الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آية في الحلم

فوز حمزة

2024 / 5 / 7
الادب والفن


استفاق من نومه مذعورًا بعد أن رأى آية في الحلم.
مكث لحظات طويلة في فراشه محدقًا في سقف غرفته متأملًا الأشياء من حوله، ما زالت جامدة لا حياة فيها كما تركها ليلًا.
"حان الوقت لإزاحة الستار" قال لنفسه هذه الكلمات حينما نهض من فراشه صوب النافذة التي سمحت لألوان النور التي لا حصر لها بالدخول ليتغير إحساسه حالما لامست وجهه نسائم الحديقة ، أصغى لصوت البلابل، لهديل الحمام وحفيف الشجر، تنفس عميقًا حينما أدرك إن تلك الآية ما هي إلا دعوة من إله غامض مستتر خلف أشياءه يدعوه للقيام برحلة لا يعلم عدد أيامها.
وهو يتأهب لوداع العالم الغارق في الجنون الواقف على حدود الهاوية، شعر بالخوف يكبله، فأمسى مشلولًا عاجزًا، عالقًا في الضوضاء، الشك والريبة مما حوله، منعته من رؤية الجمال في الأشياء. شعرَ كأنه حصان هزيل وعليهِ تسلق تلة في يومٍ عاصف، لكن الأمل في الوصول، مده ببذور القوة.
وهو يرى الأرض ترتفع به، شعر للمرة الأولى أنه حي من الداخل، حاضر بكيانه، لكن اللغة التي يعرفها خالية من المعاني التي بواسطتها يمكن له التعبير عن أفكاره المحلقة بأجنحتها عاليًا في الفضاء.
ردد مبتهجًا: من هنا تبدأ رحلة المعنى!
نظر إلى صقر فارد جناحيه في الفضاء فقال: تحلق الطيور ليس لأنها تملك أجنحة، بل لأنها تريد رؤية العالم دون تفاصيل!
بهاء الليل الأرجواني أخبره أن هناك عوالم أخرى بانتظاره، ما عليه سوى أن يطلق سراح روحه السجينة من دهاليزها.
بدأت الأشياء تصغر ثم تضمحل حين ابتعد عنها .. الحكمة تمد جذورها عميقًا متغلغلة برفق ناثرة داخل روحه بذور الحبِ.
لقد أبصر خيطًا رفيعًا من وميض، فبدأ النور يتدفق من عينيه. عاد إلى فطرته الأولى.
أخيرًا، شعر بالتفرد وهو يقترب من حديقة الإله الذي كان يبذر بيده البذور للموسم القادم.
قال له الإله حين رأه:
- كنت انتظرك منذ زمن طويل، أدن مني.
لم تمر عليه لحظة شعر بها أنه قريب إلى ذاته كهذه اللحظة، أحس بهالة نورانية تحيط بجسده ليتماهى مع الظلال.
قال مأخوذًا بالدهشة:
- هناك أشياء كان عليّ فهمها!
- كلما دنوت من ذاتك، أصبحت إليّ أقرب.
- والحقيقة، في أي طريق سأعثر عليها؟
قال له الإله:
- إنها قابعة في ذاتك، أحبب تلك الذات، ستبصرها بعيون قلبك!
استندَ إلى شجرة عظيمة شاعرًا أن هذا المشهد لن يتكرر ثم قال:
- أتيتك إلهي من أجل الرسالة، أخبرني ماهي؟!
التفت الإله الذي كان يشذب أغصان شجرة تين فتية نحوه قائلاً:
- أنت رسالتي .. بك يتجلى اسمي وتظهر صفاتي. أنت الذي تشع عيناه حبًا وقلبه سلامًا وروحه حكمة.
بعد كلمات الإله تلك، شعر بالسكون يتسرب من أطرافه نحو المكان، لقد أدرك الآن غاية وجوده.
وهو عائد إلى أرضه متزودًا بالثمار من حديقة الإله لتنقذه في رحلة العودة، وجد أن الطريق أصبحت ضيقة وموحشة، كأنه يرى الأشياء لأول مرة!
بدأ يرقب دقائق الكون التي بدأت تتشكل من جديد لتتخذ صورًا جديدة وأشكالًا متباينة.
لقد عاد ولم يعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت