.
بمعنى، هو يعتقد أنه لم ينطلق من أرضية طائفية وأيديولوجية، أنما الأخر المختلف عنه الذي هو أنا، وهذا الأنا، أراد أن ينصف تاريخه بكل موضوعية، وكما يليق به.

الدولة
الدولة تعيش ضمن إطار لا تحيد عنه، وكل دولة في هذا العالم، تنتج واقع اجتماعي خاضع لها، وعلى مقاسها.
الإنسان منمط منذ فجر التاريخ، منذ تاريخ قيام الدولة.
المنمط، عبد مسكين يتحرك وفق مقاسات الدولة، وبرامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ليس لدينا مفاهيم تتجاوز الدولة وحضورها الطاغي، ولا قدرنا لنا كبشر أن نتحرر من الإطر الذي حددته لنا كبشر.
أنت عبد سواء بإرادتك أو غصبًا عنك، تأكل وتشرب على مائدة الدولة، أنها الصورة المهذبة أو الشكل المبهرج عن السلطة.
يولد المرء مقموعًا قبل أن يولد.

الوصايا
لا تسرق، لا تكذب، لا تزن، المؤمن ينفذ هذه الوصايا لأن فيها عقوبة أبوية.
البعض ينفذ هذه الوصايا العليا مخافة من القوى الخفية التي تحثه على تنفيذها.
يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي:
ـ ماذا لو لم يكن هناك وصايا أخلاقية خفية من هذا القبيل؟
هل يحتاج المرء إلى بناء فوقي يرسخ له أخلاقه وقيمه ومبادئه، أم أن عليه أن يلتزم بها سواء جاءت من الجهات السماوية العليا أو الأرضية أو لم تجئ؟
في عقل الأيديولوجيين، العقل الشمولي، يرغبون سواء عن قناعة أو لا، أن يقدموا أنفسهم وقناعاتهم بناء على رؤية أو موقف مسبق للترويج لبضاعتهم وأفكارهم المريضة من أجل كسب المريدين والمزيد من العبيد.
عليك أن تكون إنسانًا نقيًا قبل أن تعلمك أية جهة برامجها أو أفكارها. عليك أن ترتقي بقيمك دون وصايا من هذه الجهة او تلك.
كن سيد نفسك، وفكر كسيد، ولا تكن عبدًا ذليلًا سواء في علاقتك بنفسك أو في علاقتك مع الأخرين.
في الترويج لهذه القناعات يتحول المروج إلى خنثى، ممحون، خاضع لمن يركبه ويدقه في مؤخرته.

الزواج
ولإن الزواج ثقيل الدم، ولا يمثل الحلم الذي يقبع في ذاكرة المرء، لهذا يجعل المرأة والرجل في غربة قاتلة عن بعضهما.
المرأة تريد الرجل طيفًا، شيء مثل حفيف الشجر أو هديل حمام.
والرجل يريد المرأة كالنسمة الربيعية.
في الزواج يموت الزوج، ويستعاد بدلًا عنه الحبيب الذي كان في الذاكرة، في الخيار الحر.
المسألة الجوهرية في العلاقات الإنسانية هي في الحرية والانعتاق من القيد الذاتي والعام.
وفي النهاية سيتجه الناس جميعًا نحو حريتهم، وسيكسرون القيد والحواجز الذي بناها إنسان المعبد.
أنا مع الخيار الحر دون قيود، من شاء الزواج فألف مبروك له، لست ضد خياره، هذا شأنه وشأن شريكه، ومن شاء العيش مع شريك دون قيد فلنبارك له، المهم أن لا يكون هناك اعتداء أو عنف من كلا الجانبين. المهم أن يكون هناك رضى من الطرفين.
أنا أضع التصورات للحياة لليوم وغدًا، للمستقبل. أرى المستقبل أن يكون خيار الإنسان خيار حرًا في مجمل خياراته بعيدا عن الدين أو الماضي.
علينا أن نلغي الماضي لأنه ذهب إلى غير رجعة. إن نفكر في وضع مفاهيم تنزع العبودية عن الإنسان المكبل بالقيود والاسوار التي بناها اسياد العبيد.
المشوار طويل جدا، المهم ان نضع اللبنة الأولى لعالم أقل قسوة وظلم. القانون أول درج السلم في العبودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر