الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السداجة السياسية

عبدالله بولرباح
كاتب وباحث

(Abdellah Boularbah)

2024 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يتداول البعض من الأشخاص، المحسوبين، مع الأسف، على الصف اليساري ، افكارا من النمط الثيوقراطي، بالغة الساذجة في بعض جوانبها، يستعملونها كفزاعة ضد حرية الرأي والتعبير وحرية الانتماء السياسي. هكذا نجدهم يرفعون باستمرار، دون أدنى اعتبار لاي مقام، ودون اي توضيح او تفسير، يافطة " لا لتسييس كذا"... وغيرها من مثل هذه التعبيرات، التي تنهل من تفكير لا ديمقراطي ومن تغييب كلي للحريات والحقوق الأساسية للانسان .
يعتبر الانتماء السياسي وحرية الرأي والتعبير والمعتقد من الحقوق الإنسانية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشرعية الدولية ذات الصلة. كما دساتير العديد من الدول تكفل هذه الحريات والحقوق منها دستور 2011 بالمغرب الذي حصص بابه الرابع لهذه الحريات والحقوق.
وبغض النظر عن كون اليافطة" لا لتسييس كذا" هي في حد ذاتها سياسة وتعبير عن موقف سياسي، يحاول إخفاءه عمدا القائلون بها، ويسعون مقابل ذلك الى مصادرة حق الآخرين في الرأي والتفكير والانتماء السياسي، وكان موقفهم ورايهم هو الوحيد السديد والذي يجب على الآخرين تبنيه، فإن التفكير المنطقي في ابسط تجلياته يخبرنا اننا سواء كنا في منظمة سياسية او مدنية، لا ننطلق في لحظات النقاش من فراغ او اننا نتبنى منطلقات وافكار المسؤولين عن هذه المنظمة او تلك. ففي حال النقاش داخل اجهزة المنظمة السياسية، نستحضر بالطبع انظمتها الأساسية واهدافها الاستراتيجية وطرق اشتغال أجهزتها، لكننا ننطلق في دراسة القضايا والمشاكل المعروضة علينا من قناعاتنا وافكارنا الشخصية وتقديرنا الخاص. ولا يمكن لأي كان ان يمنعنا من ذلك، في لحظة النقاش والتداول. بل يبقى هذا الأمر مطلوبا في المنظمات الديمقراطية. لكن عندما يتخذ القرار بشكل سليم، وفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في قوانين المنظمة، علينا أن نلتزم به وان كان على النقيض من موقفنا. مع العلم ان التعبير عن رأينا يبقى دائما مكفولا، ولا يمكن لأي كان ان يصادره منا.
اما في المنظمة المدنية فإننا كاعضاء نستحضر كذلك، أثناء النقاش والتداول، الانظمة الأساسية والداخلية لتلك المنظمة، كما من حقنا ان نستحضر وننطلق من قناعاتنا الشخصية او السياسية ونعبر وندافع عن راينا وعن تقديرنا الشخصي للامور بكل حرية. اذا لم ننطلق من هذه الأمور البديهية والمنطقية، فمماذا سننطلق ياترى؟ هل سينزل علينا الوحي ام سنتبنى أفكار وتقديرات الآخرين ؟ هل التعبير من موفق سياسي أثناء المناقشة والتداول في إطار هياكل منظمة مدنية يعني تسييسها؟ هل لا يحق للمنتمين سياسيا الانتماء للمنظمات المدنية؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تتناسل في الذهن عندما نرى اليافطة "لا لتسييس كذا". الحقيقة ان المنظمة المدنية المسيسة هي التي يسود فيها رأي واحد أو أن اعضاءها ينتمون لتوجه سياسي واحد. كل منظمة مدنية غير مفتوحة عمليا لكل الانتماءات السياسية او الفكرية، او غير منفتحة او غير متعاملة على قدم المساواة مع مختلف الفاعلين السياسيين، هي في نهاية المطاف منظمة سياسية وليست مدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد