الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطوف من -خزامى- سنان أنطون

فيحاء السامرائي

2024 / 5 / 6
الادب والفن


تتناول الرواية العربية حالياً والعراقية بشكل خاص محاور درامية محددة مثل الوطن والهوية والاغتراب، وتطرح في الغالب مواضيع موغلة في القتامة كالحروب، التعذيب، القهر، الدم، القتل، التفجيرات، الضحايا، المجازر الوحشية، السجن، فقدان الحريات والهزائم وما ينتج عنها من خذلان وذات منتهكة.. ونرى ان موضوعة العراق تهيمن على النتاج الأدبي بقوة فيسكن الوطن بين سطور مؤلفات معظم الكتّاب ومن بينهم سنان أنطون وروايته "خزامى" مثلها مثل مؤلفاته السابقة.
ومن خلال ومضات ماض إشكالي عاشه الانسان العراقي، تتشكل شخصيات واحداث الرواية، بقلم الراوي العليم وبلغة سهلة الادراك، لتنحو منحى الصراع الذاتي وتتطور نحو صراع الماضي والهوية.. وتتفاوت نسبة التشبث بالماضي ومجرياته بين جيل قديم يشبع حواسه من ألوانه وروائحه التي تشبه رائحة الخزامى رغم ما يشوبه من دم، ليعيش في ذاكرة الأغاني والحنين، بينما يعمل جيل جديد ما في وسعه للإفلات من ذلك الماضي الى الحد الذي يتمنى فيه لو تقيأ ما فات من زمن لما خلّف في النفوس من دمار واشمئزاز.
يشير عنوان الرواية الى ورد الخزامى بلونه البنفسجي الحزين وعطره الزكي، وتأويل ذلك ان الورد ذاته يذكّر سامي بعطر زوجته والماضي ببهجته، بيد انه يمثّل لدى عمر رائحة ومسار حاضره ومستقبله، ولقاء كلا الشخصيتين، كضحية وجلاد "رغماً عنه" سيكون بواسطة ذلك الورد.
استخدم المؤلف الفقرات المتعرجة كتقنية للسرد ومزج مسار الشخصيتين في صفحة واحدة أحياناً، مما شكّل ارباكاً للقارئ كما لو أن أنطون كتب قصة كل شخصية بشكل كامل وقام بالتفكيك الفني لها ما أدى الى التداخل في حبكتها، متّبعاً بذلك تكنيك البناء المتشظي الذي بدا مثل مونتاج سينمائي في انتقاله من شخصية الى أخرى في نفس الصفحة، ربما بقصد التنويع في معمار الرواية.. ولو كان سيبدأ بصفحة جديدة أو بقلم أغمق لكل شخصية لما حصل ذلك التشوش.. ويظهر جلياً التكنيك نفسه في نهاية الرواية حيث تتوقف كاميرة المؤلف عند سقوط شدة الخزامى من حضن سامي على الأرض وتبدو يديه فارغتين، وكأنه منظر سينمائي بجدارة.. تتطور الشخصيتان في خط متواز، المجني عليه والجاني، ويلتقيان في النهاية لتكون الخاتمة نصاً مفتوحاً قابلاً للتأويل، ويكون كل فرد في وضع حياتي مختلف، الجاني مهزوماً وضعيفاً من جراء المرض العقلي، والمجني عليه منتصراً مبتدئاً حياة جديدة ناجحة.. ونتيجة لتشظي فضاء السرد بين العراق وأمريكا مكانياً وبالعكس، نجد الزمن كذلك يتراوح بين الحاضر والماضي والمستقبل، في استرجاع واستباق مربكين أحياناً، ليكون تقاطعياَ بدل نسق التسلسل التتابعي الكرونولوجي التقليدي بحداثة تطيح بالنمطية السردية وتحكم التداخل في تنظيم علاقة الماضي بالحاضر.. يكون زمن الأحداث في قصة عمر تكون استباقية ثم استرجاعية، في بناء درامي مقلوب مثلما حياته، ويمكن استخلاص تلك التقنية في تداخل الزمان والمكان كدلالة على تشظي حياة شخصية عمر نفسها، في رؤية ترمز الى لامنطقية حياة المغترب، بينما يسير زمن حدث قصة سامي بشكل أفقي ومنبسط مثل سيرورة يومه.
وبالتالي يكون قدر الجاني النسيان الذي لا يتمناه، بينما يهرب المجني عليه قدر ما يستطيع الى النسيان الذي اختاره بسبق إصرار، وتكون اذنه المصلومة هي ذاكرته عن العراق الذي سيحاول جاهداً، رفض الانتماء اليه، لكن عبثاً، فحتى بعد عملية التجميل والترقيع لها تبقى غير طبيعية، دلالة على ان الماضي يرافقه ويجبره على التذكر، وتأويل ذلك ان الانتماء لبلد جديد صعب، حتى لو اندمج فيه وهرب الى أمام، فلا ينفع التغافل عن الماضي، حتى لو كان بحياة مختلفة و"بأذن" جديدة.
شد ما جلب انتباهي هو ذلك التخاطر المدهش في تناول شخصية سامي بالرواية، وشخصية (نبيل) في روايتي (سوناتا الغراب) الصادرة عام 2022، فكلاهما كانا يمارسان مهنة الطب، وفي الكبر يصابان بالخرف ومرض الباركنسون، وكذلك التشابه في اختفاء الشخصية الرئيسية (وحيد) في بساتين ديالى في سوناتا الغراب، واختفاء عمر في بساتين الهويدر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-