الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية جديدة لمفهوم الحرية وعلاقة هذا المفهوم بالتخلف السائد في البلدان الطرفية

فرحان قاسم

2024 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


منذ ظهور اول نظام طبقي اصبحت الحرية شعارا وهدفا للثوار والمصلحين واملا تتعلق به الشعوب المظلومة ، لان الحرية تعني في ابسط دلالاتها الانعتاق من الاستعباد والاستغلال بكافة انواعه .
ومن خلال قراءتي لكتاب ( التنمية حرية ) الذي يضم (367 ) صفحة ، لمؤلفه الاقتصادي البنغالي ( امارتيا صن ) وجدت انه اعطى مفهوم الحرية رؤية جديدة تماما ، و قد لعبت سيرته الذاتية دورا كبيرا في رؤيته تلك . بالرغم من مصادر معرفته وتحصيله الاكاديمي ومنهجه المعتمد على مفاهيم الاقتصاد السياسي الراسمالي و كونه زميلا رئاسيا دائما للبنك الدولي وشغل منصب الامين العام لمعهد الدراسات المتقدمة في بريستون " ، فهو " من مواليد البنغال وعاش وعايش حياة الهند ومشكلاتها وهو على ارضها ولم يغفل عنها حينما كان خارجها " . فالكتاب ثمرة حياة الهند : الصراع الطبقي ، الثقافات الاجتماعية ، التمييز الاجتماعي بين الجنسين ، رواسب الحقبة الاستعمارية ، والحرمان من فهم علمي عقلاني للقضايا ورواسب التاريخ ولصراعات وتناقضات العصر، والفهم ضيق الافق لمعنى الهوية والصراعات باسم المقدس، وحرمان من حياة القدرة على البناء والتقدم والرخاء " .
كما لعبت معرفته الواسعة والشاملة لما يدور في عالمنا دورا كبيرا في اعطاء مفهوم الحرية ابعادا جديدة ، فهو يدرك اننا " نعيش في عالم يحظى بثروة غير مسبوقة ، ومع هذا نعيش ايضا في عالم يعاني من مظاهر قاسية من الحرمان والمجاعة والقهر وانتهاك الحريات السياسية والحريات الاساسية وانكار مصالح وفعالية المرأة على نطاق واسع من العالم ، وتفاقم الاخطار التي تهدد بيئتنا واستدامة حياتنا الاقتصادية والاجتماعية .
ان " افتقاد الحرية يعني افتقاد القدرات والفرص" وهو العقبة الاولى التي تعيق مسيرة بلدان الاطراف ، وان جوهر ازمة مجتمعات بلدان الاطراف هي انها لا تبني وجودها الذاتي عند مستوي مقتضيات حضارة العصر بل لاتزال امتدادا للقديم .
ان العمل والانتاج ، ومحو الامية ، والصحة والرعاية الصحية والمساواة بين الجنسين تعني كلها حرية وقدرة بنفس الوقت ، وان التنمية والتطوير عملية تشمل ادارة الاسواق والادارات الحكومية والعلاقات بين الحاكم والمحكوم ، والمؤسسات التشريعية ، والاحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية ، والمؤسسات القضائية والمؤسسات الاعلامية والتعليمية والمجتمع بعامة ، ويتحقق اسهامها في الواقع من خلال تاثيراتها على دعم وتعزيز القدرة .
الحرية هي المحور، " و ان تنمية راس المال البشري وتنمية قدرات الانسان لا تأتي قسرا ولا تتحقق في مجتمع استبدادي او بناء على قرارات سلطوية ، كما ان العدل الاجتماعي لا مكان له في ظل نظام يكون فيه الحاكم هو الكلمة النافذة ، الحرية هي الية تطوير حضاري " . لقد اسقط مفهوم الحرية مفهوم المستبد العادل ، فالعدل الاجتماعي والتطوير " يأتي في ظل الحرية شرطا " ، الحرية هي تحرير الانسان من ربقة الجهل والمرض ، والحرية هي القدرة من اجل المشاركة الايجابية الواعية المسئولة.
ان ازالة المظاهر الموضوعية لافتقاد الحريات مكون اساسي للتنمية والتطوير . اما الاهمية الجوهرية للحرية البشرية يكمن في اعتبارها الهدف الاسمى للتنمية. وبهذا تكون الحرية عاملا فعالا لتوليد تغيير سريع في بناء انسان جديد يتمتع بالرفاهية والحرية معا .
تستلزم التنمية ازالة جميع المصادر الرئيسية لافتقاد الحريات : " الفقر والطغيان وشح الفرص الاقتصادية والحرمان الاجتماعي المنظم واهمال المرافق والتسهيلات العامة وعدم التسامح او الغلو في حالات القمع" .ان نقص الحريات مقترن مباشرة بالفقر الاقتصادي الذي يسلب الناس حقهم في الحرية لاشباع ما يعانونه من جوع .وان افتقاد الحريات وثيق الصلة بالافتقار الى المرافق العامة والرعاية الاجتماعية . ان دعم وتعزيز الحرية الانسانية هو الهدف الرئيسي والوسيلة الاساسية للتنمية ، فالحرية تصبح عاملا فعالا وسببا لتوليد تغير سريع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة